تحقيق إخباري : صناعة تجفيف الزبيب التراثية تعود للواجهة بعد غلاء أسعار الحلويات في جنوب سوريا
السويداء ـ سوريا 24 أكتوبر 2021 ( شينخوا) على الرغم من أن صناعة تجفيف الزبيب من المهن التقليدية التراثية الرائجة في محافظة السويداء (جنوب سوريا )، وكاد الكثير من الناس يتناساها بسبب توفر الحلويات بأصناف وأشكال متعددة في المحلات التجارية في عموم المناطق السورية ، إلا أن هذه الصناعة التقليدية عادت إلى الواجهة من جديد بعد غلاء أسعار الحلويات إلى مستويات يصعب على الناس شرائها بشكل مستمر، فكان الزبيب هو البديل الأكثر حظا ورواجا بين قائمة المشتريات لغالبية السوريين في الوقت الحالي .
وتشتهر محافظة السويداء ،التي يسكنها أغلبية من الموحدين الدروز، بزراعة أشجار العنب والتفاح ، والذي ينتج عنه عدة أصناف منها دبس العنب والزبيب الأكثر شيوعا في تلك المنطقة ، وتتفن كل عائلة بتجفيف الزبيب على طريقتها الخاصة، بحيث يخرج بشكل جميل وشهي وله عدة فوائد غذائية وعلاجية للإنسان .
وتنهمك مئات العائلات الريفية في محافظة السويداء منذ عدة أسابيع بصناعة الزبيب التي لها طقوس تراثية خاصة تتعزز من خلالها الحياة الاجتماعية، حيث يشارك كل أفراد الأسرة في هذه الصناعة التقليدية المتوارثة التي تشتهر بها المحافظة، ويعمل بها الكبير والصغير، والنساء أيضا .
وقالت أم نواف المرأة الستينية بالعمر لوكالة أنباء ( شينخوا) بدمشق ، بينما كنت تقوم بتنقية الزبيب من العيدان الملتصقة بحبة الزبيب " صناعة الزبيب صناعة تقليدية تراثية توارثناها عن الأجداد والأباء ، وسنقوم بنقلها إلى الأبناء كي تبقى هذا المهنة التراثية موجودة وحاضرة " ، مشيرة إلى أن صناعة تجفيف الزبيب تقلصت في السنوات الماضية بسبب قلة الطلب عليها ، ولكن هذا العام هناك طلب وإقبال كبير على شراء الزبيب .
وعزت أم نواف ، التي تسكن في قرية سهوة بلاطة بريف السويداء الجنوبي الغربي ، إقبال الناس على شراء الزبيب أولا لفائدته لجسم الإنسان ، ولغلاء أسعار باقي الحلويات التي كان يشتريها الناس لأبنائهم خلال فصل الشتاء، مؤكدة أن سعر كيلو الزبيب هذا العام ليس غاليا ، إذ تتراوح أسعار الكيلو جرام بين 12 الف ليرة سورية و 16 الف ليرة ، أي ما يعادل 3 إلى 4 دولارات تقريبا ، ويكفي العائلة عدة أسابيع .
وقالت أم نواف إن " الزبيب يعد من أهم الضيافات التي تقدم للضيف في فصل الشتاء ، لأنه يمد الجسم بالطاقة لاحتوائه على سعرات حرارية كبيرة ، ويقوم بتخفيض ضغط الدم ، إضافة لطعمه اللذيذ " .
ومن جانبه قال المزارع السوري أحمد كيوان من قرية ميماس التي تعد من أشهر القرى بريف السويداء بصناعة الدبس والزبيب إن غلاء الأسعار دفع الناس لشراء الزبيب بكميات معقولة لتكون متوفرة في بيوتهم للأطفال .
وشرح كيوان مراحل صناعة تجفيف الزبيب قائلا إن " تحضير الزبيب يتم على عدة مراحل تبدأ بتنقية حبات العنب من العناقيد، وهي ما يسمى بعملية التحبيب، أي فصل الحبات عن العنقود يدويا، حيث يفضل اختيار الحبات الكبيرة، ثم توضع في المياه لتنظيفها، لتبدأ عملية السلق وغمر العنب المحبب في مياه تغلي لمدة دقيقتين ، وبعدها، يضاف إلى العنب زيت الزيتون وبودرة مادة القلي للوصول إلى عملية التجفيف بعد فرش الحبات على أسطح المنازل، أو في الحقول الزراعية، حيث تترك عدة أيام تحت أشعة الشمس، وعندما تجف تصبح جاهزة" .
وأشار أبو شادي (44 عاما) ، وهو موظف حكومي إلى أن غلاء أسعار الحلويات بالمحلات وغلاء أسعار الفاكهة بشكل جنوني دفع غالبية الناس وخاصة ذوي الدخل المحدود إلى شراء كمية من الزبيب كونه سعره مناسب وفيه قيمة غذائية لجسم الإنسان .
وقال أبو شادي الذي اشترى رطلا من الزبيب " الزبيب المجفف هو فاكهة الفقراء هذه الأيام ، وهو منتج طبيعي وصحي " ، لافتا إلى أن الوضع الاقتصادي صعب وبات من المستحيل الذهاب إلى محل الحلويات لشراء الحلوى للعائلة .
وبدوره قال أبو أياد ، وهو تاجر في مدينة السويداء لـ ( شينخوا) " قمت بشراء ما يقارب من 2 طن من الزبيب المجفف ، لبيع قسم منه للناس في موسمه الحالي والباقي أقوم بتخزينه "، مؤكدا أن الزبائن يوميا يشترون من المحل الزبيب وبكميات ليست قليلة ، مشيرا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي أبيع هذه الكمية قبل تخزينها بالمستودعات للشتاء بغية بيعها للتجار في دمشق .
وقدرت مديرية الزراعة في السويداء إنتاج مادة الزبيب المصنعة من ثمار العنب بنحو 1662 طنا لهذا الموسم، حيث تصنع هذه المادة في مختلف مناطق المحافظة.
وأوضح المهندس علاء شهيب معاون مدير الزراعة بالسويداء لوكالة أنباء (شينخوا) أن نسبة ثمار العنب المستخدمة في تصنيع الزبيب تقدر بشكل وسطي بنحو 12% من إجمالي الإنتاج .
ولفت شهيب إلى وجود تزايد تدريجي في عمليات تصنيع الزبيب جراء الطلب عليه في مختلف الأسواق، وتحقيق عملية تصنيعه قيمة مضافة بدلاً من بيع العنب بشكل مباشر.
وللزبيب فوائد غذائية وصحية كبيرة تجعل منه منتجا صحيا بالدرجة الأولى، فهو يشكل مادة غذائية مهمّة، ويتمتع بفوائد علاجية، من أهمها أنه يحتفظ بأكثر خواص العنب الطازج، ويمد الجسم بالسعرات الحرارية، إلى جانب عشرات الفوائد الصحية الأخرى، حيث يعد مقوياً للمعدة والكبد والطحال، وفيه نفع لتقوية الذاكرة، وله فائدة كبيرة في مساعدة الجسم على التخلص من السموم، كما أنه مقاوم للميكروبات والفيروسات، ويوصف في الطب البديل لعلاج الروماتيزم وأمراض الكبد والمرارة وضغط الدم المرتفع، وأيضاً يعتبر علاجاً للسعال الجاف، وللوقاية من أمراض القلب، كما يعد مصدراً لعدد من المغذيات الضرورية للصحة مثل البوتاسيوم، والألياف، والحديد.