النص الكامل: تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة خلال عام 2021
بكين أول مارس 2022 (شينخوا) قامت الصين يوم الإثنين بإصدار "تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة خلال عام 2021 ".
وفيما يلي النص الكامل للتقرير:
تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة خلال عام 2021
مكتب الإعلام بمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية
فبراير 2022
المحتوى
مقدمة
1- ثمن باهظ تدفعه الولايات المتحدة في مجال الوقاية من الوباء ومكافحته
2- الفكر العنيف المتجذر يهدد الأرواح
3 - التلاعب بالديمقراطية الزائفة يسحق الحقوق السياسية
4 - التمادي في التمييز العنصري يزيد من تفاقم الظلم الاجتماعي
5- الانحراف عن القيم الإنسانية يؤدي إلى أزمة المهاجرين
6- انتهاك حقوق الإنسان في الدول الأخرى بالقوة المفرطة والعقوبات
مقدمة
إن وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، التي لديها سجلات سيئة السمعة في هذا الصدد، شهد تدهورا في عام 2021. فقد أدى التلاعب السياسي إلى ارتفاع حاد في الوفيات بكوفيد-19؛ وبلغت الوفيات الناجمة عن حوادث إطلاق النار رقما قياسيا جديدا؛ وداست الديمقراطية الزائفة على الحقوق السياسية للشعب؛ وأدى إنفاذ القانون بعنف إلى جعل الحياة أكثر صعوبة على المهاجرين واللاجئين؛ واشتد التمييز ضد فئات الأقليات العرقية، وخاصة الآسيويين؛ وفي غضون ذلك، خلقت الإجراءات الأمريكية أحادية الجانب أزمات إنسانية جديدة حول العالم.
-- صار لدى الولايات المتحدة أكبر عدد من الإصابات والوفيات بكوفيد-19 في العالم، حيث سجلت 34.51 مليون حالة إصابة مؤكدة و480 ألف حالة وفاة بالمرض، وهو ما فاق بكثير الأرقام المسجلة في عام 2020. وانخفض متوسط العمر المتوقع بمقدار 1.13 سنة، وهو أكبر انخفاض منذ الحرب العالمية الثانية .
-- شهد وضع الأمن العام في الولايات المتحدة تدهورا وما زالت جرائم العنف مرتفعة. فقد وقع 693 حادث إطلاق نار جماعي في عام 2021، بزيادة 10.1 في المائة عن عام 2020، وقُتل خلالها أكثر من 44 ألف شخص في أعمال عنف مسلح.
-- تم تقديم أكثر من 420 مشروع قانون، تتضمن أحكاما تقيد إمكانية التمتع بحق التصويت، في 49 ولاية أمريكية. وهناك 7 في المائة فقط من الشباب الأمريكي يعتبرون البلاد "ديمقراطية صحية"، فيما تراجعت ثقة الجمهور في الحكومة إلى أدنى مستوى تاريخي على الإطلاق منذ عام 1958.
-- قال حوالي 81 في المائة من البالغين ذوي الأصول الآسيوية إن العنف ضد المجتمعات الآسيوية آخذ في الازدياد. فقد قفزت جرائم الكراهية ضد الآسيويين في مدينة نيويورك بنسبة 361 في المائة مقارنة بعام 2020. وذكر 59 في المائة من الأمريكيين إن فئات الأقليات العرقية لا تتمتع بفرص عمل متساوية.
-- في السنة المالية 2021، احتجزت الولايات المتحدة أكثر من 1.7 مليون مهاجر على حدودها الجنوبية، بينهم 45 ألف طفل. أودى إنفاذ القانون بعنف بحياة 557 شخصا، وهو أعلى رقم منذ عام 1998، والذي زاد بواقع أكثر من ضعف الرقم المسجل في السنة المالية السابقة.
-- قتلت غارة أمريكية بطائرة بدون طيار أثناء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان عشرة أفراد من أسرة أفغانية، بينهم سبعة أطفال، أصغرهم يبلغ من العمر عامين فقط. ولا تزال الولايات المتحدة تحتجز 39 معتقلا في سجن غوانتانامو.
قال فرناند دي فارينيس، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا الأقليات، إن النظام القانوني الأمريكي لحماية حقوق الإنسان يعاني من أوجه قصور وعفا عليه الزمن، وهو ما أدى بدوره إلى تزايد انعدام المساواة.
أما بالنسبة لما ينتج عن ممارسات الولايات المتحدة الخاطئة من خلق لأزمات تتعلق بحقوق الإنسان في بلدان أخرى باسم حقوق الإنسان، قال ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، "يجب على الأمريكيين أولا معالجة المشكلات الحاصلة داخل بلادهم وإعادة النظر في كيفية تعاملهم مع بقية العالم".
في عام 2021، فُضح تماما زيف الشخصية العامة الأمريكية بأنها "مدافع عن حقوق الإنسان"، حيث كانت ما تسمى بـ"قمة القادة من أجل الديمقراطية"، التي أقيمت تحت ستار حماية حقوق الإنسان، أشبه بمسرحيّة هزليّة. وفي الدورة الـ48 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، انتقدت دول عديدة الولايات المتحدة لكونها "أكبر مدمر" لحقوق الإنسان في العالم وحثتها على معالجة انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان.
1- الثمن الباهظ للوقاية من الوباء ومكافحته في الولايات المتحدة
على الرغم من امتلاكها لأكثر المعدات والتقنيات الطبية تقدما في العالم، إلا أن الولايات المتحدة لديها أكبر عدد من الإصابات والوفيات الناجمة عن كوفيد-19 على الصعيد العالمي. ولم تقم الحكومة الأمريكية أبدا بإعادة النظر في إجراءات الاستجابة ولا تزال تفتقر إلى خطط فعالة لمكافحة الوباء. وبدلا من ذلك، اتجهت إلى إذكاء مسألة تتبع أصل كوفيد-19؛ وحرصت على التنصل من المسؤولية بإلقاء اللوم على غيرها وممارسة التلاعب السياسي.
تجاهل حق الناس في الحياة والصحة. منذ بدء تفشي كوفيد-19 في الولايات المتحدة، تم تسييس مسألة الوقاية من الوباء ومكافحته إلى حد كبير، لتصبح أداة وورقة مساومة في أيدي الجمهوريين والديمقراطيين لمهاجمة ورفض ومواجهة بعضهم البعض. فالساسة الأمريكيون لم يركزوا سوى على مكاسبهم السياسية متجاهلين حياة الناس وصحتهم.
سارت الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية في طريقها الخاص وقيدت بعضها البعض، الأمر الذي جعل من الصعوبة بمكان دمج عملية إدارة الموارد الطبية وتنسيقها، بل وجعل أيضا الناس مرتبكين بشأن سياسات الوقاية من الوباء ومكافحته.
وهكذا سادت مختلف الأقوال والأفعال المناهضة لاستخدام العقل والتي ترفض العلم والحس السليم. فقد رفض بعض الأمريكيين، بعد أن ضللهم التلاعب السياسي، ارتداء الكمامة، بل وأطلقوا حركة مناهضة للقاحات، ما أدى إلى تسريع وتيرة انتشار كوفيد-19.
بحلول نهاية عام 2021، لم يكن ما يقرب من 30 في المائة من الأمريكيين قد تم تطعيمهم، وفق لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. وأفادت وكالة ((أسوشيتد برس)) في 19 ديسمبر 2021 بأن المستشفيات الأمريكية مثقلة بالأعباء مع استمرار تزايد حالات كوفيد-19 ودخول المستشفيات بسبب انتقال العدوى بين غير المطعمين.
وذكر موقع ((فوكس)) الإخباري الأمريكي في 2 يناير 2021، أن الولايات والحكومات المحلية وعامة الناس "تم التخلي عنهم الآن وتُركوا وحدهم". ووفقا للبيانات الصادرة عن جامعة جونز هوبكنز، فإنه حتى نهاية فبراير 2022، تجاوز عدد حالات الإصابة المؤكدة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة 78 مليونا وتجاوزت حصيلة الوفيات بالمرض 940 ألفا؛ ومن هذه الحصيلة، تجاوز عدد الوفيات المسجل في عام 2021 بكثير العدد الإجمالي لعام 2020.
ووفقا لتحليل أجراه باحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا وجامعة برينستون، فإن الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 خفضت متوسط العمر المتوقع الإجمالي بمقدار 1.13 سنة، وهو أكبر انخفاض منذ الحرب العالمية الثانية.
تشير التقديرات إلى أن متوسط العمر المتوقع انخفض بمقدار 2.10 سنة بين الأمريكيين الأفارقة و3.05 سنة بين الأمريكيين اللاتينيين، فيما بلغ الانخفاض 0.68 سنة بين البيض. فإجراءات الحكومة الأمريكية غير العلمية وغير المتكافئة وغير المسؤولة للوقاية من الوباء ومكافحته قوضت بشكل خطير حقوق شعبها في الحياة والصحة. وذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 18 نوفمبر 2021 أنه قد تبين أن الوباء اختبار إجهاد دام لعامين تقريبا وفشلت فيه الولايات المتحدة، وأن ثقة الشعب الأمريكي في حكومته "أفلست".
وتدهورت الصحة النفسية للشعب بسبب تفشي المرض إلى خارج نطاق السيطرة. فقد وجدت دراسة نشرت في مجلة ((ذا لانسيت ريجونال هيلث - أمريكاز)) في أكتوبر 2021 أن 32.8 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة عانوا من "أعراض اكتئاب مرتفعة" في عام 2021، مقارنة بـ27.8 في المائة في الأشهر الأولى من الوباء في عام 2020 و8.5 في المائة قبل الوباء. ووفقا لاستطلاع للرأى العام، فإن أكثر من ثلث الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و56 عاما قالوا إن الوباء يعد مصدرا خطيرا للإجهاد في حياتهم.
وأفادت وكالة ((أسوشييتد برس)) في 6 ديسمبر 2021 بأن المراهقين والشباب واجهوا بعضا من أصعب أشكال المعاناة مع بلوغهم سن الرشد خلال فترة الاضطرابات الشديدة. ونقلت صحيفة ((لوس أنجليس تايم)) عن الجراح العام الأمريكي فيفيك مورثي قوله في 9 ديسمبر 2021 إن عدد محاولات الانتحار المشتبه بها في عام 2021 كان أعلى بنسبة 51 في المائة بين المراهقات مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
أما عدد الأشخاص الذين لا مأوى لهم فهو مذهل. فقد أفادت صحيفة ((واشنطن بوست)) في 7 ديسمبر 2021 بأن "التشرد هو أحد أكبر التحديات الحالية التي تواجهها الولايات المتحدة، بغض النظر عن المنطقة". وأشارت وكالة ((أسوشييتد برس)) في 9 سبتمبر 2021 إلى أن عدد الأشخاص الذين ليس لديهم مأوى دائم في رود آيلاند زاد بواقع أكثر من 85 في المائة منذ يناير 2021. ووفقا لتقرير صادر عن مجموعة ((المدافعون عن الأطفال))، كان أكثر من 100 ألف تلميذ في مدينة نيويورك بلا مأوى في مرحلة ما خلال العام الدراسي 2020-2021. وشكّل العدد الإجمالي للطلاب الذين كانوا بدون مأوى خلال العام الدراسي ما يقرب من عشر نظام المدارس العامة في المدينة. واضطر بعض الطلاب إلى العيش في سيارات أو متنزهات أو مبانٍ مهجورة. ذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 19 ديسمبر 2021 أن واحدا من كل 100 مقيم في سان فرانسيسكو كان بلا مأوى.
أما بالنسبة لحقوق المسنين في الحياة، فقد اُنتهكت انتهاكا صارخا. اتبع الساسة الأمريكيون القانون الطبيعي المتمثل في "اختيار من هم أعلى واستبعاد من هم أدنى"، معلنين أن "كبار السن يمكن أن يضحوا من أجل الوطن" وأن "الاقتصاد الوطني أهم من حياة كبار السن". وذكرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن الغالبية العظمى من الوفيات بكوفيد-19 في الولايات المتحدة كانت بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 أو أكثر. ووفقا لـ((ستات نيوز))، وهو موقع إخباري أمريكي موجه نحو الصحة، توفي أكثر من نصف مليون مسن في الولايات المتحدة بكوفيد-19، وهو ما يمثل أربعة أخماس جميع الوفيات. وأشار تقرير صادر عن كلوديا ماهلر، الخبيرة المستقلة للأمم المتحدة المعنية بكبار السن، في 21 يوليو 2020، إلى "التمييز في تقديم خدمات الرعاية الصحية، وعدم إعطاء دور رعاية المسنين أولوية كافية في الاستجابة للفيروس، وحالات الإغلاق التي تركت كبار السن أكثر عرضة للإهمال أو الإساءة ". وكان هناك "إغفال لأعداد كبيرة عند احتساب عدد الوفيات في دور رعاية المسنين" في الولايات المتحدة خلال الوباء.
إلحاق ضرر جسيم بالتعاون العالمي في مكافحة الوباء. تسعى واشنطن بقوة إلى اتباع نهج "أمريكا أولا"، وذلك ليس فقط بحجبها المواد الخاصة بمكافحة الوباء عن الدول الأخرى، وإنما أيضا بحظرها تصدير المواد الطبية المحلية واستحواذها على القدرة الإنتاجية للأدوية التي يمكن استخدامها لعلاج مرضى كوفيد-19. ومارست الولايات المتحدة مرارا ضغوطا على منظمة الصحة العالمية، لتعرقل وتعيق بذلك التعاون العالمي في مكافحة الوباء.
لقد انخرطت الولايات المتحدة في "قومية اللقاح"، ما دفع بعض البلدان والمناطق المتخلفة إلى وضع يائس من عدم امتلاك لقاحات لتطعيم الناس بها.
منذ مارس 2021، تخلصت الولايات المتحدة من 15 مليون جرعة على الأقل من لقاحات كوفيد-19، وهو عدد أكبر بكثير مما أعدته العديد من البلدان الفقيرة لجميع سكانها، وفقا لما ذكرته شبكة ((إن بي سي نيوز)) في الأول من سبتمبر 2021.
وقالت شريفة سيكالالا، الأستاذة المشاركة في قانون الصحة العالمي بجامعة وارويك بإنجلترا، "إنه لأمر مأساوي حقا أن نشهد وضعا تُهدر فيه اللقاحات في حين أن الكثير من البلدان الأفريقية لم يتم تطعيم حتى 5 في المائة من سكانها".
كما انتقد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا البلدان الغنية بسبب اكتنازها اللقاحات، مضيفا "إنهم يعطوننا فقط الفتات من مائدتهم. فالجشع الذي أظهروه كان مخيبا للآمال".
وعلق مقال نُشر على الموقع الإلكتروني لمجلة ((السياسة الخارجية الأمريكية))، قائلا إن إدارة بايدن لا تزال تسعى إلى تحقيق المصالح الأمريكية بطرق تلحق الضرر بمصالح بقية العالم.
2- الفكر العنيف المتجذر يهدد الأرواح
لطالما كان لدى الولايات المتحدة أحد أعلى معدلات جرائم العنف في العالم. فقد ظلت إجراءات السيطرة على السلاح راكدة وشاع وقوع أعمال العنف المسلح. وتسلك الشرطة نهجا تمييزيا في إنفاذ القانون، حيث تقتل أشخاصا أبرياء وتؤجج غضبا شعبيا. ويرتكب ضباط إنفاذ القانون جرائم مع الإفلات من العقاب، ويواجه الظلم القضائي انتقادات واسعة النطاق. ولا تزال هناك قضايا جائرة وظالمة قائمة دون تصحيح وتعويض فعالين. ويتعرض نزلاء السجون لسوء المعاملة، ويزداد العنف الأسري وكذلك عنف الشباب بشكل ملحوظ. ويعيش الشعب الأمريكي في خوف من انعدام الأمن.
أدى تدهور النظام الاجتماعي إلى تسريع انتشار الأسلحة. فالولايات المتحدة هي الدولة التي لديها أكبر عدد من الأسلحة المملوكة للقطاع الخاص في العالم. وفقد الرأي العام الأمريكي الثقة في إدارة الحكومة للأمن الاجتماعي وشعر بعدم الأمان الشديد، ما دفع الكثيرين لشراء أسلحة لحماية أنفسهم.
يقدر الباحثون بمشروع (مسح الأسلحة الصغيرة) بأن الأمريكيين يمتلكون 393 مليونا من إجمالي السلاح المدني المتاح والبالغ 857 مليونا، وهو ما يمثل حوالي 46 في المائة من مخزون الأسلحة المدنية في العالم.
هناك 120 بندقية لكل 100 أمريكي، وفقا لما ذكره مشروع (مسح الأسلحة الصغيرة). لا توجد دولة أخرى لديها أسلحة مدنية أكثر من عدد الناس.
كما ذكرت منظمة (إيفري تاون فور جن سيفتي) في 21 ديسمبر 2021 أنه تم بيع أكثر من 15 مليون بندقية حتى أكتوبر.
حتى أن "بنادق الشبح"، التي يتم تجميعها من قطع غيار يشتريها الأفراد على الإنترنت، صارت أكثر انتشارا.
وأشار تقرير نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة ((نيويورك تايمز)) في 20 نوفمبر 2021، إلى أنه على مدى الأشهر الـ18 الماضية، شكّلت بنادق الشبح ما يتراوح بين 25 و50 في المائة من الأسلحة النارية المضبوطة في مسارح الجريمة.
وبحلول بداية أكتوبر من العام الماضي، كانت إدارة شرطة سان دييغو قد قامت بضبط ما يقرب من 400 بندقية شبح، أي حوالي ضعف العدد الإجمالي لعام 2020 بأكمله مع بقاء ما يقرب من ثلاثة أشهر على نهاية ذلك العام.
كما أفادت بأنه منذ يناير 2016، صادرت وكالات إنفاذ القانون المحلية والفيدرالية حوالي 25 ألف قطعة سلاح ناري من صنع القطاع الخاص في جميع أنحاء البلاد.
يُعرض العنف المسلح حياة الناس للخطر بشكل جسيم. فالولايات المتحدة لديها أسوأ عنف مسلح في العالم. وفقا للإحصاءات الصادرة في 5 يناير 2022 عن موقع (أرشيف العنف المسلح)، ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة من 39558 في عام 2019 إلى 43643 في عام 2020 ثم إلى 44816 في عام 2021. وفي عام 2021، وقع 693 حادث إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة، بزيادة 10.1 في المائة عن عام 2020.
ذكرت صحيفة ((ميلووكي جورنال سنتينل)) في 5 أكتوبر 2021 أن الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة أكثر عرضة للوفاة جراء إطلاق النار بواقع 15 مرة من أقرانهم في 31 دولة أخرى مرتفعة الدخل مجتمعة، نقلا عن بيانات صادرة عن (صندوق الدفاع عن الأطفال).
وقع ما لا يقل عن 30 حادث إطلاق نار في حرم الجامعات بالولايات المتحدة خلال الموسم الدراسي في الفترة من أول أغسطس إلى 15 سبتمبر 2021، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل وإصابة 23، وهو أعلى رقم مسجل.
فقد قُتل إجمالي 1229 مراهقا تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما وأصيب 3373 في حوادث إطلاق نار وقعت في الولايات المتحدة في عام 2021. في 30 نوفمبر 2021، قُتل أربعة طلاب في حادث إطلاق نار جماعي بمدرسة ثانوية في ميتشغان على يد مشتبه به يبلغ من العمر 15 عاما استخدم نفس البندقية الذي اشتراها والده يوم الجمعة السوداء.
ذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 26 نوفمبر 2021 أن جيسون آر سيلفا، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع والعدالة الجنائية بجامعة وليام باترسون، قال إن الولايات المتحدة هي البلد المتقدم الوحيد الذي شهد وقوع حوادث إطلاق نار جماعي سنويا على مدى السنوات الـ20 الماضية.
تسببت حوادث إطلاق النار في وقوع عدد كبير من الضحايا وشكلت تهديدا كبيرا للسلامة العامة. وفقا لاستطلاع للرأي أجراه (مركز بيو للأبحاث) في إبريل 2021، يرى 48 في المائة من الأمريكيين أن العنف المسلح يمثل مشكلة كبيرة جدا في البلاد في الوقت الحاضر.
إن وحشية الشرطة تدوس على حياة البشر. وفقا للبيانات التي جمعتها منظمة (رسم خرائط عنف الشرطة)، توفي ما لا يقل عن 1124 شخصا في عام 2021 بسبب عنف الشرطة الأمريكية. ووقعت غالبية عمليات القتل أثناء جرائم خالية من العنف أو عندما لم تكن هناك جريمة على الإطلاق.
ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 21 يونيو 2021 أن الشرطة في الولايات المتحدة تطلق النار بشكل قاتل على نحو 1000 شخص سنويا. فقد أطلقت الشرطة النار على أكثر من 6300 شخص منذ عام 2015، لكن تم القبض على 91 ضابطا فقط، أو واحد في المائة فقط من المتورطين.
وأشار الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 8 يوليو 2021 إلى أن استطلاعا للرأي أظهر أن 22 في المائة فقط من الأمريكيين يرون أن الشرطة الأمريكية تعامل جميع الأمريكيين على قدم المساواة.
وكثيرا ما تخضع الفئات العرقية والإثنية لعدالة غير عادلة. فقد ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 15 يوليو 2021 أن شابا أمريكيا من أصل إفريقي يبلغ من العمر 20 عاما في مينيسوتا، يدعى دونتي رايت، قُتل برصاص الشرطة بعد أن أوقفته الشرطة خارج مينيابوليس بسبب لوحة ترخيص منتهية الصلاحية. وكانت وفاة رايت واحدة من سلسلة من الحوادث التي تم فيها إيقاف الأمريكيين الأفارقة بسبب مخالفات مرورية وقتلهم وهم أبرياء.
أظهرت دراسة شملت 20 مليون نقطة تفتيش مرورية في ولاية كارولينا الشمالية على مدى أكثر من عقد من الزمان أن السائقين الأمريكيين الأفارقة أكثر عرضة لإيقافهم من قبل الشرطة بواقع الضعف مقارنة بالسائقين البيض.
ولفت الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 24 مايو 2021 إلى أنه في غضون عام من وفاة جورج فلويد، الذي توفي بعد أن ركع ضابط على رقبته لمدة تسع دقائق، قتلت عمليات إنفاذ القانون مئات الأشخاص الملونين في الولايات المتحدة.
وذكر التقرير أنه منذ عام 2000، وقعت أكثر من 470 جريمة قتل على يد سلطات إنفاذ القانون في ولاية مينيسوتا. وأدين ضابط شرطة واحد فقط في تاريخ مينيسوتا وكان رجلا من الأقليات قتل امرأة بيضاء.
أفاد الموقع الإلكتروني لمنظمة ((كريستيان ساينس مونيتور)) الإخبارية في 23 نوفمبر 2021 بأن معهد (إربن إنستيتيوت) وجد أن جرائم القتل التي يكون فيها الجاني من البيض والضحية من السود من المرجح بشكل أكبر بواقع عشر مرات أن يُحكم فيها بأن لها ما يبررها مقارنة بالجرائم التي يكون فيها الجاني من السود والضحية من البيض.
انتهاكات حقوق الإنسان من قبل موظفي السجون هي أمر شائع. الولايات المتحدة لديها أعلى معدل سجن وأكبر عدد من السجناء في العالم. وجد تحقيق أجرته وكالة ((أسوشيتد برس)) أن مكتب السجون الفيدرالي الأمريكي هو مرتع للكسب غير المشروع والفساد وسوء المعاملة.
ذكرت شبكة ((سي تي في نيوز)) في 14 نوفمبر 2021 أن الجرائم التي يرتكبها موظفو السجون الفيدرالية في الولايات المتحدة ليست بالأمر النادر. فمنذ عام 2019، تم اعتقال أكثر من 100 من موظفي السجون الفيدرالية في الولايات المتحدة وإدانتهم بارتكاب جرائم اعتداء جنسي وقتل وغيرها من الجرائم.
يتعرض السجناء المحتجزون في السجون الأمريكية الخاصة لخطر سوء المعاملة. فقد أفادت ((أخبار الأمم المتحدة)) في 4 فبراير 2021 بأنه في عام 2019، كان هناك حوالي 116 ألف سجين أمريكي محتجزين في مرافق يديرها القطاع الخاص، وهم يمثلون حوالي 7 في المائة من جميع سجناء الولايات و16 في المائة من السجناء الفيدراليين، نقلا عن بيانات صادرة عن مكتب إحصائيات وزارة العدل الأمريكية.
في 20 إبريل 2021، قام تسعة خبراء من الأمم المتحدة، بمن فيهم فريق الخبراء العامل المعني بالسكان المنحدرين من أصل إفريقي بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمقرر الخاص المعني بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والخبير المستقل المعني بتمتع كبار السن بجميع حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بالحق في الصحة البدنية والعقلية، بإصدار بيان مشترك يدين انتهاكات حقوق الإنسان الأمريكية ضد موميا أبو جمال، وهو سجين من أصل إفريقي.
وقال البيان إن أبو جمال، الذي يقبع في السجن منذ 40 عاما، كان ناشطا اجتماعيا وصحفيا. ويعاني هذا الرجل البالغ من العمر 67 عاما من عدد من الأمراض منها أمراض القلب المزمنة وتليف الكبد وارتفاع ضغط الدم. في فبراير 2021، تم تشخيص إصابته بكوفيد-19. وأثناء تلقيه العلاج من قصور في القلب أواخر فبراير، ظل مكبلا بالأغلال إلى سريره في المستشفى لمدة أربعة أيام؛ وعندما أُدخل المستشفى مرة أخرى في أوائل إبريل لإجراء عملية جراحية، مُنعت أسرته ومحاموه وغيرهم من مقابلته.
ويدعو البيان حكومة الولايات المتحدة إلى الامتثال لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، واتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حياة أبو جمال وكرامته، ووقف ممارسة حجب المعلومات على الفور، والسماح بزيارات خارجية لرصد وضعه الحقوقي.
كما يدعو الحكومة الأمريكية إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية حياة جميع المحتجزين، وخاصة المسنين والمعوقين الذين يتأثرون بشكل غير متناسب بتفشي كوفيد-19.
مصداقية النظام القضائي الأمريكي في حالة يرثى لها. فوفقا للإحصاءات الصادرة عن السجل الوطني الأمريكي للإبراء في 11 يناير 2022، أدين 2933 شخصا بشكل خاطئ في الولايات المتحدة منذ عام 1989، مع صدور أحكام خاطئة بالسجن مدتها إجمالا 25600 عام. ومع ذلك، تفتقر 14 ولاية أمريكية إلى الأحكام القانونية المتعلقة بالتعويض عن الإدانات الخاطئة.
فقد ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية ((بي بي سي)) في 23 نوفمبر 2021، أن كيفن ستريكلاند (62 عاما) أصر على براءته منذ اعتقاله وهو ابن الـ18 ربيعا. فقد أدين بشكل خاطئ بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الثالثة في يونيو 1979، ثم ثبتت براءته في عام 2021 بعد أن سُجن لأكثر من 42 عاما، وهي أطول عقوبة سجن خاطئة في تاريخ ميسوري. بيد أنه بموجب قانون الولاية، من غير المرجح أن يحصل على أي تعويض مالي.
وأشار الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 8 يوليو 2021 إلى أن استطلاعا للرأي أظهر أن 17 في المائة فقط من الأمريكيين يرون أن نظام العدالة الجنائية الأمريكي يعامل الجميع بإنصاف.
3 - التلاعب بالديمقراطية الزائفة يسحق الحقوق السياسية
تؤدي التبرعات السياسية إلى تغير المصالح بعد الانتخابات، ويزيد الاستقطاب السياسي من العداء والانقسام في المجتمع الأمريكي، وأصبحت التشريعات وتقسيمات الدوائر الانتخابية التي تقيد أهلية التصويت أدوات للحزبين لقمع الرأي العام. وبات عمل النظام السياسي الأمريكي يتحرك بعيدا عن الإرادة العامة والمطالب الاجتماعية، وجُرد غالبية الجمهور بشكل أساسي من حق في المشاركة في السياسة، والثقة الدولية في النظام الديمقراطي الأمريكي آخذة في التراجع.
لقد انحدرت الديمقراطية على الطريقة الأمريكية إلى لعبة تغير المصالح. أصبحت سياسة المال متفشية بشكل متزايد في الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل السياسيين أكثر إهمالا لمصالح الناس ومطالبهم.
وقد أشار نعوم تشومسكي، المعلق السياسي والناشط الاجتماعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى أن هناك ترابطا إيجابيا بين ثروة الأمريكيين وتأثيرهم على صنع السياسات، وبالنسبة لـ70 بالمائة الأدنى على مقياس الثروة الدخلية، ليس لهذه الشريحة أي تأثير على السياسة على الإطلاق، وهي محرومة من الحقوق فعليا. وأشار راي لا راجا، الأستاذ في جامعة ماساتشوستس في أمهرست، في مقال لصحيفة ((ذا أتلانتيك)) إلى أن النظام الحالي في أمريكا ديمقراطي فقط من حيث الشكل وليس من حيث الجوهر، حيث أن عملية الترشيح عرضة للتلاعب من قبل البلوقراطيين (الأثرياء النافذين) والمشاهير والشخصيات الإعلامية والناشطين، في حين أن العديد من الناخبين الأساسيين في الانتخابات الرئاسية يدعمون عن طريق الخطأ مرشحين لا يعكسون وجهات نظرهم.
ووفقا لصحيفة ((الغارديان)) في 7 يناير 2021، أنفق المرشحون 14 مليار دولار أمريكي على الإعلان فقط في دورة انتخابات الرئيس الأمريكي لعام 2020. وذكرت قناة أخبار المستهلك والأعمال الأمريكية ((سي إن بي سي)) في 15 أبريل 2021 أن المديرين التنفيذيين في وول ستريت وموظفيهم وجمعياتهم التجارية استثمروا ما لا يقل عن 2.9 مليار دولار أمريكي في مبادرات سياسية خلال دورة انتخابات عام 2020. وقال منفذ ((بوليتيكو)) الإعلامي الأمريكي في 17 نوفمبر 2021 إن مجموعة مالية سرية "خصصت" 410 ملايين دولار أمريكي في عام 2020 للحزب الديمقراطي، مما ساعد في جهود الأخير لاستعادة السيطرة على مجلس الشيوخ.
في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، قدمت شركات الأدوية الأمريكية تبرعات سياسية ضخمة لكلا الحزبين، وبعد تولي الإدارة الديمقراطية مهام السلطة، استثمرت مبلغا هائلا من المال في الشركات المعنية، حيث حققت "موديرنا" وحدها أرباحا بلغت حوالي مليار دولار أمريكي. ثم حولت الحكومة الفيدرالية المصالح مباشرة إلى شركات الأدوية من خلال شراء كميات كبيرة من لقاحات كوفيد-19، الأمر الذي أدى إلى اكتناز وإهدار كميات هائلة من اللقاحات في الولايات المتحدة. أعطت الحكومة الأمريكية شركات الأدوية مطلق الحرية في تسعير لقاحات كوفيد-19، مما أدى إلى زيادات مستمرة في أسعار اللقاحات. وذكرت صحيفة ((فاينانشال تايمز)) أن شركة "فايزر" رفعت سعر لقاحها المضاد لكوفيد-19 للاتحاد الأوروبي من 15.5 يورو إلى 19.5 يورو، وارتفع سعر جرعة لقاح موديرنا إلى 25.5 يورو من 19 يورو. بيد أن تكلفة إنتاج جرعة لقاح موديرنا تقدر بأقل من 3 دولارات أمريكية.
يؤدي الاستقطاب السياسي إلى انقسام متزايد في المجتمع الأمريكي. وقد زادت الفوضى الانتخابية في الولايات المتحدة من حدة الاستقطاب السياسي ولا تزال تمزق المجتمع. بعد ظهر يوم 6 يناير 2021، وبدافع من تحريض وتلاعب السياسيين المتطرفين، تدفق عشرات الآلاف من الأمريكيين الذين رفضوا نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 إلى العاصمة واشنطن، وشق عدد كبير من المتظاهرين طريقهم إلى مبنى الكابيتول واشتبكوا مع الشرطة، مما أسفر عن مصرع خمسة أشخاص وإصابة أكثر من 140 آخرين. وقوطعت العملية الدستورية لتثبيت نتيجة الانتخابات الرئاسية. وأشار مقال نشرته مؤسسة "بروكينغز" على الإنترنت في مايو 2021 إلى أنه بالرغم من أن جميع الولايات الـ50 صادقت على نتائج انتخابات عام 2020، إلا أن 77 في المائة من الناخبين الجمهوريين ما زالوا يشككون في شرعية الرئيس المنتخب بسبب مزاعم بتزوير الانتخابات، وهي ظاهرة تحدث لأول مرة منذ قرابة 100 عام.
لم تقلل تغييرات الحكومة من الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة أو تزيله. لقد أصبح الشعب الأمريكي أكثر تنافرا مع بعضه البعض بشأن قضايا مثل الوقاية من الوباء ومكافحته والعلاقات العرقية وحقوق الإجهاض والسيطرة على الأسلحة النارية في حين أصبح الصراع السياسي بين الديمقراطيين والجمهوريين حول بناء البنية التحتية ومشاريع قوانين الرعاية الاجتماعية وسقف الدين الحكومي وغيرها من التشريعات المتعلقة بالاقتصاد وسبل عيش الناس أكثر حدة، وبات الكونغرس عاجزا تقريبا. بل أن زعيما جمهوريا ذهب إلى حد إلقاء خطاب قياسي دام 8 ساعات ونصف الساعة في الكونغرس لمنع وتأخير التصويت على مشروع قانون اقترحه الديمقراطيون.
وذكر مركز بيو للأبحاث في 13 أكتوبر 2021 أن الولايات المتحدة تعتبر الدولة الأكثر استقطابا سياسيا في استطلاع شمل 17 اقتصادا متقدما، حيث قال 90 في المائة من المشاركين الأمريكيين إن هناك صراعات قوية على الأقل بين أولئك الذين يدعمون الحزبين المختلفين، ويعتقد نحو ستة من كل عشرة مواطنين أنهم لم يعودوا يختلفون ببساطة بشأن السياسات، وإنما أيضا حول الحقائق الأساسية.
فالمواجهات بين الحزبين السياسيين تقيد حق الناخبين في التصويت وتضر به. ومن أجل الفوز في الانتخابات، استخدم الجمهوريون والديمقراطيون التشريعات وتقسيمات الدوائر الانتخابية، فضلا عن تكتيكات أخرى لمنع الناخبين الذين لا يفضلونهم بشكل عدواني من الإدلاء بأصواتهم. في عام 2021، طرحت 49 ولاية في الولايات المتحدة أكثر من 420 مشروع قانون من شأنها تقييد التصويت.
وقد خفضت مشاريع القوانين هذه مقدار الوقت الذي يملكه الناخبون لطلب أو إرسال بريد للاقتراع، أو قيدت توافر أماكن التسليم، أو فرضت متطلبات توقيع أكثر صرامة للتصويت عبر البريد، أو سنت متطلبات جديدة وأكثر صرامة لبطاقات هوية الناخبين، مما جعل التصويت بالبريد والتصويت المبكر أكثر صعوبة ووضع حواجز أمام كبار السن والمعوقين والأقليات وغيرها من المجموعات لممارسة حقوقهم في التصويت. وذكرت شبكة ((إن بي سي نيوز)) الإخبارية في 8 مارس 2021 أن ولاية جورجيا تضغط لإقرار عشرات مشاريع قوانين التصويت التقييدية التي تستهدف الناخبين الأمريكيين الأفارقة. وقد جادل خبراء حقوق التصويت وجماعات الحقوق المدنية بأن "هذا التحرك يرقى إلى اعتداء وطني من شأنه أن يدفع الناخبين الملونين إلى الخروج من العملية الانتخابية".
وقد أصبحت تقسيمات الدوائر الانتخابية أداة لقمع النفوذ السياسي للناخبين من الأقليات. ويستغل الحزبان الديمقراطي والجمهوري نفوذهما السياسي في كل ولاية لزيادة فرص الفوز من خلال إعادة رسم دوائر الكونغرس، وغالبا على حساب حقوق الأقليات.
وذكرت شبكة ((سي إن بي سي)) في 13 أغسطس 2021 أن ممارسة إعادة رسم دوائر الكونغرس غالبا ما تستهدف الناخبين الملونين وتقسيم الدوائر الانتخابية في ميشيغان وأوهايو وبنسلفانيا وحدها أعطى الجمهوريين 16 إلى 17 مقعدا آخر في الكونغرس. وذكرت صحيفة ((شيكاغو تريبيون)) اليومية في 3 سبتمبر 2021 أن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في إلينوي تهدف إلى إبقاء الديمقراطيين مسيطرين على الهيئة التشريعية للولاية لعقد من الزمان على الأقل. وذكر الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في 30 نوفمبر من عام 2021 أن إعادة رسم دوائر الكونغرس لولاية أوهايو تمنح الجمهوريين ميزة حزبية غير دستورية، حيث يمكن للجمهوريين توقع الفوز بنسبة 67 إلى 80 في المائة من مقاعد الكونغرس - على الرغم من أنه من المرجح فقط أن يحصلوا على حوالي 55 في المائة من الأصوات.
ذكرت صحيفة ((لوس أنجلوس تايمز)) في 8 ديسمبر 2021 أنه على الرغم من أن تكساس شهدت زيادة كبيرة في عدد الملونين، إلا أن خطتها الجديدة لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية قللت عمدا من قوة الناخبين ذوي الأصول اللاتينية والإفريقية. ويشكل سكان تكساس من ذوي الأصل اللاتيني قرابة 40 في المائة من السكان، ولكن سبع دوائر فقط من أصل 38 دائرة انتخابية في الكونغرس الغلبة فيها للسكان ذوي الأصل اللاتيني. وتعد تكساس موطنا لأكبر عدد من السكان من ذوي البشرة السوداء في البلاد، غير أنه ولا واحدة من دوائر الكونغرس الـ38 في الولاية الغلبة فيها لذوي البشرة السوداء. وفي استطلاع حول الرأي العام الأمريكي حول عدالة دوائر الكونغرس، أعرب 16 في المائة فقط من الذين شملهم الاستطلاع عن اعتقادهم بأنه سيتم إعادة رسم دوائر الكونغرس بشكل عادل في ولاياتهم.
تستمر ثقة المجتمع الدولي في الديمقراطية الأمريكية في التراجع. وأظهر استطلاع وطني للرأي أجراه معهد السياسة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد لمجموعة تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما في أمريكا صدر في أول ديسمبر 2021 أن 7 في المائة فقط من المستطلعة آراؤهم ينظرون إلى الولايات المتحدة على أنها "ديمقراطية صحية"، و52 في المائة يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية إما "مضطربة" أو "فاشلة". وذكرت بيانات صادرة عن مركز بيو للأبحاث في مايو 2021 أن ثقة الرأي العام الأمريكي في الحكومة اقتربت من أدنى مستوى تاريخي لها منذ عام 1958، حيث قال 2 في المائة فقط من الأمريكيين إنهم يمكنهم الوثوق في أن الحكومة الأمريكية ستفعل ما هو صحيح "دائما تقريبا"، فيما قال 22 في المائة فقط إنهم يمكنهم الوثوق في أن الحكومة ستفعل ما هو صحيح "معظم الوقت".
في مقال رأي نُشر في 12 يونيو 2021، قالت صحيفة ((واشنطن بوست)) إن العالم في السنوات القليلة الماضية شعر بالرعب من الفوضى والخلل الوظيفي والجنون لدى الديمقراطية الأمريكية، التي اعتبرها حلفاء الولايات المتحدة محطمة ومنتهية. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن ما حدث في مبنى الكابيتول "مشين". وقال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن أعمال الشغب في مبنى الكابيتول كانت "نتيجة أكاذيب والمزيد من الأكاذيب، والانقسام وازدراء الديمقراطية، والكراهية والتحريض - حتى من أعلى مستوى". وقد أظهر بحث أن 14 في المائة فقط من الألمان وأقل من 10 في المائة من المواطنين في نيوزيلندا يرون في الديمقراطية الأمريكية نموذجا مرغوبا فيه للدول الأخرى.
على الرغم من حقيقة أن الديمقراطية الأمريكية ثبت أنها فاشلة تماما وأن صورتها العالمية قد تضررت بشدة، عقدت الحكومة الأمريكية ما يسمى بـ"قمة القادة من أجل الديمقراطية" بشكل لافت، في تسييس للديمقراطية واستخدامها كأداة لتشكيل تحالفات وإجبار الدول الأخرى على الانحياز، في محاولة لتقسيم العالم. إن ما يسمى "قمة القادة من أجل الديمقراطية" هي في جوهرها قمة تقوض الديمقراطية العالمية، وقد قوبلت بانتقاد وإدانة واسعي النطاق من جانب المجتمع الدولي.
وقال عالم السياسة الفرنسي دومينيك مويسي إنه من الصعب دائما الوعظ بما يفعله المرء بشكل سيء. كما علقت صحيفة ((يو إس إيه توداي)) وصحيفة ((نيويورك تايمز)) وغيرهما من وسائل الإعلام الأمريكية بأن الديمقراطية الأمريكية "تتداعى" ويجب على الولايات المتحدة أولا معالجة إخفاقاتها، وتساءل المنتقدون "عما إذا كانت الولايات المتحدة يمكن أن تكون مدافعا نشطا عن الديمقراطية في خضم ما تعانيه من مشاكل في الداخل".
4 - التمادي في التمييز العنصري يزيد من تفاقم الظلم الاجتماعي
ينتشر "فيروس" العنصرية الراسخة بعمق في الولايات المتحدة إلى جانب فيروس كورونا الجديد، حيث تحدث جرائم الكراهية المعادية للآسيويين بشكل متكرر، ويزداد التمييز ضد المجتمعات المسلمة باطراد، ولا يزال الاضطهاد العنصري للسكان الأصليين ماثلا، الأمر الذي أدى إلى فجوة اقتصادية عرقية آخذة في الاتساع وتزايد عدم المساواة العرقية.
يواجه الأمريكيون من ذوي الأصول الآسيوية تمييزا شديدا وهجمات عنيفة بشكل متزايد. ونتيجة لتلاعب الساسة الأمريكيين بقضية العنصرية، ازداد عدد الهجمات التي تستهدف الأمريكيين من ذوي الأصول الآسيوية بشكل كبير. ووفقا لتقرير نشره التحالف الوطني "أوقفوا كراهية الأمريكيين من ذوي الأصول الآسيوية وسكان جزر المحيط الهادئ" يوم 18 نوفمبر 2021، فإنه في الفترة من 19 مارس 2020 إلى 30 سبتمبر 2021، تم إبلاغ المنظمة بإجمالي 10370 حادث كراهية ضد أمريكيين من ذوي أصول آسيوية وسكان جزر المحيط الهادئ، ووقعت غالبية الحوادث في أماكن مفتوحة للجمهور مثل الشوارع والمتاجر العامة.
وأظهرت إحصاءات صادرة عن إدارة شرطة نيويورك في 8 ديسمبر 2021 أن جرائم الكراهية المعادية للآسيويين في المدينة ارتفعت بنسبة 361 في المائة عما سجلته في العام 2020. وبحسب تقرير نشرته صحيفة ((واشنطن بوست)) في 22 أبريل 2021، وجد مسح أجراه مركز بيو للأبحاث أن 81 في المائة من آسيويين بالغين قالوا إن العنف ضد المجموعة آخذ في الارتفاع. وعلقت صحيفة ((نيويورك تايمز)) على ذلك قائلة بأنه "لا لقاح للعنصرية". وأشارت إلى أن سكان نيويورك من ذوي الأصول الآسيوية يعيشون في خوف من التعرض لهجمات وأن التداعيات النفسية للعنف المناهض للآسيويين قد خلف آثارا في مجتمعات بأكملها. وذكرت محطة الإذاعة الأمريكية ((إن بي آر)) في 22 أكتوبر 2021 أن واحدا من كل أربعة أمريكيين من ذوي أصول آسيوية يخشى أن يتعرض أفراد أسرته لهجوم أو تهديد بسبب عرقهم أو إثنيتهم.
في 16 مارس2021، شن روبرت آرون لونغ، وهو رجل أبيض يبلغ من العمر 21 عاما، هجمات بأسلحة نارية على ثلاثة منتجعات صحية مملوكة لآسيويين في أتلانتا، مما أسفر عن مصرع ثمانية أشخاص، ستة منهم من النساء الآسيويات.
ويجسد حادث إطلاق النار المميت تصعيدا في التمييز والهجمات العنيفة ضد أمريكيين من ذوي أصول آسيوية في البلاد في السنوات الأخيرة، مما أثار غضبا وخوفا لم يسبق لهما مثيل. وخرج آلاف الآسيويين وأشخاص من جماعات إثنية أخرى إلى الشوارع ضمن تجمعات ومسيرات ضخمة تحت شعار "أوقفوا كراهية الآسيويين".
في 28 يناير 2021، أُسقط رجل تايلاندي يبلغ من العمر 84 عاما عمدا على الأرض ثم توفي في سان فرانسيسكو.
في 23 أبريل 2021، هوجم ما ياو بان، وهو رجل صيني يبلغ من العمر 61 عاما، من الخلف وسقط على الأرض في أحد شوارع نيويورك. ثم تعرض مرارا للركل على رأسه، مما تسبب في كسور في الوجه. وبعد رقوده لثمانية أشهر في غيبوبة، توفي في النهاية في المستشفى.
في 17 نوفمبر 2021، تعرض ثلاثة طلاب صينيين في المدرسة الثانوية لاعتداء عنيف في قطار مترو الأنفاق في طريق عودتهم من المدرسة في فيلادلفيا. وقال ضابط شرطة محلي إنه "كان من الواضح أنه تم استهدافهم لأنهم آسيويون".
في 3 أبريل 2021، وثق تقرير لصحيفة ((نيويورك تايمز)) أكثر من 110 حوادث معادية للآسيويين في العام الماضي مع أدلة واضحة على البغض العرقي. وأفاد التقرير أنه "خلال العام الماضي، وفي سلسلة لا هوادة فيها من الحوادث التي شهدت عداء عنصريا واضحا، تعرض أشخاص منحدرون من أصول آسيوية للدفع والضرب والركل والبصق وكيل الشتائم. وقد تعرضت منازل ومتاجر للتخريب". وكان ذلك مجرد غيض من فيض من الهجمات العنصرية على الآسيويين في الولايات المتحدة.
وذكرت ((بي بي سي)) في 22 يوليو 2021 أن اعتبارهم بأنهم "أجانب دائمون" هي تجربة مؤلمة يتقاسمها العديد من الأمريكيين من ذوي الأصول الآسيوية، وتحت التأثير المشترك لكراهية الأجانب ومناهضة الشيوعية، لطالما كانت الحكومة الأمريكية مرتابة إزاء العلماء الصينيين لأكثر من نصف قرن.
ومنذ تطبيق ما يسمى "مبادرة الصين" في نوفمبر 2018، تعرض العلماء الصينيون مرارا لمضايقات ومراقبة وملاحقة لا مبرر لها من قبل الحكومة الأمريكية. ودائما ما كشفت وسائل الإعلام عن أعمال خسيسة وعبثية تقوم بها سلطات إنفاذ القانون الأمريكية.
وذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 29 نوفمبر 2021 على موقعها على الانترنت أن أكثر من ألفي أكاديمي في مؤسسات من بينها جامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة برينستون، وقعوا على رسالة مفتوحة، أعربوا فيها عن قلقهم من أن المبادرة تستهدف بشكل مجحف باحثين من أصول صينية.
وذكرت صحيفة ((ييل ديلي نيوز)) في 9 ديسمبر 2021 أن قرابة 100 أستاذ في جامعة ييل نشروا بشكل مشترك رسالة مفتوحة تدين ما تسمى "مبادرة الصين"، قائلين إنها متعدية وتمييزية، وتستهدف بشكل غير ملائم باحثين من أصول صينية، وتفرض تهديدات على البحث العلمي والحرية الأكاديمية. ودعوا إلى إنهاء هذه المبادرة.
ووفقا لتحقيق أجرته دورية "استعراض التكنولوجيا" الصادرة عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فإن غالبية القضايا في إطار المبادرة تم إسقاط الاتهامات الموجهة لها أو كانت غير فعالة إلى حد كبير.
وقالت عدة جماعات حقوق مدنية أمريكية-آسيوية في الولايات المتحدة إن التحقيق مع الصينيين في إطار المبادرة سيؤدي إلى "التمييز والوصم".
وقال شي شياو شينغ، وهو عالم صيني وقع ضحية للمبادرة، إن الوضع الحالي للعلماء من ذوي الأصول الصينية يشبه الوضع الحالي للأمريكيين من ذوي الأصول اليابانية الذين أرسلوا إلى معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية، وهو ما يشبه تقريبا العودة إلى عهد المكارثية.
في 28 يوليو 2021، نشرت مجلة ((فورين أفيرز)) مقالا بعنوان "التنافس بدون عنصرية" على موقعها الإلكتروني، قائلة إن "المبالغة المستمرة لصانعي السياسة الخارجية الأمريكية لما يسمى تهديد الصين للولايات المتحدة" عنصر حيوي في الزيادة الأخيرة في الحوادث المعادية للآسيويين. وتابع المقال أن شيطنة الصين تؤدي إلى شيطنة الآسيويين في البلاد، و"إلى أن يتوقف صناع السياسة عن استخدام الصين ككيس لكم لجميع مشاكل الولايات المتحدة، سيظل الأمريكيون من ذوي الأصول الآسيوية معرضين للخطر".
وما يزال التمييز والاعتداءات ضد المسلمين آخذة في الازدياد. وذكرت وكالة ((بلومبرغ)) في 9 سبتمبر 2021 أنه على مدى العقدين الماضيين منذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، تصاعد التمييز ضد الأمريكيين المسلمين.
وذكرت وكالة ((أسوشيتد برس)) في 9 سبتمبر 2021 أن استطلاعا للرأي وجد أن 53 في المائة من الأمريكيين لديهم وجهات نظر غير تفضيلية تجاه الإسلام.
وفي تقرير صدر عام 2021، قال مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية إنه يتلقى المزيد من الشكاوى حول التنمر والخطاب المعادي للإسلام كل عام. وبيّن تقرير نشره فرع المجلس في كاليفورنيا في 28 أكتوبر 2021 أن أكثر من نصف الطلاب الذين شملهم الاستطلاع في أرجاء كاليفورنيا قالوا إنهم لا يشعرون بالأمان في المدرسة لأنهم يتعرضون للتنمر بسبب إرثهم الإسلامي. وهذه هي أعلى نسبة يوثقها فرع المجلس في كاليفورنيا منذ بدء القيام بالاستطلاع في عام 2013.
وأظهر استطلاع للرأي نشره معهد الآخرية والانتماء في جامعة كاليفورنيا في بيركلي في 29 أكتوبر 2021 أن 67.5 في المائة من المشاركين المسلمين تعرضوا لأضرار مرتبطة بكراهية الإسلام وأن 93.7 في المائة من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم تأثروا بكراهية الإسلام عاطفيا أو جسديا.
وعانى السكان الأصليون منذ فترة طويلة من الاضطهاد العنصري القاسي. وللولايات المتحدة تاريخ طويل ومظلم في انتهاك حقوق السكان الأصليين، بمن فيهم الهنود، الذين عانوا من مذابح دامية وطرد وحشي وإبادة ثقافية.
وأشار مقال بعنوان "يجب على الولايات المتحدة التعامل بجدية مع تاريخها الخاص بالإبادة الجماعية" نُشر على موقع مجلة ((فورين بوليسي)) في 11 أكتوبر 2021 إلى أنه على مدار القرنين الـ19 والـ20، جرى تمويل أكثر من 350 مدرسة داخلية للسكان الأصليين من قبل الحكومة الأمريكية، والتي تهدف إلى استلاب أطفال السكان الأصليين ثقافيا من خلال فصلهم قسرا عن أسرهم ومجتمعاتهم المحلية وإرسالهم إلى مرافق سكنية بعيدة.
وحتى سبعينيات القرن الـ20، جرى اقتلاع مئات الآلاف من أطفال السكان الأصليين من ديارهم، وتعرض العديد منهم للإيذاء حتى الموت في تلك المدارس الداخلية، حيث تم قمع هوياتهم ولغاتهم ومعتقداتهم المرتبطة بالهنود الأمريكيين ومواطني ألاسكا ومواطني هاواي الأصليين قسرا.
وذكر المقال أن الولايات المتحدة ليست مسؤولة أخلاقيا فحسب، وإنما قانونيا أيضا عن جريمة الإبادة الجماعية ضد شعبها.
وخلال جائحة كوفيد-19، كافحت أمة نافاهو وأمة شيروكي وأمة سيو وغيرها من شعوب أمريكا الأصلية مع المرض والفقر، بعدما تم تجاهلها جميعا بشكل منهجي. وكانت مناطق أمة نافاهو، التي ينتشر أفرادها في أرجاء أريزونا ويوتاه ونيو مكسيكو، ذات يوم من بين المناطق التي شهدت أعلى معدلات الإصابة بكوفيد-19 في جميع أنحاء البلاد.
وذكرت صحيفة ((الغارديان)) في 24 أبريل 2020 أن البيانات المبكرة تشير إلى معدلات غير متناسبة بشكل كبير من حالات ووفيات كوفيد-19 بين الأمريكيين الأصليين. ومن بين حوالي 80 في المائة من إدارات الصحة في الولايات الأمريكية التي أصدرت بعض البيانات الديموغرافية العرقية حول تأثير كوفيد-19، لم يدرج نصفها تقريبا الأمريكيين الأصليين صراحة في تبويباتها، وبدلا من ذلك صنفوهم تحت تسمية "فئات أخرى". وقالت أبيغيل إيكو هوك، كبيرة مسؤولي الأبحاث في مجلس صحة الهنود في سياتل "نحن جزء قليل من السكان بسبب الإبادة الجماعية"، مضيفة "إذا قمت بإزالتنا في البيانات، فلا وجود لنا".
وذكرت شبكة ((آر تي)) الإخبارية الروسية في 8 يناير 2022 أنه منذ خمسينيات القرن الماضي، ومن بين أكثر من ألف تجربة نووية سرية أجرتها الحكومة الأمريكية، جرت 928 تجربة على أراضي قبيلة شوشون الأصلية، تاركة 620 ألف طن من الغبار المشع. وتبلغ كمية الغبار المشع ما يقارب 48 ضعف كمية الغبار الذي خلفه الانفجار النووي في هيروشيما باليابان في عام 1945. ووفقا لإيان زابارتي من أمة شوشون، فإن أكثر من ألف شخص من قبيلة شوشون الأصلية لقوا حتفهم مباشرة من جراء الانفجار النووي، وأصيب كثير من الناس بمرض السرطان لاحقا.
ولا تزال الفجوة الاقتصادية بين الأعراق مستمرة في الاتساع. وثمة عدم مساواة اقتصادية طويلة الأجل ومنهجية بين مجموعات الأقليات العرقية والسكان البيض في الولايات المتحدة، وهو ما يبرز في جوانب مختلفة مثل العمالة وريادة الأعمال والأجور والقروض المالية.
ذكرت صحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 7 أبريل 2021 أنه وفقا لمكتب إحصاءات العمل، فإن 48 في المائة من العاطلين عن العمل في المجتمع الآسيوي الذين يقدر عددهم بـ615 ألف شخص كانوا بدون عمل لمدة تزيد عن ستة أشهر حتى الربع الأول من عام 2021. وتجاوز هذا الرقم نسبة العاطلين عن العمل لفترات طويلة بين العمال العاطلين عن العمل من الفئات العرقية الأخرى.
وقالت ألكسندرا سوه، المديرة التنفيذية لتحالف العمال المهاجرين في الحي الكوري في لوس أنجلوس إن الآسيويين في الولايات المتحدة تعرضوا لعنصرية وجرى توجيههم نحو وظائف وصناعات مثل الطهي والمغاسل والعمل المنزلي والتمريض والرعاية الشخصية، التي يتم تخفيض قيمتها وتقليل أجرها وتتأثر بشدة خلال الوباء.
في 30 يوليو 2021، ذكرت صحيفة ((يو إس إيه توداي)) على موقعها الإلكتروني أن استطلاعا جديدا للرأي أجرته مؤسسة غالوب أظهر أن 59 في المائة من الأمريكيين لا يعتقدون أن الأقليات العرقية لديها فرص عمل متساوية.
وذكرت صحيفة ((ذا هيل)) على موقعها الإلكتروني في 11 سبتمبر 2021 أن 27 في المائة من الشركات الصغيرة المملوكة للأقليات لا تزال مغلقة، وهي نسبة أعلى بكثير من الشركات الصغيرة المملوكة للبيض. ومن المرجح أن تحصل الشركات الناشئة المملوكة للبيض على قروض سبع مرات أكثر من الشركات المملوكة للسود خلال عام تأسيسها. وطوال فترة الوباء، لم تحصل الشركات التي يملكها ملونون على فرص عادلة للحصول على المعونة الفيدرالية، مما أدى إلى تضررها أكثر من الناحية الاقتصادية.
وذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 15 يوليو 2021 أن حوالي 17 في المائة من أسر الأمريكيين الأفارقة تفتقر إلى الخدمات المالية الأساسية مقارنة بـ3 في المائة من الأسر من ذوي البشرة البيضاء.
في 15 ديسمبر 2021، ذكرت صحيفة ((لوس أنجلوس تايمز)) على موقعها الإلكتروني أنه على الرغم من أنها تمثل 19 في المائة من سكان الولايات المتحدة، إلا أن الأسر من ذوي الأصول اللاتينية لا تمتلك سوى 2 في المائة من إجمالي ثروة البلاد. ويبلغ متوسط القيمة الصافية للأسر من ذوي البشرة البيضاء أكثر من خمس مرات من الأسر من ذوي الأصول اللاتينية.
وقد أدت العيوب الهيكلية في نظامها إلى زيادة عدم المساواة العرقية في الولايات المتحدة. وفي 22 نوفمبر 2021، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بقضايا الأقليات فرناند دي فارينيس في ختام زيارة استغرقت 14 يوما إلى الولايات المتحدة إنه عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان والأقليات، فإن الولايات المتحدة دولة "أدى فيها دعم العبودية إلى واحدة من أكثر الحروب الأهلية وحشية في العالم، حيث استمر الفصل العنصري إلى أواخر القرن الـ20، وحيث عانت الشعوب الأصلية لعدة قرون من الزمن من التجريد من الملكية والوحشية وحتى الإبادة الجماعية".
وقال دي فارينيس إنه مع وجود نظام قانوني تم إعداده هيكليا لفائدة ومسامحة أولئك الأكثر ثراء، مع معاقبة أولئك الأكثر فقرا، وخاصة الأقليات من الملونين، يتم سحق الأقليات مثل الأمريكيين الأفارقة والأمريكيين اللاتينيين، على وجه الخصوص، في دائرة من الفقر الممتد عبر الأجيال.
5- الانحراف عن القيم الإنسانية يؤدي إلى أزمة المهاجرين
غالبا ما تتدخل الحكومة الأمريكية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى من خلال استخدام نادي "حقوق الإنسان". غير أن سياسة فصل الأطفال المهاجرين عن أسرهم عرضت حياة المهاجرين وكرامتهم وحريتهم وغيرها من حقوق الإنسان لخطر شديد. فقد اُستخدمت أزمة المهاجرين واللاجئين كأداة في الهجمات والصراع السياسي بين الحزبين الأمريكيين، فيما تزيد التغييرات المستمرة في سياسة الحكومة ووحشية الشرطة من معاناة المهاجرين الذين تعرضوا بالفعل للاحتجاز المطول والتعذيب القاسي والعمل القسري والعديد من المعاملات اللاإنسانية الأخرى.
طالبو اللجوء يتعرضون لوحشية الشرطة. في عام 2021، استمرت الأزمة الإنسانية في التفاقم حيث شهدت الحدود الجنوبية للولايات المتحدة تدفقا متزايدا للمهاجرين، واستخدم ضباط إنفاذ القانون وسائل عنيفة بشكل متزايد لطرد طالبي اللجوء أو منعهم من دخول البلاد.
تُظهر البيانات الصادرة عن قوات حرس الحدود الأمريكية أنه في السنة المالية 2021 (من أول أكتوبر 2020 إلى 30 سبتمبر 2021)، لقي ما يصل إلى 557 مهاجرا حتفهم على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، أي أكثر من ضعف السنة المالية السابقة، ليصبح ذلك أعلى رقم منذ بدء وضع السجلات في عام 1998. وتقول تقارير وسائل الإعلام إن هذا لا يعكس الوضع المأساوي على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وإن "العدد الحقيقي لوفيات المهاجرين قد يكون أكبر".
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 29 نوفمبر 2021 أنه في الفترة من يناير إلى نوفمبر 2021، تم الإبلاغ عن أكثر من 7647 حالة قتل واغتصاب وتعذيب واختطاف وغيرها من الاعتداءات العنيفة ضد طالبي اللجوء.
في سبتمبر 2021، احتشد أكثر من 15 ألف شخص من طالبي اللجوء القادمين من هايتي تحت جسر في بلدة ديل ريو الحدودية في تكساس، وناموا في خيام قذرة أو على التراب وسط حر قائظ، وهم محاطين بالقمامة في ظل ظروف معيشية قاسية. وأخذت قوات حرس الحدود الأمريكية تعامل طالبي اللجوء بوحشية، حيث قامت بدوريات على ظهور الخيل، مع تلويحها بالسياط واندفاعها نحو الحشود لطردهم باتجاه النهر. وسرعان ما أثارت لقطات مصورة لهذا المشهد غضبا شديدا عند بثها.
وعلقت شبكة ((سي إن إن)) قائلة إن هذا المشهد يذكرنا بالعصر المظلم في التاريخ الأمريكي عندما كانت دوريات العبيد تستخدم للسيطرة على العبيد السود. وعلقت صحيفة ((نيويورك تايمز)) قائلة "كانت هناك صور شنيعة لعملاء يمتطون جيادا ويسقون المهاجرين مثل الماشية" و"يبدو دائما أن إدارة بايدن والديمقراطيين بشكل عام يقولون الأشياء الصحيحة بشأن القضايا العرقية، ولكن غالبا ما تكون أفعالهم ناقصة إذا ما قيست بأقوالهم".
في مواجهة طوفان من الانتقادات، سرعان ما قامت الحكومة الأمريكية بترحيل الآلاف من طالبي اللجوء قسرا إلى هايتي، ومعظمهم لم يعيشوا هناك منذ ما يقرب من عقد من الزمان منذ زلزال عام 2010 في هايتي.
في 25 أكتوبر 2021، أصدر المقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية وفريق الخبراء العامل المعني بالسكان المنحدرين من أصل إفريقي في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بيانا يدين الترحيل المنهجي والجماعي للاجئين والمهاجرين الهايتيين من قبل الولايات المتحدة دون تقييم ظروفهم الشخصية ويصفه بأنه انتهاك للقانون الدولي، حيث قال إن "عمليات الترحيل الجماعي تواصل على ما يبدو تاريخا من الإقصاء العنصري للمهاجرين واللاجئين الهايتيين السود في موانئ الدخول الأمريكية".
استقال دانيال فوتي، المبعوث الأمريكي الخاص إلى هايتي، من منصبه بعد شهرين فقط من توليه منصبه، نتيجة استيائه من تعامل الحكومة الأمريكية اللاإنساني مع المهاجرين واللاجئين الهايتيين.
الأطفال المهاجرون يتعرضون للاحتجاز المطول وسوء المعاملة. فقد أفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 29 نوفمبر 2021 بأنه "بالرغم من أن بايدن أنهى رسميا العمل بسياسة ترامب المتمثلة في 'فصل الأسر'، إلا أن استخدامه المادة 42 أدى إلى 'فصل الأسر 2.0' ". وأجبر العديد من القاصرين على الانفصال عن آبائهم.
ذكرت شبكة ((سي إن إن)) في 23 أبريل 2021 أن"هناك أكثر من 5 آلاف طفل غير مصحوبين بذويهم محتجزين لدى هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية". وأضافت أن العديد منهم ظلوا في الحجز لمدة أطول من الـ72 ساعة المنصوص عليها في القانون الفيدرالي.
"كشفت مجموعة من الوثائق المنقحة التي تم الإفراج عنها وتسليمها إلى منظمة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) بعد ست سنوات من المشاحنات القانونية عن أكثر من 160 حالة من سوء السلوك والانتهاكات من قبل وكالات حكومية بارزة، لا سيما هيئة الجمارك وحماية الحدود وقوات حرس الحدود الأمريكية، حسبما ذكرت صحيفة ((الغارديان)) في 11 أكتوبر 2021، مضيفة أن "هذه الوثائق تسجل أحداثا وقعت ما بين عامي 2016 و2021 وتتدرج من الاعتداء الجنسي على الأطفال وصولا إلى الجوع القسري والتهديد بالاغتصاب وظروف الاحتجاز الوحشية".
الظروف في مراكز الاحتجاز الخاصة حيث يُحتجز المهاجرون سيئة. إن معظم مرافق الاحتجاز في الولايات المتحدة يتم بناؤها وتشغيلها من قبل شركات خاصة. ومن أجل تقليل تكاليف التشغيل وتعظيم الأرباح، تقوم الشركات الخاصة عموما بالبناء وفقا للمعايير الدنيا المتعاقد عليها مع الحكومة، ما يؤدي إلى مرافق احتجاز سيئة وبيئة داخلية قاسية.
وأدى انعدام الرقابة إلى إدارة فوضوية لمراكز الاحتجاز وانتهاكات متكررة لحقوق الإنسان، بينما عانى المعتقلون بدرجات متفاوتة من أضرار جسدية ونفسية.
"احتجزت السلطات الأمريكية أكثر من 1.7 مليون مهاجر على طول حدود المكسيك خلال السنة المالية 2021 التي انتهت في سبتمبر"، وفقا لبيانات غير منشورة لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية حصلت عليها صحيفة ((واشنطن بوست)).
يحتجز ما يصل إلى 80 في المائة منهم في مرافق احتجاز خاصة، من بينهم 45 ألف طفل.
"أخذت الظروف تزداد سوءا داخل مأوى 'الطوارئ' الذي أقيم في صحراء فورت بليس القاسية (تكساس)"، حسبما ذكرت صحيفة ((إل باسو تايمز)) في 25 يونيو 2021.
"كان هناك ما يقرب من 5 آلاف طفل، وما زال هناك حوالي 1500 طفل محتجزين في هذا الموقع المضطرب، حيث وصفت الأوضاع في الخيام، 'المكتظة' والأشبه بـ'مخزن'، بأنها 'صادمة' ومحفوفة بالمخاطر على صحة الأطفال وسلامتهم، وفقا لما ذكره ستة من العمال الحاليين والسابقين والمتطوعين وموظفي الخدمة المدنية، فضلا عن رسائل البريد الإلكتروني الداخلي التي حصلت عليها صحيفة ((إل باسو تايمز)).
يقع العديد من المهاجرين ضحايا للاتجار بالبشر والعمل القسري في الولايات المتحدة. أدت سياسات الهجرة الأمريكية الأكثر صرامة، إلى جانب ضعف الرقابة داخل البلاد، إلى تفاقم عمليات تهريب البشر والاتجار بالعمالة التي تستهدف المهاجرين.
أفاد تقرير لوكالة ((أسوشييتد برس)) في 10 ديسمبر 2021 بأنه على مدى سنوات، أُجبر المهاجرون الذين تم تهريبهم إلى الولايات المتحدة على العمل لساعات طويلة في المزارع، مع العيش في مقطورات قذرة ومكتظة، والافتقار للطعام ومياه الشرب النظيفة، ومواجهة تهديدات بالعنف من قبل المنظمين. وتم حجب بطاقات هوية العمال ووثائق سفرهم، وهو ما عمل على تقييد قدرتهم على طلب المساعدة للهروب من مأزقهم.
توثق لائحة اتهام تتعلق بالاتجار بالبشر صدرت في 22 نوفمبر 2021 على الموقع الإلكتروني لوزارة العدل الأمريكية أن عشرات العمال من المكسيك ودول أمريكا الوسطى قد تم تهريبهم إلى مزارع في الجزء الجنوبي من ولاية جورجيا، حيث تم سجنهم بشكل غير قانوني في ظل ظروف غير إنسانية كعمال زراعيين متعاقدين، ليصبحوا ضحايا العبودية في الولايات المتحدة في العصر الحديث.
بعد تعرضهم للغش في المزارع بإعطائهم وعدا براتب قدره 12 دولارا في الساعة، طُلب منهم اقتلاع البصل من الأرض بأيديهم المُجَرَدة، مع تقاضي 20 سنتا لكل دلو يتم حصاده، وتهديدهم بالبنادق والعنف لإبقائهم في طابور العمل. توفي ما لا يقل عن عاملين اثنين نتيجة لظروف العمل وتعرض آخر لاعتداءات جنسية متعددة.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة ((نيويورك تايمز)) في 11 نوفمبر 2021 أن مئات العمال من الهند قد تم استدراجهم إلى نيوجيرسي وأتلانتا وشيكاغو وهيوستن ولوس أنجليس وما إلى ذلك مع وعد بأجر عادل وساعات عمل جيدة، لكنهم بدلا من ذلك لم يكن لديهم أي وقت تقريبا للراحة من العمل الشاق والخطير في كثير من الأحيان، حيث يقومون بتحريك أحجار تزن عدة أطنان ويواجهون مخاطر صحية جراء التعرض للغبار والمواد الكيميائية الضارة. وتم قصر تحرك العمال على أماكن معيشتهم ومصادرة جوازات سفرهم وتهديدهم بالانتقام، حسبما ذكر التقرير.
استبعاد المهاجرين أصبح أكثر وأكثر تطرفا. فسياسة الهجرة المتذبذبة وغير المتسقة والتي غالبا ما تتجاهل حقوق الإنسان هي السبب الرئيسي وراء أزمة الحدود ومأساة المهاجرين. ويعكس الوضع أن هذه السياسة تأثرت للغاية برهاب الأجانب الشديد. فقد ذكر مقال نشرته ((واشنطن بوست)) في 22 أغسطس من العام الماضي، أنه مع تزايد المناقشات الداخلية في الولايات المتحدة حول الهجرة بسبب الاستياء العنصري والمشاعر المعادية للمهاجرين والتورط في صراعات سياسية داخلية، يميل صانعو السياسة الأمريكيون إلى استخدام أساليب مثل القوة والإكراه عند إعادة توطين اللاجئين.
وأشار مقال آخر نشرته صحيفة ((واشنطن بوست)) في 20 أكتوبر من العام الماضي إلى أنه تم اعتقال أكثر من 1.7 مليون مهاجر من قبل قوات حرس الحدود الأمريكية على طول الحدود الجنوبية خلال السنة المالية 2021، ليرتفع العدد بذلك إلى أعلى مستوى منذ عام 1986. وتأمل الحكومة الأمريكية في ردع عمليات عبور الحدود بشكل غير قانوني من خلال تطبيق صارم للقانون، وهو ما زاد من صعوبة دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد، ليؤدي ذلك إلى إجبارهم على عبور مناطق أكثر خطورة. وهذا الوضع يخلق بدوره أزمة إنسانية أكبر.
6- انتهاك حقوق الإنسان في الدول الأخرى بالقوة المفرطة والعقوبات
لطالما اتبعت الولايات المتحدة الهيمنة والأحادية والتدخل. وكثيرا ما تستخدم هذه الدولة القوة، ما يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وإن استخدامها التعسفي للعقوبات الأحادية تسبب في حدوث أزمات إنسانية، وشكّل تحديا للعدالة بالهيمنة، وداس على الحق من أجل المصلحة الذاتية، وانتهك حقوق الإنسان في بلدان أخرى. وأصبح أكبر عقبة ومُهْلِك للتطور السليم لقضية حقوق الإنسان الدولية.
الحرب الأمريكية على الإرهاب قتلت ملايين الناس. منذ القرن الـ21، شنت الولايات المتحدة سلسلة من العمليات العسكرية الخارجية على مستوى العالم باسم مكافحة الإرهاب، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من مليون شخص. وقد ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 25 فبراير 2021 أن ما يسمى بحرب مكافحة الإرهاب التي شنتها الولايات المتحدة في الـ20 عاما الماضية أودت بحياة أكثر من 929 ألف شخص، وفقا لدراسة "تكاليف الحرب" التي أجراها معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون.
في الفترة من 2018 إلى 2020 وحدها، شملت العمليات العسكرية الخارجية التي شنتها الولايات المتحدة باسم مكافحة الإرهاب 85 دولة على الأقل. تسببت العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، التي استمرت 20 عاما، في مقتل 174 ألف شخص، من بينهم أكثر من 30 ألف مدني، وإصابة أكثر من 60 ألف شخص.
وكتب الموقع الإلكتروني لصحيفة ((يو إس إيه توداي)) في 26 أغسطس 2021 تعليقا قال فيه إن الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان كان كارثيا تماما. وإن مآسي مثل الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان وفيتنام تكشف أن واشنطن لديها تاريخ حافل بتجاهل أدنى معايير المعاملة الإنسانية من أجل تحقيق غاياتها الأنانية.
أثناء الفوضى التي شهدها مطار كابول، أقلعت طائرة نقل أمريكية طراز "سي-17" بالقوة دون الاكتراث بسلامة المدنيين الأفغان، ليتسبب ذلك في سحق بعضهم وهم أحياء أثناء قيام الطائرة بطي عجلاتها، فيما سقط آخرون من الجو ليلقوا حتفهم.
حتى في الدقائق الأخيرة من الإجلاء المحموم، تسببت غارات جوية نفذها الجيش الأمريكي في خسائر فادحة في صفوف المدنيين. بيد أن وزارة الدفاع الأمريكية قالت علنا إنه لن تتم معاقبة أي فرد عسكري أمريكي على مقتل مدنيين في تلك الغارات التي تمت بطائرات بدون طيار.
ذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) في 18 ديسمبر 2021 أن التحقيقات وجدت أن أكثر من 50 ألف غارة جوية أمريكية في العراق وسوريا وأفغانستان كانت رعناء وغير موجهة بدقة، ما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين. لقد أخفي الجيش عدد الضحايا، لكن العدد الفعلي للقتلي المدنيين أعلى بكثير من الأرقام المعلنة من قبل الجيش. والمثال الأكثر وضوحا على ذلك هو الغارة الجوية الأمريكية التي تعرضت لها قرية التوخار السورية الصغيرة في عام 2016. فقد ادعى الجيش أن حوالي من سبعة إلى 24 مدنيين "كانوا مختلطين مع المقاتلين" ربما لقوا حتفهم، لكن الجيش الأمريكي هاجم بالفعل منازل خاصة وقتل أكثر من 120 مدنيا بريئا.
تسبب استمرار الحرب وعدم الاستقرار في جعل ما يقرب من ثلث السكان الأفغان لاجئين، كما يعاني التعليم والرعاية الصحية والخدمات الثقافية من نقص التمويل. ونزح إجمالي 3.5 مليون أفغاني بسبب الصراع، ويواجه ما يقرب من 23 مليونا الجوع الشديد، بما في ذلك 3.2 مليون طفل دون سن الخامسة.
عندما سحبت الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان، جمدت على الفور مليارات الدولارات من احتياطيات النقد الأجنبي في المصرف المركزي الأفغاني، ما جعل الاقتصاد الأفغاني على شفا الانهيار وجعل الحياة أسوأ بالنسبة للشعب. ووفقا لتقييم أجرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي، وصدر في نوفمبر 2021، فإن 5 في المائة فقط من الأفغان يحصلون على ما يكفي من الغذاء يوميا.
وذكرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) أن مقاولي الدفاع الوطني الأمريكيين كانوا الرابحين الحقيقيين في "الحرب على الإرهاب" وأن السنوات الـ20 التي أمضتها الولايات المتحدة في أفغانستان "لم تبن حقا دولة بل أكثر من 500 قاعدة عسكرية والثروة الشخصية لأولئك الذين قاموا بتشييدها". ولم يذهب إلى الحكومة الأفغانية سوى حوالي 12 في المائة من مساعدات إعادة الإعمار التي قدمتها الولايات المتحدة في الفترة من 2020 إلى 2021،، فيما ذهب معظم الباقي إلى شركات أمريكية مثل لويس بيرغر.
نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة ((جلف توداي)) في دولة الإمارات العربية المتحدة مقالا بعنوان "كيف دمرت الولايات المتحدة العراق" في 19 ديسمبر 2021، قال فيه إن عدم كفاية الإمدادات الغذائية والتضخم تركا العراقيين يعانون من الجوع المزمن. ونتيجة للأضرار التي لحقت بمحطات توليد الكهرباء ومنشآت معالجة المياه بسبب القصف الأمريكي، زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من أمراض الإسهال بواقع أربعة أضعاف مقارنة بمستوى ما قبل الحرب. وأدى نقص الأدوية والمعدات الطبية إلى إصابة النظام الصحي العراقي بأزمة، وفي ظل ذلك أصبح الفقراء والأطفال والأرامل وكبار السن وغيرهم من الفئات الأضعف هم الأشد معاناة.
العقوبات الأحادية الجانب تؤثر بشكل سلبي على شعوب الدول الأخرى. سلطت ألينا دوهان، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالتأثير السلبي للتدابير القسرية الأحادية على حقوق الإنسان، الضوء على الأثر المدمر للعقوبات على جميع سكان فنزويلا، وكذلك على تمتعهم بحقوق الإنسان. وقد أدت العقوبات الأمريكية على قطاع النفط الإيراني إلى عدم قدرة إيران على استيراد الإمدادات الطبية الكافية، ما أثر على حق الإيرانيين في الحياة والصحة.
وأثرت العقوبات الأمريكية على سوريا بشدة على تمتع الشعب السوري بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي 23 يونيو 2021، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار للعام الـ29 على التوالي يدعو الولايات المتحدة إلى إنهاء الحظر المفروض على كوبا وبدء الحوار لتحسين العلاقات الثنائية مع البلاد.
قال وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز إن الولايات المتحدة تواصل فرض الحصار والعقوبات على كوبا في مواجهة كوفيد-19، ما تسبب في خسائر فادحة لاقتصاد كوبا ومجتمعها، ويعاني الشعب الكوبي من الضرر الناجم عن هذا العمل غير لإنساني للغاية، مضيفا أن الحصار الاقتصادي هو انتهاك جسيم وصارخ وغير مقبول لحقوق الإنسان للشعب الكوبي و"الحصار، شأنه شأن الفيروس، يخنق ويقتل، لابد أن يتوقف".
سجن خليج غوانتانامو صار مسرحا لفضائح تعذيب متكررة. في 23 فبراير 2021، قالت مجموعة مؤلفة من 16 خبيرا من الأمم المتحدة إن العديد من المحتجزين المتبقين هم أفراد ضعفاء والآن مسنون تعرضت سلامتهم البدنية والنفسية للخطر بسبب حرمان لا ينتهي من الحرية وما يتصل بذلك من تعذيب جسدي وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وإن الخبراء، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، يشكلون جزء من الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان.
ذكرت شبكة ((سي بي إس نيوز)) في 29 أكتوبر 2021 أن الولايات المتحدة لا تزال تحتجز 39 شخصا في خليج غوانتانامو. وكشف ماجد خان، وهو معتقل سابق هناك، علنا لأول مرة عن التعذيب الذي تعرض له، بما في ذلك الضرب، والحقن الشرجية القسرية، والاعتداء الجنسي، والتجويع، والحرمان من النوم. وقال "أحسست إنني سأموت"، مضيفا "توسلت إليهم أن يتوقفوا". وأشار إلى أنه تم تعليقه عاريا من عارضة في السقف لفترات طويلة، وصُبّ عليه مرارا ماء مثلج لإبقائه مستيقظا لأيام. ووصف كيف وُضع رأسه تحت الماء لدرجة أنه كاد يموت غرقا.
أصدرت لجنة الخبراء المستقلة المعنية بحقوق الإنسان، التي عينها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بيانا في 10 يناير 2022، جاء فيه أن عقدين من "ممارسة الاحتجاز التعسفي دون محاكمة مصحوبا بالتعذيب أو سوء المعاملة يمثل انتهاكا لقوانين حقوق الإنسان الدولية، ويعتبر" وصمة عار على التزام حكومة الولايات المتحدة بسيادة القانون".
قال الخبراء إنه على الرغم من الإدانة القوية والمتكررة والقاطعة لتشغيل هذا المجمع المروع للاحتجاز والسجن وما يرتبط به من إجراءات محاكمة، إلا أن الولايات المتحدة تواصل احتجاز أشخاص لم يُتهم الكثير منهم بارتكاب أي جريمة. كما دعا الخبراء إلى تقديم تعويضات للسجناء الذين تعرضوا للتعذيب والاحتجاز التعسفي، ومحاسبة أولئك الذين سمحوا بالتعذيب وشاركوا فيه، وفقا لما يقتضيه القانون الدولي.







