البيضاء، ليبيا 11 يناير 2015 (شينخوا) دعا رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني اليوم " الأحد" المجتمع الدولي للمساهمة مع ليبيا في الحرب على التطرف والإرهاب، معربا عن خشيته من تسرب مقاتلي "الدولة الإسلامية" إلى بلاده بعد تضييق الخناق عليهم في "العراق والشام".
وقال رئيس هذه الحكومة المعترف بها من الأسرة الدولية في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن على "المجتمع الدولي المساهمة مع ليبيا في الحد من التطرف والإرهاب من خلال مساعدة الحكومة ومؤسساتها وعلى رأسها الجيش، برفع الحضر عن توريد السلاح".
وطالب الثني المجتمع الدولي "بقطع إمدادات السلاح التي تأتي للجماعات الإرهابية في بلاده، وردع بعض الدول التي تساند هذه الجماعات عن الاستمرار في دعمها وعن تأجيج الصراع في ليبيا".
وقال الثني إن "المجتمع الدولي هو الذي صنف انصار الشريعة في ليبيا و ومن يساندها بأنها تنظيمات إرهابية، وهو الآن يقود تحالفا دوليا للقضاء على هذه الجماعات في العراق وسوريا ، أما في ليبيا فإن الدولة عبر جيشها هي التي تقاتل وحيدة هذه الجماعات ولم تتلق أي دعم من المجتمع الدولي في هذه المواجهة".
وأضاف "لدينا هاجس من تمدد وتسرب هذه الجماعات التي بالعراق وسوريا إلى الأراضي الليبية جراء تضييق الخناق عليها هناك"، في إشارة إلى مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" والتحالف الدولي الذي يواجه التنظيم.
وأكد الثني أن "واجب الدولة حماية مواطنيها من الأخطار"، قائلا "نحن نقوم بحماية مواطنينا من الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون بشتى الطرق ومنها القوة (...) وكل دول العالم تنتهج ذات الأسلوب عندما تواجه خطر مثل هذه الجماعات" .
واشار إلى أن "شرعية الدولة يجب احترامها وفرضها على أرض الواقع"، لافتا إلى أن "الحكومة بمختلف مؤسساتها تقوم بواجبها لتنوير الرأي العام العالمي بكل ما يجري على الساحة الليبية وتتواصل في هذا الإطار مع كافة دول العالم والمنظمات الدولية لشرح وجهة النظر الليبية حيال الأحداث الجارية في البلد".
وكشف الثني أن سبب تأخر انتهاء الحرب التي تخوضها القوات الحكومية في بلاده ضد "الإرهاب" راجع لحرص الجيش على عدم إيذاء المدنيين.
وقال إنه "لولا حرص الجيش على عدم إيذاء المدنيين لانتهت العمليات العسكرية منذ فترة".
وأضاف الثني إن "السلاح الجوي الليبي لا يستهدف المدنيين بل يقوم بحمايتهم من الجماعات الإرهابية وما يقومون به من اعمال قتل وإرهاب للسكان الآمنين"، لافتا إلى أن "العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الليبي تتوافق مع الأعراف و القوانين الدولية وتأتي في إطار مكافحة الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون".
وأشار إلى أن "القوات الحكومية تتبع أقصى درجات الحيطة والحذر بالرغم من تحصن الجماعات الإرهابية بالتجمعات السكنية وأخذها ملاذا لهم".
واعتبر أن "التخوف الذي تبديه بعض منظمات حقوق الإنسان الدولية يقوم به السلاح الجوي الليبي في معركة ليبيا ضد الإرهاب قد ينم عن قصور من جانبهم في فهم ما يجري في البلد خصوصا فيما يتعلق بإلحاق الضرر بالمدنيين"، قائلا "نحن أحرص الناس عليهم ".
وحول توقعه لزمن انتهاء العمليات العسكرية وسيطرة القوات الحكومية على مختلف ربوع البلاد، قال الثني إن "الأمور الآن تسير وفق ما هو مخطط لها سلفا، وأن الوضع الميداني للجيش ممتاز وهو في تقدم مستمر في مختلف ساحات المواجهة"، معربا عن أمله في "أن لا تطول هذه الحرب ليتفرغ الجميع لبناء وإعمار ليبيا".
وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية في درنة معقل الجماعات الإسلامية المتشددة، أشار الثني إلى أن "الجماعات المتطرفة التي تأخذ هذه المدينة وسكانها رهينة وتمارس عليهم أبشع أنواع الإرهاب والتطرف".
وقال "إن هؤلاء المتطرفين أغلبهم من أبناء هذه المدينة والمناطق المجاورة لها، وهناك من انضموا إليهم من خارج ليبيا من التنظيمات الإرهابية"، لافتا إلى أن "الجيش أعد خطة لتحرير المدينة وإعادتها لحضن الوطن وفك المعاناة عن أهلها".
لكنه أكد أن "الهاجس الأكبر للحكومة والجيش هو المحافظة على أرواح أهالي المدينة وضمان عدم تعرضهم للخطر أثناء عمليات الجيش، وبالتالي فإن العملية تتم بحذر شديد لحساسية الموضوع".
وفي سياق متصل، أعلن الثني أن "حكومته تسعى جاهدة في حصر الأضرار التي طالت المواطنين وممتلكاتهم وكذلك الأملاك العامة"، قائلا إن "هناك هيئة مختصة بالطوارئ والتعامل مع الأزمات تتبع الحكومة ومن اختصاصاتها كل هذه الأمور وهي تعمل بكل جدية في هذه الاتجاه".
وفي معرض رده على سؤال ل((شينخوا)) حول الحوار الليبي المرتقب الذي أعلنت الأمم المتحدة أنها "سترعاه الأسبوع المقبل في مقر الأمم المتحدة بجنيف"، قال الثني إن "الحكومة من أول يوم لتشكيلها دعت وبكل قوة إلى الحوار الوطني، وناشدت كافة الأطراف بالجلوس على طاولة الحوار والابتعاد عن لغة السلاح في التعامل مع الخلافات السياسية".
وأضاف "نحن كحكومة لكل الليبيين سنساهم في أي حوار جدي من شأنه إنقاذ الوطن بين مختلف الفرقاء، باستثناء الجماعات التي رفعت السلاح في وجه الدولة ومؤسساتها، فهولاء لا مكان لهم على طاولة الحوار ما داموا لم ينصاعوا لشرعية الدولة".
ولفت إلى أن "جدول أعمال الحوار المقترح موضوع نقاش من قبل الجهات المدعوة للحوار ويمكن تعديلها حسب ما يتفق عليه المتحاورون".
وفي معرض رده على سؤال بخصوص عدم تسييل الموازنة العامة للبلاد وتراجع الصادرات الليبية للنفط الخام بسبب الاضطرابات التي تعيشها البلد، قال الثني إنه "تم تكليف محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي خلال المدة الماضية من قبل مجلس النواب وهو السلطة التشريعية في البلاد".
وأعرب عن أمله في أن "يعمل البنك المركزي على تسييل الميزانية العامة للدولة في أقرب وقت"، نافيا "صحة ما توارد من أنباء حول توجه السلطات للاقتراض من البنك الدولي".
وقال إن حكومته "تعمل بكل طاقتها للمحافظة على معدل إنتاج النفط باعتباره المورد الوحيد للميزانية"، مؤكدا أن هذه الحكومة "تسعى للإيفاء بالتزاماتها من العقود المبرمة مع الشركات المستوردة للنفط".
وأعلن الثني عن "وضع آلية يتم من خلالها توريد عائدات بيع النفط للمصرف المركزي الشرعي" دون إعطاء أية تفاصيل عن هذه الآلية.
وحذر البنك المركزي من أن البلاد ستشهد عجزا حادا في الموازنة في 2014 يناهز 50% بسبب تدني العوائد النفطية الناجم عن تراجع اسعار الذهب الاسود عالميا واغلاق موانئ التصدير في ليبيا.
وفي ظل هذا الوضع ، اضطرت حكومة عبدالله الثني والبرلمان المنتخب في 25 يونيو اللذان تعترف بهما الأسرة الدولية إلى الانتقال إلى أقصى الشرق الليبي.
ويؤيد نواب قاطعوا البرلمان، ميليشيات "فجر ليبيا" التي شكلت حكومة موازية متعاطفة مع الاسلاميين برئاسة عمر الحاسي، بعد سيطرتها على العاصمة طرابلس في أغسطس الماضي، وأعادتها إحياء المؤتمر الوطني العام الذي انتهت ولايته من حيث المبدأ مع انتخاب مجلس نواب جديد في ثاني انتخابات حرة بعد سقوط معمر القذافي.
لكن البرلمان المعترف به من الأسرة الدولية قضت المحكمة الدستورية مطلع شهر نوفمبر الماضي ببطلان تعديل دستوري أدى لانتخابه، ما زاد من تعميق المشكلة ووضع المجتمع الدولي في حرج، كما وضع البلد أمام حكومتين وبرلمانين يتنازعان الشرعية على السلطة.