تعليق ((شينخوا)): الولايات المتحدة تتربح من الأزمة الأوكرانية على حساب حلفائها الأوروبيين
بكين 7 أبريل 2022 (شينخوا) في الوقت الذي تضغط فيه على الأوروبيين لتشديد العقوبات المفروضة على روسيا وسط الصراع الدائر في أوكرانيا، زادت الولايات المتحدة وارداتها من النفط الروسي بنحو 43 في المائة في الفترة من 19 إلى 25 مارس مقارنة بالأسبوع السابق.
ليس من المستغرب أن يقف البادئ الحقيقي للصراع الروسي الأوكراني على استعداد لجني أرباح ضخمة من الأزمة على حساب حلفائه الأوروبيين.
فبعد قيامها بصب الزيت على النار وتأجيج الأزمة الدائرة حاليا، أصبحت واشنطن الآن مستعدة "لنهب المنازل المحترقة".
وكما أشار الخبراء، فقد ربط الصراع بين أوروبا والولايات المتحدة بشكل أكثر إحكاما مقارنة بأي وقت مضى من حيث إمدادات الطاقة، بينما أتاح لواشنطن فرصة لتعزيز دورها المهيمن في النظام الأمني الأوروبي.
منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، تضغط الحكومة الأمريكية على الدول الغربية الأخرى للانضمام إليها في تزويد أوكرانيا بالمال والسلاح وفرض عقوبات عشوائية على روسيا، وهو ما يؤجج نيران الأزمة ويثير الأعمال العدائية في جميع أنحاء أوروبا.
كما حددت وزارة الخزانة الأمريكية موعدا نهائيا لإنهاء الصفقات الخاصة بواردات النفط والفحم من روسيا يحل في الـ22 من أبريل، وهو ما زاد الضغط على أوروبا لتحذو حذوها.
وهذا خيار صعب بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يستورد نحو 40 في المائة من غازه الطبيعي من روسيا.
ويعني الانضمام إلى مقاطعة النفط الروسي أن الكتلة نفسها ستشعر بالعبء الكامل لتداعيات العقوبات، بما في ذلك ارتفاع فواتير الطاقة وزيادة معدلات التضخم، حيث لا تحصل الولايات المتحدة سوى على كميات ضئيلة من النفط الروسي ولا تحصل على غاز طبيعي من روسيا.
وبينما تتقلص صادرات الغاز الروسية إلى أوروبا بشكل حاد، تقف الولايات المتحدة، وهي واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم، على أتم الاستعداد لسد الفجوة و"مساعدة" حلفائها الأوروبيين على التخلص من إمدادات الطاقة الروسية".
ففي مارس، نمت صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال بنحو 16 في المائة لتصل إلى مستوى قياسي مرتفع، وفقا لبيانات رفينيتيف الأولية، مع استمرار هيمنة الشحنات المتجهة إلى أوروبا.
ومن ناحية أخرى، سيولد الصراع الدائر حاليا عائدات ضخمة لمصنعي الأسلحة الأمريكيين، وسيستفيد المجمع الصناعي العسكري من الأزمة على المدى الطويل، في ظل استمرار الضغط من أجل اتباع نهج أكثر تصادمية وزيادة الإنفاق الدفاعي.
وقال الخبراء إن هناك ثلاث طرق على الأقل سيجلب بها الصراع الروسي الأوكراني مبيعات إضافية لتجار الأسلحة الأمريكيين ألا وهي: مساعدات الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا، وميزانية الدفاع الأمريكية المتضخمة، وميزانيات الدفاع المتنامية في العديد من الدول الأوروبية.
فبعد اندلاع الصراع الروسي الأوكراني مباشرة في أواخر فبراير، أعلن الرئيس جو بايدن أن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات عسكرية بقيمة 350 مليون دولار لأوكرانيا. وفي 16 مارس، أعلن بايدن عن مساعدات أمنية إضافية بقيمة 800 مليون دولار لأوكرانيا.
وأفادت صحيفة وقائع صادرة عن البيت الأبيض بأن جولتي حزمة المساعدات تشتملان على 1400 من أنظمة ستينغر المضادة للطائرات، و4600 من أنظمة جافلين المضادة للدبابات، وخمس مروحيات من طراز مي-17، وأكثر من 20 مليون طلقة من ذخيرة أسلحة صغيرة وقاذفات قنابل اليدوية وقذائف هاون، وذلك من بين أشياء أخرى.
ومن ناحية أخرى، أدى الصراع الروسي الأوكراني إلى إجماع متزايد بين الحزبين على زيادة ميزانية الدفاع المرتفعة بالفعل، حيث وافق الكونغرس على أكبر مشروع قانون للإنفاق الدفاعي على الإطلاق بعد أسابيع فقط، وهو أكثر مما طلبه الرئيس. ويقوم مشروع قانون التمويل الحكومي البالغ حجمه 1.5 تريليون دولار بتخصيص 782 مليار دولار للدفاع، بزيادة نسبتها 5.7 في المائة عن حزمة العام السابق.
ويتطلع مقاولو الدفاع أيضا إلى مبيعات إضافية في أوروبا، حيث أعلنت عدة دول، بما في ذلك ألمانيا، أنها ستزيد ميزانيات الدفاع في ضوء الصراع الأخير.
ولا شك في أن شركات الدفاع الأمريكية هي أكبر منتج للأسلحة في العالم. ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تعد أكبر خمس شركات أسلحة في العالم جميعا شركات أمريكية منذ 2018، وشكلت الولايات المتحدة 39 في المائة من الإنفاق العسكري العالمي في عام 2020.
وشهدت لوكهيد مارتن، أكبر شركة مصنعة للأسلحة في العالم، ارتفاعا في سعر أسهمها بأكثر من 25 في المائة منذ بداية العام، في حين ارتفع سعر أسهم شركة رايثيون تكنولوجيز بنسبة 17 في المائة.
وقد توقع المسؤولون التنفيذيون في الشركة ذلك. ففي مكالمة هاتفية حول الأرباح في يناير، سلط الرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن جيمس تايكليت الضوء على "تجدد المنافسة بين القوى العظمى"، مشيرا إلى أنها ستؤدي إلى ارتفاع ميزانيات الدفاع وزيادة المبيعات. وفي الوقت نفسه، قال جريج هايز، الرئيس التنفيذي لشركة رايثيون تكنولوجيز، إن الشركة تتوقع أن تشهد "فرصا للمبيعات الدولية" وسط التوتر الحاصل في أوروبا الشرقية وغيرها من التوترات الجيوسياسية.
هذا صحيح تماما! بالنسبة لواشنطن، يمكن دائما تحويل المعاناة الدموية للآخرين إلى فرص ذهبية لتحقيق الأرباح. ولكن بينما تحاول واشنطن على طول الطريق تعظيم مصالحها الذاتية على حساب الآخرين، فإنها تكشف حتما عن لونها الحقيقي من النفاق والنرجسية أمام أعين العالم.