دمشق 14 يوليو 2015 (شينخوا) أكد خبراء ومحللون سياسيون في سوريا اليوم (الثلاثاء) أن التوصل لاتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني بين ايران مجموعة دول خمسة زائد واحد ، سيكون له نتائج إيجابية ليس على صعيد الازمة السورية فحسب وأنما على صعيد باقي الأزمات التي تشهدها المنطقة العربية، مشيرين إلى أن خارطة من التحالفات الجديدة ستظهر خاصة فيما يخص موضوع مكافحة الإرهاب.
ويرى المراقبون والمحللون السياسيون أن إيران التي وقفت موقفا صلبا تجاه الازمة السورية ورفضت سياسة التدخل العسكري فيها، سيتعزز موقفها أكثر بعد أن أصبحت شريكا مع الدول الكبرى، وسيكون لها موقف مؤثر وفاعل تجاه حلحلة التعقيدات التي تحيط بالازمة السورية إقليميا ودوليا.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد في برقيتي تهنئة أرسلهما اليوم إلى علي خامنيئ قائد الثورة الإسلامية في إيران ونظيره الرئيس الإيراني حسن روحاني بمناسبة التوصل إلى اتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني إن " توقيع هذا الاتفاق يعتبر نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران والمنطقة والعالم واعترافا لا لبس فيه من دول العالم بسلمية البرنامج النووي الإيراني الذي يضمن الحفاظ على الحقوق الوطنية لشعبكم ويؤكد سيادة ايران واستقلال قرارها السياسي ".
وأضاف الرئيس الأسد " نحن مطمئنون إن إيران ستتابع وبزخم أكبر دعم قضايا الشعوب العادلة والعمل من أجل إحلال السلم والاستقرار في المنطقة والعالم ".
كما أعربت الخارجية السورية في بيان لها اليوم عن ترحيبها بالاتفاق التاريخي بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد، مؤكدة أن هذا الانجاز التاريخي يعتبر " دليلا على حكمة القيادة الإيرانية وانتصارا لدبلوماسيتها ولارادة الشعب الايراني وان الاتفاق يؤكد أهمية انتهاج الدبلوماسية والحلول السياسية الودية لمعالجة الخلافات الدولية بعيدا عن لغة التهديد بالحرب والعدوان وفرض العقوبات غير الشرعية " .
وايران التي تربطها علاقات وثيقة مع الحكومة السورية منذ عدة سنوات ، دفعتها إلى إرسال تعزيزات عسكرية للقتال إلى جانب الجيش السوري في عدد من المناطق، إضافة لوجود عناصر من حزب الله الذي تدعمه إيران ايضا ، الامر الذي أوجد بعض التوازانات على الارض، إضافة لمساندتها اقتصاديا في ظل العقوبات التي فرضت عليها من قبل الدول الغربية .
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوري حميدي العبدالله أن الأزمة السورية وغيرها من الأزمات التي نشبت بعدها كان لها صدى ومواجهة بين إيران من جهة والغرب من جهة أخرى ، مؤكدا أنه بعد انجاز الاتفاق النهائي بين إيران والدول الكبرى ستنتهي القطيعة التي كانت قائمة بين الغرب وايران منذ عام 1979 وتعود العلاقات شبه الطبيعية ومن البديهي أن تلك الأزمات ومن بينها الازمة السورية ستتأثر بمستوى العنصر الذي كان يعكس صدى المواجهة بين ايران والغرب .
وأضاف العبد الله في تصريحات لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق إنه " منذ لحظة الإعلان عن توقيع الاتفاق فإن معنويات هذه الدول ورهاناتها ستتراجع لأن إيران اليوم أصبحت جزءا من المجتمع الدولي ، وستصبح إيران اقتصاديا قوية ، وستزداد مكانها الدولية وبالتالي سيكون هناك نتائج إيجابية على الساحة السورية فورا " .
من جانبه، قال الباحث في الشؤون الدولية الدكتور اسامة دنورة إن " تحسن الأجواء الاقليمية والدولية سينعكس إيجابيا على جميع ساحات المواجهة في المنطقة بما فيها الساحة السورية " .
وأشار دنورة ، وهو الباحث في المعهد العالي للعلوم السياسية في سوريا، إلى أن توقيع إيران لاتفاق نهائي حول ملفها النووي يعد " سابقة جديدة في تاريخ المنطقة لانه يقوم على مبدأ رابح ـــ رابح "، معتبرا أن هذه السابقة من شأنها أن تعطي مجالا لحلول اخرى على نفس النسق لملفات أخرى على اساس فض الاشتباكات الدولي الاقليمي يمكن ان يحقق نتائج عبر التفاوض وليس عبر المقاربة العسكرية.
وأضاف أن " الظروف أصبحت مهيئة أكثر لفض الاشتباك الدولي والاقليمي على الساحة السورية، كما طرأ تحسنا في البيئة الاستراتيجية فيما يتعلق بالمواجهات العسكرية على ساحة المواجهة في سوريا في الموقف السعودي والتركي " .
ولعل بعض اطياف المعارضة السورية في الداخل لن تخرج عن سياق التفاؤل في انعكاس الاتفاق النووي الايراني على واقع الازمة السورية وتعقيداتها.
وقال انس جودة وهو معارض سوري مستقل في الداخل ل( شينخوا) إن " توقيع الاتفاق النووي الايراني سينعكس إيجابيا على منطقتنا بشكل عام فهذا الاتفاق سيدخل ايران إلى نادي الدول الطبيعية القادرة على تنفيذ الالتزامات ، والقادرة على الدخول في اتفاقات، وهذا من شأنه أن يهدأ الوضع قليلا " ، مؤكدا في الوقت ذاته أن " الصراعات في المنطقة لن تنتهي لان بعض الدول العربية تعتبر إيران هي العدو الاول، وليس إسرائيل او دول أخرى "، مشيرا إلى ان الصراع سيأخذ منحا آخر ولن يكون عسكريا بل سياسيا واقتصاديا بالدرجة الاولى.
ورأى المعارض السوري أن بين الانعكاسات القريبة ستكون على موضوع مكافحة الإرهاب لأن إيران ممكن أن تكون حليفا معلنا وشريكا اساسيا في موضوع مكافحة الارهاب وهذا يعني تغيير في خارطة التحالفات المرسومة في المنطقة وسيكون رسم جديد لتحالفات حول مكافحة الإرهاب.
وبين جودة أنه من بين الانعكاسات على المدى البعيد أن الصراع سيبقى موجودا، مع وجود موازين قوى مختلفة بالمنطقة، مؤكدا أن الراعي الامريكي سيحاول طول الوقت ان تكون هذه القوى متوازنة و سنشهد تغيرات كبيرة في هذه التوازنات وستكون إسرائيل لاعب علني ومباشر.
وقد لاقى إعلان التوصل إلى اتفاق نهائي للملف النووي الإيراني ترحيبا وصدا لدى الشارع السوري، الذي يعول كثيرا عليه في تخفيف الازمة التي تركت ثقلا نوعيا على كأهله بشكل مباشر.
وتم التوصل إلى اتفاقية بين إيران والدول الست الكبرى (بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة).
وعقد ممثلو هذه الدول اجتماعا نهائيا في مقر الأمم المتحدة قبل الإعلان عن الاتفاق.
وقال وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر صحفي نقل عن قوله التلفزيون "إنني أعتقد أن هذا الاتفاق لحظة تاريخية، وصفحة جديدة من الأمل."
وتعد إيران من أهم الدول الحليفة لسوريا خلال الازمة التي نشبت فيها منذ مارس 2011، ودعمها اقتصاديا وعسكريا ورفضت اي شكل من اشكال التدخل العسكري فيها.