بكين 19 فبراير 2015 (شينخوا) تتميز الصين بكونها واحدة من أقدم الحضارات في العالم التي حافظت على ثقافتها الغنية وعاداتها وتقاليدها المتنوعة على مر العصور. وعلى الرغم من اختلاف أساليب الاحتفال بعيد الربيع ومضمونه، غير أنه عيد ما زال يحتل مكانة لا يمكن استبدالها في معيشة الصينيين ووعيهم.
وبينما تستعد الصين لاستقبال عيد الربيع التقليدي الذي يعتبر اكبر أعيادها ، ويصادف اليوم 19 فبراير من عام 2015 والذي يعني بداية السنة الجديدة حسب التقويم القمري الصيني. فقد طرأت على الساحة العديد من المواضيع المتعلقة بعيد الربيع في العام الحالي. وتساءلت العديد من المقالات في الصحف الأجنبية عن السنة القمرية الجديدة، حول ما إذا كانت تسمى سنة الخروف أو العنزة ؟ وفي الواقع فهذا العام يطلق عليه في اللغة الصينية "يانغ" وهو رمز يعني في اللغات الأجنبية إما العنزة أو الخروف. ومن هنا يثار الجدل على مسميات الأعوام الصينية في الخارج كل 12 سنة.
وفي هذا السياق يشير الخبراء الصينيون إلى أن رمز "يانغ" لا يعني نوعاً معيناً من الغنم أو الماعز، بل يكتسي طابعاً مجرداً، فيما يختزن معاني ايجابية ويشير إلى الحظ والتفاؤل. وأضافوا أنه مع الأخذ في الاعتبار أن الأبراج الصينية هي من تقاليد قومية هان الأكبر في البلاد، فمن المرجح أن تكون العنزة هي الحيوان المعني، إذ أنها أكثر الحيوانات شيوعاً في مواشي قومية هان.
وتعتمد رأس السنة الصينية على التقويم القمري والشمسي معا، فيما يختلف موعدها من عام إلى أخر ولكنه دائما ما يأتي بين أواخر يناير ومنتصف فبراير.
ويسمي الصينيون السنة الصينية في التراث الشعبي على أسماء الحيوانات، وهناك 12 سنة في الدورة القمرية يمثلها 12 حيوانا، وأول السنوات الـ12 يبدأ بسنة الفأر، تعقبها سنوات الثور والنمر والأرنب والتنين والحية والحصان والعنزة والقرد والديك والكلب والخنزير.
وتحكي الأسطورة إن "بوذا" دعا كل الحيوانات للمجيء إليه، قبل أن يرحل عن الأرض ، ولم يأت سوى 12 حيوانا لتوديعه، ومكافأة لهم على ذلك سمى كل سنة باسم كل واحد منها بحسب ترتيب وصولها.
وفي الحقيقة فان الامر بدأ عندما قام علماء الفلك الصينيون القدماء بتقسيم الوقت والابراج ، حيث قسموها الى 12 جزءا اشاروا اليها بـ12 رمزا في اللغة الصينية التقليدية. ولكون الامر على الاغلب كان مرتبطا ببعض المعتقدات الصينية في ذلك الوقت، فقد اتخذ طابعا فلسفيا وهو ما صعب فهم الامر بالنسبة لعامة الناس. ولذلك فقد عمدوا الى تحديد حيوان معين لكل رمز. ومن هنا اصبح لكل عام صيني حيوان يرمز اليه.
والى جانب الصينيين، تحتفل بهذه المناسبة أيضا جماعات عرقية كثيرة متأثرة بقوة الثقافة الصينية، مثل اليابانيين، والكوريين، والمنغوليين، والفيتناميين، والتبتيين والنيباليين، والبوتانيين، وأيضا أحد الأقليات الماليزية.
وبالإضافة إلى الاختلاف على كونها سنة الخروف أو العنزة، هناك أبراج صينية أخرى، مثل الأرنب أو الأرنب الوحشي، والثعبان الذي يسمى أحياناً التنين الصغير، والثور الذي قد يشار إليه بالجاموس.
ويبدأ الصينيون في الاستعداد لاستقبال عيد الربيع في اليوم الثالث والعشرين في الشهر الأخير من السنة القمرية حتى آخر يوم في السنة، والذي يعد أهم الأيام التي تتجلى بها مظاهر عيد الربيع حيث يجتمع شمل أفراد الأسرة بينما يقومون بتناول الأطعمة اللذيذة، ومشاهدة حفل رأس السنة الذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية.
واعتاد الصينيون على الاستعداد لاستقبال عيد الربيع بتنظيف المنازل وتعليق المقصوصات الورقية والزينة الحمراء على جدرانها، وفي أول يوم من السنة الجديدة يبدأ التزاور بين الأقارب والأصدقاء للتهنئة بالسنة الجديدة.
ويعتبر عيد الربيع فرصة ذهبية للم الشمل حيث يسارع جميع أفراد الأسرة إلى السفر والعودة إلى منزل الأبوين لقضاء فترة العيد مع أفراد الأسرة والاحتفال وإعداد الأطعمة اللذيذة.
ويحرص الصينيون في المناطق الشمالية على تناول وجبات الـ"جياو زه" التي يتطابق نطقها مع رمز آخر في اللغة الصينية ويعني التبديل. ويشير إلى تبديل عام بآخر جديد. فيما يتناول الصينيون في الجنوب أكلات مثل الـ"نيان قاو" والـ "تانغ يوان" التي ترمز إلى المعاني الايجابية مثل سنة جديدة أفضل من سابقتها ولم الشمل والوحدة وغيرها .
كما يشيع في هذه الفترة تزيين المنازل بالفوانيس الحمراء والزينات المختلفة، وإشعال المفرقعات، ويبارك الناس لبعضهم بالعيد. أما الأنشطة الاحتفالية بالعيد فهي كثيرة ومتنوعة. فإلى جانب رقصة الأسد والتنين المألوفتين، هناك لعبة الماجيانغ ورقصة المراكب التقليدية.
واليوم ومع الحفاظ علي الملامح التقليدية للعيد أضاف الناس إليه مضامين جديدة ليكسبوه مذاقا عصريا، فيفضل البعض قضاء العيد في رحلة سياحية خارج الصين. والسبب أن عطلة الربيع تعتبر أطول عطلة في الصين ، ويفضل البعض الآخر إرسال تحياتهم ومباركاتهم بالعيد إلى الأقارب والأصدقاء، عبر الهواتف، أو رسائل الجوال، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ودائما ما اعتاد الصينيون على إعطاء الآخر ين عيدية يضعها الكبار تحت وسائد الأطفال أثناء نومهم. ولكن مع تغير الزمن تغيرت سبل منح العيدية للآخرين . فبينما أصبح تطبيق الويتشات الصيني جزء لا يتجزأ من حياة الصينيين، لم يقتصر دوره في هذا العام على إرسال رسائل التهنئة والمباركة فقط، حيث سارع العديدون باستخدام التقنية التي أضافها التطبيق وتسمح بإرسال العيدية إلى الآخرين .
وعلى الرغم من أن التطور التكنولوجي هو شيء جيد يساعد على تيسير سبل الحياة إلا انه جلب جانبا سلبيا إلى عيد الربيع هذا العام، حيث قضى العديد من الأشخاص وقتا طويلا أمام هواتفهم المحمولة منتظرين العيدية التي يتم إرسالها في مجموعات الدردشة خشية أن تفوتهم الفرصة، وذلك في الوقت الذي من المفترض أن يتجمع فيه أفراد الأسرة لتناول العشاء وتبادل أطراف الحديث.
ويعتبر إطلاق الألعاب النارية من العادات الأصيلة في الثقافة الصينية التقليدية للاحتفال بعيد الربيع الصيني، حيث أن مفاهيم الثقافة الصينية تشير إلى أن أصواتها العالية تطرد الأرواح الشريرة على مدار أيام الاحتفال بالعيد. غير أن العديد من الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدت إطلاق الألعاب النارية التي يصحبها تلوث الهواء علاوة على الضوضاء المزعجة.
ومهما تغيرت الوسائل يظل لم شمل الأسرة هو المعنى الاسمى لعيد الربيع الصيني، حيث يحرص جميع الصينيين على العودة الى بيوتهم مهما كلف الامر ومهما بعدت المسافة. وعلى الرغم من السرعة الكبيرة التي يجري بها قطار التكنولوجيا والحداثة الصيني، الا انه مازال يحمل بين طياته المعاني الاصيلة في الثقافة الصينية التقليدية والتي يحرص الجميع هنا على الحفاظ عليها مهما طال الزمن.
لتبقوا على اطلاع على آخر أخبار الصين تابعونا على:
@XHNews on Twitter at http://www.twitter.com/XHNews and Xinhua News Agency on Facebook at http://www.facebook.com/XinhuaNewsAgency