مقالة خاصة :خبراء خليجيون يؤكدون أن التقارب الخليجي الصيني واعد رغم التحديات

2022-01-15 03:13:25|arabic.news.cn
Video PlayerClose

الكويت 14 يناير 2022 (شينخوا) لم يكد يمضي على القمة الخليجية التي احتضنتها الرياض سوى شهر واحد ،حتى التأم الجانبان الصيني والخليجي بدعوة صينية ،واتفقا على ضرورة إقامة علاقات شراكة استراتيجية والتوقيع على خطة عمل مشتركة للحوار الاستراتيجي بينهما خلال 2022 و2025 ، فضلا عن إتمام المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة وإقامة منطقة للتجارة الحرة وعقد الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين الصين ومجلس التعاون الخليجي في الرياض في الوقت المناسب للجانبين .

واتفق الطرفان على هذه النقاط الخمس ،بعد مباحثات أجراها عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف، في أعقاب استقباله وزراء خارجية السعودية والبحرين والكويت وسلطنة عمان، وتلقيه مكالمة هاتفية من وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي.

ويبدو بعد نحو عامين من انتشار جائحة فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وما نجمت عنها من تداعيات سياسية واقتصادية ،وإقرار المصالحة الخليجية بعد أزمة سياسية عاصفة داخل البيت الخليجي أن دول الخليج عازمة على توطيد علاقاتها مع الصين على نحو أعمق بهدف تعزيز التجارة والاستثمارات من جهة ،وحماية الأمن الأقليمي من جهة أخرى، في ظل التغيرات الاستراتيجية والهواجس التي خلفها انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان وأيضا المخاوف من إحياء الاتفاق النووي الإيراني .

-- علاقات تتطور وتحديات كبيرة

وعززت اللقاءات الأخيرة التي عقدت في الصين بين عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي ووزراء خارجية السعودية والبحرين والكويت وسلطنة عمان فرص تطوير العلاقات بين الجانبين أكثر من أي وقت مضى ،خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب مرض (كوفيد-19).

ومن جانبه أكد الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية البحريني أن التنامي في العلاقات الثنائية بين البحرين والصين سوف ينعكس على مجمل العلاقات التاريخية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية الصين الشعبية والمضي بها إلى آفاق أشمل، فالصين شريك استراتيجي مهم لدول مجلس التعاون في ظل اهتمام الجانبين وحرصهما المشترك على تنمية وتعزيز التعاون بما يخدم المصالح المشتركة، فمجالات التعاون بين الجانبين واعدة وفرص الاستفادة منها متاحة للجانبين، وهذا ما نسعى له ونعمل من أجل تحقيقه.

-- تطوير علاقات الصداقة بين البحرين والصين--

وأعرب الدكتور الزياني في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) عن سعادته بزيارة جمهورية الصين الشعبية الصديقة بناء على دعوة من عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي ، والتي أتاحت للبلدين فرصة التباحث وتدارس فرص تعزيز التعاون الثنائي وتطوير علاقات الصداقة بين البلدين في مختلف المجالات الحيوية وعلى وجه الخصوص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتنموية.

وأضاف إننا أكدنا في محادثاتنا مع عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، على أهمية الوصول لاتفاق بين الجانبين من أجل تحرير التجارة وتسهيلها، خاصة في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا، وتم التأكيد على مواصلة المفاوضات خلال الفترة المقبلة، متطلعين جميعاً إلى ضرورة الانتهاء من المسائل المتبقية وصولا إلى اتفاق شامل يحقق أهدافنا المشتركة.

ويقول الصحفي السعودي والخبير في الشؤون الصينية عبد العزيز الشعباني في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن العلاقات الصينية الخليجية في تطور متسارع وملحوظ، لكنه يعتقد أن الجانبين لا يزال لديهما آفاق أوسع لتوطيد التعاون بينهما في كافة المجالات وتعميق التداخل الثقافي والاجتماعي، كما هو الحال في الجانب الاقتصادي .

وأوضح الشعباني "أن الوقت قد حان للصين ودول الخليج بأن تكون العلاقات بينهما أعمق وأشمل خصوصا في ظل تحديات متشابهة تواجه الطرفين، كما أن المصالح المشتركة تعزز من رغبة الطرفين بتعزيز العلاقات الثنائية وكل الظروف مهيأة للاتجاه نحو ذلك".

ويرى عبد العزيز محمد العنجري المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات في الكويت أن هناك نقاطا مشتركة تساعد في تعميق العلاقات بين الصين ودول الخليج أبرزها حرص الجانبين على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واستقلالية السياسة الداخلية لكل دولة وتقديس مفهوم السيادة ،مما يعزز في نظرة تدفق الاستثمارات والتعاون بين الجانبين .

ولفت المحلل الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور في حديثه لـ((شينخوا)) إلى أن العلاقات الثنائية بين دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية الصين تشهد نقلة نوعية في الشراكة الاستراتيجية وتطورا كبيرا في مجالات عدة، قائلا " أعتقد أن تنفيذ ما تم بحثه في الاجتماع بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية الصين هذا الشهر، يشكل خريطة طريق لدفع هذه العلاقات وتعزيز علاقات التعاون والصداقة بين الطرفين في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة وأيضا متابعة تعزيز التعاون في المجالات الاستراتيجية والاقتصادية والصحية والتنموية".

-- آفاق اقتصادية واعدة

ويؤكد عدة خبراء خليجيين أن الاتفاق على توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الصين ودول الخليج يعد أحد أهم نتائج المباحثات الأخيرة ،على الرغم من أن هذه الخطوة قد تأخرت في نظر سفير سلطنة عمان الأسبق لدى الصين الدكتور إبراهيم بن حمود الصبحي الذي يقول لـ((شينخوا)) " إن خطوة توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الصين ودول الخليج تأخرت، ولكن أن تأتي فهذا أفضل من تأخيرها أكثر، " مضيفا "يجب أن تسير الأمور والعلاقات ما بين دول الخليج مع الصين بوتيرة أسرع، فالصين الآن هي القوة الاقتصادية الثانية في العالم، وهي مرشحة وقريبا لأن تصبح الأولى، علاوة على أن الاقتصاد هو حجر الأساس وهو مقياس التصنيف الأول الآن " .

ويرى الصحفي السعودي والخبير في الشؤون الصينية عبد العزيز الشعباني أن تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ في 2014 بمضاعفة حجم التجارة مع دول الخليج خلال السنوات المقبلة لم يكن بالأمر العادي ،كما تبعته فعليا خطوات كبيرة من الطرفين.

وأضاف "لا تزال الجهود حثيثة لمواصلة مضاعفة حجم التبادلات التجارية ، وزيارة وزراء دول خليجية مهمة إلى الصين في وقت واحد لا شك بأنه سيثمر بأن ترى مناطق التجارة الحرة النور في أقرب وقت على سواحل دول الخليج، الأمر الذي ينشده الطرفان وسيعود عليهما بالفائدة الأعظم بلا شك وتسرع من عمليات التبادلات الاقتصادية والتجارية بين ثاني أقوى اقتصاد في العالم ودول الخليج الغنية والمتطورة".

من جهته أكد المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات في الكويت عبد العزيز محمد العنجري أن الأولويات الاقتصادية للصين ودول الخليج تعزز هذا التعاون فمنطقة الخليج هي سوق واعدة للاستثمارات الصينية في مشاريع البنية التحتية كالموانئ وسكك الحديد والتكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الصناعي كما أن دول الخليج تلبي احتياجات الصين من الطاقة .

وبحسب المحلل الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور فإن إقامة منطقة التجارة الحرة بين مجلس التعاون والصين سيرفع كثيرا مستوى التحرير والتسهيل للتجارة وحوكمة المصالح التجارية والاقتصادية للطرفين، كما أن الاتفاق على عقد الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية في الوقت المناسب للجانبين من شأنه تعزيز التواصل ومتابعة البرامج التنموية بين الجانبين ،لكنه يرى ضرورة إنشاء مكتب تنسيق كآلية للبدء في تنفيذ هذه الخطة .

وبحسب بيانات أصدرها موقع وزارة الخارجية الصينية، وصل حجم التجارة الثنائية بين الصين ودول مجلس التعاون فى النصف الأول من عام 2021 الي 103.7 مليار دولار أمريكي بنموي سنوي بنسبة 35.6%.

وحسب البيانت فى عام 2019 تصدر دول مجلس التعاون الخليجي سلعا بــ111 مليار دولار، 80 بالمائة منها نفط ووقود، و20 بالمائة سلع بتروكيميائية ومواد كيميائية، في حين تستورد بــ79 مليار دولار سلعا صناعية وأجهزة إلكترونية وآلات ومعدات وسيارات وقطع غيار.

وبلغت قيمة الواردات الخليجية من الصين 10 مليارات دولار ملابس ومنسوجات وأقمشة، بحيث أصبحت دول الخليج تستحوذ على 66 بالمائة من حجم التجارة العربية مع الصين، وأيضاً تكون الصين حاليا اكبر شريك تجاري لدول الخليج.

-- استقرار المنطقة : كيف يعززه الجانبان ؟

شدد عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال لقائه بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف بن فلاح الحجرف في ووشي بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين قبل أيام على أن بلاده ودول الخليج هما قوتان مهمتان لتحقيق الاستقرار، ويجب عليهما العمل معا للاضطلاع بدور أكثر إيجابية في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، وتعزيز السلام والتنمية في العالم ،خاصة في مواجهة حالات عدم اليقين الناجمة عن التغيرات العميقة على نطاق لم نشهده منذ قرن ،وتأثير مرض (كوفيد-19).

ويمثل تعزيز التبادلات الشاملة بين الصين ودول الخليج أهمية قصوى في تحقيق السلام والتنمية في المنطقة في نظر الصحفي السعودي والخبير في الشؤون الصينية عبد العزيز الشعباني .

وأشار الشعباني إلى أن الاستفادة من خبرة كل طرف وتاريخه مهم للحفاظ على السلام والتنمية، كما أن وجود دول الخليج في منطقةٍ فيها دول مضطربة أمنياً وتنموياً يحتم عليها الاتجاه شرقاً نحو الصين التي لها تجربة وخبرة في تعزيز الحفاظ على الأمن والسلم في محيطها واستمرار التنمية بشكل ثابت على أرضها.

من جهته أوضح المحلل الاقتصادي حجاج بوخضور أن اتفاقية التجارة الحرة بين الصين والخليج ستعزز أمن واستقرار المنطقة وأيضا تنمية التجارة وتحريرها من القطب العالمي الذي يتحكم في الاقتصاد ،والذي من شأنه أن يعزز الاستقرار الاقتصادي بين الطرفين، كما لفت إلى أن ذلك سينعكس أيضا على استقرار دول العالم فدول الخليج معروفة بالنفط والغاز والصين معروفة أيضا بالصناعات والزراعة والتجارة .

ويجمع الخبراء على أن تداعيات مرض (كوفيد-19) أحدثت ما يشبه هزة في العلاقات الدولية خاصة في ذروة انتشارها، وأن المستقبل سيشهد تحالفات جديدة ، لن تكون الصين ودول الخليج بمنأى عنها، لما يملكه الجانبان من قوة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري .

الصور

010020070790000000000000011100001310424759