بقلم/ عماد الأزرق
القاهرة 14 يوليو 2015 (شينخوا) أكدد خبراء ومحللون سياسيون في مصر أن الاتفاق النووي الذي وقع اليوم (الثلاثاء) بين إيران والدول الكبرى مجموعة دول (5+1) سيؤدي إلى تغيير السياسات الخارجية لدول المنطقة وعدد من التكتلات والتحالفات العالمية.
وأوضحوا أن الاتفاق الجديد سيكون له انعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة وعميقة على دول المنطقة بوجه خاص، ودول العالم بشكل عام.
ورأى محمد محسن أبو النور باحث الشئون الإيرانية بجامعة الأزهر أن الاتفاق النووي سيغير من خريطة السياسات ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، وانما في مجمل التكتلات والتحالفات حول العالم.
وقال ابو النور لوكالة أنباء (شينخوا) إن الاتفاق النووي سيدفع دول منطقة الشرق الأوسط إلى تغيير سياستها الخارجية وانتهاج سياسات مغايرة وفقا للمعطيات الطارئة التي أفرزها الاتفاق.
وأضاف إن تلك المعطيات تتضمن ثلاثة أمور رئيسة تتمثل في، الضرر المتوقع من الاتفاق والذي سيصيب اقتصاديات الدول الشرق الأوسطية المنتجة للنفط في اطار الإغراق الإيراني المحتمل لتحسين أوضاعها الاقتصادية بعد رفع الحظر المفروض على إيران خلال الفترة الماضية.
وأوضح أن الأمر الثاني يتمثل في اشراك المجتمع الدولي برعاية الدول الكبرى لإيران في مكافحة الإرهاب، وهو ما من شأنه توطيد التموضع الإيراني خاصة في سوريا والعراق واليمن.
أما الأمر الثالث يتمثل في اشراف ايران على ممرات الطاقة الخليجية إلى أوربا التي ماتزال تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط الوراد من المنطقة.
وفيما يتعلق بمصر، يرى الباحث محمد أبو النور أنها كدولة مستوردة للطاقة وتعاني من عجز في الموازنة فإن الاتفاق الإيراني مع الدول الكبرى قد يكون في صالحها إلى جانب عدد من الاضرار الاستراتيجية.
وتابع أن الاغراق النفطي الإيراني سيعمل على انخفاض اسعار النفط إلى مادون الـ 50 دولارا للبرميل، وهو ما يمكن مصر من تحقيق قدرا معقولا من الاستقرار في مواد الطاقة التي تواجه فيها عجزا واضحا، وذلك على الأقل خلال العامين القادمين.
وأكدت وزارة الخارجية المصرية أنها تتابع باهتمام الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين مجموعة الست الكبري وإيران حول الملف النووي الإيراني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطى فى بيان صحفى اليوم "نعكف حاليا علي دراسة بنوده فور الحصول علي نص كامل للاتفاق لدراسته وتقييم مضمونه بدقة".
وأعرب عبد العاطي عن أمله في أن يكون الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الطرفين شاملا ًمتكاملا ويؤدي إلي منع نشوب سباق للتسلح في منطقة الشرق الأوسط وإخلائها بشكل كامل من جميع أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، بما يؤدي إلي تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة ويتفق مع بنود معاهدة منع الانتشار النووي.
وأعرب أبو النور عن اعتقاده بأن الاتفاق النووي سيدخل مصر ودول الخليج في سيرورة لا مفر منها تتعلق بتأمين ممرات الطاقة من وإلى البحر الأحمر.
واردف قائلا "هذا بالاضافة إلى سباق التسلح بالمنطقة والذي يفرضه الاتفاق، والذي اعترف بإيران كقوة نووية حتى لو للأغراض السلمية، مع الابقاء على أكثر من 6500 جهاز طرد مركزي تعمل بكامل طاقتها.
ووقعت إيران ومجموعة دول (5 +1) اليوم اتفاقا أنهى مفاوضات ماراثونية استمرت نحو 12 عاما حول الوضع النووي الإيراني.
من جانبه، أكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الاتفاق بمثابة خطوة مهمة للأمام، وانجاز تاريخي بعد 12 عاما من المفاوضات.
وقال اللاوندي لوكالة أنباء (شينخوا) إن الدول العربية عليها أن تغير سياستها الخارجية تجاه إيران وأن تنظر لها باعتبارها دولة أوسطية واسلامية كبرى، مشيرا إلى أن امتلاك ايران للتكنولوجيا النووية ودخولها النادي النووي بالاضافة إلى باكستان، يعني أن العالم الإسلامي أصبح به قوتان نوويتان.
وأضاف إنه في الوقت الذي يتقارب فيه الغرب مع إيران، فإنه يريد الدول العربية أن تحارب إيران بالوكالة عنه، وبما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية في تدمير القدرات العربية والإسلامية بضرب بعضه بعضا.
وأوضح أن هذا الاتفاق سيعزز من مكانة السلطة الإيرانية داخليا، خاصة بعد أن يتم رفع العقوبات المفروضة عليها وانتعاش الأوضاع الاقتصادية، مشيرا إلى أنه من المتوقع بعد رفع العقوبات أن تشهد ايران اقبالا هائلا للاستثمارات الأجنبية.
وتفرض الولايات المتحدة مع الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة منذ نحو عشر سنوات عقوبات على ايران لاجبارها على التفاوض بعد اتهامها بالسعي لانتاج قنبلة نووية تحت ستار برنامجها النووي السلمي.
وبدأت المفاوضات الجدية والحاسمة بين الطرفين في 2013 بعد انتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران وهو الذي وعد في برنامجه الانتخابي بالسعي الى رفع العقوبات عن ايران.
وفي ابريل الماضي، توصل المفاوضون في لوزان الى اتفاق اطار حدد المبادىء الاساسية للاتفاق النهائي.
وأعرب اللاوندي عن اعتقاده بأن الاتفاق يصب في صالح البرنامج المصري للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، مطالبا بأن يكون هناك تعاون بين القاهرة وطهران في هذا المجال.
ويهدف الاتفاق الجديد إلى ضمان عدم استخدام البرنامج النووي الايراني لاغراض عسكرية، مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاده، حيث يفتح الاتفاق الذي يسمح لايران بمواصلة برنامجها النووي السلمي الطريق امام تطبيع في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين ايران والمجتمع الدولي.