تحقيق إخباري: أقدم مصنع لصابون الغار في حلب يستعيد ألقه رغم الأنقاض التى تحيط به
حلب ــ سوريا 25 مارس 2022 (شينخوا) حتى الآن ما يزال السير باتجاه مصنع الزنابيلي الشهير لصناعة صابون الغار المصنوع من زيت الزيتون وزيت الغار في مدينة حلب القديمة صعبا إلى حد ما، إذ ما تزال الانقاض المنتشرة في المنطقة واضحة تحيط به، الأضرار التي لحقت به شاهدة على حجم المعارك التي دارت هناك.
لكن ومع كل ذلك، فإن رائحة صابون زيت الزيتون الطبيعي الساحرة، ماتزال تنتشر في المكان وتنثر عبيرها بكل ارجائه، وتجذب الزائرين اليه لرؤية أكوام عالية من قطع الزيتون التي صفت بطريقة معمارية ملفتة للانتباه.
ومصنع الزنابيلي، والذي سمي على اسم عائلة الأشخاص الذين يملكونه منذ 1000 عام، تعرض لأضرار كبيرة، حيث يقع في المدينة القديمة شرقي حلب، وهذه المنطقة شهدت معارك كبيرة قبل أن يستعيد الجيش السوري السيطرة عليها في العام 2016.
مازن زنابيلي، هو الرجل الذي يدير المصنع منذ 40 عاما، وهو الشخص الذي سعى، وجاهد لإبقاء أعمال عائلته على قيد الحياة خلال سنوات الحرب الماضية، ويعمل على استعادة ألق هذه الصناعة التي تضررت أثناء الحرب.
وفي العام 2012، عندما دخلت فصائل المعارضة المسلحة إلى المنطقة التي يوجد فيها المعامل، اضطر إلى المغادرة إلى منطقة أكثر أمانا في حلب.
ومع ذلك، فإن ذلك لم يثبط من عزيمته أو يجعله يتراجع أو ييأس من عودة المعمل للعمل، وبدأ بصنع الصابون في غرفة داخل منزل في المدينة حفاظا على اسم العائلة.
عندما تم اخراج المسلحين في العام 2016، سارع الزنابيلي إلى العودة إلى مصنعه القديم، الذي يعود تاريخه إلى 1200 عام، حيث كان فندقا قبل أن يصبح مصنعًا للصابون.
وقال الزنابيلي لوكالة أنباء (شينخوا) إن المصنع تعرض لأضرار بنسبة 40 في المائة، وبدأ في إصلاح المصنع، وفي نفس الوقت استمر في الإنتاج، على الرغم من قدرته المحدودة للغاية.
انعكس تصميمه على وجهه للرجل الخمسيني حيث عاد إلى المصنع، والذي لم يتم إصلاحه بالكامل بعد.
وفي داخل المصنع، ماتزال آثار التخريب واضحة على أجزاء من الجدران نتيجة الحريق الذي اندلع هناك أثناء الحرب.
وبداخل المعمل يعمل رجل وزوجته ويقومان بتشغيل الآلات الأساسية واليدوية القديمة لطهي الصابون.
بشكل عام، ما يزال تصنيع الصابون المصنوع من زيت الزيتون في حلب يتم بالطريقة التقليدية القديمة، دون الحاجة إلى آلات معقدة، مما يسهل على المصنّعين استئناف عملهم تحت أي ظرف من الظروف.
وقال الزنابيلي "إذا غادرت السوق، سينسى الناس اسم العلامة التجارية ولهذا واصلت العمل وبقيت أعمل لمدة ثلاث إلى أربع سنوات ثم عدت إلى المنشأة الرئيسة في مصنع الصابون الخاص بي هنا".
والخراب والدمار لم يكن النتيجة الوحيد للحرب والمعارك التي دارت في حلب، اذ ما تزال تواجه الصناعة السورية عموما والصناعيين في حلب مشكلات أكثر خطورة قد يكون لها تأثير سلبي يفوق الأضرار التي لحقت بالمصانع.
وقال الزنابيلي لـ(شينخوا) إن الحرب اثرت كثيرا على الطاقة الإنتاجية للمعمل وانخفضت بنسبة الإنتاج إلى 50 في المائة نتيجة عوامل خارجية وداخلية.
وأضاف أنه لا توجد منافذ للمنتجات مثل السابق بسبب زيادة تكلفة الإنتاج والشحن فضلا عن منافسة المصانع التي غادرت سوريا خلال الحرب وأعيد تأسيسها في دول الجوار.
وتابع يقول إن هناك عقبة أخرى تتمثل في العقوبات الأمريكية والغربية المفروضة على البلاد، مشيرا إلى أن العقوبات جعلت من الصعب جدا إجراء المعاملات المصرفية وتحويل الأموال الينا.
وحول المعوقات الداخلية، أشار إلى أن المعوقات الداخلية تتمثل في نقص الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات الذي يضاعف من تكاليف الإنتاج، وهذا سيسبب مشاكل كبيرة.
وقال إن "انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة يشكل عقبة كبيرة تدفعنا إلى تشغيل الماكينات على الوقود ومولدات الكهرباء مما يزيد من تكلفة الإنتاج وأسعار الصابون مقارنة بدول الجوار".
وأضاف صاحب المعمل أن هناك عامل آخر كان له أثر على مصنعنا، ويتمثل في محاولات الآخرين سرقة الاسم التجاري أثناء فوضى الحرب في سوريا وصعوبة الحفاظ على الاسم التجاري وتسجيله في دول أخرى وسط العقوبات وعدم القدرة على السفر بحرية كما كان من قبل.
وأكد أنه سيواصل الكفاح من أجل استعادة حياته القديمة مرة أخرى بشكل أفضل من ذي قبل وستصل منتجاته إلى الدول الكبرى.
وما يزال الصابون المصنوع من زيت الزيتون في مدينة حلب، يروي حكايات وقصص للزائرين إلى هذه المدينة التي استعادت جزءا من القها بعد سنوات من الحرب الطاحنة.