(وسائط متعددة) تعليق ((شينخوا)): بعد مرور عام.. هل تعلمت أمريكا الدرس من هجوم الكابيتول؟

صورة ملتقطة في أرلينغتون بالولايات المتحدة يوم 6 يناير تظهر لقطة شاشة مأخوذة من مقطع فيديو بثته محطة ((إن بي سي نيوز)) لمتظاهر خلال اقتحامه مبنى الكابيتول الأمريكي. (شينخوا)
واشنطن 6 يناير 2022 (شينخوا) وقعت الولايات المتحدة في حالة صدمة وعار قبل عام بالضبط عندما اقتحم حشد غاضب مبنى الكابيتول وقاطع إجراءات التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وشكل الزجاج المكسور والتماثيل المهشمة والمكاتب المخربة داخل "مقر الديمقراطية الأمريكية" مظاهر أحد أحلك الأيام في تاريخ الولايات المتحدة، إلى جانب مشاهد تظهر مشرعين خائفين يختبئون في معرض مجلس النواب، وأخرى لضباط شرطة الكابيتول وهم يصوبون بنادقهم خلف حاجز مؤقت باتجاه متسللين عنيفين.
لم يكن هناك نقص في التمعن والتفكّر لدى غالبية الطيف السياسي الأمريكي بعد أعمال الشغب في مبنى الكابيتول. كما اندفعت شخصيات سياسية أمريكية لإصدار بيانات بمناسبة حلول الذكرى السنوية يوم الخميس. ومع ذلك، لم يحرز سوى تقدم ضئيل إن وجد لمعالجة كافية للمسائل التي أدت إلى أعمال الشغب في المقام الأول.
وبادئ ذي بدء، لم تفتر النظريات التي لا أساس لها من الصحة بأن سباق البيت الأبيض بين دونالد ترامب وجو بايدن كان مزورا، والذي يعتقد أنه أدى بشكل مباشر إلى الهجوم المحلي. وبدلا من ذلك، ترسخت جذورها بقوة.
وبحسب استطلاع جديد للرأي أجرته "إن بي آر/إيبسوس"، فإن غالبية مؤيدي ترامب وقرابة نصف الجمهوريين يتشبثون بوجهة النظر القائلة بأنه كان هناك تزوير كبير في الأصوات في المواجهة الرئاسية، حيث يواصل الرئيس الجمهوري السابق، المحظور من منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية لكنه لا يزال مدعوما بالجزء الكبير من حزبه، في دفع الفكرة المشحونة سياسيا للحفاظ على تنشيط قاعدته.

أحد أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مظاهرة بالقرب من مبنى الكابيتول الأمريكي في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة يوم 6 يناير 2021. (شينخوا)
وقال ريك هاسن، أستاذ القانون والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا إيرفين، مؤخرا، "لم تساورني المخاوف قط حيال الديمقراطية الأمريكية أكثر مما أشعر به الآن، وذلك بسبب انتشار 'الكذبة الكبيرة' "، في إشارة إلى التأكيد على أن الانتخابات كانت فاسدة وتمت سرقتها من ترامب.
علاوة على ذلك، لا يزال الانقسام السياسي حادا في الولايات المتحدة. وعلى مدى العام الماضي، أدت المعارك ذات الدوافع الحزبية المكثفة، التي تكشفت على مختلف المستويات، إلى تبدد أي إمكانية لتجمع معسكرات سياسية مختلفة للتصدي للوباء، ودفع حقوق التصويت وإصلاحات الشرطة قدما، وتمرير حزم اقتصادية كبرى، ومعالجة تغير المناخ.
ولنأخذ تأثير تصاعد القبلية السياسية على أداء أمريكا للتصدي للوباء. لقد أبلغت الولايات المتحدة للتو عن أكثر من مليون حالة جديدة في يوم واحد، مسجلة مستوى قياسيا عالميا جديدا قاتما، فيما توفي ما يربو عن 832 ألف شخص جراء المرض. وأعرب كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي عن أسفه للانقسام السياسي في البلاد الذي ساهم بشكل كبير في العدد الصاعق للوفيات.
في مبنى الكابيتول هيل، ازدادت العلاقة بين جانبي الممر مرارة وإثارة للجدل. قبل عدة أشهر، ذهب مشرع أمريكي إلى حد نشر فيديو رسوم متحركة يظهره وهو يقتل زميلا له في الحزب المعارض.
وقال عضو الكونغرس الأمريكي فريد أبتون عن ولاية ميشيغان، والذي عمل في الهيئة التشريعية لمدة 35 عاما، مؤخرا لشبكة ((سي إن إن)) خلال مقابلة، إن "النبرة تصبح، كما تعلمون، أكثر شدة وصرامة. إنه مكان سام جدا. لم أر شيئا كهذا من قبل".
وتحقق لجنة بمجلس النواب تتكون من سبعة ديمقراطيين وجمهوريين اثنين فيما وصفوه بالحصار الذي فرض على مبنى الكابيتول الأمريكي، وهو أسوأ هجوم على الكونغرس منذ أكثر من 200 عام. وقد اتهم العديد من أقرب حلفاء ترامب وأنصاره الأقوياء التحقيق بأنه "مطاردة ساحرات" سياسية تهدف إلى تشويه سمعة الرئيس السابق والحزب الجمهوري ككل.
وبما أن انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة على بعد عشرة أشهر فقط، فمن المتوقع على نطاق واسع أن تتصدر اللجنة، التي يرتبط وجودها ببساطة بسيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، عناوين الصحف بشكل أكثر تواترا مع تقدم التحقيق في إطار زمني ضيق، مما يصب الوقود على النار الحزبية التي من المحتم أن تمزق البلاد أكثر.
وأخيرا وليس آخرا، لم تواجه الولايات المتحدة بعد حقا القضايا التي تعصف بديمقراطيتها.

فنان شارع ينتظر تجمع جمهور بجوار موقع متنقل لإجراء اختبارات كوفيد-19 في ميدان تايمز سكوير في نيويورك بالولايات المتحدة يوم 20 ديسمبر 2021. (شينخوا)
لطالما صورت الولايات المتحدة نفسها على أنها قدوة ديمقراطية ولم تدخر جهدا لتصدير قيمها ونظمها. بيد أن التاريخ والواقع أثبتا أن الديمقراطية على الطريقة الأمريكية، التي تهيمن عليها سياسات المال والمصالح الخاصة، في حين أنها غير قادرة على توجيه إرادة الشعب بالكامل، معطلة وبعيدة كل البعد عن النموذج القدوة.
وقال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في عام 2015 إن الولايات المتحدة "أوليغارشية (حكم القلة) مع انتشار رشوة سياسية غير محدودة". ومتفقا مع وجهة النظر ذاتها، صرح المؤرخ الأمريكي السويسري ألفريد موريس دي زاياس مؤخرا لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن الديمقراطية الأمريكية غير فاعلة وتديرها أوليغارشية. كما بيّن نفس الاستطلاع الذي أجرته "إن بي آر/إيبسوس" أن قرابة ثلثي الأمريكيين يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية في أزمة وتواجه خطر الفشل.
وبالرغم من هذه السياسة الداخلية المتدهورة، مضت الولايات المتحدة في عقد ما يسمى بـ"قمة الديمقراطية" الشهر الماضي. وفي المنتدى الافتراضي، لم يقض البيت الأبيض سوى القليل من الوقت في الحديث عن أعمال شغب مبنى الكابيتول وغيرها من القضايا التي تستنزف النظام السياسي الأمريكي نفسه على الرغم من الأسئلة المتزايدة من المجتمع الدولي، بما في ذلك حلفاء أمريكا، حول قيادتها التي أعلنتها ذاتيا في تعزيز الديمقراطية.
قبل عام واحد بالضبط، أدت أعمال الشغب في مبنى الكابيتول إلى وفاة 5 أشخاص وإصابة قرابة 140 آخرين. ولم يكونوا سوى بعض الضحايا المباشرين للديمقراطية المهترئة لأمريكا، إلى جانب عشرات الآلاف من الأرواح التي فقدت بسبب مسببات المرض القاتل والعنف المسلح المتفشي والتمييز العنصري المنهجي داخل الولايات المتحدة. كما أن الأرواح غير القابلة للحصر والتي توفيت جراء ما يسمى بمغامرات واشنطن الديمقراطية في الخارج سوف تسجل أيضا في التاريخ كدليل لا يمحى على مخاطر النظام السياسي المترنح والمتصلب والنرجسي.
في الوقت الحالي، تسمع الصرخات لإنقاذ الديمقراطية الأمريكية من تهديداتها الرهيبة بصوت عال وواضح من مختلف الاتجاهات السياسية في البلاد باستثناء أنها تقصد أشياء مختلفة من خلال تلك التهديدات. ولكن ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية في الولايات المتحدة يشير إلى أن التهديد الأكبر الذي تشكله أمريكا يكمن داخل حدودها، وأن الأمل في الخلاص الذاتي يبدو وكأنه ينجرف بعيدا على نحو متزايد.■