تحقيق إخباري: الشركات الصينية تدفع تحول الإمارات نحو الطاقة النظيفة
دبي 12 يناير 2025 (شينخوا) عندما تقود سيارتك جنوبا من دبي باتجاه مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، تظهر أمامك في الأفق كرة ضوئية مبهرة تشبه شمسا اصطناعية من على بعد أكثر من 20 كيلومترا في عمق الصحراء.
هذا المشهد الاستثنائي هو برج الطاقة الشمسية الذي يبلغ ارتفاعه 263 مترا، وهو الأطول من نوعه في العالم وقد بنته مجموعة "شانغهاي إلكتريك" كجزء من مشروع هجين بين الطاقة الشمسية المركزة والخلايا الكهروضوئية.
ويصف العمال مهمتهم بشكل شاعري قائلين: "نحن جامعو الضوء، نبني برجا من حبيبات الرمل، ونحول الآمال إلى أنهار من الطاقة، ونلتقط أشعة الشمس لنضيء منازل لا تُحصى في الليل".
تعمل الصين على تسخير الطاقة الشمسية من خلال التكنولوجيا المتقدمة لتلبية احتياجات الطاقة النظيفة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلى الرغم من امتلاكها احتياطيات هائلة من النفط، ظلت الإمارات ملتزمة بتحسين هيكلها من الطاقة ودفع التحول نحو الطاقة النظيفة. وتستهدف إستراتيجية الإمارات للطاقة 2050 تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، ما يتطلب استثمارات كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وبصفتها رائدة عالميا في مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة، أصبحت الصين شريكا طبيعيا في هذا المسعى الطموح.
في السنوات الأخيرة، لعبت الشركات الصينية دورا محوريا في تطوير الطاقة النظيفة في الإمارات، مما ساهم في تحسين مزيج الطاقة لديها وأصبح نموذجا للتعاون الأخضر بين الصين والإمارات. ومن مشاريع الطاقة الشمسية الضخمة المنتصبة وسط الصحراء إلى أولى مشاريع طاقة الرياح التجريبية، كانت التكنولوجيا والخبرات الصينية جزءا أساسيا من تحول الطاقة في الإمارات.
وأحد الإنجازات الرئيسية هو المشروع الهجين بين الطاقة الشمسية المركزة والخلايا الكهروضوئية الذي نفذته مجموعة شانغهاي إلكتريك في صحراء دبي. وبدأ تشغيل المشروع بكامل طاقته منذ ديسمبر 2023، وأنتج بالفعل أكثر من 3.6 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء، مما يوفر طاقة خضراء مستقرة لـ320 ألف أسرة محلية ويقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 1.6 مليون طن سنويا.
ويعرض هذا المشروع نقاط قوة تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة. إذ على عكس المحطات الكهروضوئية التقليدية، التي لا يمكنها توليد الطاقة في الظروف ذات الإضاءة الشمسية المنخفضة، تستخدم الطاقة الشمسية المركزة أنظمة التخزين الحراري المتطورة، مما يتيح توليد الطاقة على مدار الساعة.
مشروع بارز آخر هو محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في أبو ظبي، الذي نفذته شركة الصين للهندسة الميكانيكية. وتغطي هذه المنشأة مساحة 21 كيلومترا مربعا، وتعد أكبر محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في موقع واحد في العالم، بقدرة تركيبية تبلغ 2.1 جيجاوات. بدأت العمل منذ يونيو 2023، وتنتج ما يكفي من الكهرباء لتلبية احتياجات 200 ألف أسرة سنويا، مع تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 2.4 مليون طن كل عام. خلال مرحلة البناء، وفرت المحطة أكثر من 5000 فرصة عمل محلية.
وسلط المدير العام للمشروع تشه مينغ آن الضوء على استخدام المحطة للتكنولوجيا الكهروضوئية المتطورة، حيث تم تصميم حوامل الألواح الشمسية لتتبع مسار الشمس لزيادة كفاءة تحويل الطاقة إلى أقصى حد. وتم استيراد معظم المعدات، من الوحدات الكهروضوئية والروبوتات المخصصة للتنظيف والمحطات الفرعية غير المأهولة، من الصين، ما يجسد التعاون الناجح في مجال الطاقة الخضراء في إطار مبادرة الحزام والطريق.
وإلى جانب الطاقة الشمسية، دخلت الشركات الصينية أيضا مجال طاقة الرياح في الإمارات. ففي مايو 2023، أكملت شركة باور تشاينا أول مشروع تجريبي لطاقة الرياح في الإمارات.
ويغطي المشروع، الذي يمتد على تضاريس معقدة تشمل جزرا وصحارى وجبال، مسافة تزيد عن 700 كيلومتر. وينتج كهرباء تكلفي لتلبية احتياجات أكثر من 23 ألف أسرة سنويا، مع تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 120 ألف طن.
وقال بنغ قانغ، المدير العام للمقر الإقليمي لشركة باور تشاينا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن مشروع طاقة الرياح التجريبي أثبت الجدوى الاقتصادية لطاقة الرياح في الإمارات، مما يسلط الضوء على مكانة الصين الرائدة في هذا المجال.
وتعكس مبادرات الطاقة النظيفة هذه تعميق التعاون بين الصين والإمارات في مجال تحول الطاقة والتنمية المستدامة. من خلال الاستفادة من خبراتها في التكنولوجيا والمعدات والإدارة، تلعب الشركات الصينية دورا محوريا في تحقيق طموحات الإمارات في مجال الطاقة، مع تقديم حلول صينية للتحديات المناخية العالمية.
وقال تشاو هوي، مدير مشروع الطاقة الشمسية الهجين في دبي، إن "الترويج لتوفير الطاقة وخفض الانبعاثات ليس مسؤولية اجتماعية للشركات فحسب، بل هو أيضا مهمة مشتركة للبشرية"، مشيرا إلى أن "الشركات الصينية ستواصل دفع عجلة تطوير الطاقة النظيفة من خلال التعاون متعدد الأطراف، لتقدم المزيد من الفرص لتحقيق الحياد الكربوني عالميا".