دمشق 6 يناير 2015 ( شينخوا ) تزداد معاناة المهجرين السوريين في محافظة السويداء ( جنوب سوريا ) مع انخفاض درجات الحرارة لما دون درجة الصفر مئوية، مع تعرض المنطقة لعاصفة مطرية مصحوبة بالثلوج، وازدياد شدة الرياح، لا سيما وانهم يقطنون في خيم مصنوعة من الأسمنت، ولكنها غير مهيئة للسكن في مثل هذه الظروف الجوية الصعبة.
وتزداد المعاناة أكثر فأكثر مع عدم وجود وقود للتدفئة في مراكز الإيواء ، وانقطاع طويل للتيار الكهربائي خلال اليوم، ما يجعل حياتهم " مأساوية " على حد تعبير أحد المهجرين، ويستذكرون أيامهم التي سبقت مجيئهم الى مراكز الإيواء .
وتأوي محافظة السويداء التي تقع الى الجنوب من سوريا، وتبعد عن دمشق العاصمة حوالي 100 كيلو متر، أكثر من 250 ألف مهجر سوري من مختلف المحافظات والمناطق السورية التي شهدت اشتباكات وأعمال عنف، ولم تزود بالكميات اللازمة من وقود التدفئة، بسبب قلته وعدم توفره، وعدم قدرة المهجرين على شرائه من السوق السوداء إن توفر لأن سعر الليتر الواحد من مازوت التدفئة يصل الى اكثر من 250 ليرة ( اي ما يعادل دولار واحد تقريبا) .
وتسود الآن في محافظة السويداء أجواء من البرد الشديد، والرياح القوية، وأمطار غزيرة ممزوجة بالثلج أحيانا، بحسب مراسل ( شينخوا ).
وتأوي السلطات المعنية في السويداء المهجرين في معسكر لطلائع البعث ( الحاكم في البلاد ) ويبعد عن مدينة السويداء قرابة 15 كيلو متر تقريبا ( جنوبا )، في خيم أسمنتة تتسع لحوالي 6 أو 8 أشخاص .
وأشارت المهجرة أم عدنان ( 45 عاما ) من منطقة الحجر الأسود بدمشق ( جنوبا ) يوم الثلاثاء إلى أن العيش في هذا المكان في فصل الشتاء صعب جدا، مؤكدة أن اطفالها يشعرون بالبرد الشديد من أيام ، ولا يوجد مدافئ تعمل على الوقود .
وقالت أم عدنان وهي ترتدي غطاء من الصوف على جسدها ، لشدة البرد ، لوكالة ((شينخوا)) بدمشق إن " الجهات المعنية عملت جاهدة على تأمين مسلتزمات التدفئة في مركز الإيواء ، ونظرا لشدة البرد، وقلة الكمية التي وزعت لم يعد لدينا من خيار سوى أن نجلس تحت الأغطية الصوفية لنشعر بالدفء ، ونقص على بعضنا الحكايات التي تنسينا شدة البرد، وتخرجنا من عالمنا المؤلم".
من جانبها قالت الطالبة ولاء ( في الصف الحادي عشر الفرع الأدبي ) من محافظة درعا ( جنوب سوريا ) لوكالة (( شينخوا )) بدمشق " إن العاصفة الثلجية التي تضرب المنطقة حاليا سيكون لها انعكاسات سلبية على حياة المهجرين السوريين، وستزيد من معاناتنا "، مؤكدة أنها الآن تستعد للتحضير للامتحان النصفي، والظروف التي تحيط بها " غير مناسبة للقراءة أولا ، والسكن ثانيا" .
وأوضحت الطالبة المهجرة ولاء ، والتي تعيش مع اخوتها الستة في الخيمة الأسمنتة أنها تشعر بالبرد والحزن لأنها تركت منزلها الكبير في مدينة درعا بسبب اعمال القتال، معربة عن أملها في أن تعود الى بيتها في أقرب وقت ممكن .
وبدورها قالت المجهرة أم محمد 51 عاما من الغوطة الشرقية بريف دمشق إنها " تقوم بتجميع بعض الأخشاب وأغصان الأشجار ، في زاوية الخيمة ، لمثل هذا اليوم البارد " ، مؤكدة أن الاوضاع المعيشية " صعبة جدا ولا يمكن لنا أن نحتمل ننائج هذا العاصفة الثلجية التي قد تفرح الكثير من الناس وتسبب المعاناة والألم للبعض الآخرمنهم ".
وأشارت أم محمد إلى أن لديها طفلتان بعمر الـ 10 سنوات تعانيان من الأمراض المزمنة وبحاجة ماسة الى التدفئة المستمرة وخاصة في الليل .
ولم يقتصر الأمر على المهجرين فقط في تلك المحافظة التي لم تشهد أعمال عنف ، ولكنها مجاورة لمحافظة درعا ، ومنها انطلقت شرارة الاحتجاجات في منتصف مارس 2011 ، بل امتدت تلك المعاناة إلى الكثير من العائلات التي تقطن تلك المحافظة لمناخها البارد شتاء، وقلة وقود التدفئة، ما جعل حياة غالبية الأسر صعبة ومأساوية، وتنظر بعين الخوف للأيام القادمة بعد تساقط الثلج وانخفاض درجات الحرارة لما دون الصفر .
وقام مجموعة من الشبان السوريين بوضع تعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) تطالب السوريين بارتداء ملابس صوفية سميكة، وصورا للمدفأة وقد وضعت في نعش خشبي والأسر تبكي عليها .
ومن جانبه أشار رئيس قسم الجاهزية في محافظة مبارك سلام إلى أن خطة المحافظة لمواجهة العاصفة تتضمن تأمين المناطق الأكثر تعرضا لهطول الثلوج بالمستلزمات الأساسية من حيث احتياجات الأفران والمراكز الصحية ووضع عدد من سيارات الدفع الرباعي تحت تصرف مديرية الصحة لتسهيل مهمة الإسعاف.
وتوقعت مديرية الأرصاد الجوية في وقت سابق من اليوم أن تزداد تأثيرات المنخفض الجوي القطبي البارد والرطب على البلاد خلال ساعات بعد الظهر والمساء والذي يؤدي إلى هطول الثلج على المناطق الداخلية التي يزيد ارتفاعها على 800 متر وقد تمتد لارتفاعات أدنى.
وشهدت معظم المحافظات السورية نقصا حادا في وقود التدفئة والغاز المنزلي منذ أكثر من شهرين تقريبا ، بسبب تأخر وصول تلك المواد من الدول الصديقة لسوريا ، كما لعبت العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على سوريا دورا سلبيا انعكس على حياة المواطنين السوريين عموما .
كما ساهم هجوم بعض من تسميه الحكومة السورية بالمجموعات الإرهابية المسلحة بشكل دوري على محطات توليد الطاقة الكهربائية دورا زاد من معاناة الكثير من السوريين وخاصة المناطق التي لم تشهد اشتباكات وأعمال عنف.