صنعاء 9 مايو 2015 (شينخوا) أعلنت منظمة الصحة العالمية أن المنظومة الصحية في اليمن اختلت وباتت على وشك الانهيار الكلي وأن الأمراض السارية بدأت بالعودة والانتشار, وأن أعمال العنف خلفت خلال الفترة الأخيرة مقتل 1439 شخصا وجرح 5951 آخرين.
وقال الدكتور أحمد شادول ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، إن الأوضاع الصحية والإنسانية في معظم محافظات اليمن تمر بأوضاع سيئة للغاية, وإن استمرار أعمال العنف إضافة إلى القصف الجوي فاقم كثيرا الأوضاع الصحية والإنسانية التي كانت في الأصل تعاني من التدهور والضعف.
وأضاف أنه على الرغم من التحذيرات المستمرة بعدم استهداف المرافق الصحية والعاملين الصحيين وسيارات الإسعاف، والسماح لوصول المساعدات الطبية والمواد الإغاثية إلا أن أعمال العنف زادت وتيرتها مما أدى إلى تدهور الوضع الصحي والإنسانية بشكل مأساوي.
وأكد شادول أن الانهيار الصحي في اليمن بات وشيكا جدا في حال استمر الوضع على ما هو عليه، مشيرا إلى أن بعض الأمراض بدأت تنتشر في هذه الفترة مثل التهابات الجهاز التنفسي والإسهالات بالنسبة للأطفال، كما انتشرت الحميات في الفترة الأخيرة.
وتابع "الوضع الصحي في مرحلة حرجة للغاية"، وقال إنهم يجدون صعوبة كبيرة في إيصال المعدات الصحية والمستلزمات الطبية والأدوية اللازمة وتحريك الأطقم الطبية للأماكن المتأثرة نظرا لشح الوقود وانعدام الأمن, وإن المؤسسات الصحية تعاني أيضا من انعدام الكهرباء والمياه النظيفة وشح الوقود اللازم لتشغيل المولدات".
وعن الاحصائيات الخاصة بالضحايا، أكد ممثل المنظمة أنه منذ 19 مارس وحتى 4 مايو 2015، تسببت أحداث العنف الدائرة في مختلف مناطق اليمن إلى مقتل 1439 شخصا وجرح 5951 آخرين، طبقا لبيانات المرافق الصحية، وتشمل هذه الأرقام الضحايا من المدنيين وأطراف الصراع .
وأغلقت أمس الأول في مدينة تعز (256 كلم) جنوب صنعاء ثلاث منشأت صحية منها مستشفى الثورة العام "حكومي" أكبر مستشفى في المدينة نتيجة شح الوقود, كما يتهدد الإغلاق عدد من المنشأت في العاصمة والمحافظات الأخرى , وعلق ممثل منظمة الصحة العالمية قائلا "فعلا بدأت بعض المنشآت الصحية إغلاق أبوابها كليا وبعضها تعمل بشكل جزئي، وحتى تلك المنشآت التي تعمل حاليا بشكل كلي تواجه خطر الإغلاق في حال استمرت الأوضاع بهذا السوء، تداعيات إغلاق المنشآت الصحية ستكون كارثية على العديد من المرضى والجرحى والمصابين الذين يتزايدون خلال هذه الفترة".
وتحدث شادول أنه في الآونة الأخيرة تأثرت كفاءة المنشآت الصحية في العديد من المناطق اليمنية نظرا لتدهور الأوضاع الأمنية ورحيل بعض الطواقم الطبية وصعوبة وصول الإمدادات الطبية لتلك المنشآت، مشيرا إلى أن المنشآت الصحية خصوصا في المناطق المتأثرة تعاني من أعباء إضافية وتعاني من نقص حاد في المعدات الطبية والموارد البشرية.
ونوه ممثل المنظمة العالمية بأن أبرز التحديات التي تواجه تلك المنشآت هي النقص في الإمدادات والمستلزمات الطبية، وقلة الكوادر الصحية، وانقطاع الكهرباء وشح الوقود اللازم للمولدات، إضافة للتهديدات الأمنية التي تتعرض لها المرافق الصحية والأطقم الطبية.
وعن مؤشرات عودة الأمراض السارية في عدد من المحافظات خاصة في محافظة لحج التي تحدثت مصادر طبية عن انتشار فيروس "حمى الضنك القاتل" في أوساط السكان، أكد ممثل المنظمة الدولية أن هناك تقاريرا من محافظة لحج (337 كلم) جنوب شرق صنعاء تشير إلى وجود 484 حالة مشتبهة لحمى الضنك في مديريتي "تبَن" و"الحوطة" وقد تم رصد حالتي وفاة في المديرتين.
وتابع شادول "هناك حالات التهاب رئوي وإسهال حاد وسط الأطفال خصوصا في المناطق التي يسكنها النازحون", في عدد من محافظات الجمهورية.
وقال إن "حالات الملاريا تزداد خصوصا في ظل انتشار المياه الملوثة في مناطق النزوح".
وعن تأثر برامج التحصين الخاصة بمواجهة هذه الامراض السارية، أكد شادول أن "تأثر البرنامج الوطني للتحصين الموسع بسبب اختلال المنظومة الصحية والتي كان السبب الأساسي فيها هو انقطاع الكهرباء والنقص الحاد في المشتقات النفطية إضافة للمشاكل الأمنية في عدد من المناطق مما أدى إلى صعوبات كبيرة في توصيل اللقاحات إلى المرافق الصحية وانخفاض الإقبال على المرافق الصحية بسبب هذه الأوضاع السائدة، مستدركا "مع ذلك، فإن الكوادر في برنامج التحصين وعلى كل المستويات يعملون بتفانٍ للحفاظ على سلامة اللقاح وتوفيره قدر الإمكان في المرافق الصحية".
وعن جهود منظمة الصحة العالمية في ظل الأوضاع الراهنة, قال شادول إن المنظمة "وفرت منذ 19 مارس الماضي معدات ومستلزمات صحية لـ 120 ألف مستفيد في أنحاء اليمن من مخازن المنظمة في صنعاء وعدن والحديدة، إضافة للمستلزمات الخاصة بالتعامل مع الإصابات والتي تكفي لإجراء 1.4 ألف عملية جراحية كبيرة، وأكثر من 11 ألف كيس دم ومغذيات ومهدئات ومعدات الأكسجين ومواد التضميد لأكثر من 20 مستشفى في جميع أنحاء اليمن، ويجري حاليا شراء المزيد من معدات علاج الإصابات الإصابة لتغطية 1000 إصابة شديدة".
وواصل قائلا "بسبب النقص في الكوادر الطبية، وفرت المنظمة فرقا طبية وأخصائيين في مجال جراحة العظام وأطباء تخدير لسد الفجوة والاحتياج لبعض التخصصات الطبية في المناطق المتأثرة, وتغطي المنظمة النفقات التشغيلية لسيارات الإسعاف وتركيب أجهزة التتبع (جي بي أس) لتلك السيارات لمنع سوء استخدامها".
ونوه شادول بأن المنظمة أرسلت منسقين لنظام الإنذار المبكر للأمراض في مختلف المناطق للإبلاغ بشكل منتظم حول الأمراض المعدية لمنع تفشي الأمراض، كما تم إرسال فرق صحية بيئية لمناطق النازحين لمراقبة جودة المياه ورصد الأمراض المنقولة بالمياه.
وفي نهاية حديثه، أشار ممثل منظمة الصحة العالمية إلى أن لديهم نحو 65 طبيبا وفنيا يعملون بصنعاء وعدن وصعدة والحديدة وحرض وغيرها من المناطق.