مقالة خاصة: هل يوجد "تقييد لحرية العقيدة الدينية" في شينجيانغ؟ خبراء عرب يدحضون ذلك بتجاربهم الشخصية
بكين أول سبتمبر 2021 (شينخوا) في مواجهة شائعات تضمنت "تقييد حرية العقيدة الدينية" في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم في الصين، دحض خبراء عرب تلك الشائعات والمزاعم الغربية من واقع تجاربهم الشخصية التي انبثقت عن زيارات قاموا بها للمنطقة.
من بين هؤلاء الخبراء، شريف سنبل، الذي حلم منذ صغره بالسفر في قافلة على ظهر جمل على طريق الحرير القديم، ذلك الطريق الذي ربط الصين بأوروبا عبر القارة الآسيوية في قديم الزمان. وقد أصبح جزء من حلمه حقيقة عندما أتيحت له فرصة القدوم إلى شينجيانغ، إحدى المحطات المهمة على طريق الحرير القديم، في زيارة في الفترة بين نهاية عام 2018 وأوائل عام 2019. وجاءت هذه الزيارة لتُغير الفكرة السابقة التي تشكلت في ذهنه عن شينجيانغ من قراءاته لبعض التقارير.
تطرق سنبل، نائب رئيس تحرير صحيفة ((الأهرام ويكلي)) المصرية سابقا، إلى تجربته قائلا "الحقيقة أنني قبل سفري (إلى المنطقة) رأيت صورا فظيعة عن شينجيانغ وقرأت تقارير عن أن كل المنطقة خراب. فكل الصور التي رأيتها (كانت) عبارة عن مبانٍ مهدمة، شيء صعب جدا صراحة".
ولكن عندما وطأت قدماه شينجيانغ، وجد كل شيء مختلفا. وهذا ما اتضح من حديثه وهو يواصل السرد كما لو كان شريط رحلته إلى المنطقة يمر أمامه بكل لحظاته، قائلا "وصلت إلى عاصمة شينجيانغ، واسمها أورومتشي. في الحقيقة، المنظر (هناك) مختلف عما كنت أعتقده تماما"، حيث أبدى إعجابه بفخامة المباني وجمال الشوارع ليؤكد مجددا أنه لم تقع عيناه هناك على أي شيء مماثل لما رأه في الصور على الإطلاق.
وأضاف سنبل أنه توجه خلال الرحلة أيضا إلى مدينة كاشغر، التي تقع جنوب شينجيانغ ومعظم سكانها من قومية الويغور، حيث زار الجامع القديم الموجود فيها والتقى إمام الجامع وتحدث معه، قائلا "لم أر اضطهادا صراحة، رأيت الناس يعيشون حياة لطيفة".
على هذا الصعيد شاطره الرأي كمال جاب الله، الخبير المصري في الشؤون الصينية الذي زار شينجيانغ مرتين، واصفا الدعاية المناوئة للصين التي تتحدث عن وجود اضطهاد للمسلمين وإغلاق للمساجد ومنع للصلاة والصيام وغيرها، بأنها "دعاية مغرضة".
وقال إن زيارته الأولى إلى شينجيانغ في عام 2010 كانت في شهر رمضان وحينها رأى بعينيه المواطنين الصينيين الموجودين في منطقة شينجيانغ وهم يصومون ويصلون، وشاهد المساجد المقامة هناك ولمس مدى حرص الأهالي على ممارسة الشعائر.
وذكر جاب الله أنه زار مساجد في كاشغر وخوتان وأورومتشي. ورأى المعهد الديني رفيع المستوى الموجود في أورومتشي الذي يوجد فيه خريجون من الأزهر الشريف وآخرون على أعلى مستوى، لافتا إلى أن كل هذه المظاهر الملموسة دليل على أن هناك مساجد تعمر.
ومن واقع تجربته، أكد على ما رأه في شينجيانغ من ممارسة المسلمين هناك لشعائرهم الدينية بحرية تامة بما لا يتعارض مع القانون والدستور، مشيرا إلى دستور الصين الذي ينص بوضوح على تمتع المواطنين الصينيين بحرية العقيدة الدينية. وسلط الضوء أيضا على أن الصين بها 56 قومية، وهذه القوميات تمارس حياتها الثقافية بشكل طبيعي جدا.
من جانبه، قال كاوه محمود، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني-العراق، الذي زار شينجيانغ عام 2019، إن شينجيانغ منطقة كبيرة جدا تتعايش فيها قوميات عديدة، وهناك ممارسة للحريات الدينية تتمتع بها كافة القوميات بالمنطقة إلى جانب تعايش سلمي مجتمعي أصيل.
وأضاف أن المرء عندما يزور هذه المنطقة يشعر بوجود تنمية حقيقية فيها إضافة إلى أجواء التعايش القائم بين مختلف القوميات، والحريات الدينية الموجودة هناك، حيث زار معهدا لتنشئة الكوادر الإسلامية في مجال الفقه وفي مجال الشريعة، ليجد أنهم يدرسون فقه القرآن والشريعة والحديث كأي منهج من المناهج التي تُدرَّس في كليات الشريعة في العالم العربي أو العالم الإسلامي.
كما عاش سامر خير أحمد، الكاتب الأردني المتخصص بشؤون الصين والعلاقات العربية الصينية، تجربة مماثلة خلال زيارته لشينجيانغ. وعاد بذاكرته إلى الصور التي انطبعت في مخيلته عقب زيارته للمنطقة في عام 2017، قائلا إنه وصل إلى مدينة أورومتشي، عاصمة المنطقة في اليوم الأخير من شهر رمضان. وقضى ليلة العيد وبقية أيام العيد في المدينة. وهناك شهد احتفال العائلات المسلمة من قومية الويغور بليلة العيد في منطقة البازار بوسط أورومتشي. وفي أيام أخرى، سنحت له فرصة القيام بجولة في مواقع أخرى بشينجيانغ مثل مدينة توربان الواقعة شرقي المنطقة.
واستطاع سامر خير أحمد أن يستشعر من خلال ما سبق وكذا من دخوله أحد المساجد وأدائه الصلاة مع مسلمي الويغور هناك أجواء حياة أهالي المنطقة، لافتا إلى أنه لم يلمس في الحقيقة أن هناك ما يشبه الاضطهاد الديني كما تحب وسائل الإعلام الغربية أن تُشيع عن قومية الويغور في شينجيانغ، مؤكدا أن الصورة عكس ذلك تماما حيث يمارس الأهالي تقاليدهم الدينية في الاحتفال بالعيد وفي الصلاة بشكل طبيعي.
وأشار إلى أنه ربما تكون هناك بعض الإجراءات الأمنية، و"هذه قضية أمنية وليست قضية دينية"، ومن ثم فإن موضوع الاضطهاد الديني ليس حقيقيا.
كما استدل بتجاربه في مدن صينية أخرى يقطنها عدد كبير من المسلمين، مثل مدينة ينتشوان عاصمة منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي، ليشدد مرة أخرى على أن ممارسة العادات والتقاليد الإسلامية هناك تسير بشكل طبيعي وفكرة الاضطهاد الديني للمسلمين في الصين ليست حقيقية.
في الواقع، استرعت الكثير من جوانب الحياة في شينجيانغ اهتمام سامر خير أحمد كثيرا، حيث وجد الأقليات التي تدين بدين الإسلام والبالغ عددها عشر في الصين وهي تمارس عاداتها وتقاليدها من حيث اللباس والغناء وغيرها بالإضافة إلى الشعائر الدينية، ومن ثم لم يلحظ نقصا في الحريات لدى قومية الويغور فيما يخص تلك العادات والتقاليد والممارسات.
وتساءل سنبل انطلاقا من تجربته الشخصية، قائلا إن "الموسيقى يحافظون عليها، والجوامع يقومون ببنائها ويجددون القديم منها مثلما هو الحال في كاشغر، واللغة يحافظون عليها. فهل الحضارة تشمل أشياء أخرى؟". لقد صار الأمر من العيان الذي لا يحتاج إلى البيان.