مقالة خاصة : استخدام الحفر على الخشب لحماية التراث الثقافي العراقي

2021-11-25 17:43:53|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بغداد 25 نوفمبر 2021 (شينخوا) تعد طريقة الحفر على الخشب من الفنون الجميلة عند العراقيين بهدف الزينة واضفاء الجمال على الأبواب والشبابيك والأدوات والكثير من الصناعات الحرفية الإبداعية التي تتطلب الدقة والمهارة.

ومارس العراقيون منذ قديم الزمان فن الزخرفة والحفر على الأخشاب وزينوا أثاثهم ورصعوه بالأحجار الكريمة والعظام ونقشوا تفاصيل حياتهم اليومية على الأخشاب النادرة وصنعوا منها الأختام التي هي بمثابة الهوية في الوقت الحاضر.

ومع تطور أساليب الحياة وانتشار التكنولوجيا الحديثة بدأ الحفر على الخشب بالاختفاء التدريجي لكن الفنان التشكيلي العراقي حسن منصور أخذ على عاتقه مهمة إحياء هذه الطريقة لحث المجتمع على حماية التراث الثقافي والحفاظ عليه.

ووقف منصور (32 عاما) مدرس النحت في كلية الآداب والتربية الثقافية بجامعة بغداد، وهو يدق إزميلا في ورشته لتحديد نوافذ الشناشل التقليدية التي ازدهرت في البيوت العراقية التقليدية منذ العصور الوسطى وحتى القرن العشرين.

والشناشيل هي نوع من النوافذ البارزة المصنوعة من الخشب المنحوت توضع عادة في الطوابق العليا للمنازل، حيث اعتاد الناس على بناء الشناشيل على واجهات المنازل القديمة أو في الأفنية الداخلية.

وقال منصور لوكالة أنباء (شينخوا) أثناء تنفيذه أحد أعماله الفنية "وبعد تخرجي من كلية الفنون الجميلة تخصصت في نحت الخشب وصنعت بعض الأعمال الفنية حول تراث بغداد وحضارتنا القديمة والبيئة التي أعيش فيها".

وعلى عكس النحاتين الذين يعملون على الضخور والأحجار فان منصور يفضل الحفر على الخشب لأنه يعتقد أنه يمنحه مزيدا من الحرية والمرونة في تشكيل أعماله الفنية.

ويستخدم منصور النحت على الخشب لتوثيق المنازل البغدادية القديمة التي بدأت تختفي بسبب هيمنة البناء الحديث.

ومنصور مغرم بالتصاميم التقليدية وينجذب بشكل أساسي إلى تصوير الأحياء الشعبية والأسواق القديمة والعربات التقليدية التي يستخدمها الباعة والشناشيل المطلة على نهر دجلة.

وأضاف منصور "هذه الأبنية التقليدية في الأزقة الضيقة والأحياء القديمة تحتاج إلى صيانة وإعادة إعمار لأنها توثق حياة المجتمع البغدادي وهذا التراث جزء أساسي من هويتنا وثقافتنا التي نفخر بها أمام العالم".

وتميزت بغداد والعديد من المدن العراقية على مر القرون بمعالم فريدة التصميم ومباني جذابة مستوحاة من العمارة الإسلامية لكن هذه المعالم بدأت تختفي بعد عام 2003 بسبب الحروب والإهمال.

ودمرت العديد من المنازل المزينة بالشناشيل وهجرت وحل محلها المباني المشيدة وفق التصاميم الحديثة التي لا ترتبط بالبيئة والتراث العراقي الأصيل.

ويعتقد منصور أن عليه نشر الوعي بين أبناء المجتمع العراقي وخاصة الشباب لحماية تراث البلاد ومواجهة إهمال الأشخاص الذين لا يهتمون بالتراث الحضاري للبلاد.

وقال منصور "بعض الناس لا يهتمون بالمباني التراثية لذلك آمل أن تحمي الدولة هذه المعالم أو تقوم بادراج منطقة قديمة بالكامل، من مناطق بغداد في برنامج حماية وتجديدها وجعلها منطقة سياحية".

وتحظى أعمال النحت على الخشب بشعبية كبيرة هذه الأيام بين العراقيين في الداخل والخارج فالعديد منهم لديه شغف بتزيين مراكز التسوق والمتاجر الصغيرة والمطاعم والمقاهي وحتى المنازل الحديثة بأعمال فنية تراثية وفقا لمنصور.

وتابع "عندما أقوم بأعمال فنية عن التراث البغدادي فإن الكثير من العراقيين خاصة المقيمين خارج البلاد الذين تربوا بهذه الأماكن، لكن بعد سفرهم خارج العراق ومشاهدتهم للحداثة شعروا بالحنين للتراث، وعندما أنشر عملا تراثيا على وسائل التواصل الاجتماعي يبدون رغبتهم بالحصول على هذا العمل الفني بأي طريقة ممكنة ".

ويشارك الدكتور إبراهميم الجبوري معاون عميد كلية الأثار بجامعة سامراء، الفنان التشكيلي منصور الرأي بضرورة الحفاظ على التراث والطراز العراقي الخاص من خلال نشر الثقافة لحماية هذا الأرث الثقافي المهم.

وقال الجبوري لـ (شينخوا) "إن مهنة النجارة والحفر على الخشب وزخرفته توارثها الأبناء عن الآباء وبسبب الحروب والصراعات فقد تدهورت هذه الحرفة، إلا أن البعض استمروا بأساليبهم الزخرفية وطرقهم وحتى إمضاءاتهم".

وأضاف " لايزال العديد من النجارين يمارسون مهنة النجارة مع الحفاظ على الموروث القديم سواء بالأسلوب والشكل العام للتحفة الخشبية أو بالمضامين الزخرفية القديمة".

وأكد أن استخدام الزخارف الموروثة في تزيين الأثاث المعاصر له أهمية كبيرة في الحفاظ على الموروث الثقافي والفني أو تنفيذ أشكال على الأخشاب بما يضفي عليها لمسات خاصة ترمز للأصالة.

ودعا الجبوري من يمارس مهنة النحت على الخشب إلى استلهام مشاهد زخرفية وتصاميم خشبية من الموروث العراقي القديم لأنه في ظل شيوع الماكينات الحديثة وغياب الوعي بتراث البلد اختفت الأساليب القديمة.

وخلص إلى القول"إن الزخرفة والحفر على الخشب تحتاج إلى الحفاظ عليها على أيدي أصحابها أولا وعليهم التوجه على ضرورة الحفاظ على الموروث الثقافي واستلهام الطرق والمشاهد التي تجسد الحضارة وأساليبها الفنية".

الصور

010020070790000000000000011100001310332471