بعقوبة، العراق 30 مارس 2015 (شينخوا) أعربت قيادات حكومية في محافظة ديالى شرقي العراق عن مخاوفها من انتشار الأمية بين صفوف آلاف النازحين في ظل استمرار معاناتهم وعدم عودة 90 بالمائة منهم إلى منازلهم رغم حسم المعركة مع تنظيم داعش الارهابي منذ أكثر من شهرين.
وقال محافظ ديالى عامر المجمعي، لوكالة أنباء (شينخوا)، "لدينا قلق متزايد من التهام الامية آلاف النازحين خاصة من شريحة الاطفال الصغار الذين ما يزالون في المراحل الاولى للدراسة لان جزءا ليس قليلا منهم هجر مقاعد الدراسة رغم محاولاتنا الحثيثة فتح مدارس لهم في المخيمات".
وأضاف إن " الفقر الحاد هو أكثر الأمور صعوبة التي نواجهها لان امكانياتنا ضعيفة في هذا الاطار وحجم المساعدات الانسانية الدولية محدودة لا تفي بالحاجة وهذا ما يدفع بعض الاطفال إلى ترك الدراسة والبحث عن فرص عمل لتأمين قوت اسرهم".
من جانبها، أشارت عضو مجلس ديالى نجاة الطائي إلى أن اعداد النازحين في المحافظة يزيد على 140 ألف نسمة وهم يشكلون ما نسبته 10 بالمائة من سكان محافظة ديالى، جزء كبير منهم يسكن في اربعة مخيمات كبيرة في محيط وداخل مدينة خانقين (100 كم) شمال شرق بعقوبة، مركز المحافظة.
واضافت الطائي ان " 90 بالمائة من النازحين لم يعودوا حتى اللحظة لمناطقهم رغم تحريرها وحسم المعركة مع تنظيم داعش قبل اكثر من شهرين لاسباب عدة"، مبينة ان استمرار معاناة النازحين زادت من معدلات تسرب الطلبة خارج المدارس وخاصة الصغار.
وأقرت الطائي بان مرحلة النزوح غيرت في حياة الكثير من الطلبة الصغار ودفعت البعض منهم إلى ترك مقاعد الدارسة بسبب الفقر الحاد الذي ارتفعت معدلاته عقب احداث يونيو العام الماضي، عندما سيطر تنظيم داعش على اجزاء كبيرة من المحافظة.
إلى ذلك، ذكر رئيس لجنة التربية في مجلس محافظة ديالى احمد الربيعي أن تنظيم داعش الارهابي اجتاح مناطق واسعة في المحافظة بعد يونيو الماضي وعمد إلى تفجير وحرق العشرات من المدارس فضلا عن عن اتخاذ مدارس اخرى مقرات او سجون لقمع الابرياء.
وأعرب الربيعي عن اسفه لعدم امكانية الطلبة من استئناف دراستهم نتيجة فقر ذويهم وعدم وجود مدارس، لافتا إلى أن السلطات المحلية تبذل محاولات حثيثة لتأمين مدارس بديلة في أية بقعة يتواجد بها النازحون.
ودعا الربيعي إلى ضرورة تأمين عودة كافة الطلبة النازحين إلى مقاعد الدارسة لتفادي ارتفاع معدلات الامية التي ستمثل عبئا كبيرا على كاهل المجتمع في المستقبل.
من جهة ثانية، قال عمار يوسف طفل نازح يبلغ من العمر (7 سنوات) ويعمل بائع سجائر في سوق بمدينة بعقوبة مركز المحافظة" اجبرت على ترك الدارسة رغم حبي لها لاني والدي قتل قبل عدة اشهر ما دفعني إلى العمل لاعانة اسرتي الفقيرة للعيش"، معربا عن أمله بالعودة الى الدارسة في اقرب وقت.
اما الطفل بهاء جاسم (8 سنوات) نازح يبيع قداحات غاز (ولاعات سجاير) في سوق بعقوبة فقد اشار الى ان منزله احرق من قبل المسلحين وارغم مع اسرته للجوء الى مخيم للنازحين قرب بعقوبة قبل اشهر عدة.
وأضاف جاسم ان " احوال اسرته تغيرت بعد نزوحهم وارغمه الفقر والعوز الى ترك الدارسة والعمل في مهنة بسيطة لتامين جزء من احتياجات اسرته خاصة بعد اصابة والده بمرض خبيث جعله يلزم الفراش منذ ثلاثة اشهر ".
على صعيد متصل، قال عبد الوهاب العاني، المختص بالشئون التربوية "إن الامية موجودة بديالى وهي تبلغ نسبتها نحو10 بالمائة من السكان بالوقت الحالي، جزء كبير من اسبابها احداث الحصار الاقتصادي في عقد التسعينيات من القرن الماضي وما سببه من وضع استثنائي طال كل الاسر".
وتابع العاني ان " احداث يونيو الماضي (سيطرة تنظيم داعش على اجزاء واسعة من المحافظة) كانت بمثابة انتكاسة طالت كل القطاعات ومنها التربية والتعليم"، مبينا ان احوال آلاف الاسر تغيرت خاصة في البعد المعيشي وهذا ما ادى الى تفاقم الفقر وتسرب اعداد ليست قليلة من الاطفال الى الاسواق للعمل في مهن مختلفة لتامين قوت اسرهم.
واشار العاني إلى أن الاطفال المتسربون بالوقت الحالي هم من سيزيدون معدلات الامية في ديالى بالمستقبل، داعيا الى اعداد برامج حكومية طموحة لدعم الاطفال الفقراء وخاصة النازحين من اجل مواصلة الدراسة.