لمحة ذاتية: شي جين بينغ ... الرجل الذي يقود الحزب الشيوعي الصيني في رحلة جديدة

2021-11-06 09:27:52|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 6 نوفمبر 2021 (شينخوا) خلال عام 2021، وهو عام خاص في تاريخ الصين، كان جدول أعمال شي جين بينغ مزدحما للغاية.

خلال الأشهر السالفة، ألقى شي خطابا في تجمع احتفالي بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وأعلن تحقيق هدف بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي، وزار منطقة التبت، وتحدث إلى رواد الفضاء العاملين في أول محطة فضاء صينية، وشارك في اجتماعات عبر الإنترنت للأمم المتحدة، وأجرى محادثات هاتفية أو مكالمات فيديو مع قادة عالميين، بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وفي الأسبوع القادم، سيقوم شي، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بحضور جلسة كاملة رفيعة المستوى للحزب - الجلسة الكاملة السادسة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني. وستكون على طاولة الجلسة الكاملة وثيقة هامة -- القرار بشأن الإنجازات الرئيسية والتجربة التاريخية لمساعي الحزب الشيوعي الصيني على مدار 100 عام.

ثمة عدد قليل من الأحزاب السياسية حول العالم يتمتع بمثل هذا التاريخ الطويل والفترة المتواصلة من حوكمة البلاد. حكم الحزب الشيوعي الصيني الصين على مدار 72 عاما. وفي الوقت الراهن، يعد شي نواة قيادة الحزب الشيوعي الصيني. وقبله، أمضت أجيال من الجماعات القيادية المركزية عقودا مع ماو تسي تونغ و دنغ شياو بينغ و جيانغ تسه مين و هو جين تاو كممثلين رئيسيين.

ومنذ انتخابه أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر عام 2012، يُنظر إلى شي على أنه رجل تصميم وعمل، ورجل أفكار ومشاعر عميقة، ورجل يرث إرثا لكنه لديه الجرأة على الابتكار.

وذكرت قناة "نيوز آسيا" أن الصين تحت قيادته، تتحول إلى دولة قوية، وتدخل حاليا إلى عصر ذهبي آخر.

وفي غمار الرحلة الجديدة، فإن شي، بلا شك، هو الشخصية المحورية لتخطيط مسار التاريخ. فكيف سيقود الحزب في ظل الفرص والتحديات؟ وكيف سيعيد الصين إلى صدارة المسرح العالمي؟ اليوم، يتابع العالم شي عن كثب مثلما فعل تماما قبل تسعة أعوام.

-- المضي قدما مع الشعب

في سبتمبر، وخلال جولة تفقدية لقرية قاوشيقو في مقاطعة شنشي بشمال غربي الصين، توقف شي عند الأراضي الزراعية ليفحص المحاصيل ويتحدث إلى القرويين العاملين في الحقول. وأشاد شي بإنجازات تخفيف الفقر على الصعيد المحلي. وكانت قاوشيقو قرية فقيرة في السابق، لكنها اليوم باتت مزدهرة بفضل العمل الدؤوب للكوادر والقرويين.

انضم شي إلى الحزب الشيوعي الصيني في عام 1974، وكان حينها في قرية ليانغجياخه، على بعد حوالي 150 كيلومترا من قرية قاوشيقو، بمقاطعة شنشي. كان عمره 15 عاما فقط عندما وصل إلى ليانغجياخه في عام 1969 بوصفه "شابا مثقفا". وأمضى الأعوام السبعة اللاحقة يعيش في القرية الصغيرة على هضبة اللوس الريفية، حيث كان في نهاية عمله اليومي يعود إلى مسكنه البدائي داخل كهف وينام على سرير بسيط من الطين. واستغرق الأمر منه 38 عاما وشغل مناصب على عدة مستويات ضمن التسلسل الهرمي للحزب حتى ترقى إلى المنصب الأرفع.

بعد انضمامه إلى الحزب الشيوعي الصيني، أضحى شي سكرتير لجنة الحزب بقرية ليانغجياخه. وقال أحد زملائه في القرية إن شي "عمل بكل إخلاص، وكان لديه العديد من الأفكار، واستطاع توحيد الناس والكوادر".

ولدى تذكره أوقاته في القرية الفقيرة، قال شي إن أهم شيء بالنسبة له كان تمكين القرويين من "تناول اللحم على موائدهم".

ولتحسين حياة أولئك الناس، أطلق شي عدة مشاريع، شملت حفر آبار وبناء حقول مدرجة وإنشاء صهاريج لتوليد غاز الميثان. وكان لهذه المشاريع البسيطة تأثير كبير على حياة القرويين وعملهم ومواقفهم.

وخلال وقت فراغه، نَهِمَ الشاب شي في قراءة أكبر عدد ممكن من الكتب. وقرأ على نحو خاص كتاب "رأس المال" ثلاث مرات، وملأت أفكاره وتأملاته حول هذا الكتاب المؤثر 18 دفتر ملاحظات.

كان والده، شي تشونغ شيون، بين الجيل الأول للقادة المركزيين للحزب الشيوعي الصيني. وكان شي جين بينغ في أغلب الأحيان يستدعي الحكمة التي ورثها عن شي الأب. ومع تأثره بكتاب مدرسي أحبه كثيرا، قرر شي أن يحمل الشعلة الثورية منذ سن صغيرة.

في عام 1975، التحق شي بجامعة تسينغهوا العريقة في بكين. وبعد تخرجه عمل أولا في المكتب العام للجنة العسكرية المركزية قبل أن ينتقل إلى محافظة تشنغدينغ بمقاطعة خبي في شمالي الصين عام 1982.

ولدى تذكره الانتقال إلى تشنغدينغ، قال شي إنه تطوع للعمل على مستوى القواعد الشعبية بين الشعب. وقال إنه أراد أن "يحب الشعب مثلما يحب والديه".

وبعد تشنغدينغ، أخذته مهنته السياسية إلى مقاطعتي فوجيان وتشجيانغ الساحليتين ومدينة شانغهاي. وأينما ذهب، كانت علاقاته الوثيقة مع الناس ملحوظة. وكتب مقالات مؤثرة تخليدا لذكرى أصدقائه وزملائه المتوفين في تشنغدينغ. واستخدم ماله الخاص للمساعدة في تمويل العلاج الطبي للقرويين من ليانغجياخه.

ويمكن رؤية رعاية شي للشعب في كل جوانب عمله. ولا يزال تشانغ هونغ مينغ، أحد زملاء شي في تشجيانغ، يتذكر موقف شي وأخلاقه في عمله عندما ضربت المقاطعة أعاصير قوية.

واستذكر تشانغ توجيهات شي التي قال فيها "إنه حتى إذا كان تسعون بالمئة من عمليات الإجلاء التي نقوم بها لا تعني شيئا، فإننا لا نزال بحاجة للقيام بها لضمان السلامة المطلقة للشعب".

وقال ليو جينغ بي، الأستاذ بأكاديمية القيادة التنفيذية الصينية في حي بودونغ بشانغهاي، إن فلسفة شي المتمحورة حول الشعب توضح لماذا أمر ببذل جهود حثيثة لإنقاذ حياة الناس بأي ثمن خلال وباء كوفيد-19.

في عام 2007، عاد شي إلى بكين ليكون عضوا في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وتبوأ بعد ذلك منصب نائب الرئيس الصيني. وأشرف على مجالات بينها بناء الحزب والعمل التنظيمي وشؤون هونغ كونغ وماكاو والاستعدادات لأولمبياد بكين عام 2008.

وترقى شي، وكان في الـ59 من عمره، إلى أرفع منصب بالحزب في نوفمبر عام 2012. وبعد ذلك بنحو شهر تحدى برد الشتاء لزيارة قرويين فقراء في مقاطعة خبي. ولدى جلوسه معهم، سأل شي عن دخلهم وما إذا كان لديهم ما يكفي من الغذاء والألحفة والفحم لينعموا بالدفء خلال الشتاء. وقال شي إن قلبه شعر بالأسى عندما رأى أن بعض القرويين لا يزالون يكافحون لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

-- تقوية الحزب

يمثل العام 2021، العام التاسع أيضا لتوقيع شي على إطلاق حملة مكافحة الفساد، التي تعد الأوسع نطاقا في التاريخ الصيني ولا تبدي أي بوادر على التراجع.

وخلال العام المنصرم، عوقب أكثر من 20 مسؤولا رفيع المستوى في القطاع المالي أو تم التحقيق معهم. وخلال الـ30 يوما الماضية أو نحو ذلك، تم التحقيق مع مسؤول على المستوى الوزاري في جهاز إنفاذ القانون بالحكومة المركزية، بينما تمت معاقبة آخر.

وعندما انتخب شي أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، كانت الصين بالفعل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكنها كانت تواجه العديد من التحديات الداخلية.

وحذر شي قائلا "الحقائق تبرهن على أنه إذا تم السماح للفساد بالانتشار، فإنه سيؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير حزب وسقوط حكومة".

وخلال الأعوام التسعة المنقضية، خضع أكثر من 400 مسؤول على المستوى الوزاري أو أعلى للعقاب أو التحقيق، بينهم عضو سابق باللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ونائبان سابقان لرئيس اللجنة العسكرية المركزية. وفيما بين عام 2014 وعام 2020، تمت إعادة 8300 هارب من أكثر من 120 دولة ومنطقة.

وذكر مقال افتتاحي في إحدى وسائل الإعلام الأجنبية أنه "في وقت حساس، شي غير المسار".

ووجه شي ببذل جهود "لوضع السلطة في قفص الفحوصات النظامية". كما قاد حملة تأسيس لجنة الرقابة الوطنية. وبعد الإصلاح الرقابي، بات جميع موظفي القطاع العام يخضعون للرقابة.

وبوصفه الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ترأس شي الجهود لصياغة ومراجعة نحو 200 من اللوائح الداخلية للحزب. كما أطلق خمس حملات تثقيفية على مستوى الحزب لترسيخ مُثل وقناعات أعضاء الحزب وضمان أنهم يتحركون على نحو فعال ومتحد.

كما يولي شي اهتماما كبيرا للديمقراطية داخل الحزب. وتسهم التعليقات المُلتمسة من داخل الحزب حاليا في توجيه كافة تقارير المؤتمر الوطني للحزب والوثائق التي تتم مراجعتها خلال الجلسات الكاملة، والوثائق والقرارات وسياسات الإصلاح الرئيسية للحزب.

حتى يونيو العام الجاري، نما عدد أعضاء الحزب إلى 95 مليون عضو، بما يزيد عن عدد سكان ألمانيا بواقع 10 ملايين نسمة. ويقول خبراء في الشؤون الصينية إن الحزب أصبح أكثر صقلا ونقاء وقوة.

وقال نيل توماس، مراقب للشأن الصيني، إن شي جين بينغ يتمتع حاليا بدعم أقوى داخل الحزب الشيوعي الصيني أكثر من أي وقت مضى.

وفي عام 2016 نصَّبت الجلسة الكاملة السادسة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني شي بوصفه نواة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والحزب بأكمله.

وقال وانغ جيون وي، باحث بمعهد تاريخ وأدبيات الحزب باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إنه بدون نواة قيادية قوية، سيكون من الصعب على الحزب الشيوعي الصيني توحيد إرادة الحزب بأسره أو بناء التضامن والوحدة بين الناس من جميع المجموعات الإثنية. ولن يكون بوسعه تحقيق أي شيء أو الاضطلاع بأي من "نضالاته العظيمة ذات السمات التاريخية الجديدة العديدة".

وفي أكتوبر عام 2017، تم بشكل رسمي إرساء فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد وذلك خلال المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني. وتم إدراج هذا الفكر في دستور الحزب الشيوعي الصيني ودستور الصين.

وقال شين مينغ، الأستاذ بمدرسة الحزب باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (الأكاديمية الوطنية للحوكمة)، إنه شأنه شأن ماو تسي تونغ و دنغ شياو بينغ، دفع شي تكييف الماركسية للسياق الصيني وأبقى على العلاقة بينهما.

-- جعل الصين قوية

بعد حرب الأفيون عام 1840، تقلصت الصين تدريجيا إلى مجتمع شبه مستعمر وشبه إقطاعي. وتعرضت للتنمر وعانت من الفقر والضعف.

ولدى استذكاره ذلك الجزء من التاريخ قال شي "يا له من ذل. كانت الصين يُداس عليها في ذلك الوقت".

وتأسس الحزب الشيوعي الصيني في عام 1921 لتغيير ذلك الوضع.

ويرى هان تشينغ شيانغ، الأستاذ بمدرسة الحزب باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (الأكاديمية الوطنية للحوكمة)، أن السعي نحو إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية حددته أربع علامات فارقة هامة وهي -- تأسيس الحزب في عام 1921، وتأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، واعتماد سياسة الإصلاح والانفتاح في عام 1978، وانطلاق العصر الجديد بعد المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني في عام 2012.

بعد أسبوعين من انتخابه أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني عام 2012، طرح شي فكرة "الحلم الصيني" لإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية. وفي أكتوبر هذا العام، وخلال فعالية لإحياء الذكرى الـ110 لثورة عام 1911 ذكر شي مصطلح "إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية" 25 مرة في خطابه الذي امتد لـ35 دقيقة، ما جعله أحد أهم الرسائل محل التأكيد.

ويعتقد شي أن إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية يتطلب كلا من التصميم الاستراتيجي والعمل الدؤوب. وقد أخذ شي زمام المبادرة بكونه رجل أفعال. وفي عام 2019 وحده، شارك شي في أكثر من 500 فعالية هامة. وشمل جدول أعماله عطلات نهاية الأسبوع على مدار 30 أسبوعا تقريبا خلال ذلك العام. وقام بمراجعة كل مسودة لخطط الإصلاح الرئيسية.

ورغم أن شي لديه القليل من الوقت لنفسه، إلا أنه تمكن من إفساح وقت لممارسة السباحة. وساهم عمله الجسدي الكافي خلال شبابه إلى جانب السباحة، في تمتعه بقدرة كافية على التحمل للاضطلاع بشؤون الحزب والحكومة والجيش. والأهم من ذلك أنه يدفعه الإحساس بالمسؤولية.

ويقوم شي دائما بزيارة المزارع وقرى الصيد ومنازل المزارعين والمطاعم الصغيرة والمتاجر وورش المصانع والمختبرات والمستشفيات والمدارس، وذلك من أجل الحصول على معلومات مباشرة.

قال تشانغ منغ جين، الزميل السابق له في مقاطعة تشجيانغ "إن شي يطلع على ما يكفي من المعرفة يومًا بعد يوم، ولذلك؛ من المستحيل خداعه بالكذب أو التباهي. وعلينا أن نكون صادقين دائما عند إبلاغه".

ونجح شي في اجتياز العديد من العقبات والأزمات على مدار الأعوام التسعة المنصرمة.

ففي مطلع عام 2015، عندما انزلقت اليمن إلى الفوضى، وجه شي سلاح البحرية الصيني لإجلاء مئات المواطنين الصينيين العالقين هناك.

وعندما أطلقت الولايات المتحدة حربا تجارية ضد الصين، صاغ شي استراتيجية مفادها أن الصين لا ترغب في حرب تجارية لكنها لا تخشاها وستخوض غمارها إذا لزم الأمر.

وذكر أيضا أن تعزيز الحوار والتعاون هو الخيار الصحيح الوحيد للبلدين، مضيفا أن "المحيط الهادئ الشاسع لديه مساحة كافية تتسع للصين والولايات المتحدة كبلدين كبيرين ".

وبدءا بإجراء دوريات منتظمة في مياه جزر دياويوي وصد ما يسمى بالتحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي، وإيجاد حلول للنزاعات الحدودية بين الصين والهند، وحتى تسهيل عودة صينيين احتجزوا في الخارج بشكل غير قانوني، قاد شي التخطيط الاستراتيجي والتكتيكي، وتدخل بنفسه عندما استدعى الأمر.

وفي عام 2019، عندما تعرضت هونغ كونغ لاضطرابات اجتماعية، وجه شي ببذل جهود لحماية مبدأ "دولة واحدة ونظامان" وسحق محاولات إثارة "الثورات الملونة".

وفي عشية السنة الجديدة حسب التقويم التقليدي الصيني عام 2020، ومع هيمنة وباء كوفيد-19 على أجواء الاحتفالات، لم ينم شي في تلك الليلة. وفي اليوم التالي، عقد اجتماعا لقيادة الحزب لبحث سبل استجابة البلاد. وقبل الاجتماع، اتخذ شي قرارا بتشديد القيود على حركة الناس وقنوات الخروج في هوبي و ووهان. وأثبت الوقت كيف أن هذا النهج الحازم كان هو الخيار السليم الوحيد.

وأدخل شي مصطلحي "البجعة السوداء" و "وحيد القرن الرمادي" إلى لغة الحزب. وحدد هان تشينغ شيانغ، الأستاذ في مدرسة الحزب باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (الأكاديمية الوطنية للحوكمة)، درء المخاطر ونزع فتيلها بأنهما أبرز سمتين للعصر الجديد.

وفي معرض رده على سؤال من سياسي أجنبي قال شي "إنها حقا مسؤولية ضخمة ومهمة شاقة أن تحكم دولة كبيرة بهذا الحجم"، مضيفا "أود أن أكون متفانيا وأكرس حياتي لتنمية الصين. لن أخذل الشعب".

-- فتح آفاق جديدة للإصلاح

عند تقلد شي منصب الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، كانت قوة الصين قد نمت بشكل كبير بعد نحو 40 عاما من الإصلاح والانفتاح. بيد أن الأمر لم يكن خاليا من المشاكل، بما في ذلك الضغوط النزولية على كاهل الاقتصاد، والتباينات في الثروة، والأضرار البيئية والتوتر الاجتماعي. كما واجهت الإصلاحات بعض المقاومة أيضا. وكانت هناك حاجة كذلك إلى نهج أكثر علمية وأعلى مستوى.

وصاغ شي نموذجا صينيا للتحديث يتسم بمسار تنموي ابتكاري ومنسق وأخضر ومفتوح من أجل الجميع.

ويقول مراقبون إن هذه الرؤية التنموية ترمي إلى إخراج الصين الاشتراكية من شرك تنموي يعتمد على النمو الواسع وغير الفعال على حساب الأضرار الإيكولوجية، ونقل البلاد إلى مرحلة التنمية عالية الجودة، وتجنب أوضاع يزداد فيها الاغنياء ثراء والفقراء فقرا.

وبوصفه رئيسا للجنة المركزية لتعميق الإصلاح الشامل، قام شي بإطلاق سلسلة من الإصلاحات التي فتحت آفاقا جديدة، إلى جانب مواصلة تعزيز سياسة دنغ شياو بينغ للإصلاح والانفتاح.

وامتد الإصلاح إلى مجالات مختلفة مثل سياسات استغلال الأراضي الشاسعة وبناء الحزب داخل الشركات المملوكة للدولة والإجراءات القضائية وتنظيم الأسرة والسياسات المالية والضريبية وسوق العقارات والعلوم والتكنولوجيا ومكافحة الاحتكار.

وثمة إجراء للإصلاح يتمتع بأهمية قصوى: التحديث المؤسساتي، والذي يؤثر بشكل مباشر على التنمية والاستقرار في الصين على المدى الطويل. وينطوي ذلك الإجراء في جوهره على دعم وتحسين الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتحديث نظام الصين وقدرتها على الحوكمة.

في بعض الأحيان كانت الإصلاحات تواجه صعوبات كبيرة. وفي أحيان أخرى، كان إنهاء الجدل وإزالة العراقيل، يتطلب تدخل شي بنفسه للبت بالقول النهائي.

وترأس شي المجموعة المكلفة بصياغة وثيقة الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني.

وقال مسؤولون وخبراء شاركوا في عمليات الصياغة والتقييم إن شي بنفسه أجرى بحوثا واتخذ قرارات كان من شأنها تسهيل العديد من الاختراقات. فعلى سبيل المثال، الاقتراح الجديد: "لندع السوق يلعب الدور الحاسم في تخصيص الموارد"، هو ثمرة قرار هام للرئيس شي.

وقال مصدر مطلع على تلك العملية "لولا تصميم الأمين العام شي، لما رأت العديد من الإصلاحات الكبرى النور".

لعكس مسار التدهور البيئي، طالب الرئيس شي جين بينغ بضرورة أن تعالج المصانع المُلوِّثة المشاكل التي تواجهها أو أن تتعرض للإغلاق. وأصدر حظراً لمدة 10 سنوات على صيد الأسماك لحماية أطول أنهار الصين، نهر اليانغتسي. كما أصدر ستة توجيهات لهدم الفيلات المُشيّدة بشكل غير قانوني في جبال تشينلينغ بشمال غربي الصين.

وجعلت الإصلاحات الصين أكثر انفتاحاً. ففي العام 2013، تم إنشاء أول منطقة تجارة حرة تجريبية في شانغهاي. ووصل عدد هذه المناطق حالياً إلى 21 منطقة، بما في ذلك جزيرة هاينان بأكملها، والتي تعادل تقريباً مساحة دولة أوروبية صغيرة، كما قامت الصين بتقليص القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي بشكل أكبر.

وبينما اختارت بعض الدول فرض حواجز تجارية، جعلت الصين من نفسها مُضيفة لسلسلة من المعارض التجارية والاستثمارية العالمية. وأطلق شي شخصياً معرض الصين الدولي للاستيراد، الذي يُعدّ أحد المعارض المتعددة على المستوى الوطني في جميع أنحاء البلاد.

كما أخذت الصين أيضاً بزمام المبادرة في التصديق على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. وبحلول نهاية العام الماضي 2020، كانت الصين قد أطلقت 2485 خطة إصلاح على مدار أكثر من سبع سنوات. وأعلن شي أن الأهداف والمهام المحددة في الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني قد تم إنجازها بشكل أساسي كما كان مخططاً.

وخلال الفترة ما بين عامي 2013 إلى 2020، بلغ متوسط النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي للصين 6.4 بالمائة، مُساهماً بأكثر من 30 بالمائة من النمو الاقتصادي العالمي في المتوسط لسنوات متتالية. وتجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي الصيني عتبة الـ100 تريليون يوان في العام الماضي 2020، أو نحو 70 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، قال ليو رونغ قانغ، الباحث في معهد تاريخ وأدبيات الحزب باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إنه وحتى الآن، يتمثل الإنجاز الأكثر إثارة للإعجاب في العصر الجديد بتحقيق الهدف المئوي الأول، وهو بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو معتدل في شتى النواحي.

ونشأ مصطلح "مجتمع رغيد الحياة "، أو "شياوكانغ" حسب اللغة الصينية، نشأ من "كتاب أغاني الصين القديمة"، ويعكس التطلع إلى حياة رغيدة يَنشُدُها الشعب الصيني منذ آلاف السنين.

وتمتلك الصين نظام الضمان الاجتماعي الأكثر شمولاً في العالم، وأكبر شريحة مجتمعية من ذوي الدخل المتوسط. أما الفقر المُدقع، فقد انتهى بدوره، وللأبد.

في العام الجاري 2021، احتلت الصين المرتبة الـ12 في مؤشر الابتكار العالمي، مكانة هي أعلى من نظيراتها في اليابان وإسرائيل وكندا. وتعتبر أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر، والسوق الاستهلاكية الأكبر في العالم.

وبالنسبة إلى العديد من الصينيين، فإن التحسينات البيئية هي الأكثر بروزاً. ففي العام الماضي 2020، كانت النسبة المئوية للأيام التي تميزت بجودة هواء جيدة 87 في المائة في مدن على أو فوق مستوى الولاية، بينما ارتفعت نسبة المياه السطحية ذات النوعية الجيدة إلى 83.4 بالمائة. وكنتيجة لذلك، أعرب 89.5 في المائة من الصينيين عن رضاهم إزاء البيئة.

وعلى مدار السنوات الـ9 الماضية، تم انتشال حوالي 100 مليون شخص من براثن الفقر المُدقع.

ووجّه شي أعضاء ومسؤولي الحزب بضرورة التمركز في القرى الفقيرة لتنفيذ إجراءات وتدابير مستهدفة لتخفيف حدة الفقر بشكل فعلي على أرض الواقع.

وزار شي بشكل شخصي كل منطقة من أفقر 14 منطقة متجاورة في البلاد. وتم تشبيه القضاء على الفقر المُدقع بخوض معركة. وفي الواقع، كان للحملة ثمن باهظ، حيث قضى أكثر من 1800 شخص أثناء تأديتهم لواجباتهم.

وقام شي أيضاً بإصلاح شامل للقوات المسلحة. وتأكيداً على المبدأ الذي وضعه ماو تسي تونغ بأن "الحزب يقود البندقية"، أدخل شي سلسلة من الإصلاحات في نظام القيادة العسكري، وحجم الجيش وهيكله وتكوينه. وطلب من الجيش أن يكون جاهزاً للقتال، وحرص على تفقد القواعد العسكرية بشكل منتظم، وزار أول حاملة طائرات صينية الصنع، وغواصة تعمل بالطاقة النووية من الجيل الجديد.

وفي هذا السياق، قال غيرد كامينسكي، الباحث القانوني النمساوي، والخبير في الشؤون الصينية، قال إنه وبعد المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، أصبحت الخصائص الصينية مبدأ إرشادياً مركزياً بشكل متزايد في جميع القضايا المهمة للتنمية الصينية، بما في ذلك فلسفتها في الحوكمة.

وبدوره، قال هان تشينغ شيانغ، إنه وفي مثل هذه العملية، صمد فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد أمام الاختبار، مضيفاً: "أنه يقود بشكل فعال المسار التاريخي لإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية، ويؤثر على العالم بأسره".

-- الإسهام مع المجتمع الدولي

ولطالما ظل شي على الخطوط الأولى للجهود التي تبذلها الصين للانخراط مع المجتمع العالمي والمساهمة فيه.

قبل اندلاع جائحة كوفيد-19، زار شي 69 دولة في 41 جولة، وكان أول رئيس دولة صيني يحضر المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. وقال إنه وبينما قد يُعتبر قضاء الكثير من الوقت في زيارات خارجية "ترفا"، إلا أنه يرى أنه أمر "يستحق العناء".

وعادة ما يكون جدوله الزمني خلال الزيارات الخارجية ضيقاً جداً، ويمكن أن يستمر حتى ساعات متأخرة. وكان قد أمضى أحد أعياد ميلاده خلال جولة خارجية.

وقال شي: "إن كل ما نقوم به نحن الشيوعيين الصينيين هو تحسين حياة الشعب الصيني، وإحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية، وتعزيز السلام والتنمية للبشرية".

من جانبه؛ نوه ألتاي أتلي، الباحث المُقيم في اسطنبول بتركيا، نوّه بتحول مشاركة الصين في الشؤون الدولية، سواء كانت اقتصادية أو دبلوماسية، تحت قيادة شي، وأن العالم يشهد ظهور دولة كبيرة ذات تأثير عالمي.

وقال شي: "العالم كبير جدا، والتحديات كثيرة للغاية، لدرجة أنه لا يمكن المضي قدما دون الإصغاء الى صوت الصين ودون تشارك أفكار للحلول من جانب الصين ودون الحاجة الى مشاركة الصين."

في العام 2013، أثار شي فكرة "بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية".

وفي معرض شرحه لتفاصيل رؤيته، اقترح شي أن يعمل المجتمع الدولي على تعزيز الشراكة، والأمن، والنمو، والتبادلات بين الحضارات، وبناء نظام إيكولوجي سليم، مُستشهداً بالمثل القائل: "ينبغي أن تكون المصالح التي يجب مراعاتها هي مصالح الجميع".

وينحدر مجتمع المستقبل المشترك للبشرية من أصل ممتاز، فقد لاحظ علماء سياسة أن الفكرة ترث الفكرة الماركسية عن "رابطة يكون فيها التطور الحر لكل فرد شرطًا للتنمية الحرة للجميع" والمثل الصيني عن "التناغم". وهذا هو أحدث اقتراح حول الشؤون الخارجية طرحه الحزب الشيوعي الصيني، بعد "نظرية العوالم الثلاثة" لماو تسي تونغ، و"السلام والتنمية كموضوعين عالميين رئيسيين" لدنغ شياو بينغ.

وكانت استجابة المجتمع الدولي إيجابية. فعندما قدّم شي رؤيته في قصر الأمم، بمكتب الأمم المتحدة في جنيف، في شهر يناير من العام 2017، رد سياسيون ودبلوماسيون ومشاهير من جميع أنحاء العالم بأكثر من 30 موجة من التصفيق.

وصف بيير بيكوارت، الخبير في شؤون الصين بجامعة باريس الثامنة، وصف رؤية شي بأنها أحد أجمل المفاهيم الفلسفية في تاريخ البشرية.

وبموجب هذا المفهوم، اقترح شي نهجاً جديداً لعلاقات دولية تقوم على التعاون متبادل المنفعة، ومبدأ تحقيق النمو المشترك من خلال التشاور والتعاون في الحوكمة العالمية.

وقال: "ما هو نوع النظام الدولي ونظام الحوكمة اللذين يناسبان العالم على أفضل وجه، ويناسبان شعوب كل الدول؟ هذا أمر يجب أن تقرره جميع الدول من خلال التشاور، وليس من قبل دولة واحدة أو دول قليلة".

ويسري المبدأ نفسه من خلال إطار العلاقات بين الدول الكبرى، على النحو الذي دعا إليه شي، والذي يتميز بالاستقرار الشامل والتنمية المتوازنة. وفي مناسبات عديدة، شدد على أنه إذا حافظت الدول على التواصل وعاملت بعضها البعض بإخلاص، يمكن تجنب ما وصفه بـ"فخ ثوسيديدس".

وبحلول العام 2019، كان لدى 180 دولة علاقات دبلوماسية مع الصين، وهي زيادة حادة مقارنة بحوالي 30 دولة في الخمسينيات من القرن الماضي بسبب اعتراض الغرب. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أقامت أو استأنفت خمس دول في أمريكا الوسطى ومنطقة المحيط الهادئ علاقاتها الدبلوماسية مع الصين.

وقال شي: "لدينا أصدقاء في كل ركن من أركان العالم".

وخلال لقائه مع أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها، عبر دائرة الفيديو في شهر أكتوبر، وصفها شي بأنها صديقة قديمة: "الشعب الصيني يُعلي من شأن الصداقة؛ لن ننسى الأصدقاء القدامى وسنُبقي الباب مفتوحاً دائماً لك."

وفي نفس العام الذي دعا فيه شي العالم لأول مرة إلى بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، اقترح أيضاً مبادرة "الحزام والطريق". وبحلول شهر أغسطس من العام الجاري 2021، وقعت 172 دولة ومنظمة دولية أكثر من 200 وثيقة تعاون مع الصين في هذا الإطار. ووفقاً لتقرير أصدره البنك الدولي، يمكن لمشاريع مبادرة "الحزام والطريق" المساعدة في انتشال 7.6 مليون شخص من براثن الفقر المُدقع، و32 مليون شخص من الفقر المعتدل على مستوى العالم.

وزار شي شخصياً العديد من مشاريع مبادرة "الحزام والطريق"، بما في ذلك ميناء "بيرايوس" في اليونان، ومصنع "سميديريفو" للصلب في صربيا، والمجمع الصناعي الصيني-البيلاروسي في مينسك.

وعلى الرغم من ذلك، لا ينبغي أن تتحقق التنمية العالمية على حساب البيئة. ففي العام الماضي 2020، قدّم شي إشارة واضحة على الالتزام: أخبر العالم بأن الصين ستصل إلى ذروتها في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل حلول العام 2030، وبأنها ستحقق حياد الكربون قبل حلول العام 2060.

وحول ذلك؛ قال كيفين رود، رئيس الوزراء الأسترالي السابق: "يجب على العالم أن يشكر الصين على مساهمتها في الاستجابة لتغير المناخ".

وأضاف رود أن شي عرض دعم الصين القوي لاتفاقية باريس قبل أربع سنوات، مؤكداً أنه وبدون دعم الصين، لما كانت اتفاقية باريس كما هي عليه الآن.

إن التزام شي بمدّ يد المساعدة يتجاوز قضايا البيئة والتنمية. فاليوم؛ تعد الصين قوة حيوية في معالجة قضايا عالمية وإقليمية بارزة، والتي تتراوح ما بين الانتشار النووي إلى الاستجابة للجائحة.

"نحن بحاجة إلى أن تتضافر جهودنا مع بعضنا البعض بدلا من التدابر. وقال: "نحن بحاجة إلى"هدم الجدران"وليس"بناء الجدران".

قبل بضعة أشهر، عندما أثار الانسحاب المفاجئ للقوات الأمريكية الاضطرابات في أفغانستان، اتصل شي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتقى عبر دائرة الفيديو، بقادة الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون، للدعوة إلى دعم الانتقال الثابت لأفغانستان، وإشراك البلاد في الحوار، ومساعدة الشعب الأفغاني.

عندما اندلعت جائحة كوفيد-19، دعا شي إلى التضامن والتعاون العالميين. وعلى ضوء توجيهاته؛ وفّرت الصين مواد استجابة لـ كوفيد-19 لأكثر من 150 دولة و 14 منظمة دولية، وأرسلت 37 فريقاً طبياً إلى 34 دولة.

وتعهد شي بجعل لقاحات كوفيد-19 الصينية منتجا عاما عالميا، ووعد بأن توفر الصين ملياري جرعة من اللقاحات للعالم هذا العام. كما وعدت الصين أيضاً بالتبرع بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي لدعم برنامج كوفاكس. وقد دفعت جهود كهذه قادة ومراقبين أجانب، مثل الرئيس الباكستاني عارف علوي، إلى الإشادة بالدور الاستثنائي للصين على المسرح العالمي.

وعلى مدار الأعوام المائة الماضية، مضت الدولة الأكبر سكانا في رحلة لا تُصدق تقريباً -- من دولة فقيرة إلى دولة تُلبى فيها الاحتياجات الأساسية بحسب وضعها الحالي من الازدهار المعتدل. وحول ذلك؛ قال شي إن هذا الإنجاز يعتبر مساهمة للبشرية.

لقد تم تحقيق أكثر من 70 في المائة من أعمال الحد من الفقر العالمية على مدار الأربعين عاماً الماضية في الصين وبجهود الصين، ما يعني أنها حققت هدف الحد من الفقر المحدد ضمن خطة الأمم المتحدة للعام 2030 للتنمية المستدامة، قبل عشر سنوات من الموعد المحدد.

وفي هذا السياق؛ وصفت ماريا فرناندا إسبينوزا غارسيس، رئيسة الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، انطباعاتها عن شي، ووصفته بأنه "قائد متمرس"، حيث كانت مساهماته، مثل الدعوة إلى التعددية، ومبادرة "الحزام والطريق"، وفكرة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، كانت مساهمات مهمة.

-- تنفيذ المهام الجديدة

يخطط الحزب الشيوعي الصيني لتحقيق إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية من خلال زوج من الأهداف، يُعرفان بـ" الهدفين المئويين".

وخلال السنوات الـ9 الماضية، وبصفته أكبر قائد للحزب، قاد شي البلاد في استكمال الخطوة الأولى، وترأس تصميم الخطوة الثانية من هذه الخطة التاريخية.

أولاً؛ يجب تحقيق التحديث الاشتراكي "بشكل أساسي" بحلول العام 2035، وثانياً؛ يتوجب بناء الصين كدولة اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة وجميلة بحلول منتصف القرن الـ21، وهو ما سيتوافق مع حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

تدعم خرائط طريق تكميلية هذه الأهداف الشاملة. ويجدر بالذكر؛ أن شي ترأس صياغة مقترحات القيادة الحزبية للخطة الخمسية الـ14 (2021-2025)، والأهداف بعيدة المدى حتى العام 2035، والتي تم اعتمادها في شهر أكتوبر من العام 2020.

ووصف شي القرن الماضي للحزب الشيوعي الصيني بأنه "معجزة تاريخية"، مُعرباً عن ثقته في بزوغ فجر إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية. لكنه ورغم ذلك؛ حذر أيضاً من أن هذا ليس وقت التردد. وقال شي: "في هذه اللحظة الفاصلة يجب علينا ألا نتوقف، أو نتردد، أو ننتظر".

وحذر من أن تحقيق إحياء النهضة الوطنية لن يكون نزهة في الحديقة، وأن الاختبارات المقبلة ستصبح أكثر تعقيداً.

وقال شي: "إن تحقيق هذا الحلم العظيم يتطلب نضالاً كبيراً".

وعلى ضوء ذلك؛ تأتي الجلسة الكاملة السادسة المقبلة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني في وقت مهم، حيث ستتم مناقشة قرار بشأن الإنجازات الرئيسية والتجربة التاريخية في تاريخ الحزب الممتد لـ100 عام.

وحول ذلك؛ قال هان تشينغ شيانغ الأستاذ في مدرسة الحزب باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (الأكاديمية الوطنية للحوكمة): "على مدار الـ100 عام من النضال، راكم الحزب الشيوعي الصيني خبرات غنية، وفهم قواعد مهمة، وطور نظريات الحوكمة والحكمة. وهذا الكنز العظيم يتوجب تلخيصه لإلهام حوكمة الحزب بشكل أفضل".

على مدى الـ100 عام الماضية، اتخذ الحزب الشيوعي الصيني قرارين فقط يتعلقان بالقضايا التاريخية، في العامين 1945 و1981. وقام بتحليل الأسباب وخلُص إلى نتائج حول أحداث وشخصيات تاريخية هامة، ما مكن الحزب بأكمله من الوصول إلى توافق واضح وبالتالي نما الحزب أقوى في الوحدة.

وقال وانغ جيون وي، زميل باحث : "لعب القراران السابقان للحزب بشأن قضايا تاريخية دوراً عميقاً في بناء التوافق وحشد القوة لإنجاز مهام جديدة. وهذا ما نتوقعه من الجلسة الكاملة القادمة".

وبرز التاريخ كـ "كلمة رائجة" على ألسنة جميع أعضاء الحزب الشيوعي الصيني هذا العام. وساعدت حملة تثقيفية شاملة الكوادر على التعرف على تاريخ الحزب، كما افتُتح متحف جديد للحزب الشيوعي الصيني.

وفي 18 يونيو، قام شي وزملاؤه بجولة في المتحف، وشاهدوا معروضات مثل سندات صادرة عن حكومة أسرة تشينغ الامبراطورية المستخدمة لدفع تعويض الحرب الذي فرضته معاهدة شيمونوسيكي غير العادلة؛ ومخطوطة لملاحظات كارل ماركس من بروكسل؛ وقائمة أعضاء الحزب الشيوعي الصيني البالغ عددهم 58 عضواً عند تأسيس الحزب؛ والسيارة المُصنعة في السنوات الأولى من عمر جمهورية الصين الشعبية؛ ونموذج مسبار المريخ الصيني. وكان كل عرض بمثابة شهادة حيّة على الكيفية التي قاد بها الحزب الصين.

وجاء تصميم الجزء الأخير من المعرض بالمتحف في شكل نفق زمني يربط جميع المحطات التاريخية الهامة منذ العام 1921 وحتى اليوم، ليقود الحاضرين نحو المستقبل.

واقتبس شي ذات مرة عن ماو تسي تونغ، قائلاً: "بعد عدة عقود، عندما نستعرض انتصار الثورة الديمقراطية للشعب الصيني، سنجد أنه مقدمة موجزة لدراما طويلة. تبدأ الدراما بمقدمة، لكن المقدمة ليست الذروة".

"التاريخ لم ينته، ولا يمكن أن ينتهي". وقال شي في التجمع الاحتفالي بمناسبة الذكرى الـ95 لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني: " إن لدى الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني كامل الثقة في قدرتهم على توفير حل صيني للمساعدة على استكشاف نظام اشتراكي أفضل للبشرية".

010020070790000000000000011100001310294032