تحقيق أخباري : استئناف قطار " النزهات " بعد توقفه لخمس سنوات يعيد الفرحة لأهالي دمشق

دمشق اول مايو 2015 ( شينخوا ) انطلقت اليوم ( الجمعة ) أول رحلة لـ " قطار نزهة " بين محطتي الربوة ( غرب دمشق ) ، ودمر ( ريف دمشق ) بعد توقف دام حوالي خمس سنوات بسبب الازمة التي نشبت منذ منتصف مارس 2011 ، ليعرب معظم اهالي دمشق عن فرحتهم بعودة استئناف رحلات القطار بين دمشق وريفها وسماع صوت صافرته وهي تدوي في سماء العاصمة من جديد .

ويشار إلى أن قطار " النزهات " الشهير كان ينطلق من محطة القدم ( جنوب العاصمة دمشق ) وينشط خصوصاً في أيام الإجازات والنزهات (السيران) باللغة المحلية ، لكنه توقف قبل بضع سنوات عن رحلته المعتادة لأسباب فنية ولخضوع العربات التراثية لأعمال ترميم وإصلاح ، ليعاود نبضه اليوم حاملاً معه أمل عيشٍ وسلام يطمح إليه السوريين عموما.

ولكن القطار سار هذه المرة اليوم بدون القاطرة البخارية الشهيرة، حيث استخدمت قاطرتين من هنجاريا من طرازSchoma 1974، تم إعادة تأهيلهما، لجر عربة، تتسع لـ 80 شخصاً، في رحلة القطار التي قطعها بين منطقتي "الربوة" و"دمرّ" بمسافة تقدر بين 3 إلى 4 كيلومترات تقريبا، بمحاذاة مجرى نهر بردى الشهير الذي يخترق دمشق ، واستغرقت الرحلة قرابة النصف ساعة ذهابا وإيابا .

وأكد حسنين علي مدير عام المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي في تصريح للصحفيين " جاهزية القطار والسكة الحديدية للقيام برحلات يومية بعد إعادة صيانتهما " ، لافتا إلى التنسيق بين وزارتي النقل والسياحة لتفعيل " السياحة الشعبية " من خلال رحلات القطار خلال العطل.

وأشار علي إلى أن قطار " نزهة " توقف عن العمل منذ بداية الأزمة في سوريا حرصا على سلامة الركاب ، لافتا إلى أن هذا القطار " سيسهم في حل أزمة النقل ولا سيما لطلاب الجامعة والموظفين عبر مروره على خط ( دمر الربوة ساحة الأمويي ) ، بأسعار تشجيعية تناسب جميع فئات المجتمع السوري " .

ومن جانبها بينت مديرة سياحة دمشق المهندسة مي الصلح في تصريح مماثل أن المشاركة في اطلاق القطار تأتي في إطار خطة وزارة السياحة واستراتيجيتها للاهتمام بالسياحة الشعبية وتأمين متطلبات المجتمع السوري ، مشددة على أن "الشعب السوري قادر على تخطي المحن وهو حي رغم الأزمة التي يتعرض لها ".

وبدوره أكد المهندس أيمن رعيدي مدير الحركة والنقل في المؤسسة أن أعمال الصيانة تمت بشكلها الأفضل واستمرت نحو 20 يوما إذ تم اخراج العربة والقاطرات من محطة القدم إضافة إلى تجهيز الخط لضمان سلامة عبور القطار على السكة " ، مشيرا إلى أن " القطار سينطلق برحلتين يوميا صباحا وظهرا بسعر 50 ليرة للراكب كما ستتم دراسة تكثيف الرحلات في أيام العطل بما يتناسب مع إقبال الركاب ".

وفي سياق متصل نظمت وزارة السياحة فعالية شعبية تحت عنوان " نبض بردى " قبل انطلاق القطار من محطة الربوة تحاكي الواقع التراثي في سوريا إلى جانب معرض لصور القطارات القديمة في سوريا بحديقة دمر تجسد الإرث الحضاري والتاريخي لسوريا.

وقال أحمد الساروجي 65 عاما لوكالة أنباء ( شينخوا ) بدمشق وشارك في انطلاق الرحلة الاولى لقطار النزهة إن " رحلة القطار الآن مختصرة " ، مؤكدا أن رحلة قطار النزهات كانت تمتد من محطة القدم ، بجنوب العاصمة دمشق لتصل إلى بلدة سرغايا ( بريف دمشق شمال غرب) على الحدود السورية اللبنانية باستخدام القاطرة البخارية ، تجر عربات خشبية " ، مشيرا إلى أن الظروف الامنية الحالية وخروج بعض المناطق عن سيطرة الدولة جعلت الرحلة اليوم مختصرة .

وأعرب الساروجي عن فرحته باستئناف قطار " نزهة " ، مشيرا إلى أن هذا القطار له ذكريات حلوة لدى عموم اهالي دمشق ، ولا تزال صافرته تدوي في ذاكرتنا حتى الان .

ويشار إلى أن الخط الحديدي الحجازي احتفل بمئويته الاولى عام 2009 ، كما استخدم هذا القطار باعمال سينمائية وغنت المطربة المصرية شادية أغنية " ياطيرة طيرة ياحمامة ما بين دمر والهامة " المستوحاة من تراث ابو خليل القباني أهم كاتب مسرحي في سوريا ، وأحد مؤسسي المسرح في سوريا .

كما تعرضت محطة الهامة بريف دمشق التي كان يصل اليه قطار " النزهات " بسبب سيطرة مقاتلي المعارضة المسلحة على هذا البلدة في عام 2011 ، واستولوا على المحطة والقاطرات البخارية ، كذلك محطة القدم التي شهدت اعمال عنف ، وتعرضت للتخريب ، وفيها صالة توثيق حياة القطارات في سوريا .

وبدوره استذكر ابو عدنان 54 عاما الايام الجميلة التي كان يقضيها اثناء ركوبه قطار النزهات الذي ينطلق من القدم مرورا بدمر وصولا الى الهامة وسرغايا بريف دمشق ، وخاصة في فصل الربيع ، مشيرا إلى ان المياه في نهر بردى كانت تصدر صوتا يشبه صوت الغناء .

وقال أبو عدنان لوكالة أنباء ( شينخوا ) بدمشق والذي لم يتردد في المجيء إلى محطة القطار لشراء تذكرة بقيمة ( 50 ليرة سورية ) والركوب في القطار لاستعادة الذكريات السابقة ، وقال " رغم كل ما يحصل في سوريا من قتل ودمار ، إلا أن عودة استئناف الرحلات جعلتنا نشعر بأن الحياة لا زالت جميلة " .

وقال الشاب أحمد 36 عاما إن " تسيير قطار الربوة المعروف بقطار النزهة على كتف نهر بردى لا يعني شيئا بالمعنى الاقتصادي ولا الخدمي ، لكنه بقيمته المعنوية يعني تمسك الناس بأي طقس للفرح بعد كل هذا السواد المحدق بهم " .

ويشار إلى أن المؤسسة العامة للسكك الحديدية تمتلك أقدم قاطرة بخارية في العالم ما زالت تعمل، وحالياً تسعى المؤسسة لدخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية بهذه القاطرة التي تعود لعام 1894، بعدما اكتمل تأهيلها بخبرات محلية في معمل القدم، قرب دمشق، حيث تصنع القطع التبديلية فيه بأيدي كادر فني محلي وتبدل قضبان سحب البخار, وأنجز هذا العمل فعلاً بعد الاستعانة بخبرات العاملين القدماء الذين دعتهم المؤسسة للمشاركة في صيانة هذه القاطرات التاريخية وتدريب الكوادر الشابة على صيانتها ، أما الرقم القياسي الثاني الذي تسعى المؤسسة لدخول موسوعة جينيس به فهو امتلاكها أكبر متحف سككي في العالم، وموقعه في محطة القدم جنوب دمشق، على أرض مساحتها 4 آلاف متر مربع .

وبلغت إيرادات المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي خلال النصف الأول من 2014 نحو 179 مليون ليرة ( الدولار يساوي 265 ليرة سورية ) ، بنسبة تنفيذ 152 بالمئة مقابل 117 مليون ليرة عن الفترة ذاتها من 2013.