الصفحة الأولى > الشرق الأوسط

تحقيق إخبارى: تنظيم داعش يحول مهنة صيد الأسماك شرقي العراق إلى مهنة قاسية وخطرة

16:43:47 01-03-2015 | Arabic. News. Cn

بعقوبة، العراق 28 فبراير 2015 (شينخوا) ارغمت الظروف الامنية وحالات الاستهداف المباشر العديد من صيادي الاسماك في نهر خريسان احد اهم الانهر في محافظة ديالى شرقي العراق إلى حمل الاسلحة للدفاع عن النفس من تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية (داعش) الارهابي.

حيث يتوجب على الصيادين التزام اقصى درجات الحيطة والحذر خاصة عن وصولهم ما اطلقوا عليه "البقع الحمراء" وهي المناطق الساخنة التي ما تزال تشهد انشطة لبقايا تنظيم داعش، وهذا يحول مهنة صيد الاسماك إلى مهمة شبه قتالية اضطر الكثير إلى القبول بها لانها مصدر عيشهم الوحيد لتأمين مستلزمات البقاء لاسرهم وتوفير جزء من احتياجاتهم.

وقال سامي عبود التميمي صياد سمك وهو يحمل بندقية كلاشنكوف ويضع شبكة متواضعة لصيد السمك في قارب صغير في نهر خريسان على مقربة من بلدة ابي صيدا (30 كم) شمال شرق بعقوبة مركز المحافظة لوكالة أنباء (شينخوا) "انا ذاهب لصيد السمك وليس للحرب لكن الظروف الامنية المحيطة بنا دفعتني إلى حمل السلاح للدفاع عن النفس لان النهر يمر في مناطق ساخنة غير آمنة ما تزال تنتشر بها بقايا من عناصر تنظيم داعش الارهابي التي قد تهاجمنا في أية لحظة".

واضاف التميمي ان " العديد من صيادي الاسماك قتلوا واصيبوا في السنوات الاخيرة بهجمات مباشرة او عبوات ناسفة لذا فان نهر خريسان رغم هدوئه الجميل، لكنه قد يتحول فجأة إلى جحيم بفعل الاشرار".

ويصر التميمي على التمسك بمهنة صيد السمك التي توارثها عن ابيه منذ عدة عقود رغم انها باتت لا تجدي نفعا من الناحية المادية لكنه ما يزال متمسكا بها لانه ببساطة لايمكنه مفارقة نهر خريسان الذي يحمل ذكريات الطفولة والصبا والشباب، على حد تعبيره.

اما جاسم عبدالخالق (صياد سمك) يبلغ من العمر (34 عاما) فقال "لايوجد صياد سمك يتجول في نهر خريسان دون أن يحمل سلاح لان ضفاف النهر خطيرة للغاية خاصة فيما نسميه بالمناطق الحمراء والتي ترمز لحدود النهر الساخنة، وتبدأ من اطراف بلدة ابي صيدا وصولا الى بلدة العبارة (15 كم) شمال شرق بعقوبة".

واضاف عبد الخالق، الذي عاد للتو من رحلة الصيد "عملت يومين ولم اصطاد الا بضعة اسماك، ورغم ان الجهد الذي نبذله في الصيد خاصة من الناحية الامنية كبير، ونتحمل المخاطر التي قد نفقد ارواحنا، إلا اننا نبيع الاسماك بدراهم معدودة (سعرها منخفض)".

واشار عبدالخالق الى ان الكثير من الصيادين هجروا المهنة خلال السنوات الماضية ولم يبق سوى القليل الذين يدفعهم حب النهر إلى الاستمرار في هذه المهنة رغم خطورة الامر.

بدوره، قال اسماعيل الربيعي، (صياد سمك) يبلغ من العمر (45 عاما) وهو يشير الى جرح غائر في ذراعه اليمنى نتيجة شظية ناجمة عن انفجار عبوة ناسفة انفجرت على ضفاف نهر خريسان قبل عام "انا احد الذين اصيبوا من الصيادين بعدما حاول مجهولون قتلي بعبوة ناسفة لكني نجوت من الموت باعجوبة".

ثم يسكت للحظات وينظر الى النهر ويواصل حديثه "إن نهر خريسان هو اخطر انهار محافظة ديالى بالنسبة لصيادي الاسماك، وعلى الرغم من ان الكثير نزف دما اثناء عملنا فيه، لكننا ما زلنا نعود اليه مرددين تعويذة السلامة كوننا نعشق هذا النهر الجميل".

إلى ذلك، قال رأفت جليل، صياد سمك في قرية ابو خنازير (28 كم) شمال شرق بعقوبة القريبة من نهر خريسان إن " ظروف الحياة القاسية ومحدودية فرص العمل دفعت العديد من الصيادين الى تحمل اوزار العمل في مهنة خطيرة للغاية من اجل توفير لقمة الخبز لعوائلهم".

وتابع جليل ان " نهر خريسان شريان الحياة لاكثر من 60 بالمائة من سكان محافظة ديالى لكنه في ذات الوقت يمثل خطرا حقيقيا على الصيادين في مناطق محددة لانها غير ممسوكة من قبل الاجهزة الامنية لذلك انتشر فيها الشر الذي لايفرق بين المدنيين".

من جانبه، اقر عواد الربيعي رئيس اللجنة الامنية في بلدة ابي صيدا، بوجود خلايا نائمة من جماعات مسلحة وخاصة تنظيم داعش الارهابي تنشط في محيط نهر خريسان في بعض المناطق والقرى، مشيرا إلى ان هذه الحالة مرصودة منذ اشهر طويلة.

واوضح الربيعي أن العديد من صيادي الاسماك استهدفوا من قبل الاشرار لانهم يحاولون فرض ارادتهم في هذه المناطق من خلال فوهات البنادق، مبينا ان صيد الاسماك عمل خطير في بعض الاماكن، لكنه آمن في مناطق اخرى.

من جهة ثانية، أفاد راسم الجبوري، الخبير في الثروة السمكية بان نهر خريسان من اهم الانهار في ديالى وهو يغذي اغلب محطات الاسالة (مشاريع الماء الصالح للشرب) في بعقوبة واطرافها واجزاء واسعة من مدينة المقدادية (40 كم) شمال شرق بعقوبة فضلا عن بلدة ابي صيدا.

واضاف الجبوري "ان الثروة السمكية في نهر خريسان إنخفضت بشكل كبير في السنوات الاخيرة لعدة اسباب منها تكرار جفاف النهر نتيجة توقف تدفق المياه من المصدر الرئيس اضافة إلى عدم دعم الثروة السمكية من قبل الجهات الحكومية، فضلا عن الصيد العشوائي".

ويمتد نهر خريسان لمسافة اكثر من (70 كم) من ناظم الصدور الاروائي، شمال شرق بعقوبة ويصل الى بزايز بهرز (20 كم) جنوب بعقوبة ويعد من اهم الانهار خاصة في بعقوبة فهو يمثل شريان الحياة والمغذي الاهم لمشاريع المياه الصالحة للشرب.

وكانت القوات الامنية العراقية قد اعلنت قبل عدة اسابيع تطهيرها كافة مناطق محافظة ديالى من عناصر تنظيم داعش الارهابي، لكن عناصر هذا التنظيم ما يزالون ينفذون بعض الهجمات كلما سنحت لهم الفرصة اخرها اليوم حيث قتل 11 شخصا واصيب 56 آخورن بانفجار سيارتين مفخختين في سوق شعبية ببلدة بلدروز (30 كم) شرق بعقوبة.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101441340278271