الصفحة الأولى > الشرق الأوسط

تحقيق إخباري: فلسطينيون متمسكون بأراضيهم رغم مصادرتها لصالح الاستيطان الإسرائيلي

20:12:51 30-03-2015 | Arabic. News. Cn

محمد أبو الرب، وأسامة راضي

رام الله 30 مارس 2015 (شينخوا) رغم مرور 15 عاما على مصادرة إسرائيل أرضه لصالح الاستيطان فإن ذكرياتها لا تفارق مخيلة الفلسطيني محمد أبو رحمة الذي مازال يتحدث عنها بحسرة وألم.

ويصطحب أبو رحمة (53 عاما) أبناءه بين فترة وأخرى إلى مكان قريب من مستوطنة (ميتتياياهو مزراح) على أطراف بلدة نعلين في رام الله بالضفة العربية، بعيدا عن عيون حراسها، ليريهم أرضهم التي أقيم عليها جزء من تلك المستوطنة الإسرائيلية.

ويمثل "يوم الأرض" الفلسطيني الذي يصادف اليوم (الاثنين) مناسبة لأبي رحمة لحث أبنائه على التمسك بأرضهم التي تبلغ مساحتها ثلاثة دونمات وعدم فقدان الأمل باسترجاعها يوما ما.

ويقول أبو رحمة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن أرضه كانت بطبيعة جبلية ووعرة لكنه كان يزرعها في كل موسم لتنتج المحاصيل التي كان يعيش منها وعائلته".

ويضيف أبو رحمة "حرمنا من أرضنا بعد مصادرتها لكننا لن نتنازل عنها لأنها بالنسبة لنا الماضي والمستقبل حتى لو كنا نعجز عن الوصول إليها في الحاضر".

وقرية نعلين مسقط رأس أبو رحمة واحدة من القرى التي برزت فيما يطلق عليها الفلسطينيون (المقاومة الشعبية) لمناهضة مصادرة الأراضي لصالح التوسع الاستيطاني الإسرائيلي.

ونجح أهالي القرية على مدار الأعوام الأربعة الماضية في استرجاع نحو ألف و300 دونم سبق مصادرتها عبر قرارات من القضاء الإسرائيلي، فيما تبقى أكثر من ألف دونم من أراضي القرية مصادرة لصالح الاستيطان.

وتشهد العديد من قرى الضفة الغربية مظاهرات أسبوعية لمناهضة الوتيرة المتسارعة من إسرائيل بمصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح التوسع الاستيطاني.

ومن هذه القرى كذلك قرية (النبي صالح) شمال غرب رام الله التي صودر 40 إلى 50 في المائة من أراضيها لصالح البناء الاستيطاني وإقامة معسكرات للجيش الإسرائيلي.

ومن ضمن تلك الأراضي المصادرة 30 دونما تعود ملكيتها للفلسطيني ناجي التميمي فقدها قبل نحو ثلاثة عقود لصالح البناء الاستيطاني الإسرائيلي ومنع من من الوصول إليها.

غير أن التميمي وهو في مطلع الستينات من عمره يقول لوكالة انباء ((شينخوا))، رغم كل هذه السنوات ورغم إقامة مستوطنة (حلميش) عليها، فإنه متمسك بحقه فيها كما لو أنه استلم الأمر الإسرائيلي بمصادرتها يوم أمس فقط.

ويعتبر التميمي، أن الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل يتعلق أساسا بالأرض والسيطرة عليها، وهو يؤكد أنه لن يقبل بديلا عن حق استعادة أرضه حتى مماته "لأن مصادرة أرضي غير قانوني ويعبر عن قوة الاحتلال فقط".

ومع إحيائهم الذكرى السنوية ليوم الأرض يبقى الفلسطينيون متشبثون بأراضيهم المصادرة من قبل إسرائيل وهم يعتبرون أن استعادتها أساس لأي حل لإنهاء الصراع الممتد منذ عقود في المنطقة.

وأدى إعلان السلطات الإسرائيلية مصادرة 21 ألف دونم من أراضي الجليل والمثلث والنقب في العام 1976 إلى مظاهرات عارمة في صفوف الفلسطينيين داخل إسرائيل مما أدى إلى مقتل ستة منهم بالرصاص الإسرائيلي.

وإن كانت الحادثة لم تحصل في أراضي الضفة الغربية التي احتلت عام 1967 ويطالب الفلسطينيون بالسيطرة على كامل أراضيها مع إمكانية الموافقة على تبادل طفيف بالقيمة والمثل، إلا أنهم أطلقوا على ذلك اليوم "يوم الأرض" وهم يحيونه سنويا بمظاهرات مناهضة للسياسات الإسرائيلية خاصة الاستيطانية منها ولتأكيد تمسكهم بحقهم في استعادة أراضيهم في الضفة الغربية.

وبعد 22 عاما على توقيعهم اتفاق (أوسلو) للسلام المرحلي مع إسرائيل يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام تصاعد غير مسبوق في وتيرة مصادرة أراضيهم خصوصا للتوسع الاستيطاني.

وينعكس الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون على الأرض نفسه على الجدل الذي يثار بشكل متكرر بشأن الفرص الحقيقة لتحقيق حل الدولتين الذي يدعو إليه المجتمع الدولي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وبهذا الصدد يقول جمال العملة مدير (مركز لأراضي) المتخصص بقضايا الاستيطان ومقره الضفة الغربية ل((شينخوا))، إن اتفاق أوسلو ونهج المفاوضات "فشل في هدفه الرئيس وهو منع إسرائيل من زيادة سيطرتها وتمددها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية".

ويوضح العملة، أنه قبل اتفاق أوسلو كان عدد المستوطنين في الضفة الغربية يقل عن 150 ألف، بينما يبلغ حاليا نحو 600 ألف، كما أن التوسع الاستيطاني ارتفع في نفس الفترة من 6 في المائة إلى 40 في المائة في تمدده على الأراضي المحتلة عام 1967.

وبحسب العملة، دفع التمدد الاستيطاني بحصار الفلسطينيين في ما يشبه "الكانتونات" المعزولة في الضفة الغربية التي تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على نحو 65 في المائة من مساحتها الإجمالية أمنيا وإداريا.

وبحسب الفلسطينيين، فإن الواقع الحالي للاستيطان الإسرائيلي وتمدده المستمر على أرضيهم يقوض عمليا أي فرص لتطبيق حل الدولتين.

ويقول المختص في قضايا الاستيطان عبد الهادي حنتش ل((شينخوا))، إن عدد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وصل إلى 255 مستوطنة مع وجود عدد كبير آخر من البؤر الاستيطانية يتم العمل على شرعنتها وتوسيعها على مراحل.

ويشير حنتش، إلى أن تركيز إسرائيل في مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح التوسع الاستيطاني يقوم على تقطيع أوصال الضفة الغربية وعدم إيجاد فرصة للتواصل بين السكان الفلسطينيين فيها.

ويعتبر حنتش، أن السياسة الاستيطانية لإسرائيل تقوم على هدف رئيس هو تقويض فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة مترابطة جغرافيا، وتحويل الضفة الغربية إلى "كانتونات" معزولة لا يمكن إقامة كيان متصل فيها.

وشكل الاستيطان الإسرائيلي أبرز أوجه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على مدار الأعوام الأخيرة، وكان أحد أبرز أسباب توقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين نهاية مارس 2013 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية لم تفض إلى تحقيق أي اختراق.

ويعبر الفلسطينيون عن خيبة أمل شديدة إزاء عدم إلزام المجتمع الدولي إسرائيل بوقف وإزالة أنشطتها الاستيطانية على أراضيهم رغم الإجماع الحاصل في مواقفه على مناهضة الاستيطان.

ودفعهم ذلك إلى جعل الاستيطان أولوية في توجههم المرتقب لتقديم دعاوى ضد إسرائيل لدى محكمة الجنايات الدولية التي سيبدأ سريان عضويتهم فيها مطلع الشهر المقبل.

ومن المقرر أن تجرى مراسم دبلوماسية الأربعاء المقبل في لاهاي حيث يقع مقر المحكمة الدولية ليتسلم الجانب الفلسطيني كتابا رسميا يؤكد قبول فلسطين الانضمام إلى المحكمة.

ووقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب الانضمام إلى محكمة الجنايات في 31 من ديسمبر الماضي، وشكل لاحقا لجنة وطنية من مؤسسات رسمية وأهلية وحقوقيين لجمع بيانات تدعم مواضيع الشكوى المقدمة إلى المحكمة.

ويقول العضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة الوطنية لمتابعة قضايا التوجه المحكمة الجنايات واصل أبو يوسف ل((شينخوا))، إن الاستيطان على رأس أولويات أي شكاوى فلسطينية ستقدم للمحكمة الدولية.

ويضيف أبو يوسف "نعتبر أن كل الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي غير شرعي وغير قانوني بناء على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي واتفاقيات جنيف التي تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة".

ويشير إلى أن القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي تؤكد على عدم شرعية البناء الاستيطاني الإسرائيلي، وتطالب بإزالة كافة أشكاله من الأراضي المحتلة عام 1967.

وعليه يؤكد أبو يوسف، على جوهرية التوجه الفلسطيني لمحاسبة إسرائيل على مصادرة الأراضي والاستيطان عليها "كون ذلك يشكل جريمة حرب تستهدف منع قيام دولة فلسطينية، ومنع أي آلية دولية لتحقيق السلام عبر حل الدولتين".

وجدد التوجه الفلسطيني إلى محكمة الجنايات الدولية لدى أبو رحمة والتميمي وغيرهم ممن صودرت أراضيهم لصالح الاستيطان الإسرائيلي الأمل في استرجاعها، وإن لم يحدث ذلك قريبا فإنهم وأبناؤهم "سيبقون متمسكون بها مهما طال الزمن" بحسب ما يقولون.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
010020070790000000000000011101451341106491