الخرطوم 3 ابريل 2015 (شينخوا) يسجل الجنيه السودانى ارتفاعا مفاجئا فى سعره مقابل العملات الاجنبية، وسط توقعات بانتعاش اقتصادى فى السودان على خلفية التقارب السياسى بين السودان ودول الخليج بعد انضمام الخرطوم للتحالف العربى بقيادة السعودية والذى يشن حربا فى اليمن.
وعلى مدى ثلاثة ايام متتالية واصلت العملة الوطنية السودانية (الجنيه) ارتفاعها أمام العملات الأجنبية ولاسيما الدولار الأمريكي الذي بلغ نحو 8.8 جنيه مقارنة بـ 9.5 في منتصف مارس الماضى.
وأعلن وزير المالية السوداني بدر الدين محمود عن ترتيبات جارية، قال إنها ستطيح بالدولار في السوق الموازي قريبا، من دون أن يكشف عن طبيعة هذه الترتيبات.
وقال محمود، فى تصريحات نقلتها وسائل اعلام سودانية اليوم (الجمعة)، " أن الفترة المقبلة ستشهد تحسنا واضحاً في علاقات التعاون الإقتصادي بين السودان ومحيطه العربي، ما سيكون له مردود ايجابي على الاقتصاد الكلي وليس سعر الصرف فقط".
وتابع " لقد تحسن سعر الصرف مع انفراج علاقات السودان مع المحيط العربي أخيرا، كما ان الحكومة أجرت العديد من السياسات والترتيبات على مستوى المالية والموازنة والمستوى النقدي مما أدى إلى خفض التضخم وتقوية الجنيه".
وتوقع الوزير السودانى "الإطاحة" بسعر الصرف في السوق الموازية قريباً، قائلا " نتوقع انخفاض الدولار بصورة أكبر في الفترة القادمة مما يجسر الفارق بين سعري الصرف الرسمي والموازي، إن مشاركة السودان في الحلف الخليجي ستحقق فوائد اقتصادية مقدرة للبلاد".
ويشارك السودان في التحالف العسكرى بقيادة السعودية لمقاتلة جماعة الحوثيين فى اليمن فى اطار عملية عسكرية تسمى " عاصفة الحزم".
وتحدثت تقارير اعلامية عن ايداع المملكة العربية السعودية وديعة بقيمة 4 مليارات دولار في بنك السودان المركزي، مما اسفر عن تراجع كبير فى سعر العملات الاجنبية ولاسيما الدولار امام الجنيه السودانى.
وتوقع خبراء اقتصاديون ومراقبون ان يواصل الجنيه السودانى انتعاشه مقابل العملات الاجنبية الاخرى.
وقال الخبير الإقتصادي عبد النعم نور الدين الأمين العام السابق لاتحاد الصرافات في السودان فى تصريحات صحفية نشرتها وكالة السودان الرسمية للانباء اليوم " لقد بدأ عدد من مخزني النقد الأجنبي بطرح مخزونهم خوفا من استمرار انخفاض الأسعار".
وأضاف " ان توالي أنباء عن حصول السودان على وديعة استثمارية لدعم احتياطي العملات الأجنبية كان لها الأثر الكبير على السوق وتزايد المعروض مقابل قلة الطلب".
وتوقع نور الدين حدوث انتعاش اقتصادى على المدى القريب، وقال " إن شح المداخل في القنوات المصرفية العالمية وصعوبة التحويل للدول الأخرى كان سببا في إحجام المستثمرين، ونتوقع تزايد التدفقات الاستثمارية بعد أن زلل قانون الاستثمار كثيرا من العقبات أمام المستثمرين وساوى بين المستثمر المحلى والأجنبي".
وطالب الحكومة بان تعمل عبر آلياتها على جذب مدخرات العاملين بالخارج وحفز أسرهم على صرف المدخرات بدلا عن التخزين، وقال " الوضع مشجع الآن ولاسيما بعد القرارات الاخيرة الصادرة عن البنك المركزى فيما يتصل بصرف المبالغ الواردة من الخارج عبر التحاويل المباشرة أو التغذية النقدية بإضافتها لحساب المستفيد طرف المصرف الذي يتعامل معه، أو تحويلها لحسابه لدى أي مصرف آخر، أو تحويلها للخارج أو صرفها نقداً بالعملات الأجنبية".
ومع ارتفاع قيمة الجنيه السودانى، يوالى معدل التضخم في السودان انخفاضه منذ عدة شهور، وسجلت آخر احصائية للتضخم فى شهر فبراير الماضى انخفاضا ملحوظا اذ سجل نسبة 23 بالمئة مقارنة بـ 24 بالمئة في شهر يناير الماضى، وذلك وفقا للجهاز المركزي للإحصاء فى السودان.
وكان البنك المركزي السوداني قد خفض سعر الجنيه نحو 22.6 % مقابل الدولار فى نوفمبر من العام 2013 لمواجهة النقص الحاد فى العملة الاجنبية.
ويبلغ السعر الرسمى 5.6871 جنيه للدولار، وكان السعر الرسمي في عام 2011 نحو ثلاثة جنيهات للدولار وذلك قبل انفصال جنوب السودان والذى افقد السودان نحو 70 بالمائة من ايراداته النفطية.
وقال الخبير الاقتصادى عبد الخالق محجوب فى تصريح لوكالة أنباء (شينخوا) " تحتاج الحكومة الى اجراء معالجات لتقليل الفجوة بين السعر الرسمى والموازى للجنيه مقابل العملات الاجنبية الاخرى".
وأضاف " بعد ارتفاع قيمة الجنيه مقابل العملات ولاسيما الدولار الامريكى لابد من مراجعة قرار البنك المركزى لعام 2013 بخفض سعر الجنيه، لابد من تدخل آخر لرفع قيمة الجنيه تعاطيا مع المستجدات الحالية".
وأدى انفصال جنوب السودان في عام 2011 إلى حدوث اختلالات أساسية في جسم الاقتصاد السوداني, إذ فقد الاقتصاد ما يزيد على 70 في المائة من موارد النقد الأجنبي، ما خلق فجوة كبيرة وأحدث هزة عنيفة في سوق النقد الأجنبي وسعر الصرف.
كذلك، أثر الانفصال على إيرادات الموازنة العامة فانخفضت بما يقارب 50 في المائة مما أحدث فجوة ضخمة في موازنة الدولة وارتفاعا كبيرا في عجز الموازنة.
وأدت كل تلك العوامل مجتمعة إلى ارتفاع معدل التضخم وتدني الإنتاج المحلي وارتفاع تكلفته، وشهد الاقتصاد السوداني تدنيا واضحا في معدلات النمو في الناتج الإجمالي المحلي منذ عام 2011 "عام الانفصال" حيث انخفض معدل النمو من 5.2 في المائة في عام 2010 إلى 1.9 % في عام 2011 ثم إلى 1.7 عام 2012.
وأعلنت الحكومة السودانية فى سبتمبر 2013 حزمة اجراءات تهدف إلى إصلاح الاقتصاد المتعثر, تضمنت زيادة أسعار المواد البترولية, وهو ما أثار وقتها موجة احتجاجات شعبية.