مقالة خاصة: تعاون بريكس يضخ حيوية في التنمية العالمية ويحظى بإشادة العالم
بكين 26 يونيو 2022 (شينخوا) لقد شهد التاريخ تحديات هائلة خرج منها العالم كمكان أفضل وأكثر أمنا، وأثبتت تلك الانتصارات على الشدائد أن التعاون والتنمية المشتركة أمران حاسمان في تحويل دفة الأمور.
يعيش العالم الآن تغيرات جذرية وجائحة كوفيد-19، وكلاهما لم يسبق له مثيل منذ قرن من الزمان. ويتواصل ظهور تحديات أمنية مختلفة، في حين لا يزال الاقتصاد العالمي يكافح رياحا معاكسة قوية وهو يسير في طريقه إلى الانتعاش. وفي الوقت نفسه، شهدت التنمية العالمية انتكاسات كبيرة.
"إلى أين يتجه العالم: السلام أم الحرب؟ التقدم أم التراجع؟ الانفتاح أم العزلة؟ التعاون أم المواجهة؟ هذه هي خيارات العصر التي نواجهها"، هكذا قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الأربعاء في كلمته الرئيسية في حفل افتتاح منتدى أعمال بريكس. ثم قام خلال ذلك المنتدى ثم خلال حدثين آخرين رفيعي المستوى عُقدا في الأيام التالية بطرح أفكاره حول كيفية التصدي للتحديات العالمية والنهوض بالتنمية المشتركة.
وذكر خبراء من جميع أنحاء العالم أنهم يتخذون من رؤى الرئيس شي حول خيارات العصر مصدر إلهام، متوقعين أن يضيف تعاون بريكس زخما للرخاء العالمي.
-- تعزيز الوحدة والتعاون العالميين
قال خبراء لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنهم معجبون بتأكيد الرئيس شي على أهمية تعزيز الوحدة والتعاون العالميين والتزام الصين بذلك، وإن شراكة بريكس قدمت مثالا يحتذى به في التعاون بين بلدان الجنوب والسعي لتحقيق القوة من خلال الوحدة بين الأسواق الناشئة والدول النامية.
في خطابه الرئيسي يوم الأربعاء، ذكر الرئيس شي أنه على الرغم من التغيرات الحاصلة في بيئة عالمية تشهد تحولات مستمرة، لن يغير الاتجاه التاريخي المتمثل في الانفتاح والتنمية مساره، وستظل الرغبة المشتركة في مواجهة التحديات معا من خلال التعاون قوية كما كانت دائما.
وخلال استضافة القمة الـ14 لمجموعة بريكس عبر دائرة الفيديو يوم الخميس، شدد الرئيس شي على أن مبادرة الأمن العالمي، التي تدعو إلى رؤية لأمن مشترك وشامل وتعاوني ومستدام، وتتبع فلسفة أن الإنسانية مجتمع أمني غير قابل للتجزئة، وتهدف إلى خلق مسار جديد للأمن يتم فيه تغليب الحوار على المواجهة والشراكة على التحالف والكسب المشترك على المحصلة الصفرية.
وذكر الرئيس شي أن "الصين تود العمل مع شركاء بريكس لتفعيل مبادرة الأمن العالمي وتحقيق المزيد من الاستقرار والطاقة الإيجابية للعالم".
وقد قال سامر خير أحمد، الكاتب الأردني والخبير في العلاقات العربية الصينية، إن دعوة الرئيس شي للتعاون والتضامن العالميين، فضلا عن التعددية الحقيقية، هي خطوة إيجابية نحو السلام والأمن العالميين.
وأشار أحمد إلى أن تجارب السنوات الأخيرة أثبتت أن الأمن العالمي قضية متكاملة لا يمكن تحقيقها باستعداء أو عزل دولة أو مجموعة من الدول، وأصبح من الضرورة بمكان أن يبني العالم تضامنا دوليا حقيقيا من أجل إحلال الأمن والسلام.
وذكر خوسيه ريكاردو دوس سانتوس لوزين جونيور، الرئيس التنفيذي لشركة ليد تشاينا ومقرها ساو باولو، أن الصين تلعب دورا رئيسيا في دعم التعددية والمساعدة في تشكيل ملامح نظام حوكمة عالمية جديد يؤكد على أهمية التعاون المتبادل.
-- رسم مسار للتنمية العالمية
إن حشد الجهود المتضافرة ورسم المسار للتنمية العالمية يحتلان مكانة عالية في جدول أعمال تعاون بريكس.
عند ترؤسه الحوار رفيع المستوى حول التنمية العالمية يوم الجمعة في شكل افتراضي، دعا الرئيس شي إلى إقامة شراكة عالية الجودة لعصر جديد من التنمية العالمية.
وقال "يجب أن نحصل على فهم جيد لاتجاه التنمية الشامل في العالم، ونعزز الثقة، ونعمل في انسجام تام وبدافع كبير لتعزيز التنمية العالمية، ونبني نموذجا تنمويا يتسم بالمنافع للجميع، والتوازن، والتنسيق، والشمول، والتعاون ذي الكسب المشترك، والرخاء المشترك".
وأشار الرئيس شي إلى أنه في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، طرح مبادرة التنمية العالمية.
وذكر الرئيس شي أن "الصين ستتخذ خطوات براغماتية لتقديم دعم مستمر لخطة التنمية المستدامة لعام 2030".
وقال تشارلز أونونايجو، مدير مركز الدراسات الصينية ومقره أبوجا، إن مبادرة التنمية العالمية التي اقترحها الرئيس شي تهدف إلى معالجة قضايا تنموية مثل الأمن الغذائي والبيئة وتغير المناخ والفقر، مشيدا بالصين لمشاركتها الخبرات الصينية في مجالي القضاء على الفقر والأمن الغذائي مع بقية العالم.
وذكر محمد عبد الرزاق، رئيس مركز بحوث وتكامل السياسات من أجل التنمية ومقره دكا، في حديثه لـ((شينخوا)) أن كلمة الرئيس شي أظهرت التزام الصين بمشاركة فرص التنمية مع بقية العالم في مواجهة جائحة كوفيد-19.
ولدى وصفه مقترحات الصين في المنتدى بأنها "جاءت في الوقت المناسب ومدروسة للغاية"، أكد عبد الرزاق على أن الصين تلعب بالفعل دورا حاسما في مساعدة الدول الأخرى على الاندماج في الاقتصاد العالمي.
وبالنسبة لسودهيندرا كولكارني، الرئيس السابق لمؤسسة أوبزرفر للأبحاث ومقرها مومباي، فإن مبادرة التنمية العالمية تعني التنمية للجميع دون أي تمييز.
وأضاف قائلا "الدول صغيرة كانت أم كبيرة، غنية كانت أم فقيرة، قوية كانت أم ضعيفة عسكريا، يجب أن تُعامل جميعا على قدم المساواة، ويجب أن تصل ثمار التنمية وثمار الثورة التكنولوجية إلى الجميع".
-- قوة إيجابية من أجل عالم أفضل
يعتبر الكثيرون في جميع أنحاء العالم آلية بريكس منصة تعاون مهمة للأسواق الناشئة والبلدان النامية، منصة من المتوقع أن تجلب قوة إيجابية ومستقرة وبناءة للعالم.
في منتدى أعمال بريكس يوم الأربعاء، أشار الرئيس شي إلى أن تعاون بريكس دخل الآن مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة، داعيا أعضاء بريكس إلى تعميق التعاون لحماية الأمن الغذائي وأمن الطاقة بشكل أفضل، واغتنام الفرص التي تتيحها الثورة العلمية والتكنولوجية الجديدة والتحول الصناعي، ومساعدة البلدان النامية على تسريع تنمية الاقتصاد الرقمي والتحول الأخضر والانخراط في التعاون بشأن الاستجابة لكوفيد-19 للتغلب على الفيروس في وقت مبكر.
وترى هيلغا زيب-لاروش، مؤسسة ورئيس مجلس إدارة مركز شيلر إنستتيوت البحثي الألماني أن دول بريكس تحترم بعضها البعض، وتدعم بقوة التعددية، وتلتزم بالتعاون ذي الكسب المشترك.
وقالت زيب-لاروش إن تعاون بريكس في مجالات مثل الإمدادات الغذائية والصحة العامة يحمل أهمية كبيرة للعالم، مضيفة أن دول بريكس يمكن أن تلعب دورا مهما في القضاء على الجوع العالمي وتعزيز بناء أنظمة صحية عالمية حديثة.
أما لورانس لوه، مدير مركز الحوكمة والاستدامة في كلية إدارة الأعمال بجامعة سنغافورة الوطنية، فذكر أن هناك مجالا بارزا آخر لتعاون بريكس يتمثل في الابتكار والتكنولوجيا والتعليم.
وفي هذا الصدد، يمكن لمجموعة بريكس أن تلعب دورا رئيسيا في قيادة التنمية الجديدة للمرحلة التالية من النمو العالمي ما بعد الجائحة، حسبما أوضح لوه.
وفي معرض إشارته إلى أن دول بريكس لا تجتمع في ناد مغلق أو دائرة حصرية، بل في أسرة كبيرة من الدعم المتبادل والشراكة من أجل التعاون ذي الكسب المشترك، قال الرئيس شي خلال استضافته القمة الـ14 لمجموعة بريكس يوم الخميس إن دول بريكس بحاجة إلى دعم الانفتاح والشمول وتجميع الحكمة والقوة الجماعية.
وقال هيرمان تيو لوريل، مؤسس المركز الفلبيني للدراسات الاستراتيجية المعنية ببريكس ومقره مانيلا، إن نموذج تعاون "بريكس بلس"، الذي يركز على الانفتاح والشمول والمنفعة المتبادلة ويمثل صوت ومصلحة البلدان النامية، سيوفر زخما أساسيا للتنمية العالمية.
وذكرت نورهان الشيخ، الأستاذة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الصين لديها فهم سليم لما يواجهه العالم.
وقالت نورهان الشيخ "إن العالم لديه مصالح وتحديات مشتركة، إما أن نعيش معا أو سنُدمر معا". وأضافت "أن هذه رؤية وفهم دقيقين للغاية من جانب الرئيس شي والصين، يؤكدان على ضرورة التعايش والعيش معا. إنها رؤية مختلفة عن رؤية الغرب، الذي يسعى إلى النمو على حساب الآخرين".