طرابلس 9 يناير 2015 (شينخوا) يسعى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا برناندينو ليون، إلى تجميد القتال في غرب البلاد وشرقها، في محاولة منه لإحياء الحوار السياسي بين الفرقاء.
وتواجه مهمة المبعوث الأممي، تحديات كبيرة منذ بدء مهامه في سبتمبر الماضي، وبالرغم من نجاحه في جمع الأطراف المتصارعة في ليبيا لطاولة الحوار، عبر جولة غدامس، إلا أن سياسيين ومحللين، يربطون نجاحه في عقد جولة جديدة للحوار، بمدى إقناع المتصارعين على وقف حدة التصعيد العسكري.
ويصف محمد علي النائب في البرلمان الليبي جهود المبعوث الأممي بالصادقة، لكنها لن تنجح إلا بقدرته على فرض شروط تلتزم بها جميع الأطراف، لخلق أرضية مشتركة للحوار السياسي .
ويشير علي في تصريحه لوكالة أنباء ((شينخوا))، " لقد أبدى المبعوث الأممي في لقاوته وللأول مرة، قادة المجموعات المسلحة في طرابلس ولقائه باللواء خليفة حفتر أحد قادة الجيش الوطني، رغبته وسعيه لتجميد القتال والتخفيف من حدة التصعيد العسكري، بهدف إحياء الحوار بين الفرقاء الليبيين، والذي يواجه حالة كبيرة من الجمود ".
ومضى قائلا " أعتقد ومن خلال متابعة شاملة للأحداث المتصاعدة ، فإن لغة الحوار لا يمكن لها أن تقوم في وقت قريب، لأن المسحلين والإرهابيين الذين يديروا عملياتهم من قبل العاصمة المحتلة ومن مصراتة، التي تمثل قاعدة بارزة لقادة المليشيات ، لا يؤمنوا بالحوار وبناء الجيش والشرطة (…)، هذه المجموعات لديها مخططات خارجية للاستحواذ على ثورات ليبيا ".
وردا على أهمية الجهود التي يبذلها المبعوث الدولي، أجاب على " إن السيد ليون يعرف جيداً أن الوضع في ليبيا معقد ، وإن أي محاولة لانحياز كامل نحو طرف ما، سيعقد الأزمة وسيدخل ليبيا في حالة أكثر تعقيدا على المستوى السياسي والعسكري ، وبالتالي هو يحاول تبني سياسة الجزرة والعصا ، فمن جهة يلوح بعقوبات على مقوضي السلام ، ومن جهة يشدد على أهمية الحوار كحل نهائي للأزمة " .
وكشف برنادينو ليون المبعوث الأممي الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وبعد إجرائه عدد من القاءات المكثفة يوم أمس في غرب البلاد وشرقها، مع قادة "قوات فجر ليبيا" وقيادات في المؤتمر الوطني المنتهية ولايته ، ونواب في البرلمان واللواء خليفة حفتر أحد قادة الجيش ، عن سعيه لوقف إطلاق النار وتجميد القتال ، لإحياء الحوار السياسي من جديد.
وبحسب تصريحات نقلها الموقع الرسمي لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اليوم (الجمعة)، عن المبعوث الأممي والذي علق عقب انتهاء اجتماعاته في مدينتي طرابلس والمرج ، قائلاً " الوقت بدأ ينفد وان المزيد من التأخير في معالجة الازمة السياسية والامنية ، سيصعّب التوصل لانهاء القتال واعادة الوحدة السياسية والمؤسسية للدولة وانعاش الاقتصاد " .
وتابع " اقترح تجميد القتال لفترة قصيرة لخلق بيئة ملائمة لعقد جلسات الحوار (…) ، الامم المتحدة ترى انه من الاهمية البالغة تجميد اطلاق النار ، ووقف القتال لكي يبدأ الحوار على اسس سليمة " .
من جهته، أكد عمر لميدان المتحدث باسم المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، أن المؤتمر جدد للمبعوث الأممي ، حرصه على دعم الحوار والالتزام به، لكن ضمن ثوابت دستورية والالتزام بأحكام القضاء.
وأضاف لميدان، في اتصال هاتفي مع وكالة أنباء (شينخوا)، " نحن حريصون على التعامل مع مرونة كافية، لإنجاح جهود المبعوث الأممي وسعيه لعقد جولة حوار جديدة، لكن في ذات الوقت لا بد لذلك أن يتم احترام حكم المحكمة ، القاضي بحل البرلمان المنعقد في طبرق " .
وعن مدى أهمية التقاء ليون قادة الثوار في طرابلس ، أكد " منذ البداية شجعنا السيد برنانتينا ليون على لقاء الثوار، والاستماع لوجهة نظرهم حول الصراع الدائر ، لأنهم جزء مهم وأساسي لإنجاح الحوار السياسي ، وهم جزء أصيل ويمثلوا قاعدة شعبية هامة في غرب البلاد وشرقها ".
وفشل رئيس بعثة الامم المتحدة في ليبيا بجنادرينا ليون، في عقد جولة جديدة للحوار في الخامس من يناير الجاري، بعد حصوله على موافقة مبدئية من كافة الأطراف.
ويعد هذا تأجيل الثالث لجولة الحوار التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة ، حيث حددت موعدين في ال 9 و الـ 16 من ديسمبر قبل الإعلان عن تأجيلهما، لإفساح المجال لمزيد من المشاورات أمام المبعوث الأممي مع طرفي الأزمة.
وتشهد ليبيا انقساما سياسيا مع وجود حكومتين برئاسة عبدالله الثني وعمر الحاسي ومجلسين تشريعيين هما مجلس النواب المنتخب، والمؤتمر الوطني العام الذي قرر في نهاية أغسطس الماضي استئناف نشاطه، رغم انتهاء ولايته وتكليف الحاسي بتشكيل حكومة إنقاذ، بعد سيطرة قوات "فجر ليبيا" على العاصمة طرابلس.
ويتخذ مجلس النواب الليبي المعترف به من الأسرة الدولية هو والحكومة المنبثقة عنه من مدينتي طبرق والبيضاء شرق البلاد مقرا مؤقتا منذ أغسطس، بعد سيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة طرابلس.
عماد علي الباحث الليبي في الشؤون السياسية، يرى أن عملية وقف القتال صعبة، خاصة وأن كلا الطرفين ، يحققان تقدما على حساب الاخر.
ويشير في هذا الصدد ، " لقد حقق قائد عملية الكرامة اللواء حفتر تقدما كبيراً ، ونجح في بسط سيطرته على أجزاء مهمة في شرق البلاد ، وفي المقابل عملية فجر ليبيا أحرزت تقدما بالرغم من الضربات الجوية التي تستهدف قواتها ، فهي تسيطر على مجمل مدن الغرب ، وإذا ما نجحت في السيطرة على قاعدة الوطية الجوية ، فإنها ستدخل في مرحلة حصار بلدة الزنتان ، التي تمثل قاعدة مهمة للجيش ولللواء حفتر " .
وتعد قاعدة الوطية الجوية (عقبة بن نافع)، من أكبر وأهم القواعد العسكرية غرب ليبيا، حيث تمتد على مساحة تصل إلى (10 كيلو متر مربع)، ويفصل بينها وبين العاصمة طرابلس (140 كلم) في الجنوب الغربي، وتسيطر عليها قوات تابعة لثوار الزنتان وجيش القبائل منذ نوفمبر الماضي ، وهي قوات موالية للجيش الليبي.
وتنطلق من القاعدة ، طائرتان حربيتان تابعة لسلاح الجو ، وتنفذ ضربات جوية على مواقع تسيطر عليها قوات "فجر ليبيا" غرب البلاد، وقد نفذت منذ مطلع ديسمبر الجاري، العشرات من الطلعات الهجومية.
بدورها، ترى ليلى خليفة ناشطة في مؤسسات المجتمع المدني أن الحوار يجب أن لا يتأخر كثيراً، لأن ليبيا تتجه نحو مصير قاتم على جميع الأصعدة.
وتضيف خليفة أن الحوار لن ينجح مع أطراف متعنتة، ولا تقبل بمبدأ التنازل والشراكة من أجل الوطن، لأن قضايا ليبيا المتعثرة كثيرة ، على مستوى الأمن والمعيشة والنازحين ، بحسب تعبيرها.