بكين 15 ابريل 2015 (شينخوا) نشر مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة، مجلس الوزراء الصيني، اليوم الأربعاء كتابا أبيض حول طريق تنمية التبت.
وفيما يلي النص الكامل:
الخيار التاريخي لطريق تنمية التبت
مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية
ابريل 2015، بكين
المحتويات
مقدمة
أولا، انسحاب النظام القديم من مسرح تاريخ التبت أمر حتمي
ثانيا، سلوك التبت الجديدة طريقا تنمويا صحيحا
ثالثا، جوهر "الطريق الوسط" هو تقسيم الصين
رابعا، مظاهر "السلام" و"عدم العنف" الكاذبة
خامسا، سياسة الحكومة المركزية تجاه الدالاي لاما الرابع عشر
خاتمة
إن جمهورية الصين الشعبية دولة موحدة متعددة القوميات أسسها أبناء مختلف القوميات في الصين سوية. على مدى الفترات الطويلة من التطور التاريخي، شكلت القوميات المختلفة في الصين رابطة المصير المشترك للأمة الصينية والتي تتسم بالمشاركة في السراء والضراء. ظلت التبت جزءا من الصين منذ القدم، وقومية التبت عضو في رابطة المصير المشترك للأمة الصينية. وظل مصير التبت يرتبط ارتباطا وثيقا بمصير الوطن الأم العظيم ومصير الأمة الصينية.لقد أبدع أبناء قومية التبت تاريخا باهرا وثقافة مزدهرة في التاريخ، وقدموا إسهاما في إثراء وتنمية التاريخ الصيني والثقافة الصينية. لكن حتى أواسط القرن العشرين، مازالت التبت تحت حكم نظام العبودية الإقطاعي الذي يدمج بين السياسة والدين، حيث كانت قوى الإنتاج متدنية جدا، وعانى المجتمع من التحفظ والانغلاق والانحطاط والتخلف .شرعت التبت تدخل الحضارة الحديثة بصورة حقيقية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949. ومرورا بالتحرير السلمي والإصلاح الديمقراطي وإنشاء المنطقة الذاتية الحكم والإصلاح والانفتاح وغيرها من مراحل التطور المهمة، لم تنجز التبت إنشاء نظام اجتماعي جديد كل الجدة فحسب، بل حققت قفزة تاريخية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية أيضا، وبدأت سلوك طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. تسير التبت على الطريق التنموي اليوم، يعد ذلك مطلبا موضوعيا لتطور الحضارة الحديثة، ويتماشى مع تيار تقدم المجتمع البشري، كما يتفق مع وضع الصين وحقائق تنميتها، ويتطابق مع المصالح الأساسية لأبناء التبت بمختلف قومياتهم. وفي هذا الطريق، أصبح أبناء التبت بمختلف قومياتهم أسياد الدولة والمجتمع ومصير أنفسهم؛ وشهدت التبت تحولا من الفقر والتخلف إلى الرخاء والتحضر، فتظهر أمام العالم بملامح جديدة كل الجدة؛ ويتعايش أبناء التبت بمختلف قومياتهم مع أبناء الشعب بالبلاد كلها بوئام، ويعملون معهم بيد واحدة وقلب واحد، ويخلقون حياة جديدة سعيدة وجميلة سوية؛ وتفتح التبت ذراعيها أمام العالم بموقف منفتح، وتستفيد بنشاط وحيوية من المكتسبات الممتازة للحضارة البشرية.إن الإنجازات الهائلة التي أحرزتها التبت في التطور والتقدم، توضح بشكل مستفيض صحة الطريق التنموي الذي تسلكه التبت. على الرغم من ذلك، بدأت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر التي نُفيت في الخارج لمدة طويلة وتمثل القوى المتبقية لطبقة ملاكي الأقنان الإقطاعية، بدأت الدعاية الغوغائية بـ"الطريق الوسط" خلال السنوات الأخيرة بعد تعرض ما روجته لفترات طويلة من خط "استقلال التبت" بالعنف للفشل، وذلك انطلاقا من الهدف السياسي المتمثل في "استقلال التبت" والحنين إلى نظام العبودية الإقطاعي الذي يدمج بين السياسة والدين في التبت القديمة. يبدو "الطريق الوسط" في ظاهره يدعو إلى "التنازل" و"التوسط" و"السلام" و"عدم العنف"، لكن في الحقيقة أنه ينكر الطريق التنموي الصحيح الذي تسلكه التبت منذ تأسيس الصين الجديدة، ويحاول تأسيس "بلد داخل البلاد" تحت حكم عصابة الدالاي لاما الرابع عشر، على أرض الصين، في سبيل تحقيق هدف "استقلال التبت" على خطوات.
أولا، انسحاب النظام القديم من مسرح تاريخ التبت أمر حتمي
في خمسينات القرن العشرين، كانت الحضارة الحديثة قد نبذت نظام العبودية ونظام القنانة ونظام الرق بشكل تام، لكن مجتمع التبت ظل تحت حكم نظام العبودية الإقطاعي الذي يدمج بين السياسة والدين. إن نظام العبودية الإقطاعي الذي يدمج بين السياسة والدين، يدوس على كرامة الإنسان بفظاظة، وينتهك حقوق الإنسان الأساسية بشدة، ويعرقل تطور مجتمع التبت بشكل أساسي، وينحرف تماما عن تيار التقدم لكل من الصين والعالم.
- الدمج بين السياسة والدين، السلطة الدينية السلطة العليا، كانت التبت القديمة تجسيدا نموذجيا للحكومة الدينية
في التبت القديمة، كانت السلطة الدينية السلطة العليا، حيث تسترت السلطة السياسية على السلطة الدينية، وسيطرت السلطة الدينية على السلطة السياسية، واندمجت السلطة الدينية والسلطة السياسية بعضهما مع البعض، بغية الحفاظ المشترك على حكم المجموعات الإقطاعية الثلاث وهي الموظفون الرسميون والنبلاء وكبار الرهبان في المعابد. يفيد إحصاء أنه قبل الإصلاح الديمقراطي عام 1959، كانت في التبت 2676 معبدا و925ر114 ألف راهب بوذي. وكان عدد الرهبان البوذيين يحتل رُبع تعداد الذكور في التبت، هذه النسبة أعلى بكثير من نظيرتها لرجال الدين في أوروبا في العصور الوسطى، فيعد ذلك نادر المثال حتى في العالم.في ظل الحكومة الدينية، تعرض الدين لتلوث نظام العبودية الإقطاعي، فلم تُعد المعابد أماكن هادئة ومطمئنة للتفرغ لأداء الصلوات للبوذا، بل أصبحت حصونا حاكمة تجمع وظائف ممارسة النشاطات الدينية والسيطرة على السلطة المحلية وتنفيذ الاستغلال الاقتصادي وتخزين القوى المسلحة وإجراء المحاكمة القضائية وغيرها. كانت في بعض المعابد محاكم غير شرعية لم تمتلك أغلال اليد وأصفاد القدم والهراوات فحسب، بل تزودت بأدوات التعذيب القاسية المستعملة لقلع العين وقطع أوتار العضلات، وكانت وسائل معاقبة الأقنان شديدة القسوة. تسجل رسالة تُحفظ حتى الآن، كانت جهة معنية تابعة لحكومة التبت المحلية قد أرسلتها إلى رأس زمرة رابديان في بداية خمسينات القرن العشرين، أنه ذات مرة، ومن أجل تلاوة الأسفار البوذية المقدسة احتفالا بعيد ميلاد الدالاي لاما الرابع عشر، كان لا بد لكافة أفراد معبد جيويمي دراتسانغ من تلاوة الجزء الـ15 (جزء الغضب) من كتاب تشوياو البوذي المقدس وممارسة السحر الواقي من التعازيم. "إنجاز هذا النشاط الديني بصورة عملية، بحاجة إلى رمي الطعام في ذلك اليوم، فنحتاج بإلحاح إلى كمية من الأمعاء الطازجة ورأسين والدماء بمختلف الأنواع وطبقة كاملة من جلد الإنسان، يرجى تقديم هذه الأشياء حالا." كما كانت مجموعة كبار الرهبان في المعابد أكبر مراب من بين المجموعات الحاكمة الإقطاعية الثلاث، احتلت قيمة قروضها الربوية حوالي 80% من مجمل قيمة القروض الربوية تقريبا.كان عدد كبير من السكان لم يقوموا بالإنجاب والإنتاج، وأصبحوا أدوات مارست الحكومة الدينية الاستغلال بها، مما أدى إلى نقص شديد في الموارد الاجتماعية ، وركود نمو عدد السكان لمدة طويلة. بموجب ما تسجله ((سجلات شنغوو0 سجل التبت)) التي تم تأليفها في أواسط القرن التاسع عشر، في السنة الثانية من فترة حكم الإمبراطور تشيان لونغ من أسرة تشينغ (أي عام 1737)، قام مجلس شؤون الأقليات القومية بتحديد المناطق التابعة لحكم الدالاي لاما والبانتشن أرديني في التبت، كان هناك أكثر من 2ر316 ألف راهب لاما، لكن مجمل تعداد سكان التبت (ما عدا منطقة تشامدو اليوم) حينئذ لم يبلغ إلا حوالي 09ر1 مليون نسمة. وحتى بداية خمسينات القرن العشرين، مازال عدد سكان التبت مليون نسمة ونيف، ولم يشهد أي نمو خلال أكثر من 200 سنة.يعد استغلال الدين لتعزيز السيطرة على المجتمع ميزة بارزة للحكومة الدينية. لي يو يي، عالم مشهور في علم التبتيات، كان موظفا رسميا بمكتب لجنة شؤون منغوليا والتبت التابعة لحكومة جمهورية الصين السابقة لدى التبت وعمل في التبت في أربعينات القرن العشرين، قال في المقال الاستعراضي ((التبت، لغز ولم تعد لغزا)) متنهدا: "كان الأقنان في التبت يعانون من الاستغلال والاضطهاد القاسيين إلى هذا الحد، فلماذا لم ينهضوا لمقاومة ذلك؟ كنت أوجه هذا السؤال لهم. من غير المتوقع أن إجابتهم هي الكارما. آمنوا بأن معاناة البؤس والشقاء في هذه الحياة هي نتيجة اقتراف الذنب في الحياة السابقة، ولا يمكن إزالة الذنب إلا عبر معاناة البؤس والشقاء في هذه الحياة، بما يمكن عيش ظروف أفضل في الآخرة. هذا هو ما علمهم رهبان اللاما، لكن أبناء التبت على ثقة تامة بذلك." في وجهة نظر لي يو يي، إن هذا النوع من السيطرة الفكرية بالذات جعل "الأقنان يسعون على مدى الحياة لتراكم الجدارة لمستقبلهم، ضربهم النبلاء بالسوط، لكنهم ظنوا ذلك في صالح إزالة ذنوبهم!"وقال تشارلز بيل، البريطاني الذي كان يطلع على التبت عن كثب، في ((سيرة الدالاي لاما الثالث عشر)): "ألا يهُمك أنك ستصبح إنسانا أم خنزيرا في الحياة القادمة؟ يستطيع الدالاي لاما أن يضمن تناسخ روحك لتصبح إنسانا، تتولى منصبا عاليا، أو أفضل من ذلك - تعمل راهب لاما كبيرا في بلد تزدهر فيه البوذية." أضاف: "لا ريب أن رهبان اللاما استعملوا وسائل الإرهاب الفكري للحفاظ على تأثيرهم ومواصلة الإمساك بزمام السلطة السياسية."
- التقسيم الصارم إلى درجات، الدوس على حقوق الإنسان، كانت التبت القديمة آخر حصن لنظام العبودية الإقطاعي في الشرق
قبل عام 1959، مازالت التبت تحتفظ بنظام العبودية الإقطاعي. كانت الرحالة الفرنسية ألكسندرا ديفيد نيل تقوم بخمس زيارات استطلاعية إلى التبت والمناطق المحيطة بها بين عام 1916 وعام 1924 بالتوالي. وفي عام 1953، نشرت كتاب (( التبت القديمة تواجه الصين الناشئة )) الذي يصف نظام العبودية في التبت القديمة كما يلي: "في التبت، جميع الفلاحين أقنان غارقون في الديون على مدى حياتهم، من الصعب جدا أن نجد أحدا منهم قد سدد كافة ديونه المستحقة." "ومن أجل الحياة، لا بد للأقنان أن يقترضوا أموالا ويستعيروا حبوبا غذائية ومواشي ودواجن بمقابل فوائد مرتفعة. لكن ما يحصدونه في السنة المقبلة لن يكفي تسديد الفوائد المتضخمة إلى الأبد." "لا حول ولا قوة، فيضطرون إلى استعارة الحبوب الغذائية والبذور مرة أخرى.. يتصرفون بهذا الشكل سنة بعد سنة، ولن يتوقفوا أبدا، فلا يستطيعون التخلص من الديون حتى على فراش الموت، هكذا تكون تلك الديون موضوعة على عاتق أولادهم، ويتعرض هؤلاء الأولاد المساكين لاضطهاد الديون المتوارثة منذ بداية عملهم في الحقول، أما مصدر الديون، فيرجع إلى زمن بعيد، لا يعلمونه إلى الأبد." "لا يمكن لهؤلاء المساكين إلا أن يبقوا على الأرض الجدباء على مدى حياتهم. تفوتهم كافة حريات الإنسان، ويصيرون أفقر فأفقر سنة بعد سنة."في ظل نظام العبودية الإقطاعي، كان الناس يُقسمون إلى درجات مختلفة. إن (( الشرائع الثلاث عشرة)) و(( الشرائع الست عشرة)) اللتين كانتا معمولا بهما في التبت القديمة لمدة مئات السنين، تقسمان الناس إلى تسع درجات من ثلاثة أصناف، مما جعل نظام الدرجات الاجتماعية الصارم قانونيا. تنص(( الشرائع )): "ينقسم الناس إلى الأصناف الأعلى والمتوسط والأدنى، وينقسم الناس من كل صنف إلى الدرجات العليا والمتوسطة والدنيا. يتم تحديد الأصناف الثلاثة حسب السلالة والمنصب"، "يقسم الناس إلى أصناف ودرجات مختلفة، فتختلف قيم حياتهم"، "إن حياة المرء من الدرجة العليا من الصنف الأعلى يساوي ثمنها الذهب البالغ وزنه وزن جثته"، "أما ثمن حياة المرء من الدرجة الدنيا من الصنف الأدنى فلا يساوي إلا حبل قش".جعل نظام العبودية الإقطاعي المتخلف والحكومة الدينية التي تدمج بين السياسة والدين، التبت القديمة مجتمعا ذا هوة ساحقة بين الأغنياء والفقراء. حتى أواخر خمسينات القرن العشرين، كاد أفراد المجموعات الحاكمة الإقطاعية الثلاث ووكلاؤهم الذين يقل عددهم عن 5% من تعداد سكان التبت، يمتلكون كافة الأراضي الزراعية والمراعي والغابات والجبال والأنهار والشواطئ ومعظم المواشي والدواجن في التبت. يفيد إحصاء أنه قبل الإصلاح الديمقراطي عام 1959، كانت في التبت 197 أسرة نبيلة وراثية، منها 25 أسرة نبيلة كبيرة، امتلك كل أسرة من الأسر النبيلة السبع أو الثماني الأكبر، عشرات المزارع وعشرات آلاف كه من الأراضي (الهكتار يساوي 15 كه). أما أسرة الدالاي لاما الرابع عشر، فكانت تمتلك 27 مزرعة و30 مرعى عمل فيها أكثر من 6000 من الرقيق. وامتلك الدالاي لاما الرابع عشر وحده 160 ألف ليانغ من الذهب و95 مليون ليانغ من الفضة (ليانغ وحدة قياس قديمة للذهب والفضة)، إضافة إلى أكثر من 20 ألف قطعة من المجوهرات والأعمال اليشمية وما يزيد عن 10 آلاف من الملابس الحريرية المتنوعة ومعاطف الفرو الثمينة. لكن الأقنان والأرقاء الذين احتلوا 95% من عدد سكان التبت، لم يملكوا شيئا، وعاشوا حياة مؤلمة ومحزنة، وليس لديهم أي حق إنساني. وبالنسبة لهم، يقول مثل شعبي تبتي: "حياتهم ممنوحة من الآباء والأمهات، لكن أجسادهم مملوكة للموظفين الرسميين. لا يحق لهم تقرير مصيرهم، رغم تمتعهم بالحياة والبدن."
- الانغلاق والتخلف، الابتعاد عن الحضارة الحديثة، لم تكن التبت القديمة "شانغريلا" الخيالية على الإطلاق
في ثلاثينات القرن العشرين، كان الكاتب البريطاني جيمس هيلتون قد صوّر أرضا سعيدة ساحرة ورائعة في الدنيا - "شانغريلا" في كتابه (( الأفق المفقود )). منذ ذلك الحين فصاعدا، أضحى البحث عن "شانغريلا" حلما لأعداد كبيرة من الناس، حتى اتخذ بعضهم التبت كمنشأ "شانغريلا". على الرغم من ذلك، أنها مجرد أمنية طيبة يتمناها الناس، وليست في التبت القديمة أي "شانغريلا" على الإطلاق . يمكننا أخذ فكرة بسيطة عن تخلف التبت القديمة من خلال الاطلاع على الأحوال التالية: حتى التحرير السلمي عام 1951، ليست في التبت مدرسة بالمعنى الحديث، وبلغت نسبة الأمية بين الشباب والكهول 95%؛ ليس فيها العلاج الطبي الحديث، كان التوسل إلى الآلهة والتعبد للبوذا الطريقة الرئيسية التي لجأ إليها معظم الناس لعلاج المرض، ولم يبلغ متوسط العمر إلا 5ر35 سنة؛ ليس فيها طريق عام نظامي، اعتمد نقل البضائع وإرسال البريد اعتمادا تاما على حمل الناس والحيوانات؛ لم يكن فيها إلا محطة كهربائية صغيرة سعتها 125 كيلووات، وكانت مخصصة للدالاي لاما الرابع عشر وعدد قليل من ذوي الامتيازات.كان جميع الزائرين إلى التبت القديمة، سواء أ كانوا صينيين أم أجانب، متأثرين بملامحها الاجتماعية المتخلفة، ووصفوها بأوصاف كثيرة تجعل القراء يشعرون بأنهم يعاينون التبت القديمة. في عام 1945، قال لي يو يي بعد شهور من استطلاع التبت عن كثب: "خلال أكثر من 1700 ميل من رحلتي على طول المجرين المتوسط والأسفل لنهر يالوتسانغبو، ما رأيته هو مشهد منحط. كنت أرى عدة أطلال فارغة كل يوم خلال رحلتي، حيث تراءت آثار الحقول الزراعية بشكل غامض، واختفى الإنسان دون أن يترك أي أثر. كنت أمرّ بأكثر من مائة بلدة فارغة من هذا النوع.. انطلقت للاستطلاع في موسم الحصاد الخريفي. وفي هذا الموسم، يمكنك أن ترى السرور الذي يعلو على وجوه الفلاحين حتى في الأرياف المتخلفة بالمناطق الداخلية. لكن في أرياف التبت عام 1945، لم أر أي وجه مسرور. ما رأيته مجرد التعنيفات والضربات التي وجهها النبلاء و'تسالينغبا' (جباة ضريبة الأرض) إلى الأقنان، وما سمعته مجرد بكاء وتنهد الأقنان."قال أدموند كاندلر، الذي كان يعمل صحفيا بالهند لصحيفة (( ديلي ميل )) البريطانية، في (( ملامح لاسا الحقيقية )) التي نشرت عام 1905: إن لاسا "مدينة وسخة إلى درجة لا يمكن وصفها، لا توجد أنابيب التصريف فيها، ولم تبلط الطرق بالأحجار. لا بناية تبدو نظيفة أو تُنظف بين حين وآخر. وبعد المطر، تصبح الشوارع مناقع مياه آسنة تأكل الخنازير والكلاب المخلفات فيها."استعرض دو تاي (قومية التبت)، الذي كان يتولى منصب رئيس مديرية الإذاعة والتلفزيون بمنطقة التبت الذاتية الحكم، قائلا: "عندما جئت إلى لاسا عام 1951، كان فقر هذه المدينة وخرابها أشد مما توقعت أنا فعلا. في ذلك الوقت، لم يكن في لاسا شارع لائق باستثناء شارع باركور بجوار معبد جوكهانغ، وليس فيها أي مرفق للخدمات العامة، ولا مصابيح الشوارع ولا أجهزة الإمداد بالمياه وتصريفها. رأيت جثث الوفيات بردا وجوعا في الشوارع بين حين وآخر، إضافة إلى المتسولين والمجرمين وقطعان الكلاب. في غرب معبد جوكهانغ قرية متسولين اسمها 'لوبوبانغتسانغ'، وتجمع المتسولون قرب معبد راموتشي أيضا. كان عدد المتسولين يتراوح بين 3000 و4000 فرد، محتلا أكثر من عُشر عدد سكان المدينة."في عام 1950، بعث نجابوي نجاوانج جيجم، الذي كان يعمل كالون (كبير المسؤولين) لحكومة التبت المحلية السابقة ثم تولى منصب نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، بعث برقية إلى كاشاق (حكومة التبت في الماضي) لإبلاغها عن وضع منطقة تشامدو، قال فيها: "بسبب اضطراب الوضع، يعيش السكان المحليون حياة مؤلمة للغاية، حتى في بعض دتسونغ (بمثابة المحافظة)، لا يوجد تسانبا (الدقيق التبتي المحمص) إلا في 7 أو 8 عائلات، بينما يعيل الآخرون أنفسهم بجذور النباتات (اللفت)، المتسولون أفواجا أفواجا، لا ترى العين إلا قفرا موحشا."تدل حقائق هائلة على أن النظام القديم في التبت قد وصل إلى نهايته في أواسط القرن العشرين. استعرض نجابوي نجاوانج جيجم قائلا: "أتذكر أنه في الأربعينات، كنت أتحدث مع بعض أصدقائي الأحماء حول أزمة المجتمع (النظام) القديم في التبت مرات عديدة، وفي اعتقادنا جميعا أنه إذا استمر هذا الشكل القديم، فلن تمضي فترة طويلة حتى يموت جميع الأقنان، ثم يموت النبلاء أيضا، وسينهار المجتمع كله."في خمسينات القرن العشرين، حقق معظم الدول والمناطق بالعالم فصل الدين عن السياسة، لكن التبت في ذلك الوقت مازالت تنتهج هذا النظام المتخلف، مما عرقل تطور مجتمع التبت وتقدمه بشكل خطير، وجعل التبت أكثر ابتعادا عن الحضارة الحديثة. بعد القرن التاسع عشر، اندلعت حملات إلغاء نظام العبودية في كثير من الدول والمناطق بالعالم، حيث ألغت بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها ذلك النظام على التوالي. إذ في عام 1807، أجاز البرلمان البريطاني قرارا بشأن حظر مشاركة السفن البريطانية في نقل وتجارة العبيد. وفي عام 1861، اعتمد قيصر روسيا ألكسندر الثاني بشكل رسمي "القرار" و"الإعلان" حول إلغاء نظام العبودية. وفي عام 1862، أصدر الرئيس الأمريكي أبراهام لينكون (( إعلان تحرير العبيد ))، وفي عام 1865، أجاز الكونغرس الأمريكي (( التعديل الثالث عشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية ))، بحيث تم إلغاء نظام العبودية رسميا. وفي عام 1948، أقر مؤتمر الأمم المتحدة (( لإعلان العالمي لحقوق الإنسان )) الذي ينص على أنه لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص؛ يحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما. في أواسط القرن العشرين، كاد نظام العبودية يتلاشى نهائيا، لكن أكبر حصن لنظام العبودية في العالم مازال يحتل التبت الصينية، وذلك لم يعرقل تطور المجتمع الصيني وتقدمه فحسب، بل كان يعد إهانة للحضارة والأخلاق والكرامة البشرية أيضا.مع تأسيس الصين الجديدة وتطور المجتمع الصيني وتقدمه، تم إلغاء النظام القديم في التبت نهائيا في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن العشرين. لكن عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تسير بعكس تيار التاريخ، لا تتأمل بعمق فيما اتسم به نظام الدمج بين السياسة والدين في التبت القديمة من الظلام والطغيان، بل يعز عليها أن تفارقه، حالمة بإعادة هذا النظام إلى التبت يوما ما. كل ذلك تسجله الوثائق المعنية لعصابة الدالاي لاما الرابع عشر تسجيلا واضحا. إذ يشير "الدستور الديمقراطي لمستقبل التبت" (المشروع) الذي تم وضعه عام 1963 إلى: "تسعى التبت لتأسيس دولة موحدة ديمقراطية على أساس روح العقيدة البوذية التي يهذب البوذا بها." وينص "دستور أبناء التبت المنفيين" الذي تم وضعه عام 1991 على: "إن سياسة التبت في المستقبل هي تأسيس جمهورية اتحادية ديمقراطية تدمج بين السياسة والدين وتسودها الحرية والاستقرار، وذلك على أساس التمسك بمبدأ عدم العنف." وتحدد "الأفكار الرئيسية حول نظام الحكومة والدستور في المستقبل" التي تم وضعها عام 1992 أن "التكامل بين السياسة والدين" هو الطبيعة السياسية للتبت في المستقبل. وينص "دستور أبناء التبت المنفيين" الذي تم تعديله عام 2011 على: أن سياسة التبت في المستقبل هي "الدمج بين السياسة والدين".
ثانيا، سلوك التبت الجديدة طريقا تنمويا صحيحا
بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، شهدت التبت تحولا تاريخيا. في عام 1951، حققت التبت التحرير السلمي، مما هيأ ظروفا لطرد القوى الإمبريالية من التبت بصورة نهائية. في عام 1959، بدأت التبت بانتهاج الإصلاح الديمقراطي، بما أنهى، بين عشية وضحاها، نظام العبودية الإقطاعي الذي يدمج بين السياسة والدين، بعد أن دام مئات السنين. في عام 1965، تم تأسيس منطقة التبت الذاتية الحكم وإنشاء النظام الاشتراكي. وبعد عام 1978، شرعت الصين تنتهج الإصلاح والانفتاح، وأحرز بناء التحديث في التبت إنجازات جديدة بلا انقطاع. منذ دخول القرن الحادي والعشرين، دخلت التبت في مسار التنمية السريعة، وحقق بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل تقدما جديدا باستمرار. وبعد أكثر من 60 عاما من البناء والتطور، اكتشف أبناء التبت بمختلف قومياتهم الطريق التنموي ذا الخصائص الصينية والميزات التبتية بصورة تدريجية، فتظهر أمام أعين العالم التبت الجديدة التي تتشابك فيها اللمعات التقليدية والحديثة.
- الطريق التنموي للتبت الجديدة هو طريق الوحدة العظمى للأمة الصينية
منذ العصر الحديث، وبسبب العدوان الإمبريالي، كان أمام التبت مصيران، أحدهما الاتحاد مع الأسرة الكبيرة للأمة الصينية، الآخر الانفصال عنها. غزا المستعمرون البريطانيون التبت بقوة السلاح عام 1888 وعام 1904 على التوالي، وأجبروا حكومة أسرة تشينغ الصينية (1644 - 1911) وقتذاك لتوقيع معاهدات غير متكافئة، بما حصلوا على امتيازات كثيرة في التبت. بعد هلاك أسرة تشينغ، عمل المستعمرون البريطانيون بنشاط على تربية القوى الانفصالية في التبت، وأوجدوا مسألة "استقلال التبت". بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، عجلت العناصر الانفصالية الرفيعة المستوى في التبت والقوى الإمبريالية تدبير "استقلال التبت"، محاولة لفصل التبت من أرض الصين. قررت الحكومة الشعبية المركزية، وفقا لأحوال التبت التاريخية والواقعية، اتخاذ سياسة التحرير السلمي للتبت، للحفاظ الثابت على وحدة الدولة وسلامة أراضيها. كما دعت الشخصيات الوطنية بمختلف أوساطها من قومية التبت بما فيها البانتشن أرديني العاشر، إلى تحرير التبت على التوالي، مطالبة جيش التحرير الشعبي الصيني بالمرابطة في التبت للحفاظ على وحدة الدولة. في 23 مايو 1951، تم توقيع ((الاتفاقية حول طرق التحرير السلمي للتبت)) (يشار إليها فيما بعد بـ((اتفاقية الـ17 مادة)) اختصارا) بين ممثلي الحكومة الشعبية المركزية وحكومة التبت المحلية، مما أعلن التحرير السلمي للتبت. وأعرب الدالاي لاما الرابع عشر في البرقية، التي أرسلها إلى رئيس الحكومة المركزية ماو تسي تونغ في 24 أكتوبر ذلك العام، عن: "أن حكومة التبت المحلية والمتدينين وغير المتدينين من قومية التبت يؤيدون بشكل موحد ويساعدون بنشاط الوحدات التابعة لجيش التحرير الشعبي المرابطة في التبت، وذلك تحت قيادة الرئيس ماو والحكومة المركزية، في سبيل توطيد الدفاع الوطني وطرد القوى الإمبريالية من التبت وحماية وحدة السيادة على أراضي الوطن الأم."جعل التحرير السلمي التبت تتخلص من قيود القوى العدوانية الإمبريالية، وأعلن إفلاس مؤامرة "استقلال التبت" التي دبرتها القوى الإمبريالية، وحقق الوحدة العظمى للأمة الصينية في الظروف التاريخية الجديدة. فضلا عن ذلك، حل التحرير السلمي المشكلة المخلفة تاريخيا بين الدالاي والبانتشن، مما أسهم في تحقيق التضامن الكبير في داخل التبت. بعد تحرير التبت سلميا، أبطلت حكومة الصين بالتدريج الامتيازات التي تمتعت بها البلدان الأجنبية في التبت لمدة طويلة. إذ في عام 1954، وقعت الصين والهند ((الاتفاقية حول التبادلات التجارية والمواصلات بين منطقة التبت الصينية والهند))، بما ألغى الامتيازات التي حصلت عليها بريطانيا من خلال الاعتداء على التبت ثم تنازلت عنها للهند. وفي عام 1956، وقعت الصين ونيبال ((الاتفاقية بشأن الحفاظ على علاقات الصداقة بين جمهورية الصين الشعبية ومملكة نيبال وحول التبادلات التجارية والمواصلات بين منطقة التبت الصينية ونيبال))، بما حل المشكلة التي خلفها التاريخ بين منطقة التبت ونيبال.خلال الفترة الممتدة لأكثر من نصف قرن منذ ذلك الوقت، وفي الأسرة الكبيرة للأمة الصينية، عمل أبناء التبت بمختلف قومياتهم مع أبناء مختلف القوميات بأرجاء البلاد بقلب واحد وإرادة واحدة، وتشاطروا في السراء والضراء، وبنوا العلاقات القومية المنعمة بالمساواة والتضامن والمساعدة المتبادلة والانسجام، وأصبحت قومية التبت والقوميات الأخرى رابطة متسمة بأني موجود فيك، وأنت موجود فيّ، ولا يمكن أن تستغني إحداهما عن الأخرى. وخلال الكفاح من أجل الحفاظ على وحدة الدولة ومعارضة تقسيم الأمة، التف أبناء التبت بمختلف قومياتهم حول الحكومة المركزية، وصمدوا أمام اختبارات أشكال شتى من المصاعب والمخاطر، مما حافظ على وحدة الأمة الصينية والدولة. وفي عملية تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، يتمتع أبناء التبت بمختلف قومياتهم بثمار وفخر التنمية الوطنية مع أبناء مختلف القوميات في البلاد كلها.من أجل مساعدة التبت في التخلص من الفقر والتخلف، وفي الإسراع بخطى التنمية، أطلقت الحكومة المركزية العنان لتفوق النظام الاشتراكي، وقامت بتعبئة قوة البلاد كلها لدعم بناء التبت، وأتاحت قوة دافعة جديدة لتنمية التبت بلا انقطاع بالسياسات التفضيلية والموارد البشرية والمادية والمالية الضخمة. في الستين سنة والنيف الماضية، عملت الخزينة المركزية على تعزيز القوة في الدفع التحويلي المالي للتبت. إذ في الفترة ما بين عام 1952 وعام 2013، قدمت الحكومة المركزية معونات مالية مختلفة قيمتها 6ر544 مليار يوان للتبت، تمثل هذه القيمة 95% من مصروفات خزينة التبت المحلية. منذ عام 1980، عقدت الحكومة المركزية خمس ندوات حول الأعمال المتعلقة بالتبت على التوالي، لوضع تخطيطات شاملة لتنمية التبت وبنائها انطلاقا من الوضع العام لبناء التحديث الاشتراكي في الصين. ومنذ الندوة الثالثة حول الأعمال المتعلقة بالتبت والتي عقدتها الحكومة المركزية عام 1994، بدأت الحكومة المركزية تنفذ سياسة دعم التبت بين الأطراف المتناظرة، حيث رتبت 60 من أجهزة الدولة المركزية و18 مقاطعة وبلدية و17 مؤسسة مملوكة للحكومة المركزية لدعم ومساعدة التبت. في العشرين سنة المنصرمة، سافر 5965 كادرا ممتازا على سبع دفعات إلى التبت للعمل فيها، وتم تنفيذ 7615 مشروعا راميا لمساعدة التبت، وبلغت قيمة الأموال المخصصة لمساعدة التبت 26 مليار يوان، والتي استعملت رئيسيا في تحسين معيشة الشعب وبناء المنشآت الأساسية، الأمر الذي قدم إسهاما مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتبت. وبعد الندوة الخامسة حول الأعمال المتعقلة بالتبت والتي عقدتها الحكومة المركزية عام 2010، حددت الحكومة المركزية، بعد التدقيق، واحدا بالألف من الإيرادات المالية لكل من 17 مقاطعة وبلدية تقدم المساعدات للتبت، كقيمة للمساعدات المالية التي يقدمها كل من تلك الـ17 مقاطعة وبلدية للتبت، وتم إنشاء آلية الزيادة المستقرة لقيمة المساعدات تلك أيضا.
- الطريق التنموي للتبت الجديدة هو طريق متمثل في أن يكون أبناء الشعب أسياد مصيرهم
يعتبر إصلاح التبت القديمة التي حكمها ملاكو الأقنان لتصبح التبت الجديدة المتمثلة في أن يكون أبناء الشعب أسياد مصيرهم، مطلبا حتميا للتنمية الاجتماعية في التبت وأمنية أساسية لأبناء التبت بمختلف قومياتهم. في إطار السياسة الديمقراطية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، سارت التبت على الطريق الديمقراطي الحديث، ويحظى مختلف الحقوق السياسية لأبنائها بالاحترام الكافي والضمان التام.في التبت، يتمتع كل من قوميات التبت ومنبا ولوبا وناشي وهوي وهان وغيرها بحق المشاركة في إدارة شؤون الدولة على قدم المساواة. يعد نظام مجلس نواب الشعب، باعتباره نظاما سياسيا أساسيا للدولة، الوسيلة الرئيسية لممارسة أبناء مختلف القوميات في الصين حقوقهم الديمقراطية. حاليا، من بين أعضاء المجلس الوطني لنواب الشعب 21 عضوا من منطقة التبت الذاتية الحكم، منهم 12 مواطنا من قومية التبت ومواطن واحد من كل من قومية منبا وقومية لوبا رغم أن عدد أبنائهما قليل جدا. ويعد المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب أسلوبا خاصا وتفوقا فريدا للسياسة الديمقراطية الاشتراكية الصينية، كما هو جهاز مهم لتنفيذ الشعب الصيني الديمقراطية التشاورية. حاليا، من بين أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني 29 عضوا من منطقة التبت الذاتية الحكم، منهم 26 عضوا من قومية التبت والأقليات القومية الأخرى. ومن بين 34244 عضوا بمجالس نواب الشعب على المستويات الأربعة في منطقة التبت الذاتية الحكم، 31901 عضو من قومية التبت والأقليات القومية الأخرى، أي يمثلون أكثر من 93% من جميع الأعضاء، ولكل من قومية منبا وقومية لوبا وقومية ناشي وقومية هوي وقومية تشوانغ وغيرها، أعضاؤها بتلك المجالس. يبلغ عدد أعضاء اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب العاشر بمنطقة التبت الذاتية الحكم 44، منهم 25 عضوا من قومية التبت والأقليات القومية الأخرى، ومن بين رئيس اللجنة الدائمة ونوابه البالغ عددهم 14، 8 أفراد من قومية التبت والأقليات القومية الأخرى. كما يتعزز بناء الديمقراطية القاعدية في التبت بلا توقف. حتى اليوم، تم إنشاء نظام اجتماع نواب القرويين في أكثر من 95% من جميع القرى بالتبت، ويتم إنشاء منظمات الحكم الذاتي للقرويين عبر الانتخاب. لقد تحققت التغطية الشاملة لإعلان شؤون القرى والإدارة الديمقراطية، ونصبت لافتات إعلان شؤون القرى في أكثر من 90% من جميع القرى بالمنطقة كلها، مما قدم ضمانا لحقوق الجماهير في المعرفة والمشاركة واتخاذ القرارات والمراقبة. وتم بناء مجالس نواب سكان المجمعات السكنية ولجان سكان المجمعات السكنية وغيرها من منظمات المجمعات السكنية في جميع المجمعات السكنية الحضرية البالغ عددها 192 في التبت، مما قدم ضمانا تنظيميا مستفيضا للحكم الذاتي لسكان المجتمعات السكنية.تنفذ الصين نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي انطلاقا من ظروفها الداخلية. تكون التبت واحدة من المناطق الذاتية الحكم الخمس في الصين. وفقا لما ينص عليه كل من ((الدستور)) و((قانون الحكم الذاتي الإقليمي القومي)) في الصين، تتمتع منطقة التبت الذاتية الحكم بصلاحيات الحكم الذاتي الواسعة التي تشمل الصلاحية التشريعية وصلاحية تنفيذ قوانين الدولة المعنية بصورة مرنة وصلاحية استخدام اللغات القومية المنطوقة والمكتوبة وصلاحية إدارة الشؤون الذاتية وصلاحية الإدارة المالية وصلاحية تطوير الأعمال الثقافية والتعليمية بصورة مستقلة وغيرها. منذ عام 1965، وضع مجلس نواب الشعب بمنطقة التبت الذاتية الحكم ولجنته الدائمة أكثر من 290 لائحة محلية وقرارا ذا صفة اللوائح على التوالي، ووضعا طرق التنفيذ المتفقة مع خصائص التبت، للعديد من القوانين العامة للدولة. في ناحية نظام الزواج، وضعت منطقة التبت الذاتية الحكم، في عام 1981 وعام 2004 على التوالي، لوائح مرنة لخفض الحد الأدنى لسن الزواج بسنتين لكل من الذكور والإناث، والذي ينص ((قانون الزواج لجمهورية الصين الشعبية)) عليه، كما تنص اللوائح المرنة على السماح بالحفاظ على علاقات تعدد الأزواج وتعدد الزوجات، التي تشكلت قبل تنفيذ اللوائح المرنة، إلا إذا طلب طرف من علاقات الزواج تلك، الطلاق بمبادرة ذاتية. في ناحية نظام الإنجاب، وفقا لما تنص عليه ((الطرق المؤقتة لإدارة تنظيم الأسرة في منطقة التبت الذاتية الحكم (تجريبية) ))، تنتهج منطقة التبت الذاتية الحكم سياسة "طفل واحد لزوجين" تجاه الكوادر والموظفين والعمال من قومية هان وأفراد أسرهم، أما الكوادر والموظفون والعمال من قوميات التبت وناشي وهوي وتشوانغ وغيرها من الأقليات القومية وأفراد أسرهم الحضريون ذوو الإقامة المسجلة في وحدات عملهم، فتسمح المنطقة لكل زوجين منهم بإنجاب الطفل الثاني بعد فترة معينة من إنجاب الطفل الأول، بينما لا تقيد عدد المواليد للفلاحين والرعاة في المناطق الزراعية والرعوية، ولا تدعو أبناء قومية منبا وقومية لوبا وأبناء شيربا وأبناء ميشمي، إلى تنظيم الأسرة. هذا وأدرجت منطقة التبت الذاتية الحكم "عيد رأس السنة التبتية" و"مهرجان شودون" وغيرهما من الأعياد التبتية التقليدية ضمن أيام الأعياد والعطلات القانونية بالمنطقة على أساس تطبيق أيام العطلات القانونية لعموم البلاد.ينص ((الدستور)) الصيني على أن الدولة تساعد أقاليم الحكم الذاتي القومي على تربية أعداد كبيرة من الكوادر على مختلف المستويات والأكفاء المتخصصين والعمال الفنيين في المهن المتنوعة من أبناء القوميات المحلية. وينص ((قانون الحكم الذاتي الإقليمي القومي)) الصيني على أن يتولى مواطنو القومية، التي يطبق عليها الحكم الذاتي الإقليمي القومي، مناصب رؤساء المناطق والولايات والمحافظات الذاتية الحكم؛ وأنه ينبغي أن بين كوادر وحدات العمل التابعة لأجهزة الحكم الذاتي بأقاليم الحكم الذاتي القومي، نسبة معقولة من أبناء القومية، التي يطبق عليها الحكم الذاتي الإقليمي، وأبناء الأقليات القومية الأخرى. كما ينص ((قانون الموظفين الحكوميين)) الصيني على وجوب تقديم الرعاية المناسبة للمشتركين في امتحان القبول من الأقليات القومية عند قبول الموظفين الحكوميين في أقاليم الحكم الذاتي القومي. حاليا، في صفوف الكوادر بمنطقة التبت الذاتية الحكم، يمثل أبناء قومية التبت والأقليات القومية الأخرى 70.95% من كوادر المنطقة كلها، ويمثلون 70.13% من أعضاء الجماعات القيادية على مستويي المحافظة والناحية. كما ظل المواطنون من قومية التبت يتولون منصب رئيس اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب بمنطقة التبت الذاتية الحكم ومنصب رئيس الحكومة الشعبية بالمنطقة. ويتمتع أبناء قومية التبت والأقليات القومية الأخرى بالسياسة التفضيلية المتمثلة في زيادة درجات امتحان القبول بالجامعات لعموم البلاد والامتحان الوطني لقبول الموظفين الحكوميين.
- الطريق التنموي للتبت الجديدة هو طريق الازدهار والتقدم المشتركين لمختلف القوميات
منذ عقود عديدة، وبفضل الدعم الكبير من الحكومة المركزية والمساعدة النشيطة من أبناء مختلف القوميات في أرجاء البلاد، ومن خلال تضامن وكفاح أبناء التبت بمختلف قومياتهم، بلغت تنمية التبت مستوى جديدا، وحقق مختلف الأعمال إنجازات جديدة دون توقف.تحسنت معيشة الشعب باستمرار. في عام 2013، بلغ إجمالي الناتج المحلي بمنطقة التبت 80.767 مليار يوان، وبلغ معدل نصيب الفرد من الدخل الصافي للفلاحين والرعاة 6578 يوانا، وبلغ معدل نصيب الفرد من الدخل القابل للصرف لسكان الحضر 20023 يوانا. تخلصت الأغلبية الساحقة من سكان التبت من الفقر الذي دام أكثر من ألف سنة، وبلغوا مستوى الحياة الرغيدة من حيث الأساس. وقد تم إنجاز مشروع إسكان الفلاحين والرعاة، الذي بدأ تنفيذه منذ عام 2006، على نحو شامل، حيث انتقل 2.3 مليون فلاح وراع من 460.3 ألف عائلة إلى مساكن آمنة وملائمة. وبلغ معدل نصيب الفرد من المساحة السكنية للفلاحين والرعاة بالتبت 30.51 متر مربع، وبلغ نظيره لسكان الحضر 42.81 متر مربع. شهد تعداد السكان نموا كبيرا، ووصل إلى 3.1204 مليون نسمة عام 2013، وبلغ معدل العمر المتوقع 68.2 سنة، بزيادة مرتين ومرة واحدة عن نظيريهما في أوائل خمسينات القرن العشرين كل على حدة. في "الاستطلاع العام لتلفزيون الصين المركزي عن الحياة الاقتصادية" الذي قامت به مصلحة الدولة للإحصاء ومجموعة البريد الصينية وتلفزيون الصين المركزي بصورة مشتركة، اختيرت مدينة لاسا المدينة الأولى في مؤشر السعادة في الصين لخمس سنوات متتالية.حققت أعمال التعليم والصحة والضمان الاجتماعي تطورا شاملا. تحقق التعليم المجاني لـ15 سنة الذي يشمل التعليم قبل سن الدراسة والتعليم الإلزامي في الحضر والريف والتعليم الثانوي في التبت قبل المناطق الأخرى بالبلاد كلها، وبلغت نسبة التحاق الأطفال في سن الدراسة بالمدارس الابتدائية 99.59%، وبلغت نسبة الالتحاق بالمدارس الإعدادية 98.75%، وبلغت نسبة الالتحاق بالمدارس في مرحلة التعليم الثانوي 72.23%. وارتفعت نوعية السكان بشكل ملحوظ، وتم محو الأمية بين الشباب والكهول من حيث الأساس، وبلغ معدل مدة تلقي التعليم للسكان البالغين من العمر 15 سنة فما فوق، 8.1 سنة. كما تم إنشاء منظومة الخدمات الطبية والصحية الأساسية من حيث الأساس، حاليا في التبت 6660 جهازا طبيا وصحيا (تشمل العيادات في القرى). يغطي النظام الطبي بالمناطق الزراعية والرعوية، باعتبار العلاج الطبي المجاني أساسا له، جميع الفلاحين والرعاة بالتبت، وزاد معيار المعونة الحكومية السنوية لمصروفات النظام الطبي المذكور أعلاه إلى 380 يوانا لكل فرد عام 2014. كما حققت التبت قبل المناطق الأخرى بالبلاد كلها، الفحص الصحي المجاني لسكان الحضر والريف.ارتفع مستوى التحديث بلا انقطاع. شهدت الصناعة الحديثة والمنشآت الأساسية تطورا مطردا، وتم إنشاء منظومة صناعية حديثة ذات الخصائص التبتية تشمل أكثر من 20 قطاعا. وتم، على نحو شامل، إنشاء منظومة طاقة جديدة تتخذ الطاقة الهيدروليكية قوامها وتتمثل في التكامل بين الحرارة الجوفية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها من الطاقات العديدة. في عام 2013، بلغت سعة المولدات الكهربائية المركبة في التبت 1.28 مليون كيلووات، وبلغت نسبة تزويد السكان بالطاقة الكهربائية 100%. واكتملت وتحسنت على خطوات منظومة المواصلات والنقل الشاملة باتخاذ بناء النقل بالطرق العامة والطيران وسكك الحديد والأنابيب مجالا رئيسيا لها. في عام 2014، تحقق ارتباط جميع المحافظات والنواحي بالطرق العامة من حيث الأساس، ومنها 62 محافظة مرتبطة بالطرق المسفلتة، وتم بناء خط لاسا - شيكاتسي الحديدي باعتباره خطا إضافيا لسكة حديد تشينغهاي - التبت، وبدأ تشغيله. وقد تم بناء 5 مطارات مفتوحة للملاحة الجوية في التبت، وقامت 8 شركات طيران بأعمالها هناك، وتم فتح 45 خطا جويا محليا. وتم، على نحو شامل، بناء شبكات كابلات الألياف الضوئية والاتصالات عبر الأقمار الصناعية والتلفون البعيد المسافة في منطقة التبت كلها، وغطت تقنية الجيل الثالث للاتصالات جميع الوحدات الإدارية على مستوى المحافظة وما فوق من حيث الأساس، وتحقق وصول نطاق الإنترنت العريض إلى جميع النواحي ووصول كابلات الهواتف إلى جميع القرى من حيث الأساس. حتى نهاية عام 2013، بلغت نسبة تعميم الهواتف 98.1 هاتف لكل مائة فرد، وبلغت نسبة تعميم شبكة الإنترنت 37.4%.ارتفع مستوى الانفتاح على الخارج بلا انقطاع. تحول اقتصاد التبت تدريجيا من الانغلاق إلى الانفتاح، ومن السعي للإمداد إلى السعي للإدارة، وتواكب التبت خطوات تنمية المناطق الأخرى بالبلاد كلها من حيث الأساس. حتى اليوم، قد اندمجت التبت في منظومة السوق الموحدة بالبلاد كلها، وتتدفق السلع من كل أنحاء البلاد والعالم إلى التبت بلا انقطاع، بينما تدخل كميات ضخمة من منتجات التبت المتميزة إلى الأسواق بالبلاد كلها والعالم. إذ في عام 2013، بلغ إجمالي قيمة الصادرات والواردات بمنطقة التبت كلها 3.319 مليار دولار أمريكي، وبلغ عدد الرحلات السياحية إلى التبت 12.91 مليون، منها 220 ألف رحلة قام بها الأجانب.
- الطريق التنموي للتبت الجديدة هو طريق إرث وتطوير ثقافة التبت التقليدية الممتازة
حظيت اللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة بالحماية الفعالة. أدرجت منطقة التبت الذاتية الحكم أعمال تعلم واستخدام وتطوير اللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة في النظام القانوني، وذلك من خلال التشريع في عام 1987 وعام 1988 وعام 2002 تباعا. يدفع النظام التعليمي بالتبت تنفيذ منظومة تعليمية ثنائية اللغة باعتبار التدريس باللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة قوامها، ويطبق التعليم الثنائي اللغة باللغتين التبتية والصينية في المدارس الابتدائية بجميع المناطق الزراعية والرعوية وبعض المدن والبلدات، حيث تُدرس المواد الرئيسية باللغة التبتية. كما يطبق التعليم الثنائي اللغة باللغتين التبتية والصينية معا في المدارس المتوسطة، إضافة إلى أن اللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة مادة مقررة لصفوف طلاب قومية التبت في المدارس المتوسطة بالمناطق الداخلية. ويمكن استخدام اللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة في امتحانات القبول بالمدارس العالية العادية. كما تم تبني المعيار الوطني والمعيار الدولي لرموز حروف اللغة التبتية المكتوبة على الكمبيوتر، وتستخدم نظم التحرير والتنضيد الطباعي التصويري الليزري والنشر الإلكتروني باللغة التبتية على نطاق واسع. في الوقت نفسه، تستخدم اللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة في الحياة السياسية على نطاق واسع. يُكتب كل القرارات واللوائح التي أجازتها مجالس نواب الشعب على مختلف المستويات، وكل الوثائق الرسمية والبيانات التي أصدرتها الحكومات الشعبية على مختلف المستويات بالتبت والدوائر التابعة لها، باللغتين التبتية والصينية المكتوبتين معا. وخلال المرافعات القضائية، تستخدم اللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة للاستماع إلى القضايا أمام أطراف الدعاوى من قومية التبت، وتكتب الوثائق القانونية باللغة التبتية المكتوبة. بينما تحمي الدولة وتطور اللغة التبتية المنطوقة والمكتوبة، تعمم تعلم واستخدام اللغة الصينية المنطوقة والمكتوبة الشائعة الاستعمال بين مواطني المناطق المختلفة بالبلاد كلها بما فيها منطقة التبت الذاتية الحكم، بغية تعزيز التبادل الاقتصادي والثقافي بين مختلف القوميات والمناطق.نالت الثقافة التقليدية الممتازة حماية وتوارثا. وضعت منطقة التبت الذاتية الحكم ((اللوائح الإدارية لحماية الآثار التاريخية)) و((البيان بشأن تعزيز حماية الآثار التاريخية)) وغيرهما، وذلك بهدف تعزيز حماية الآثار التاريخية. اليوم في التبت 4277 موقعا للآثار التاريخية بمختلف أنواعها، و55 وحدة محمية هامة للآثار التاريخية على المستوى الوطني و391 وحدة محمية للآثار التاريخية على مستوى المنطقة الذاتية الحكم و978 وحدة محمية للآثار التاريخية على مستوى المدينة أو المحافظة، و3 مدن تاريخية وثقافية مشهورة على المستوى الوطني. وقد أدرج قصر بودالا وحديقة نوربولينغكا ومعبد جوكهانغ في قائمة التراث الثقافي العالمي، وأدرجت لاسا وشيكاتسي وقيانغتسه إلى المدن التاريخية والثقافية المشهورة على المستوى الوطني، وأدرج متحف التبت إلى المتاحف الوطنية من الدرجة الأولى، وتحفظ أكثر من 3 ملايين نسخة من المحفوظات التاريخية المهمة في دار التبت للمحفوظات. في التبت اليوم 76 مشروعا في قائمة التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني، و323 مشروعا على مستوى المنطقة الذاتية الحكم، و76 مشروعا على مستوى الإقليم أو المدينة، و814 مشروعا على مستوى المحافظة. كما في التبت 68 وارثا تمثيليا للتراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني، و350 وارثا على مستوى المنطقة الذاتية الحكم، و117 فريقا شعبيا لعرض أوبرا التبت. وأدرجت ملحمة ((سيرة الملك قسار)) وأوبرا التبت في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية. إضافة إلى ذلك، انتشرت الثقافة العامة الحديثة يوما بعد يوما، إذ بلغت نسبة التغطية الشاملة للإذاعة والتلفزيون 94.38% و95.51% كل على حدة. وتتزود كافة القرى الإدارية في التبت بغرف الكتب الريفية، ويتزود جميع معابد البوذية التبتية بغرف الكتب للمعابد. في عام 2011، دبرت التبت أموالا خاصة بتنمية الصناعة الثقافية، لدعم تنمية تلك الصناعة في التبت.يحظى حق المواطنين في حرية الاعتقاد الديني بالضمان. تتواجد في منطقة التبت الذاتية الحكم البوذية التبتية ومعتقد البون والإسلام والكاثوليكية وغيرها من الأديان العديدة، وللبوذية التبتية مذاهب مختلفة بما فيها نينغما وكاجيو وساكيا وقلوق وغيرها. يحمي ((الدستور)) والقوانين حق مختلف القوميات في حرية الاعتقاد الديني. ويتمتع مختلف الأديان والمذاهب الدينية بالاحترام والحماية على قدم المساواة، بما يحقق التسامح الديني الحقيقي. لا يجوز لأي جهاز للدولة أو منظمة اجتماعية أو فرد أن يجبر المواطن على اعتناق دين أو عدم اعتناق دين، ولا يجوز احتقار المواطن المعتنق لدين والمواطن الذي لا يعتنق دينا. في التبت اليوم 1787 مكانا بمختلف أنواعها لمزاولة النشاطات الدينية وأكثر من 46 ألف راهب مقيم وراهبة مقيمة و358 بوذا حيا؛ و4 مساجد وأكثر من 3 آلاف مسلم مؤمن؛ وكنيسة كاثوليكية واحدة وأكثر من 700 كاثوليكي. تجري دراسة وتوضيح الكتب البوذية المقدسة والتقدم في المراتب الدراسية والترهبن والتعميد حسب الطقوس البوذية والتعبد وغيرها من النشاطات الدينية التقليدية بشكل طبيعي، ويقام مختلف النشاطات في كل الأعياد الدينية الرئيسية حسب الأعراف. عموما في بيوت جماهير المعتنقين غرف الصلاة أو محاريب تماثيل البوذا، وتجري تلاوة الأسفار البوذية المقدسة والحج للبوذا ودعوة رهبان وراهبات المعابد للقيام بالطقوس البوذية وغيرها من النشاطات الدينية بصورة طبيعية. تحترم الدولة تناسخ الأرواح للبوذا الحي والذي يعتبر أسلوب توارث تتميز البوذية التبتية به. في عام 1995، أنجزت منطقة التبت الذاتية الحكم، حسب الطقوس الدينية والأنظمة التاريخية المحددة، وبعد سحب القرعة من جرة ذهبية واعتماد مجلس الدولة، أعمال البحث عن الطفل ذي الروح المتناسخة من البانتشن أرديني العاشر وتحديده، وأعمال منح اللقب والتنصيب للبانتشن أرديني الحادي عشر. في عام 2007، أقرت مصلحة الدولة للشؤون الدينية ((الطرق الإدارية لتناسخ الأرواح للبوذا الحي التبتي))، مما وحد إجراءات تناسخ الأرواح للبوذا الحي بشكل متزايد. منذ الإصلاح الديمقراطي، قد تم تحديد واعتماد أكثر من 60 بوذا حيا متناسخ الأرواح حسب الأنظمة التاريخية المحددة والطقوس الدينية.
- الطريق التنموي للتبت الجديدة هو طريق التنمية المستدامة
تعتبر التبت حاجزا هاما يضمن أمن الدولة الإيكولوجي، وتتمتع بأهمية بالغة أيضا بالنسبة لآسيا وحتى للعالم. منذ سنوات عديدة، ظلت التبت، خلال عملية التنمية، تلتزم بقانون الاقتصاد وقانون المجتمع وقانون الطبيعة، ولا تسعى وراء التنمية على حساب التضحية بالبيئة الطبيعية، وتولي اهتماما للتناغم والتوحيد بين الاقتصاد والمجتمع والبيئة الإيكولوجية، وتسلك طريق التنمية المستدامة. تتمسك الحكومة المركزية بمفهوم التنمية العلمي المتمثل في وضع الإنسان في المقام الأول، وتضع حماية البيئة، باعتبارها خيارا مهما للتنمية، في مكانة بارزة. طرحت حكومة منطقة التبت الذاتية الحكم الأهداف الإستراتيجية المتمثلة في بناء التبت لتكون حاجزا يضمن الأمن الإيكولوجي، وبناء التبت الإيكولوجية والتبت الجميلة، وتعمل على استكشاف طريق جديد لتحقيق تنمية التبت المستدامة في ظروف الهضبة.خلال سنوات عديدة، صاغت ونفذت الحكومة المركزية ومنطقة التبت الذاتية الحكم سلسلة من الخطط الرامية لحماية البيئة الإيكولوجية وبنائها، مما وضع تخطيطات وترتيبات شاملة لحماية البيئة الإيكولوجية وبنائها في التبت. حددت حكومة الصين في ((تخطيط بناء البيئة الإيكولوجية في عموم البلاد)) و((منهاج حماية البيئة الإيكولوجية في عموم البلاد))، اللذين تم وضعهما عام 1998 وعام 2000 كل على حدة، المنطقة المتجمدة، التي يذوب الجليد فيها، على هضبة تشينغهاي - التبت، واحدة من مناطق البناء الإيكولوجي الثماني الكبرى بالبلاد كلها، وقامت بالتخطيط الخاص بها وإنشاء إجراءات حمايتها. في عام 2009، أجازت حكومة الصين ((تخطيط الحماية والبناء لحواجز تضمن الأمن الإيكولوجي في التبت (عام 2008 - عام 2030) ))، سعيا وراء إنجاز بناء حواجز تضمن الأمن الإيكولوجي في التبت من حيث الأساس بحلول عام 2030 باستثمارات مخططة قيمتها 15.8 مليار يوان. كما وضعت منطقة التبت الذاتية الحكم ونفذت ((تخطيط بناء البيئة الإيكولوجية)) و((تخطيط الحفاظ على الماء والتربة)) و((تخطيط الإصلاح الشامل لبيئة المناطق الزراعية والرعوية)) و((تخطيط المناطق ذات الوظائف الإيكولوجية)) وغيرها من سلسلة التخطيطات لحماية البيئة الإيكولوجية وبنائها، في الوقت نفسه، عززت التبت القوة في حماية البيئة الإيكولوجية من خلال التشريع، إذ عدلت ((لوائح حماية البيئة لمنطقة التبت الذاتية الحكم)) وأصدرت ((الطرق الإدارية لمنطقة التبت الذاتية الحكم بشأن مراقبة حماية البيئة الإيكولوجية)) وغيرها من الأنظمة واللوائح في السنوات الأخيرة.اتخذت الدولة والحكومة المحلية للمنطقة الذاتية الحكم إجراءات صارمة لحماية البيئة. وقد نُفذ مشروع حماية الغابات الطبيعية ومشروع تحويل الأراضي المزروعة إلى غابات والتوقف عن الرعي لحفظ المروج، ومشروعات بناء البيئة الإيكولوجية للأراضي المعشبة بما فيها حماية الأراضي المعشبة الطبيعية وبناؤها واستيطان البدو والتعشيب الاصطناعي وإصلاح المروج؛ بدأ تشغيل الصندوق الوطني للتعويض عن منافع الغابات الإيكولوجية، وجرت أعمال الوقاية من الرمال ومعالجتها والمعالجة الشاملة لجرف التربة وأحواض الأنهار الصغيرة والوقاية من الكوارث الجيولوجية ومكافحتها. كما تتمسك الدولة وحكومة المنطقة بمبدأ تنمية الصناعة بعناية شديدة، وتحظران بشكل صارم تنمية القطاعات عالية استهلاك الطاقة وعالية التلوث وعالية الانبعاث في داخل المنطقة، وتعممان استخدام الطاقة النظيفة، وتعملان على خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. منذ سنوات عديدة، اتخذت الحكومة المركزية وحكومة منطقة التبت الذاتية الحكم إجراءات صارمة لحظر استغلال الموارد المعدنية. في عام 2013، شددت الحكومة المركزية وحكومة المنطقة المطالب البيئية بشكل متزايد، حيث تم صدور وتنفيذ الطرق الإدارية حول مراقبة حماية البيئة الإيكولوجية والطرق الإدارية حول مراقبة التنقيب عن الموارد المعدنية واستغلالها وطرق فحص حماية البيئة، لا سيما تم تنفيذ خضوع أعمال التنقيب عن الموارد المعدنية واستغلالها للإدارة الموحدة من قبل حكومة المنطقة الذاتية الحكم ونظام الفيتو حول أعمال حماية البيئة.بفضل الجهود المشتركة من مختلف الجهات، حقق بناء الحضارة الإيكولوجية في التبت نتائج ملحوظة. في الوقت الراهن، تبلغ مساحة المحميات الطبيعية في التبت 413.7 ألف كيلومتر مربع، محتلة 33.9% من مساحة أراضي المنطقة كلها، فهذه النسبة أعلى من نظيرتها في كل من المناطق الأخرى بالبلاد كلها؛ تبلغ نسبة تغطية الغابات 11.91%، وتحتل التبت المرتبة الأولى في عموم البلاد من حيث مجمل مخزون الغابات؛ تبلغ مساحة الأراضي الرطبة بمختلف أنواعها في التبت أكثر من 6 ملايين هكتار، محتلة المركز الأول في البلاد كلها. في التبت 125 نوعا من الحيوانات البرية المحمية الرئيسية على المستوى الوطني و39 نوعا من النباتات البرية المحمية الرئيسية على المستوى الوطني، ويحمى جميعها بصورة جيدة في المحميات الطبيعية. بنهاية عام 2012، بلغت مساحة الأراضي المعشبة الطبيعية في التبت 85.11 مليون هكتار، منها 69.1 مليون هكتار من الأراضي المعشبة الطبيعية القابلة للاستعمال. حاليا مازالت التبت من أفضل المناطق جودة بيئية في العالم، ويكون معظم أقاليمها في حالة عذراء.
ثالثا، جوهر "الطريق الوسط" هو تقسيم الصين
بعد أكثر من نصف قرن من تضامن وكفاح أبناء التبت بمختلف قومياتهم، سارت التبت على طريق تنموي يتفق مع متطلبات تطور العصر والمصالح الأساسية للشعب، وحققت إنجازات تنموية مرموقة. لكن عصابة الدالاي لاما الرابع عشر، انطلاقا من الهدف السياسي "استقلال التبت"، لم تتجاهل تطور التبت وتقدمها فحسب، بل تطمس بقدر ما تستطيع نتائج كفاح أبناء التبت بمختلف قومياتهم، محاولة إنكار الطريق الصحيح الذي تسلكه التبت.منذ سنوات عديدة، ظل تكتيك "استقلال التبت" لعصابة الدالاي لاما الرابع عشر يتغير بلا انقطاع. بعد هروبها إلى الهند فور فشلها في تمردها المسلح الشامل في مارس 1959، دعت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر علنا إلى تحقيق "استقلال التبت" عبر سبل العنف. وبعد أواخر سبعينات القرن العشرين، ومع تحسن العلاقات الصينية - الأمريكية، رأت العصابة أن الوضع الدولي ليس في صالحها، فبدأت تغيير تكتيكها وطرحت ما يدعى "الطريق الوسط"، لتحويل الاستقلال العلني إلى الاستقلال المقنع. بعد ثورات 1989، أخطأت العصابة في تقدير الوضع، وظنت أنه قد حان وقت تحقيق "استقلال التبت"، فطرحت تحقيق "الاستقلال التام". بعد عام 1994، لاحظت العصابة أن ليس هناك بصيص أمل لتحقيق "استقلال التبت"، فغيرت شعارها مرة أخرى، وأعادت التلويح بلافتة "الطريق الوسط"، طالبة ما يدعى "الحكم الذاتي العالي الدرجة". وفي السنوات الأخيرة، عززت العصابة ترويجها لـ"الطريق الوسط"، وعجلت تزيينه.إن "الطريق الوسط"، يسمى بـ"طريق مادهياماكا" أيضا، كلمة بوذية أصلا، لكن عصابة الدالاي لاما الرابع عشر قامت بتسييسها. يشتمل جوهر "الطريق الوسط" على خمس نقاط: أولا، عدم الاعتراف بأن التبت ظلت جزءا من الصين منذ القدم، والادعاء بأن "التبت كانت دولة مستقلة تماما في التاريخ"، و"استولت عليها الصين عام 1951"، و"يحق لأبنائها الاستقلال من زاوية التاريخ". ثانيا، التآمر على تأسيس "منطقة التبت الكبرى" التي لم تكن موجودة أبدا في التاريخ، والزعم بأن "مسألة التبت" مسألة أبناء قومية التبت البالغ عددهم 6 ملايين، وطلب ضم التبت وسيتشوان ويوننان وقانسو وتشينغهاي وغيرها من المناطق التي يتجمع فيها أبناء قومية التبت والقوميات الأخرى، لتأسيس منطقة إدارية موحدة. ثالثا، طلب تنفيذ "الحكم الذاتي العالي الدرجة" الذي لا يتقيد بالحكومة المركزية، وعدم الاعتراف بقيادة الحكومة المركزية والأنظمة الاجتماعية والسياسية النافذة المفعول في التبت، والادعاء بتأسيس "حكومة ذاتية الحكم"، وأن "يتحمل أبناء التبت (أي عصابة الدالاي لاما الرابع عشر) المسؤولية عن جميع الشؤون باستثناء الشؤون الخارجية والدفاع الوطني، ويتمتعون بكافة الصلاحيات." رابعا، معارضة إرسال الحكومة المركزية قواتها للمرابطة في التبت، والاعتراف الظاهري بإشراف الحكومة المركزية على الدفاع الوطني، لكن، طرح "انسحاب كافة القوات الصينية من التبت" لتحويل التبت إلى "منطقة سلمية دولية". خامسا، تجاهل حقيقة أن يتعايش أبناء القوميات العديدة في هضبة تشينغهاي - التبت منذ القدم، وتقييد دخول أبناء القوميات الأخرى "منطقة التبت الكبرى"، وطرد أبناء القوميات الأخرى الذين يعيشون في هضبة تشينغهاي - التبت جيلا بعد جيل.يعترف "الطريق الوسط" ظاهريا بـ"سيادة" الصين على التبت في مقابل حصول عصابة الدالاي لاما الرابع عشر على "سلطة الحكم" في التبت وإنشاء كيان سياسي "شبه مستقل" تسيطر العصابة عليه؛ ويسعى وراء "السيادة" بعد توطيد "سلطة الحكم"، في سبيل تحقيق "استقلال التبت" في نهاية المطاف. لا يتفق "الطريق الوسط"، باعتباره منهاجا سياسيا هادفا لتحقيق "استقلال التبت" على خطوات، مع تاريخ الصين وأحوالها الواقعية ودستورها وقوانينها ونظامها الأساسي، ولا يتطابق مع تاريخ التبت وأحوالها الواقعية والعلاقات القومية فيها، كما يخالف المصالح الأساسية للشعب الصيني كله بما فيه أبناء قومية التبت.
- ظلت التبت جزءا من الصين منذ القدم، ولم تكن دولة مستقلة أبدا
ظلت التبت جزءا من الصين منذ القدم، وقومية التبت واحدة من القوميات ذات التاريخ العريق في داخل حدود الصين، قدمت إسهاما في تشكيل وتطوير رابطة المصير المشترك للأمة الصينية. توضح كمية هائلة من البحوث الأثرية والتاريخية أنه في داخل حدود الصين، ترتبط قومية التبت ارتباطا وثيقا بقومية هان والقوميات الأخرى منذ زمن قديم في نواحي قرابة الدم واللغة والثقافة وغيرها، ولم تنقطع الاتصالات الاقتصادية والسياسية والثقافية بين منطقة التبت ومناطق الصين الداخلية خلال التطور التاريخي الطويل الأجل. تعتبر سلطة توبوه، التي نهضت في التبت في القرن السابع الميلادي، أول سلطة محلية في تاريخ الصين، قدمت مساهمة مهمة في تنمية المناطق الحدودية بجنوب غربي الصين.في عصور الصين القديمة، تم إدراج منطقة التبت تحت إدارة الحكومة المركزية رسميا في عهد أسرة يوان (1271 - 1368). حيث أنشأت أسرة يوان مجلس الإدارة العامة للشؤون البوذية ومكتب الأعمال التنفيذية، لإدارة الشؤون العسكرية والسياسية والدينية في منطقة التبت بصورة مباشرة، إلى جانب إحصاء السكان وإنشاء محطات خيالة البريد وجباية الضرائب ومرابطة الجيش وتعيين الموظفين الحكوميين وتطبيق قانون العقوبات والتقويم لأسرة يوان في التبت، مما مارس الإدارة الفعالة بصورة مستفيضة. في عهد أسرة مينغ (1368 - 1644)، نُفذت سياسة منح الألقاب والإقطاعيات على نطاق واسع في التبت، حيث مُنح لقب "الملك الديني" ولقب "المستشار الملكي المتعبد" وغيرهما لزعماء الطوائف الدينية في أنحاء التبت. في الوقت نفسه، كان الملك الجديد لا يمكنه وراثة عرش منطقة التبت إلا بعد مصادقة الإمبراطور وإرسال مبعوثه لمنح اللقب له. وفي عهد أسرة تشينغ (1644 - 1911)، منحت الحكومة المركزية لقبا لكل من الدالاي الخامس والبانتشن الخامس، باعتبارهما زعيمين لمذهب قلوق للبوذية التبتية، على التوالي، مما حدد لقبي الدالاي لاما والبانتشن أرديني ومكانتهما السياسية والدينية بصورة رسمية. منذ ذلك الحين فصاعدا، منحت الحكومة المركزية ألقابا للدالاي والبانتشن من كافة الأجيال، فتشكل نظام ثابت ومحدد. اعتبارا من عام 1727، بدأت أسرة تشينغ تعين وزيرا مقيما في التبت ليراقب ويدير شؤون التبت المحلية نيابة عن الحكومة المركزية، وبُعث أكثر من 100 فرد لتولي ذلك المنصب على التوالي. في عام 1751، أبطلت أسرة تشينغ نظام حكم الملك غير المتدين، وعينت الدالاي لاما السابع رسميا ليدير حكومة التبت المحلية، ونفذت الدمج بين السياسة والدين، وأنشأت كاشاق المتكونة من أربعة كالون كانوا تحت أمر الوزير المقيم في التبت والدالاي لاما. في عام 1774، عندما أرسلت شركة الهند الشرقية البريطانية مبعوثا إلى معبد تاشيلهونبو بغية إقامة اتصالات مباشرة مع التبت، رد البانتشن أرديني السادس قائلا إن التبت تنتمي إلى أرض الصين، نفعل كل شيء تحت أمر إمبراطور الصين. في عام 1793، أصدرت أسرة تشينغ ((اللوائح الـ29 الإمبراطورية حول إدارة شؤون التبت))، بما أكمل وحسن الأنظمة العديدة التي أدارت الحكومة المركزية منطقة التبت بها، وحدد بوضوح أن تناسخ الأرواح للدالاي لاما وغيره من كبار البوذا الحي، يجب تحديده واعتماده عبر سحب القرعة من جرة ذهبية وبعد إبلاغ الحكومة المركزية للحصول على موافقتها. وبعد ذلك، تم تحديد واعتماد كل من الدالاي لاما العاشر والحادي عشر والثاني عشر والبانتشن أرديني الثامن والتاسع والحادي عشر عبر سحب القرعة من جرة ذهبية. أما الدالاي لاما الثالث عشر والرابع عشر والبانتشن أرديني العاشر، فوافقت الحكومة المركزية على تحديدهم واعتمادهم بدون سحب القرعة من جرة ذهبية.ورثت جمهورية الصين (1912 - 1949) ما تشكل في التاريخ من سيادة الحكومة المركزية على التبت، وواصلت تنفيذ الإدارة السيادية للتبت. أعلن آخر إمبراطور لأسرة تشينغ في ((مرسوم تنازل إمبراطور تشينغ عن العرش)) الصادر في عام 1912، "إعادة سلطة الحكم إلى شعب البلاد كلها، وتحديد نظام الجمهورية الدستورية"، و"ضم جميع الأراضي المأهولة بالقوميات الخمس بما فيها مان وهان ومنغوليا وهوي والتبت، لتأسيس جمهورية الصين". حدد كل من ((الدستور المؤقت لجمهورية الصين)) و((الدستور المؤقت لجمهورية الصين في مرحلة الإصلاح السياسي))، اللذين تم وضعهما عام 1912 وعام 1931 على التوالي، بوضوح أن التبت من أرض جمهورية الصين. في عام 1929، أنشأت حكومة جمهورية الصين بنانجينغ لجنة شؤون منغوليا والتبت، لتمارس السلطة الإدارية للتبت. وفي عام 1940، أنشأت حكومة جمهورية الصين مكتب لجنة شؤون منغوليا والتبت لدى التبت في مدينة لاسا باعتباره جهازا دائما للحكومة المركزية في منطقة التبت. كما تم تحديد واعتماد وتنصيب كل من الدالاي لاما الرابع عشر والبانتشن أرديني العاشر بموافقة حكومة جمهورية الصين وقتذاك. على الرغم من الحروب الشعواء بين أمراء الحرب وتكرر الاضطرابات الداخلية وضعف الدولة في عهد جمهورية الصين، بيد أن الحكومة المركزية ظلت تحافظ على سيادة الدولة على التبت في الظروف الصعبة جدا.بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، انتهت الحالة الانفصالية في البلاد كلها، وصار تحقيق وحدة الدولة في الظروف التاريخية الجديدة نتيجة حتمية للتطور التاريخي. يعد التحرير السلمي للتبت ومرابطة جيش التحرير الشعبي في التبت إجراءا عادلا قامت به حكومة الصين المركزية لممارسة سيادة الدولة وحماية وحدتها والدفاع عن سلامة أراضيها بعد تغير السلطة المركزية. كما تعتبر ((اتفاقية الـ17 مادة))، التي تم توقيعها بين الحكومة المركزية وحكومة التبت المحلية السابقة، مرسوما داخليا تم الاتفاق عليه على أساس احترام وتأكيد الحقيقة التاريخية المتمثلة في أن التبت جزء من الصين. بعد التحرير السلمي، سارت التبت على الطريق الاشتراكي تدريجيا، ويعمل أبناء التبت بمختلف قومياتهم مع أبناء مختلف القوميات في البلاد كلها سوية على دفع تطور الدولة وتقدمها.توضح الحقائق التاريخية بشكل مستفيض أن التبت ظلت جزءا من الصين منذ القدم، ولم تكن دولة مستقلة على الإطلاق. في العالم الحاضر، تعترف دول العالم بشكل عام بأن التبت جزء من الصين، ولم يعترف أي بلد بـ"استقلال التبت"، فلا توجد مسألة "المكانة السياسية" للتبت على الإطلاق. بعد هروب الدالاي لاما الرابع عشر إلى الخارج عام 1959 بسبب اعتراضه على الإصلاح الهادف إلى إلغاء نظام العبودية، لا يحق له على الإطلاق أن يمثل أبناء التبت ويقرر مستقبل التبت ومصيرها. وإن ما يدعى "الحكومة في المنفى" ليس إلا منظمة سياسية غير شرعية تقوم بالنشاطات الرامية لتقسيم الصين، ولا تتمتع بأية شرعية، ولا تعترف بها أي دولة في المجتمع الدولي.
- "منطقة التبت الكبرى" اختلاق محض، ولا تتفق مع تاريخ الصين ووضعها
عندما تروج عصابة الدالاي لاما الرابع عشر دعوتها "الطريق الوسط"، يلذ لها الحديث عن "منطقة التبت الكبرى" المزعومة في أحوال كثيرة. حسب ما تتوهمه عصابة الدالاي لاما الرابع عشر، يمتد نطاق "منطقة التبت الكبرى" إلى جنوبي شينجيانغ وممر خشي شمالا، ووسط قانسو ووسط سيتشوان شرقا، ووسط يوننان جنوبا، يضم كافة أراضي منطقة التبت الذاتية الحكم ومقاطعة تشينغهاي ونصف مقاطعة سيتشوان ونصف مقاطعة قانسو ورُبع مقاطعة يوننان إلى جانب جنوبي منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، فتتجاوز المساحة الإجمالية لـ"منطقة التبت الكبرى" رُبع مساحة أراضي الصين.لا يوجد أي أساس لـ"منطقة التبت الكبرى" في تاريخ التقسيمات الإدارية الصيني. تشكلت التقسيمات الإدارية في الصين المعاصرة خلال التطور التاريخي الطويل الأمد. في عهد أسرة تانغ (618 - 907)، كانت سلطة توبوه سلطة متعددة القوميات شكلها أبناء توبوه بشكل مشترك مع أبناء مختلف القوميات والقبائل الذين عاشوا في هضبة تشينغهاي - التبت والمناطق المحيطة بها. بعد هلاك سلطة توبوه، تعايش أبناء توبوه في منطقة هضبة تشينغهاي - التبت مع أبناء مختلف القوميات الأخرى بشكل مختلط، ولم تكن هناك سلطة موحدة. في عهد أسرة يوان، تم في منطقة التبت إنشاء مكتب المارشال لولايات ووسي وتسانغ وناليسوقولوسون (أي مكتب الشؤون العسكرية والمدنية في ووسي وتسانغ) لإدارة منطقة التبت، وفي المناطق الأخرى التي تجمع فيها أبناء قومية التبت، تم إنشاء مكتب مبعوث الشؤون العسكرية والمدنية لولاية توبوه وغيرها (أي مكتب الشؤون العسكرية والمدنية في دوكهامس) ومكتب مبعوث الشؤون العسكرية والمدنية لإقليم توبوه وغيره (أي مكتب الشؤون العسكرية والمدنية في دوسماد) على التوالي. كانت المكاتب الثلاثة المذكورة أعلاه تابعة لمكتب الأعمال التنفيذية باعتباره جهازا إداريا مركزيا (سُمي هذا المكتب في البداية بمجلس الإدارة العامة). وفي عهد أسرة مينغ، تم في التبت إنشاء مكتب مبعوث قيادة ووسي وتسانغ ومكتب المارشال للشؤون العسكرية والمدنية في نجاري، ثم ارتقى مكتب مبعوث القيادة إلى مستوى الحاضرة الإدارية. وفي إقليم دوكهامس، تم إنشاء مكتب مبعوث قيادة دوكهامس (ثم ارتقى إلى مستوى الحاضرة الإدارية). في السنة الرابعة من فترة حكم الإمبراطور يونغ تشنغ في أسرة تشينغ (عام 1726)، ولمواجهة الاضطرابات المندلعة في منطقة التبت، عدلت الحكومة المركزية التقسيمات الإدارية بين التبت وبين المقاطعات والمناطق المجاورة لها بما فيها سيتشوان ويوننان وتشينغهاي، وعليه، تشكل الهيكل الأساسي للتقسيمات الإدارية الذي استعملته أسرة تشينغ لإدارة التبت والمناطق الأخرى التي تجمع أبناء قومية التبت فيها، ويستمر الهيكل حتى اليوم. وإلى ما قبل التحرير السلمي عام 1951، لم يتجاوز النطاق الإداري لحكومة التبت المحلية حدود منطقة التبت الذاتية الحكم اليوم.إن "منطقة التبت الكبرى" هي وليد اعتداء المستعمرين الغربيين على الصين ومحاولتهم لتقسيمها. لم يكن مفهوم "منطقة التبت الكبرى" ابتكارا أوليا لعصابة الدالاي لاما الرابع عشر، وإنما طرحه المستعمرون البريطانيون في "مؤتمر سيملا" المنعقد بين عامي 1913 و1914، مع كتابته في "معاهدة سيملا" غير الشرعية. إن هذه المعاهدة تقسم المناطق الصينية التي تجمع أبناء قومية التبت فيها إلى "التبت الخارجية" و"التبت الداخلية": يقصد بـ"التبت الخارجية" منطقة التبت الذاتية الحكم اليوم، حيث يطبق فيها "الحكم الذاتي"؛ ويقصد بـ"التبت الداخلية" المناطق بمقاطعات سيتشوان ويوننان وقانسو وتشينغهاي والتي يتجمع أبناء قومية التبت فيها، حيث يمكن لحكومة الصين تعيين الموظفين الرسميين وإرسال القوات للمرابطة فيها. بسبب المعارضة الشديدة من قبل أبناء مختلف القوميات في الصين، لم يوقع مندوب حكومة الصين وقتذاك على المعاهدة ولم يعترف بها، فانتهى "مؤتمر سيملا" بالفشل، وصارت "معاهدة سيملا" مجرد قصاصة ورق. على الرغم من ذلك، ظل المستعمرون البريطانيون يعملون بنشاط على تربية ودعم القوى الانفصالية الرفيعة المستوى في التبت، بينما كانت تلك القوى الانفصالية تتخيل تحقيق "الحكم الذاتي" بدعم بريطانيا. لم يستيقظ الدالاي لاما الثالث عشر، الذي كان المستعمرون البريطانيون يستغلونه، إلا في أواخر أيام حياته، فقال عام 1930 لمندوب الحكومة المركزية وقتذاك، ليو مان تشينغ، في لاسا: "كيف تقسم أراضي الصين إلى جزئي وجزئك حتى بالقوة.. الشجار بين الإخوان ليس جديرا بالتقدير."يتجاهل مفهوم "منطقة التبت الكبرى" التاريخ والثقافة اللتين خلقهما أبناء مختلف القوميات في هضبة تشينغهاي - التبت سوية. بعد فترات طويلة من التبادل والتواصل بين مختلف القوميات في الصين، تشكلت الميزة الانتشارية المتمثلة في تواجد أبناء مختلف القوميات في أنحاء البلاد وتجمع أبناء قومية واحدة في منطقة واحدة. في الصين، غالبا ما ينتشر أبناء قومية واحدة في مختلف المناطق الإدارية، في الوقت ذاته يتجمع أبناء مختلف القوميات في منطقة إدارية واحدة. في منطقة هضبة تشينغهاي - التبت، خاصة في المناطق المجاورة لها، يعيش أبناء بضع عشرة قومية منذ القدم، بما فيها قوميات هان والتبت وهوي ومنبا ولوبا وتشيانغ ومنغوليا وتو ودونغشيانغ وباوآن ويويقو وسالار وليسو وناشي وبومي ونو، حيث يعدون أصحابا مشتركين لهذه الأرض. اليوم، يعيش أبناء القوميات العديدة بصورة مختلطة في كل من التبت ومقاطعات سيتشوان ويوننان وقانسو وتشينغهاي، ويعد ذلك نتيجة تاريخية للتواصل والتبادل والتمازج الطويل الأمد بين أبناء مختلف القوميات في الصين. نظرا للظروف الجغرافية والتاريخية والعادات والتقاليد والأسباب الأخرى، يخضع مختلف قبائل قومية التبت في سيتشوان ويوننان وقانسو وتشينغهاي لإدارة مختلف المقاطعات الصينية، وتتعايش مع القوميات الأخرى بالمناطق المختلفة بشكل متشابك لمدة طويلة. خلال التطور التاريخي الطويل الأجل، لا يحتفظ أبناء قومية التبت في مختلف المناطق الإدارية بالخصائص القومية المشتركة فحسب، بل يختلفون بعضهم عن البعض في اللهجات القبائلية والعادات والتقاليد والنواحي الأخرى، ويتمتعون بميزاتهم الخاصة. في نفس الوقت، يقوم أبناء قومية التبت في مختلف المناطق باتصالات مكثفة مع أبناء القوميات الأخرى المحليين في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها، خاصة أن الاتصالات الاقتصادية بينهم وثيقة جدا، فيتمتعون بالخصائص الثقافية الإقليمية المشتركة أو المتشابهة.ينحرف مفهوم "منطقة التبت الكبرى" عن أحوال الصين الواقعية تماما. في الصين، يعتبر نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي نظاما سياسيا أساسيا للدولة. يقصد بنظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي تطبيق الحكم الذاتي الإقليمي في المناطق التي يتجمع فيها أبناء مختلف الأقليات القومية، ذلك تحت قيادة الدولة الموحدة، وإقامة أجهزة الحكم الذاتي لتمارس سلطة الحكم الذاتي. تنقسم أقاليم الحكم الذاتي القومي إلى ثلاثة مستويات، هي المنطقة الذاتية الحكم والولاية الذاتية الحكم والمحافظة الذاتية الحكم. يعتبر كل من أقاليم الحكم الذاتي القومي جزءا لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية. بعد تأسيس الصين الجديدة، وباستثناء منطقة التبت الذاتية الحكم، تم إنشاء 8 ولايات ذاتية الحكم لقومية التبت وولاية ذاتية الحكم لقوميتي التبت وتشيانغ وولاية ذاتية الحكم لقوميتي منغوليا والتبت ومحافظتين ذاتيتي الحكم لقومية التبت في المناطق بمقاطعات سيتشوان ويوننان وقانسو وتشينغهاي وغيرها والتي يتجمع فيها أبناء قومية التبت، كما تم إنشاء محافظات ذاتية الحكم للقوميات الأخرى في بعض الولايات الذاتية الحكم لقومية التبت. إن هذا النوع من التقسيمات الإدارية لا يأخذ بعين الاعتبار المستفيض الميزات التاريخية لانتشار القوميات فقط، بل يضع التنمية المستقبلية نصب العينين، مما يجسد الجمع بين العناصر القومية والعناصر الإقليمية، وبين العناصر التاريخية والعناصر الواقعية، وبين العناصر السياسية والعناصر الاقتصادية، فذلك في صالح الازدهار والتنمية المشتركتين لمختلف القوميات في الأسرة الكبيرة للوطن الأم، وقد دلت الممارسات التطبيقية على نجاح هذا الترتيب المؤسسي. تنص المادة الرابعة عشرة لـ((قانون الحكم الذاتي الإقليمي القومي)) الصيني على: "لا يجوز إلغاء أو ضم إقليم يطبق عليه الحكم الذاتي القومي بعد إنشائه، إلا من خلال الإجراءات القانونية؛ لا يجوز تغيير حدود إقليم يطبق عليه الحكم الذاتي القومي بعد تحديدها إلا من خلال الإجراءات القانونية؛ إذا كان هناك حاجة حقيقية إلى الإلغاء أو الضم أو التغيير، ينبغي للدوائر المعنية التابعة لأجهزة الدولة على مستوى أعلى وأجهزة الحكم الذاتي بإقليم الحكم الذاتي القومي، تحديد ذلك بعد مشاورات مستفيضة، مع التقدم بطلب الموافقة حسب الإجراءات القانونية."عليه، يمكن أن نرى أن مؤامرة عصابة الدالاي لاما الرابع عشر حول تأسيس "منطقة التبت الكبرى"، لا تخالف التاريخ فحسب، بل تتنافى مع الواقع، وتنحرف عن وضع الصين انحرافا تاما. يتجاهل مفهوم "منطقة التبت الكبرى" حقيقة أن أبناء القوميات العديدة يتواجدون ويتعايشون في هضبة تشينغهاي - التبت منذ آلاف السنين، ويشوه تاريخ قيام مختلف القوميات بالتنمية المشتركة لهضبة تشينغهاي - التبت، ليكون تاريخ قومية أحادية، ويصنع تناقضات وخلافات بين مختلف القوميات الصينية، محاولا لبناء "منطقة التبت الكبرى" الخالصة التي تقصي القوميات الأخرى، فيعتبر هذا المفهوم تجسيدا نموذجيا للقومية المتطرفة والعنصرية.
- "الحكم الذاتي العالي الدرجة" يستهدف إلى تأسيس "بلد داخل البلاد"، ويتنافى تماما مع دستور الصين ونظام الدولة
إن ما يسمى "الحكم الذاتي العالي الدرجة" وأيضا "الحكم الذاتي الحقيقي" و"الحكم الذاتي بكل معنى الكلمة"، هو مضمون جوهري آخر لـ"الطريق الوسط" الذي تروجه عصابة الدالاي لاما الرابع عشر. في الظاهر، يسعى "الحكم الذاتي العالي الدرجة" وراء "صلاحية الحكم الذاتي" في مجالات اللغة والثقافة والدين والتعليم وحماية البيئة وغيرها داخل نطاق سيادة جمهورية الصين الشعبية. لكن أحاديث عصابة الدالاي لاما الرابع عشر حول "الحكم الذاتي العالي الدرجة" تشتمل جليا على محتويات تتمثل في تخريب وحدة الدولة وسيادتها ونظامها، فجوهر "الحكم الذاتي العالي الدرجة" هو تأسيس "بلد داخل البلاد" غير متقيد بالحكومة المركزية.أولا، حول العلاقة بين "حكومة الحكم الذاتي" والحكومة المركزية. يزعم "الحكم الذاتي العالي الدرجة" أنه "ينبغي أن يتحمل أبناء التبت المسؤولية عن جميع الشؤون باستثناء الشؤون الخارجية والدفاع الوطني، ويتمتعون بكافة الصلاحيات"، ويحق لـ"حكومة الحكم الذاتي" إنشاء "مكاتبها" في الدول الأجنبية. جوهر ذلك هو وضع "حكومة الحكم الذاتي" في مكانة مستقلة غير متقيدة بالحكومة المركزية، وإسقاط مختلف الأنظمة السياسية السارية المفعول في منطقة التبت الذاتية الحكم والعمل بطريقة أخرى.ثانيا، حول الشؤون العسكرية والدفاعية في التبت. طرحت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر أنه "لا يمكن بدء عملية التسوية السلمية بصورة حقيقية إلا بعد الانسحاب التام لقوات الحزب الشيوعي الصيني"، مضيفة أنه "يجب عقد مؤتمر السلام الإقليمي، لضمان نزع السلاح في التبت"، محاولة لتحويل التبت إلى "منطقة سلمية دولية" و"منطقة حاجزة بين الصين والهند"، وتحويل شؤون الصين الداخلية إلى شؤون دولية. إن التبت جزء من جمهورية الصين الشعبية، ويعد إرسال الحكومة المركزية قواتها للمرابطة في التبت رمزا لسيادة الدولة ومطلبا لأمن الدولة. ويشير اعتراض عصابة الدالاي لاما الرابع عشر على ذلك بوضوح جليّ إلى نيتها السياسية "استقلال التبت".ثالثا، حول حقوق القوميات الأخرى. طرحت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر أنه يجب "إيقاف الهجرة إلى التبت، وجعل أبناء قومية هان المهاجرين إلى التبت يعودون إلى الصين". صرح العضو الرئيسي في عصابة الدالاي لاما الرابع عشر، سامدهونج في حديث عام 2005، بأنه "في أنحاء المنطقة المأهولة بأبناء قومية التبت، يجب أن يمارس أبناء قومية التبت حق الحكم الذاتي الإقليمي القومي بأنفسهم، أما أبناء قومية هان والقوميات الأخرى، فيبدون ضيوفا، لا يمكنهم تقييد حقوقنا بأي شكل من الأشكال." كما ذكرنا آنفا، فقد كانت المناطق داخل نطاق ما تزعمه عصابة الدالاي لاما الرابع عشر بـ"منطقة التبت الكبرى"، لا سيما المناطق المجاورة لهضبة تشينغهاي - التبت، ممرا قوميا للهجرات الكثيفة لأبناء مختلف القوميات الصينية في التاريخ، حيث تشكل وضع التواجد والاعتماد المتبادل بينهم. لكن عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تسعى لطرد الملايين من أبناء القوميات الأخرى الذين يعيشون على هذه الأرض جيلا بعد جيل، الأمر الذي يوضح منطقا سخيفا ومخيفا، ألا وهو أن يوم تحقيق "الحكم الذاتي العالي الدرجة" المزعوم هو موعد تصفية القوميات الأخرى من هضبة تشينغهاي - التبت.رابعا، حول "الحكم الذاتي العالي الدرجة" و"دولة واحدة ونظامان". تزعم عصابة الدالاي لاما الرابع عشر أنه يجب تطبيق "الحكم الذاتي العالي الدرجة" في "منطقة التبت الكبرى" كلها بموجب تدابير "دولة واحدة ونظامان"، وبسبب أن أحوال التبت أكثر "تميزا"، يجب أن يكون حق الحكم الذاتي في التبت أكبر مما في هونغ كونغ وماكاو. تعد "دولة واحدة ونظامان" سياسة أساسية للدولة طرحتها الصين لتسوية مسألة تايوان ومسألة هونغ كونغ وماكاو وتحقيق التوحيد السلمي للدولة. تختلف أحوال التبت اختلافا تاما عن أحوال تايوان وهونغ كونغ وماكاو. إذ أن مسألة تايوان مسألة خلفتها الحرب الأهلية بين حزب الكومينتانغ والحزب الشيوعي الصيني. ومسألة هونغ كونغ وماكاو نتيجة لاعتداء الإمبريالية على الصين، وهي مسألة حول استئناف الصين لممارسة السيادة. أما التبت فظلت تحت الإدارة السيادية للحكومة المركزية، لم تكن فيها المسائل المذكورة آنفا على الإطلاق.عليه، يمكن أن نرى أن "الحكم الذاتي العالي الدرجة" المزعوم جوهره ليس "الحكم الذاتي" بل "الاستقلال"، هدفه إنكار سيادة الصين على التبت وتأسيس "منطقة التبت الكبرى" التي لا تخضع لإدارة الحكومة المركزية. فلا يوجد أي أساس أو ظرف لتحقيق مثل هذا "الحكم الذاتي العالي الدرجة".أولا، يخالف "الحكم الذاتي العالي الدرجة" مخالفة جوهرية ما ينص عليه ((الدستور)) الصيني من الروح والمبادئ حول العلاقات بين مختلف القوميات الصينية. تشير مقدمة ((الدستور)) الصيني بوضوح إلى أن "جمهورية الصين الشعبية دولة موحدة متعددة القوميات أسسها أبناء مختلف القوميات في البلاد كلها سوية. وقد تم تحديد العلاقات القومية الاشتراكية المتسمة بالمساواة والتضامن والمساعدة المتبادلة، وستتعزز تلك العلاقات باستمرار. وخلال الكفاح من أجل الحفاظ على تضامن القوميات، لا بد من معارضة نزعة القومية الكبرى، باعتبار نزعة قومية هان الكبرى قوامها، ويجب معارضة نزعة القومية المحلية." تنص المادة الرابعة للدستور على أن "جميع القوميات في جمهورية الصين الشعبية على قدم المساواة"، "حظر المعاملة غير العادلة والاضطهاد تجاه أية قومية من القوميات، وحظر التصرفات التي تخرب تضامن القوميات وتهدف إلى تقسيم الأمة." تنص المادة الـ48 لـ((قانون الحكم الذاتي الإقليمي القومي)) الصيني على أن "أجهزة الحكم الذاتي بإقليم الحكم الذاتي القومي تضمن تمتع مختلف القوميات بالحقوق المتساوية داخل الإقليم." لكن "الحكم الذاتي العالي الدرجة" الذي تروجه عصابة الدالاي لاما الرابع عشر، يتجاهل الحقوق المتساوية لمختلف القوميات بالتبت تماما، ويعد ذلك تجسيدا للقومية المتطرفة.ثانيا، يخالف "الحكم الذاتي العالي الدرجة" مخالفة جوهرية هيكل الدولة الحالي في الصين. لقد ورثت جمهورية الصين الشعبية هيكل الدولة الأحادي منذ تأسيسها، وفي البلاد كلها الدستور والمنظومة القانونية الموحدان. في الصين، الأجزاء المكونة لكل الدولة ليست حكومات أعضاء بل مناطق إدارية محلية. تنص المادة الـ57 لـ((الدستور)) الصيني على أن المجلس الوطني لنواب الشعب هو الجهاز الأعلى لسلطة الدولة؛ وتنص المادة الـ58 على أن يمارس المجلس الوطني لنواب الشعب ولجنته الدائمة، السلطة التشريعية للدولة. إن جميع الحكومات المحلية على مختلف المستويات تابعة للحكومة المركزية، عليها أن تخضع لإدارة الحكومة المركزية، ولا يوجد أي صاحب سلطة يتمتع بمكانة قانونية متساوية مع الحكومة المركزية. ينفي "الحكم الذاتي العالي الدرجة" السلطة العليا للمجلس الوطني لنواب الشعب، ويتجاهل سلطة الحكومة المركزية، ويطالب بالحصول على السلطة التشريعية على المستوى الوطني، ويصف علاقة تبعية الحكومات المحلية للحكومة المركزية بأنها علاقة "التعاون" وعلاقة المعاملة بالمثل بين الكيانات السياسية. لا توجد في الصين مسائل مثل "المفاوضة" المتساوية بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية والحصول على "الموافقة" بشكل متبادل بينهما وإيجاد "سبل التسوية عبر التعاون" بينهما.ثالثا، يخالف "الحكم الذاتي العالي الدرجة" مخالفة جوهرية النظام السياسي الأساسي للاشتراكية ذات الخصائص الصينية. كما ذكرنا آنفا، إن نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي نظام سياسي أساسي في الصين. في داخل الأقاليم الذاتية الحكم، يتمتع المواطنون من مختلف القوميات بالحقوق المتساوية، ويضمن الدستور والقوانين حقوقهم. يعتبر كل من أقاليم الحكم الذاتي القومي جزءا لا يتجزأ من أراضي جمهورية الصين الشعبية. والحكومات الشعبية بأقاليم الحكم الذاتي القومي هي أجهزة الدولة الإدارية المحلية على مستوى ما، وهي أيضا أجهزة الحكم الذاتي بالأقاليم الذاتية الحكم. تنص المادة الـ15 لـ((قانون الحكم الذاتي الإقليمي القومي)) الصيني على: "أن جميع الحكومات الشعبية بمختلف أقاليم الحكم الذاتي القومي هي أجهزة الدولة الإدارية تحت القيادة الموحدة من قبل مجلس الدولة، وتخضع لإدارة مجلس الدولة." فمن الطبيعي أن تكون التبت، باعتبارها منطقة ذاتية الحكم بالصين، تحت قيادة الحكومة المركزية. وبواسطة "الحكم الذاتي العالي الدرجة"، تحاول عصابة الدالاي لاما الرابع عشر الإنكار التام لنظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي في الصين.تدعو فكرة "مادهياماكا" في العقيدة البوذية أصلا إلى التخلي عن فكرتين مسبقتين هما "الوجود الحقيقي" و"اللاوجود وإنكار السببية"، من أجل تجنب التطرف. لكن الدعوة السياسية لعصابة الدالاي لاما الرابع عشر هي تحقيق "استقلال التبت" تحت ستار "الطريق الوسط". كان الأخ الأكبر الثاني للدالاي لاما الرابع عشر، جيالو ثوندوب، وأخوه الأصغر تينزن تشوجيا، وعضو العصابة الرئيسي سامدهونج، وغيرهم من قادة قوى "استقلال التبت" يعبرون قائلين: "نسعى إلى الحكم الذاتي أولا، ثم نقوم بطرد الصينيين! سيكون الحكم الذاتي نقطة انطلاق." "الخطوة الأولى هي جعل التبت شبه مستقلة تحت شعار الحكم الذاتي؛ والخطوة الثانية هي الانتقال إلى استقلال التبت". وكان الرأس الجديد لـ"حكومة التبت في المنفى" المزعومة قد أعرب لمجلة ((ديالوج)) الهندية قائلا: "لا تناقض بين فكرة استقلال التبت وفكرة الحكم الذاتي في التبت، من الزاوية الجدلية، استقلال التبت هو الهدف المبدئي، أما الحكم الذاتي في التبت فهو الهدف الواقعي." من أجل دفع تنفيذ "الطريق الوسط" وتحقيق "استقلال التبت" على مراحل، تبذل عصابة الدالاي لاما الرابع عشر كل ما في وسعها في تزيين نفسها، وتتظاهر بمواكبة "تيار العالم"، وتزعم أن دعوتها "استقلال التبت" تسعى للإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، وذلك تحت شعارات دولية بما فيها "الطريق الثالث" و"التقرير الذاتي للمصير القومي" و"الحكم الذاتي القومي" و"عدم العنف" و"الكسب المشترك". لكن، لأن "الطريق الوسط" ينحرف عن وضع الصين وأحوال التبت الواقعية تماما، ويخالف دستور الصين وقوانينها ونظامها الأساسي جوهريا، فتزيين عصابة الدالاي لاما الرابع عشر له، سيذهب عبثا مهما كانت جهودها.
رابعا، مظاهر "السلام" و"عدم العنف" الكاذبة
منذ سنوات عديدة، كلما روجت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر "الطريق الوسط"، استغلت بعض التعبيرات الشائعة بما فيها "السلام" و"عدم العنف" لتزيين نفسها وإخفاء جوهرها المتمثل في العنف والتسلح، بغية إيجاد مظاهر "الرحمة" الكاذبة وكسب تعاطف المجتمع الدولي ودعمه بالحيلة والخداع. لكن وراء الكلمات المفعمة بالمشاعر الرقيقة مثل "السلام" و"عدم العنف"، لا يصعب على الناس أن يكتشفوا أنه منذ إطلاقها للتمرد المسلح عام 1959، ظلت العصابة تستخدم العنف و"عدم العنف" معا، وتمارس العنف تحت ستار "عدم العنف". لذلك، ليس "السلام" و"عدم العنف" إلا ورقة التين التي تستعملها العصابة لكسب الشهرة، ولم تتخل العصابة عن استعمال العنف أبدا لدفع تنفيذ طريق "استقلال التبت".
- من أجل تحقيق الهدف السياسي "استقلال التبت"، لم تتخل عصابة الدالاي لاما الرابع عشر عن العنف أبدا
في عام 1959، أطلقت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تمردا مسلحا واسع النطاق، حيث شنت هجمات مسلحة على عاملي الحكومة المركزية لدى التبت، وذبحت أعدادا كبيرة من أبناء قومية التبت المؤيدين للإصلاح الديمقراطي. ولم يكن الدالاي لاما الرابع عشر على علم بذلك فقط، بل شجعه بوضوح. كان يكتب في "سيرته الذاتية": "كان كل منهم شاكي السلاح، حتى طباخي الخاص تنكب بازوكا، وعلق قذائف كثيرة حول خصره. إنه شاب كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تدربه." بعد فراره إلى الهند، قام الدالاي لاما الرابع عشر بتنظيم القوات المسلحة من جديد، مترقبا لفرصة "العودة إلى التبت بالقوة". في عام 1960، أعادت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تنظيم "جيش الأنهار الأربعة والجبال الستة من حراس الدين" في موستانغ الواقعة بشمالي نيبال. وفي عام 1962، وبدعم القوى الخارجية، نظمت العصابة "الوحدة الخاصة للحدود الهندية التبتية" باتخاذ أبناء التبت المنفيين قواما لها. في الفترة بين عام 1961 وعام 1965، تسللت العصابة عبر الحدود الصينية الهندية بطريقة غير شرعية 204 مرات، حيث قامت بهجمات وتشويشات جنونية على الحامية الحدودية الصينية، وعامة الناس بالمناطق الحدودية الصينية.كانت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تنال دعما مسلحا من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. تشير المحفوظات والمراجع الأمريكية المكشوفة إلى أن عصابة الدالاي لاما الرابع عشر أقامت اتصالات مع الحكومة الأمريكية عند تحرير التبت سلميا عام 1951. وخلال فترة التمرد المسلح المندلع في التبت، لم ترسل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية رجالها لمساعدة الدالاي لاما الرابع عشر في الهروب فحسب، بل دربت بشكل خاص العناصر المسلحة القائمة بأنشطة "استقلال التبت"، وأنزلت كمية هائلة من الأسلحة والتجهيزات بالمظلات. في 8 يونيو 2012، نشرت ((صحيفة زود دويتشه تسايتونغ))الألمانية تعليقا تحت عنوان ((مظهر مقدس)) قائلة: "من المرجح أن ما يعلمه الدالاي لاما، بصفته ممثلا للسلام المحض، من الأنشطة التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في التبت، أكثر بكثير مما قد اعترف بعلمه به حتى اليوم. حاليا، ينزل ظل كبير على رأس هذا الملك الديني." كما أشار هذا التعليق إلى أن العلاقة المباشرة بين الدالاي لاما الرابع عشر ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية "لا تتفق أبدا مع هويته كأعلى سلطة أخلاقية".بعد أواخر سبعينات القرن العشرين، ومع تغير الوضع الدولي، لقي ما مارسته عصابة الدالاي لاما الرابع عشر من العنف علنا، استهجانا من الناس يوما بعد يوم، وتحت ضغوط هذا الوضع، بدأت العصابة تتخذ تكتيكا ثنائيا، ألا وهو خلق أحداث العنف باستمرار، لفرض الضغوط على الحكومة المركزية، هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى، الدعوة إلى "عدم العنف"، لخداع الناس والتستر على أعمال العنف. وتحت تدبير وتحريض العصابة، وقعت أحداث العنف المتلاحقة في التبت في ثمانينات القرن العشرين. إذ في 21 سبتمبر 1987، ألقى الدالاي لاما الرابع عشر خطابا في الكونغرس الأمريكي، حيث روج فكرة "استقلال التبت". وفي 27 سبتمبر، صرخ الغوغاء بالشعارات الانفصالية في ساحة معبد جوكهانغ بلاسا، وهاجموا رجال الشرطة الشعبية وجرحوا العديد من الناس. في 1 أكتوبر، هاجم الغوغاء وحطموا محطة الشرطة بشارع باركور، حيث أحرقوا 7 سيارات وجرحوا عشرات رجال الشرطة الشعبية. ادعى الغوغاء: "يعمل الدالاي لاما على تحقيق استقلال التبت، نتبعه جميعا، مَن لا يشاركنا في المظاهرة، سنحطم بيته." في 5 مارس 1988، وخلال مهرجان الصلاة الكبيرة المنعقد في لاسا، هجمت مجموعة من الغوغاء على الأجهزة الحزبية والحكومية ومكاتب الأمن العام ومحطات الشرطة في معبد جوكهانغ وشارع باركور والأماكن الأخرى، وحطموا وأحرقوا السيارات والمحلات وغيرها، مما أدى إلى مقتل وإصابة 299 فردا من رجال الشرطة الشعبية وجماهير الشعب. خلال الفترة بين 5 و7 مارس 1989، وقع الاضطراب في لاسا مرة أخرى، حيث هاجم الغوغاء رجال الشرطة الشعبية بالبنادق، وأسفر ذلك عن مقتل شرطي شعبي واحد وإصابة 40 شرطيا شعبيا، كما تهدمت 107 دكاكين و24 جهازا حكوميا ومدرسة ابتدائية ولجنة سكان بالمجمعات السكنية. في 11 مارس 1992، هجم 9 أفراد من عناصر "استقلال التبت" على سفارة الصين لدى الهند بالقنابل الحارقة.وقعت أحداث العنف الأشد في 14 مارس 2008. إذ في ذلك اليوم، اتخذت مجموعة من الغوغاء الحجارة والسكاكين والهراوات كأسلحة، للقيام بالضرب والتحطيم والسلب والإحراق للمارة الأبرياء والسيارات والدكاكين والبنوك ومنافذ شركات الاتصالات والأجهزة الحكومية في أماكن عديدة بالأحياء المركزية في مدينة لاسا، الأمر الذي خرب النظام الاجتماعي المحلي بشكل خطير وألحق خسائر فادحة بحياة جماهير الشعب وممتلكاتها. خلال تلك الحادثة، أشعل الغوغاء النار في أكثر من 300 مكان، وتضررت 908 دكاكين و7 مدارس و120 مسكنا مدنيا و5 مستشفيات في لاسا، وتحطمت 10 منافذ للأعمال المالية وحُرقت 20 بناية على الأقل إلى جانب تحطم 84 سيارة ومقتل 18 بريئا من جماهير الشعب حرقا أو تقطيعا، وبلغ عدد الجرحى من الجماهير 382 فردا، من بينهم 58 فردا أصيبوا بجروح خطيرة. تفضح حقائق كثيرة أن حادثة "14 مارس" دبرتها عصابة الدالاي لاما الرابع عشر وحرضت عليها بكل جهد ودقة. بعد وقوع الحادثة، أصدر الدالاي لاما الرابع عشر تصريحا بواسطة سكرتاريته الخاصة، وصف فيه حادثة العنف تلك بـ"احتجاج سلمي". وفي 16 مارس، أعرب الدالاي لاما الرابع عشر خلال مقابلته مع مراسل من ((بي بي سي)) البريطانية قائلا: "أحترم رغبات أبناء التبت مهما فعلوا في أي وقت من الأوقات، لن أطالبهم بالتوقف." في الوقت ذاته، أجاز "مؤتمر الشباب التبتي"، الذي يتأثر تأثرا عميقا بالدالاي لاما الرابع عشر، قرارا حول "تنظيم مفرزة عصابات حالا لدخول الحدود سرا والقيام بالنضال المسلح". زعم رأس "مؤتمر الشباب التبتي" أنهم على استعداد للتضحية بمائة فرد آخر من أبناء التبت لتحقيق الانتصار النهائي.
- تخريب عصابة الدالاي لاما الرابع عشر للألعاب الأولمبية التي ترمز إلى السلام، يفضح بشكل مستفيض خداع دعوتها "عدم العنف"
تعتبر الألعاب الأولمبية رمزا لسلام الإنسان وصداقته وتقدمه، فتحظى بترحيب وحرص من شعوب دول العالم. لكن ما قامت به عصابة الدالاي لاما الرابع عشر من التشويش والتخريب لأولمبياد بكين، يعد سخرية كبيرة من صورة العصابة المسماة بـ"عدم العنف".في مايو 2007، عقدت قوى "استقلال التبت" والقوى الدولية المعادية للصين "المؤتمر الدولي الخامس للمنظمات المؤيدة للتبت" في بروكسل، عاصمة بلجيكا، حضره سامدهونج الذي كان يتولى منصب رأس "حكومة التبت في المنفى" وقتذاك. أجاز المؤتمر ((خطة إستراتيجية)) قرر فيها بدء حملة ضد أولمبياد بكين 2008. وبعد ذلك، طرحت منظمات "استقلال التبت" في الولايات المتحدة الأمريكية فكرة "الانتفاضة الكبرى لأبناء التبت". رأوا أن عام 2008 سيكون آخر فرصة لتحقيق "استقلال التبت"، فقرروا انتهاز "الفرصة المؤاتية" المتمثلة في التفات أنظار المجتمع الدولي إلى الصين قبل افتتاح أولمبياد بكين، لمحاولة "إحداث أزمة للصين من خلال تنشيط وتنسيق الأعمال داخل حدود التبت".في نهاية عام 2007، عقد "مؤتمر الشباب التبتي" و"اتحاد النساء التبتي" وغيرهما من المنظمات الراديكالية لـ"استقلال التبت" مؤتمرا في الهند، حيث أعلنت أنها ستطلق "حملة الانتفاضة الكبرى لأبناء التبت". وفي 4 و25 يناير 2008، نظمت سبع منظمات لـ"استقلال التبت" مؤتمرات صحفية في نيودلهي، عاصمة الهند، حيث أصدرت ((اقتراح "حملة الانتفاضة الكبرى لأبناء التبت")) مع نشره على أكثر من 100 موقع على الإنترنت، أعلنت فيه أنها "ستمارس 'حملة الانتفاضة الكبرى لأبناء التبت' على نطاق واسع بلا توقف اعتبارا من 10 مارس 2008". وفي 10 مارس، ألقى الدالاي لاما الرابع عشر كلمة أوعز فيها إلى العناصر العابثة بالقانون داخل حدود الصين بالقيام بأعمال العنف. وأصدر "مؤتمر الشباب التبتي" في نفس اليوم تصريحا قال فيه إنه "في الوقت الحاضر، يجب الانتهاز المُحكم للفرصة المهمة غير المسبوقة في النضالات الماضية من أجل الاستقلال، أي فرصة الألعاب الأولمبية المقامة في العام الجاري"، ومن أجل "استقلال التبت"، "لا نبخل بإراقة الدماء والتضحية بالحياة".تحت تدبير وتنظيم عصابة الدالاي لاما الرابع عشر، أحدثت قوى "استقلال التبت" سلسلة من أنشطة التشويش والتخريب في المجتمع الدولي خلال فترة الأعمال التحضيرية لأولمبياد بكين 2008. إذ خربت عناصر "استقلال التبت" المراسيم المهمة للألعاب الأولمبية مرات عديدة، بما فيها مهاجمة مراسم إيقاد الشعلة الأولمبية في اليونان، والتصرفات الوحشية مثل اختطاف الشعلة الأولمبية أثناء نقلها في بلدان عديدة، مما أثار غضبا شديدا من المجتمع الدولي.
- عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تتجاهل حياة أبناء التبت العاديين، وتقوم بتضليل وتحريض الرهبان والعلمانيين والمؤمنين على ممارسة العنف ضد أنفسهم
في أغسطس 2011، طرح الرأس الجديد لـ"حكومة التبت في المنفى" المزعومة، بعد توليه منصبه، طرح بوضوح حملة "ابتكار عدم العنف". منذ ذلك الوقت فصاعدا، شرعت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تحرض، عبر طرق عديدة، الرهبان والعلمانيين والمؤمنين من قومية التبت داخل البلاد على حرق أنفسهم، مما أدى إلى وقوع حوادث حرق النفس بصورة متتالية في بعض المناطق الصينية. في 29 مايو 2012، أقام "مؤتمر الشباب التبتي" اجتماع الشمعة لتأبين أبناء التبت الذين حرقوا أنفسهم، حيث ادعى زعيم "المؤتمر" أن "استقلال التبت لن ينزل من السماء، ولن ينمو من تحت الأرض، بل يعتمد على جهودنا وأعمالنا ويكلف ثمنا". وفي الفترة بين 25 و28 سبتمبر 2012، عقدت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر الدورة الثانية لـ"المؤتمر الخاص بأبناء التبت المنفيين في العالم كله"، حيث حددت بوضوح حرق النفس كـ"أعلى أسلوب لتصرف عدم العنف" والذين يحرقون أنفسهم كـ"أبطال القومية"، إلى جانب بناء قاعة تذكارية وتدبير أموال خاصة لهم. وفي فترة ما بعد ذلك، قامت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر بالدعاية الغوغائية بأن "حرق النفس لا يخالف العقيدة البوذية" و"ينتمي إلى أعمال الاستشهاد الديني، وهو عمل بوذا"، بما أغرى المؤمنين في المناطق المأهولة بأبناء قومية التبت، خاصة بعض الشباب والمراهقين قليلي التجربة، بالسير على طريق اللاعودة، الأمر الذي أدى إلى الازدياد الشديد لحوادث حرق النفس.تفضح سلسلة من قضايا حرق النفس، التي كشفتها أجهزة الأمن العام الصينية، بوضوح أن عصابة الدالاي لاما الرابع عشر هي التي سيطرت على حوادث حرق النفس ودبرتها. يعتبر معبد كيرتي الواقع في ولاية آبا الذاتية الحكم لقوميتي التبت وتشيانغ بمقاطعة سيتشوان، أكثر مكان وقعت فيه حوادث حرق النفس، تدل الحقائق على أن حوادث حرق النفس التي وقعت في ذلك المعبد ذات علاقة وثيقة بتحريض عصابة الدالاي لاما الرابع عشر. غالبا ما نظمت العصابة حوادث حرق النفس عبر أربع طرق، هي: الأولى، الاتصال بـ"مكتب الاتصال الأخباري" في معبد كيرتي بالهند بواسطة معبد كيرتي المذكور أعلاه، للسيطرة على حوادث حرق النفس عن بعد وتدبيرها؛ الثانية، تسلل أعضاء "مؤتمر الشباب التبتي" عبر حدود البلاد بطريقة غير شرعية، للتحريض على حرق النفس وتنظيمه؛ الثالثة، إيعاز الأفراد العائدين من الخارج إلى المحليين بحرق النفس؛ الرابعة، استغلال شبكة الإنترنت والوسائل الإعلامية الساعية لـ"استقلال التبت" للترويج لحرق النفس والتحريض عليه.فضلا عن ذلك، نشرت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر كتاب ((دليل حرق النفس)) الذي يرشد تصرفات حرق النفس، لتحرض وتغري، بشكل منهجي، أبناء التبت داخل حدود البلاد بحرق أنفسهم. إن مؤلف الكتاب لهاموجيه، كان "عضوا" بـ"البرلمان في المنفى" لدورتين متتاليتين. ينقسم ((دليل حرق النفس)) إلى أربعة أجزاء: الجزء الأول يروج أن الذين حرقوا أنفسهم هم "أبطال شجعان، عظماء وأمجاد جدا"، ويحرض "الأبطال والبطلات" على الاستعداد للتضحية بأنفسهم في أي وقت؛ الجزء الثاني يعلم كيفية القيام بـ"الأعمال التحضيرية لحرق النفس"، ويرشد محرقي أنفسهم بالتفصيل بـ"اختيار يوم مهم" و"اختيار مكان مهم" و"ترك وصية مكتوبة أو مسجلة صوتيا" و"إنه أمر مهم جدا أن تكلف شخصا أو شخصين تثق بهما للمساعدة في تسجيل الفيديو أو التصوير"؛ الجزء الثالث هو "شعارات حرق النفس"، يحرض محرقي أنفسهم على الهتاف بالشعارات الموحدة؛ الجزء الرابع حول الأعمال الأخرى ذات الصلة بحرق النفس. عليه، إن كتاب ((دليل حرق النفس)) ليس سوى دليل هلاك يحرض الآخرين على ممارسة العنف ضد أنفسهم وخلق الجو الإرهابي. فيعد تأليفه ونشره ارتكاب جريمة قتل بلا ريب، ويخالفان عقيدة البوذية التبتية تماما.إن ممارسة العنف ضد الذات في المناسبات العامة هي بذاتها من أعمال العنف، هدفها خلق الجو الإرهابي ونشر النفسية الإرهابية. تجاه هذه المسألة التي يتضح الصواب والخطأ فيها، لعب الدالاي لاما الرابع عشر دورا سيئا. إذ في 8 نوفمبر 2011، أي في الفترة الأولى منذ بداية وقوع حوادث حرق النفس، قال في مقابلة صحفية مع الوسائل الإعلامية إن "المشكلة هي أن حرق النفس يقتضي الشجاعة، الشجاعة الكبيرة جدا." الأمر الذي يدعو في الحقيقة لإبداء الإعجاب والتقدير لمحرقي أنفسهم. في 3 يناير 2012، برر حرق النفس قائلا: "ينتمي الانتحار إلى أعمال العنف من حيث الظاهر، لكن التمييز بين العنف وعدم العنف ينسب إلى النية والهدف في نهاية المطاف، الأعمال التي مصدرها الغضب والحقد هي أعمال عنف." فمن البديهي أنه يرى حرق النفس من أعمال "عدم العنف". كما قال في مقابلة صحفية خاصة جرت في 8 أكتوبر 2012: "إنني متأكد جدا أن سبب تضحية محرقي أنفسهم هؤلاء بأنفسهم يرجع إلى أنهم اعتنقوا نية صادقة، سعوا وراء العقيدة البوذية ورفاهية الشعب، فيكون ذلك إيجابيا من الزاوية البوذية." وهنا أبدى تقديرا وتمجيدا واضحين لحرق النفس. علاوة على ذلك، استغل الدالاي لاما الرابع عشر هويته كقائد ديني ليشرف على "الطقوس الدينية" بنفسه ويتقدم غيره في "إقامة الجنازة البوذية على روح الميت" و"تلاوة الأسفار البوذية" و"أداء الصلاة" لمحرقي أنفسهم، وكان كل ذلك يلعب دورا كبيرا في تحريض وتضليل المؤمنين ذوي المشاعر الدينية البسيطة.يعتبر احترام الحياة ومعارضة العنف دعوة أساسية للبوذية. البوذية لا تعارض القتل فحسب، بل تعارض الانتحار أيضا، وتدعو إلى الرحمة وحسن التعامل مع جميع الأحياء والحرص عليها وحمايتها. يعد عدم الانتحار وصية دينية حاسمة حددها البوذا. وإن كلا من الانتحار وجعل الآخر ينتحر شر كبير تنص الكلاسيكيات البوذية عليه. إذ ينص كل من ((فينايا في أربعة أجزاء)) و((ماهيساساكا فينايا)) و((الوصايا العشر)) وغيرها من الوصايا البوذية للرهبان على: إذا انتحر راهب أو كلف شخصا آخر بقتله أو جعل شخصا آخر ينتحر، ارتكب هذا الراهب ذنب القتل الكبير وفقد أهلية الرهبنة، فلا بد من طرده من صفوف الرهبان. كما ترى البوذية أن التحريض على الانتحار والتشجيع عليه والإعجاب به وتوفير شروط وتسهيلات للتصرفات الانتحارية، إثم خطير. أما ما تتخذه عصابة الدالاي لاما الرابع عشر من الموقف والأعمال إزاء حرق أبناء التبت لأنفسهم، فهو بمثابة تحريض وإغراء الآخرين بالانتحار، وهو جريمة. إن هذا النوع من التصرفات لا يخالف الفطرة والأخلاق الأساسية للإنسان فحسب، بل يدوس على العقيدة البوذية بشدة، ويتنافى تماما مع الرؤية البوذية للحياة. من أجل حماية حقوق الشعب والدفاع عن كرامة القانون، اتخذت حكومة الصين إجراءات متعددة النواحي لمنع وقوع حوادث حرق النفس ولإنقاذ حياة الأبرياء، مع معاقبة ومعالجة العناصر المخالفة للقانون والمجرمين في حوادث حرق النفس طبقا للقانون، الأمر الذي أحبط مؤامرة عصابة الدالاي لاما الرابع عشر حول استغلال حرق النفس لتحقيق "استقلال التبت".
- عصابة الدالاي لاما الرابع عشر تثير الحقد القومي وتدرب خلف "قضية استقلال التبت" الذين يقدسون العنف
منذ سنوات عديدة، ومن أجل تحقيق "استقلال التبت"، لم تتوقف عصابة الدالاي لاما الرابع عشر أبدا عن إحداث الجفاء والتناقض بين قومية التبت والقوميات الصينية الأخرى، وتبذر بذور الشقاق في العلاقات القومية، مع إثارة الحقد القومي. إذ منذ فشله في إطلاق التمرد عام 1959، زعم الدالاي لاما الرابع عشر في كلماته دائما: أن "أبناء قومية هان الحمر" هم "ثعابين في الصدر وأشياء مكروهة"؛ "يبدون مصابين بخلل عقلي"؛ و"يتخذون أبناء التبت حيوانات ويعذبونهم بقسوة"؛ "منذ مجيئهم، ازدادت الآلام التي تعانيها التبت، فمصدر الآلام المتزايدة هو أبناء قومية هان"؛ "أبناء قومية هان وحشيون وشرسون لا يرحمون، يبذلون كل ما في وسعهم لإبادة قومية التبت"، و"الحزب الشيوعي الصيني ذبح ما يزيد عن مليون فرد من أبناء التبت". إضافة إلى ذلك، في السنوات الأخيرة، استغلت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر حوادث حرق النفس لتعزيز تعاليم الحقد، إذ عرضت صور مشاهد حرق النفس في مدارس أنشأتها، وأجبرت الأطفال على تقديم احترامهم لمحرقي أنفسهم، وافترت على سياسة الحكومة المركزية بشأن حكم التبت، وعززت الجفاء بين القوميات، والنفسية الحاقدة.إن "مؤتمر الشباب التبتي"، الذي تأسس عام 1970، منظمة راديكالية لـ"استقلال التبت" تخضع مباشرة لأمر الدالاي لاما الرابع عشر، هدفه هو تربية "الخلف" لـ"قضية استقلال التبت". تنص لوائح "المؤتمر" على "اتباع القيادة والإرشادات الصائبة للقديس الشفيع الدالاي لاما الرابع عشر"، و"السعي وراء القضية العادلة لتحقيق حرية التبت واستقلالها"، و"عدم البخل بالتضحية بالحياة". منذ أول يوم لتأسيسه، يمارس "مؤتمر الشباب التبتي" أنشطة العنف والإرهاب بلا انقطاع. وقد ادعى رؤساء "المؤتمر" من أجيال عديدة: "أن النضال المسلح واستعمال العنف هما الطريق الوحيد لتحقيق الاستقلال الكامل للتبت"، و"يمكن تحقيق أكبر فعالية بأدنى ثمن بواسطة أنشطة الإرهاب"، و"يمكن لأنشطة الإرهاب أن تؤثر على نطاق واسع وتجتذب أنظار المجتمع الدولي إلى مسألة التبت". في 3 يوليو 2003، قال كلسانغ فونتسوك، كان رئيس "مؤتمر الشباب التبتي" حينذاك، في مقابلة صحفية مع الوسائل الإعلامية: "من أجل قضيتا، لا نبخل باتخاذ أية وسيلة، عنفية أو غير عنفية." ومنذ سنوات عديدة، لم يقم "مؤتمر الشباب التبتي" بتدبير وتحريض الجماهير العادية، التي لا تعلم الوقائع الحقيقية، على المشاركة في أعمال العنف فحسب، بل يدرب بنشاط قواه المسلحة والاحتياطية. إذ أنشأ قاعدة تدريبات مسلحة في دارامسالا بالهند، ونظم "جمعية مقاتلي حرية التبت"، لممارسة الأنشطة التخريبية المسلحة، وأرسل رجاله للاتصال بالمنظمات الإرهابية الدولية، سعيا وراء الدعم المتبادل فيما بينهما. وإن كثيرا من حوادث الإرهاب الواقعة في التبت والمناطق الأخرى، ذات علاقة مباشرة مع "مؤتمر الشباب التبتي".انطلاقا من هدفها السياسي المتمثل في تربية خلف "استقلال التبت"، خلقت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر حادث "أيتام قومية التبت" الذي أدى إلى التفرقة العائلية ومآسي عالم الإنسان. إذ حسبما نشرته ((صحيفة نويه تسورشر تسايتونغ)) السويسرية، في ستينات القرن العشرين، تواطأ الدالاي لاما الرابع عشر مع تاجر سويسري في خطف نحو 200 طفل من قومية التبت من آبائهم وأمهاتهم بالقوة، والكذب بأنهم "أيتام"، لتدبير تبني عائلات سويسرية لهم. إن هذه التصرفات التي قام بها الدالاي لاما الرابع عشر، تخالف الأخلاق الإنسانية علنا وتدوس على حقوق الأطفال بشدة، ولا تسمح بها العدالة والطيبة الإنسانية.من أجل الحفاظ على سلطتها وإقصاء معارضيها، تلجأ عصابة الدالاي لاما الرابع عشر إلى الاغتيال والسم والوسائل الأخرى ضد الذين يختلفون عنها في وجهات النظر السياسية والدينية، وتضطهدهم سياسيا ودينيا. إذ في أواخر تسعينات القرن العشرين، تعرض البوذا الحي كوندي لينغ لمحاولة اغتيال في بيته وأصيب بجرح خطير، وتلقى كل من البوذا الحي الشاب تريجانغ والبوذا الحي الشاب سومبا "تهديدا بالموت". وكل هذه الحوادث ذات صلة مباشرة بعصابة الدالاي لاما الرابع عشر.
خامسا، سياسة الحكومة المركزية تجاه الدالاي لاما الرابع عشر
قبل أكثر من 60 سنة، وانطلاقا من الوضع العام المتمثل في الحفاظ على وحدة الوطن الأم والتضامن بين القوميات، عملت الحكومة المركزية بنشاط على تحقيق التعاون مع الدالاي لاما الرابع عشر، سعيا وراء تحقيق تحرير التبت سلميا. وبعد فرار الدالاي لاما الرابع عشر إلى الخارج عام 1959، ظلت الحكومة المركزية تبدي غاية الرحمة والصبر تجاهه وتقدم المخرج له. لكنه اتخذ خيارات متكررة مخالفة لرغبة الحكومة المركزية وأبناء التبت في تلك الفترة الممتدة لأكثر من 60 سنة.
- مصدر الشرعية التاريخية للدالاي لاما الرابع عشر هو الحكومة المركزية، وخلال عملية التحرير السلمي للتبت، كان الدالاي لاما الرابع عشر يقوم ببعض الأعمال المفيدة، لكنه حاد عن خياره الصائب في نهاية المطاف
يرتبط الدالاي لاما، بصفته لقب بوذا حي كبير من مذهب قلوق للبوذية التبتية، ومكانته التاريخية وتأثيره، ارتباطا وثيقا بمنحه من قبل الحكومة المركزية. في عام 1653، سافر الدالاي لاما الخامس إلى بكين لمقابلة الإمبراطور شون تشي من أسرة تشينغ تلبية لدعوة، حيث مُنح اللقب والمرسوم الإمبراطوري الذهبي والختم الذهبي. منذ ذلك الوقت، تم تحديد لقب الدالاي لاما ومكانته السياسية والدينية في التبت. في عام 1793، أصدرت أسرة تشينغ ((اللوائح الـ29 الإمبراطورية حول إدارة شؤون التبت)) التي حددت نظام سحب القرعة من جرة ذهبية لتحديد متناسخ الروح للدالاي لاما. في 5 فبراير 1940، أصدرت حكومة جمهورية الصين "قرار الحكومة رقم 898" الذي أقر تحديد الطفل لهامو تسوندوب البالغ 5 سنوات من عمره في تشيجياتشوان بمحافظة هوانغتشونغ في مقاطعة تشينغهاي، كمتناسخ روح الدالاي لاما الثالث عشر، واعتمدت بشكل خاص خلافته للقب الدالاي لاما الرابع عشر وفقا لطلب حكومة التبت المحلية حول الإعفاء من سحب القرعة من جرة ذهبية، مع تخصيص 400 ألف يوان لإقامة مراسم التنصيب. في 22 فبراير، وفقا للأنظمة التاريخية المحددة، ترأس مندوب الحكومة المركزية وو تشونغ شين والبوذا الحي رتينغ معا مراسم تنصيب الدالاي لاما الرابع عشر. فأصبح لهامو تسوندوب الدالاي لاما الرابع عشر، لذا جاءت شرعيته من أحكام الحكومة المركزية بشأن نظام الدالاي لاما وموافقة حكومة جمهورية الصين واعتمادها.بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، نظمت الحكومة المركزية ونفذت أعمالا كثيرة هادفة لتحقيق التنسيق السياسي، وذلك في سبيل تحرير التبت سلميا. في نوفمبر 1950، اُضطر وصي العرش تاكترا نجاوانغ سونغراب، الذي دعا إلى موالاة الإمبريالية والانفصال، إلى التنازل عن منصبه، فتولى الدالاي لاما الرابع عشر زمام السلطة قبل الموعد المحدد، وهنأه قادة الصين الجديدة. وبتأثير من سياسة المساواة القومية وسياسة التحرير السلمي للتبت اللتين اتخذتهما الحكومة المركزية، أرسل الدالاي لاما الرابع عشر وحكومة التبت المحلية بعثة رأسها نجابوي نجاوانج جيجم إلى بكين لإجراء مفاوضات. وبعد تحقيق التحرير السلمي للتبت، وصل مندوب الحكومة الشعبية المركزية المقيم في التبت، حاملا رسالة كتبها رئيس الصين الجديدة ماو تسي تونغ بخط يده، إلى محافظة يادونغ قرب حدود الصين مع الهند، ليقنع الدالاي لاما الرابع عشر، الذي كان يراقب الوضع هناك، بالعودة إلى لاسا. أشار رئيس الصين الجديدة في رسالته: "تتفق هذه الاتفاقية مع مصالح القوميات وأبناء الشعب بالتبت، كما تتطابق مع مصالح أبناء مختلف القوميات بالصين كلها. ومنذ الآن فصاعدا، تستطيع حكومة التبت المحلية وأبناء التبت، في الأسرة الكبيرة للوطن الأم العظيم وتحت القيادة الموحدة من الحكومة الشعبية المركزية، التخلص إلى الأبد من قيود الإمبريالية واضطهاد الأمم الأخرى، لينهضوا ويكافحوا من أجل قضية أبناء التبت ذاتهم. أرجو أن تنفذ حكومة التبت المحلية، التي برئاستك، تنفيذا جادا الاتفاقية بشأن طرق التحرير السلمي للتبت، وتبذل أقصى جهد في مساعدة جيش التحرير الشعبي على دخول منطقة التبت سلميا." في 21 يوليو، انطلق الدالاي لاما الرابع عشر للعودة إلى لاسا. وفي 24 أكتوبر، أعلن الدالاي لاما الرابع عشر، نيابة عن حكومة التبت المحلية، القبول التام لـ((اتفاقية الـ17 مادة)).
- بعد تحرير التبت سلميا، احترمت الحكومة المركزية المكانة القائمة للدالاي لاما الرابع عشر، ومنحته الشرف السامي وعملت بنشاط على جعله يسهم في بناء الصين الجديدة، لكنه عمل أمامها بطريقة وعمل وراءها بطريقة أخرى
تنص ((اتفاقية الـ17 مادة)) على: "أن الحكومة المركزية لا تغير المكانة والصلاحيات القائمة للدالاي لاما." وبعد التحرير السلمي، منحت الحكومة المركزية الدالاي لاما الرابع عشر، معاملة سياسية عالية. إذ في عام 1953، اُنتخب الدالاي لاما الرابع عشر رئيسا فخريا للجمعية البوذية لعموم البلاد. وفي عام 1954، شارك الدالاي لاما الرابع عشر في الدورة الأولى للمجلس الوطني الأول لنواب الشعب لجمهورية الصين الشعبية، حيث ناقش شؤون الدولة وعبر عن تأييده وموافقته على مشروع الدستور الأول. ألقى الدالاي لاما الرابع عشر كلمة في الدورة، أكد فيها تأكيدا مستفيضا الإنجازات المتحققة خلال تنفيذ ((اتفاقية الـ17 مادة)) في مدة أكثر من 3 سنوات، وأعرب عن تأييده الحار لمبادئ ولوائح الحكم الذاتي الإقليمي القومي. كما قال: "إن العدو اختلق إشاعة تقول إن الحزب الشيوعي والحكومة الشعبية يعملان على تبديد الأديان، لكن الآن هذه الإشاعة قد أفلست تماما، إذ أن أبناء التبت قد أحسوا إحساسا شخصيا بحريتهم في الاعتقاد الديني." وفي هذه الدورة، اُنتخب الدالاي لاما الرابع عشر نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الأول لنواب الشعب، ويعد ذلك أعلى منصب في الحكومة المركزية تولاه قادة منطقة التبت في التاريخ. وخلال فترة بقاء الدالاي لاما الرابع عشر في بكين، التقى به قادة الصين الجديدة مرات، وتحدثوا معه من القلب إلى القلب. إضافة إلى ذلك، كتب الدالاي لاما الرابع عشر ((أنشودة إلى الرئيس ماو)) التي تمدح المساهمات الواسعة والمآثر العظيمة لرئيس الصين الجديدة ماو تسي تونغ. في عام 1956، أنشئت اللجنة التحضيرية لمنطقة التبت الذاتية الحكم، وتولى الدالاي لاما الرابع عشر منصب رئيس اللجنة. وأعرب في خطابه الملقى في مؤتمر إنشاء اللجنة عن أن ((اتفاقية الـ17 مادة)) جعلت أبناء التبت "يتمتعون بكافة الحقوق للمساواة القومية بشكل مستفيض، وشرعوا يسلكون طريقا مشرقا منعما بالحرية والسعادة"، و"ليس إنشاء اللجنة التحضيرية للمنطقة الذاتية الحكم في الوقت المناسب فحسب، بل يعد أمرا ضروريا أيضا." كان الدالاي لاما الرابع عشر قد أبدى لفترة موقفا إيجابيا إزاء تنفيذ ((اتفاقية الـ17 مادة)) ودخول جيش التحرير الشعبي إلى التبت وعودة البانتشن أرديني العاشر إلى التبت وإنشاء اللجنة التحضيرية للمنطقة الذاتية الحكم وغيرها من المسائل.على الرغم من ذلك، وباستمالة ودعم العناصر الانفصالية والقوى الإمبريالية، تجاهل الدالاي لاما الرابع عشر الوصايا والمبادئ الأخلاقية الأساسية للمؤمنين بالبوذية، وخيب أمل الحكومة المركزية، وأطاع الحكومة المركزية في الظاهر وخالفها في الباطن، وقام خفية بالأنشطة الرامية إلى تقسيم الوطن. في عام 1959، مزقت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر ((اتفاقية الـ17 مادة)) وأطلقت تمردا مسلحا شاملا، لمقاومة الإصلاح الديمقراطي الهادف لإلغاء نظام العبودية. وقد استشعرت الحكومة المركزية منذ زمن، تكتيكاته ذات الوجهين. وأشار رئيس الصين الجديدة ماو تسي تونغ إلى: "أن مؤامرة الدالاي حول التمرد بدأت منذ عودته من بكين عام 1955. فقد دبرها سنتين منذ عودته من الهند في أوائل عام 1957 حتى عام 1958." وتحدث الدالاي لاما الرابع عشر بكل صراحة عن ما فعله من الموافقة جهرا والمعارضة سرا، وقد زعم في عام 1965، أنه خلال 9 سنوات منذ عام 1951 إلى عام 1959، "عندما قلنا في الظاهر إننا نسعد بالعودة إلى الأسرة الكبيرة للوطن الأم وبتمكننا من مشاركة أبناء الشعب من الأسرة الكبيرة للوطن الأم في بناء المجتمع الاشتراكي وما إلى ذلك، أخفينا في قلوبنا جملة أخرى"، "ألا وهي: لا بد من تحقيق حرية واستقلال التبت".
- بعد إطلاق التمرد المسلح، أبدت الحكومة المركزية غاية الرحمة والصبر تجاه الدالاي لاما الرابع عشر، ومازالت تتخذ موقف الانتظار الصبور خلال فترة من الفترات، لكنه سار أبعد فأبعد في الطريق الخائن للوطن الأم
بعد حدوث التمرد المسلح في التبت، وبفضل تأييد ودعم أبناء التبت بمختلف قومياتهم، سحق جيش التحرير الشعبي الصيني التمرد بسرعة، ومارس حملة الإصلاح الديمقراطي في الوقت ذاته. وبالنسبة إلى فرار الدالاي لاما الرابع عشر، قررت الحكومة المركزية عدم منعه، مع ترك مجال له بقول إنه مخطوف. كما اتخذت موقف الانتظار الصبور إزاءه، وتم الاحتفاظ بمنصبه كنائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب حتى عام 1964. في أكتوبر 1959، قال رئيس الصين الجديدة ماو تسي تونغ في حديثه مع وفد الحزب الشيوعي الهندي: "إذا وافق الدالاي على دعوتنا، نأمل عودته. يمكنه أن يعود ما دام يوافق على موضوعين، أحدهما أن التبت جزء من الصين، والآخر ضرورة ممارسة الإصلاح الديمقراطي والإصلاح الاشتراكي في التبت."لكن الدالاي لاما الرابع عشر، بعد هروبه إلى الخارج، مزق ((اتفاقية الـ17 مادة)) علنا في طريق خيانته للوطن، وأنكر إنكارا تاما أنه كان قد أبدى الموقف الوطني وتعهد بمحبة الوطن، وقطع علاقته بالحكومة المركزية علنا، وسار على طريق خيانة الوطن والأمة. في يونيو 1959، أصدر الدالاي لاما الرابع عشر بيانا في موسوري بالهند، ادعى فيه "في الحقيقة ظلت التبت مستقلة". وفي عام 1963، عقد الدالاي لاما الرابع عشر "مؤتمر نواب أبناء التبت" في دارامسالا بالهند، وأنشأ "حكومة التبت في المنفى" المزعومة، وأصدر "الدستور" المزعوم الذي ينص على أن "الدالاي يتولى منصب رئيس الدولة"، و"يعين الوزراء"، و"لا يمكن إقرار كافة أعمال الحكومة إلا بإذن الدالاي".في 17 ديسمبر 1964، أجاز الاجتماع الكامل الـ151 لمجلس الدولة الصيني ((قرار حول عزل الدالاي من منصبه))، مشيرا إلى "أنه بعد إطلاقه للتمرد المسلح الخائن للوطن والمعادي للثورة وفراره إلى خارج البلاد عام 1959، نظم الدالاي الحكومة المزعومة في المنفى، وأصدر الدستور المزعوم، ودعم اعتداء الرجعيين الهنود على بلادنا، ونظم ودرب بنشاط المتمردين المسلحين المتبقين الهاربين إلى الخارج لتشويش حدود الوطن الأم. يدل كل ذلك على أنه قد اعتزل الوطن الأم والشعب منذ زمن، وهو عنصر خائن للوطن يصر على أن يكون أداة في أيدي الإمبريالية والرجعيين الأجانب."
- بعد تنفيذ الإصلاح والانفتاح في الصين، أرشدت الحكومة المركزية الدالاي لاما الرابع عشر إلى المخرج لتصحيح أخطائه، وطرحت السياسة المتمثلة في "كل الوطنيين سابقين كانوا أم لاحقين، من أسرة واحدة"، لكنه ظل يدور حول "استقلال التبت"
تعد محبة الوطن مطلبا أساسيا وجهته الحكومة المركزية إلى الدالاي لاما الرابع عشر وأبناء التبت المغتربين. من أجل تعزيز اطلاع الدالاي لاما الرابع عشر وأبناء التبت المغتربين على الإنجازات المتحققة في بناء الوطن الأم، استقبلت الدوائر المعنية التابعة للحكومة المركزية، خلال الفترة بين أغسطس 1979 وسبتمبر 1980، ثلاثة وفود زائرة ووفدين من الأقرباء أرسلها الدالاي لاما الرابع عشر على التوالي للعودة إلى البلاد وزيارتها. وقد عاد معظم أقرباء الدالاي لاما الرابع عشر المقيمين في الخارج، إلى البلاد للاستطلاع وزيارة الأهل. لكن من المؤسف أن الدالاي لاما الرابع عشر لم يرفض النية الطيبة التي تكنها الحكومة المركزية تجاهه والفرصة السانحة المتاحة له فحسب، بل تشبث بموقف "استقلال التبت" أيضا، واشتد في مزاولة أنشطة التقسيم والتخريب، فأضاع فرصة التصالح مع الحكومة المركزية. أما وفود العودة إلى البلاد لزيارتها، والتي أرسلها الدالاي لاما الرابع عشر، فاستغلت سياسة "الحرية في القدوم والمغادرة"، التي اتخذتها الحكومة المركزية إزاءها، لترويج "استقلال التبت" في كل مكان وتهييج الحقد القومي، مما شوش وخرب، بصورة غير شرعية، النظام الاجتماعي الطبيعي في الإنتاج والحياة.منذ عام 1979، وتلبية لطلب طرف الدالاي لاما الرابع عشر، بدأت الحكومة المركزية تتصل بالممثل الشخصي للدالاي لاما الرابع عشر وتتفاوض معه بصورة غير دورية. في فبراير 1979، أشار الزعيم الصيني دنغ شياو بينغ في لقائه مع الأخ الأكبر الثاني للدالاي لاما الرابع عشر، جيالو ثوندوب، إلى: "أن التبت جزء من الصين، وعودتهم إلى البلاد ليست سوى مسألة داخلية نناقشها، ولا يمكن مناقشتها عن طريق الحوار بين دولة ودولة أخرى، هذه مسألة جوهرية". "طالما اعترف الدالاي علنا بأن التبت جزء من الصين، يمكنه التحاور مع الحكومة المركزية، من يحب الوطن عاجلا أو آجلا، يلق الترحيب. المسألة الجوهرية هي أن التبت جزء من الصين، الصواب والخطأ، يجب التمييز بينهما حسب هذا المعيار".بعد عام 1989، ومع تغير الوضع في الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية، أخطأ الدالاي لاما الرابع عشر في تقدير الوضع، وزعم أن "موعد استقلال التبت سيأتي قريبا"، و"لا نتفاوض مع سلطة على وشك الانهيار". بعد وفاة كبير الرهبان البانتشن أرديني العاشر عام 1989، دعت الجمعية البوذية الصينية، بموافقة الحكومة المركزية، الدالاي للعودة إلى البلاد ليشارك في أنشطة تأبين كبير الرهبان البانتشن. لكن الدالاي لاما الرابع عشر رفض هذه الدعوة. وفي عام 1993، أعلن الدالاي لاما الرابع عشر، من جانب واحد، إيقاف الاتصالات مع الحكومة المركزية. وفي عام 1995، أنكر الدالاي لاما الرابع عشر الأنظمة التاريخية المحددة والطقوس الدينية بصورة علنية، وحدد طفلا زعم أنه ذو الروح المتناسخة من البانتشن أرديني العاشر.على الرغم من ذلك، مازالت الحكومة المركزية ترشد الدالاي لاما الرابع عشر إلى المخرج. إذ في عام 1997، أشارت الحكومة المركزية إلى: "يمكن الاتصال بالدالاي لاما والتشاور معه في مسألة مستقبله الشخصي ما دام يتخلى حقيقيا عن موقف تقسيم الوطن الأم، ويتوقف عن مزاولة الأنشطة الرامية إلى تقسيم الوطن الأم، ويعترف علنا بأن التبت جزء لا يتجزأ من الصين، ويعترف بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، ويعترف بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين كلها." ومازالت الحكومة المركزية تتمسك بهذا المبدأ الأساسي حتى اليوم. في عام 2003، أشارت الحكومة المركزية مرة أخرى إلى: أنه يجب التمسك بقيادة الحزب الشيوعي الصيني والتمسك بالنظام الاشتراكي والتمسك بنظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي في التبت. إن هذا "التمسك الثلاثي" ينص عليه دستور الصين بوضوح، وهو أكبر حقيقة سياسية في التبت، كما أنه المبدأ السياسي الأساسي للاتصال والتشاور. أكدت الحكومة المركزية مرات أن النقطتين الأساسيتين للاتصال والتشاور هما: الأولى، أن الطرف الذي تتصل به الحكومة المركزية لن يكون سوى الممثل الشخصي للدالاي لاما. وأن "الحكومة في المنفى" ليست سوى مجموعة سياسية انفصالية خائنة للوطن الأم، مهما كان اسمها وأيا كان مَن يديرها، ولا يمكنها أن تمثل أبناء التبت، ولا تتحلى بأية شرعية، ولا تتحلى بأية أهلية لـ"التحاور" مع الحكومة المركزية. الثانية، أن مضمون الاتصال والتشاور لن يكون سوى مسألة المستقبل الشخصي للدالاي لاما، أو على الأكثر مسألة المستقبل الشخصي له ولعدد قليل جدا من الذين بجانبه، وهي تحديدا كيف يتخلى الدالاي لاما عن دعواته وتصرفاته الانفصالية تماما، لكسب المسامحة من الحكومة المركزية وشعب البلاد كلها، في سبيل معالجة مسألة كيفية قضاء بقية حياته. إن المكانة السياسية والنظام السياسي في التبت ينص عليهما دستور الصين وقوانينها، ومن المستحيل مناقشة "مسألة التبت" ومسألة "الحكم الذاتي العالي الدرجة" المزعومتين على الإطلاق.في الفترة بين عام 1979 وعام 2002، استقبلت الحكومة المركزية، 13 مرة، ممثلا شخصيا للدالاي لاما الرابع عشر، وفي الفترة بين عام 2002 ويناير 2010، وافقت 10 مرات على عودتهم جميعا إلى البلاد. لكن الدالاي لاما الرابع عشر خيب أمل الحكومة المركزية مرة بعد أخرى، إذ ظل يتشبث بـ"الطريق الوسط" وغيره من الدعوات التي تخالف دستور الصين وجوهرها تقسيم الوطن الأم، والأكثر من ذلك، دبر وخلق الأنشطة التخريبية بما فيها التشويش على أولمبياد بكين بالعنف، وحادثة "14 مارس" في لاسا وحوادث حرق النفس. في عام 2011، أعلن الدالاي لاما الرابع عشر "تقاعده" السياسي، وبعد فترة قصيرة من ذلك، أعلن ممثله الشخصي الذي اتصل بالحكومة المركزية، استقالته. وبعد ذلك، أعلنت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر أنها، باسم "الحكومة" المزعومة، ستجري مفاوضات مع الحكومة المركزية، مما قوّض أساس الاتصال والتشاور علنا، وأدى إلى العجز عن إجراء الاتصال والتشاور.منذ أكثر من 30 سنة، غيرت عصابة الدالاي لاما الرابع عشر وعدلت تكتيكها بلا انقطاع وفقا لتغير الوضع داخل البلاد وخارجها، وتوقفت مرات وبلا استشارة، عن الاتصال والتشاور مع الحكومة المركزية. عندما رأت أن الوضع الداخلي والخارجي ليس في صالحها، طلبت إجراء الاتصال بالحكومة المركزية؛ وعندما رأت أن الوضع الداخلي والخارجي في صالحها، توقفت عن ذلك الاتصال. حتى خلال عمليات الاتصال كلها، ظلت تدور حول "استقلال التبت"، ولم تتوقف عن مزاولة الأنشطة الرامية إلى تقسيم الوطن الأم داخل البلاد وخارجها.منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، جددت لجنة الحزب المركزية، باعتبار الرفيق شي جين بينغ أمينا عاما لها، التأكيد على "أن سياسة الحكومة المركزية تجاه الدالاي لاما الرابع عشر ذاته ثابتة وواضحة، لا يستطيع الدالاي أن يتحدث عن تحسين علاقته مع الحكومة المركزية إلا بشرط أن يصرح علنا بأن التبت ظلت جزءا لا يتجزأ من الصين منذ القدم، ويتخلى عن موقف 'استقلال التبت'، ويتوقف عن مزاولة الأنشطة الرامية إلى تقسيم الوطن الأم." تأمل الحكومة المركزية أن يتمكن الدالاي لاما الرابع عشر، في ما تبقى من حياته، من نبذ وهمه والاعتراف بالوقائع وتصحيح الأخطاء واختيار طريق موضوعي وعقلاني، ليفعل بعض الأشياء المفيدة لأبناء التبت المنفيين في الخارج.خاتمة
تتقدم عجلة التاريخ مندفعة نحو الأمام، وتيار العصر لا يقاوم.إن طريق تنمية التبت خيار التاريخ وخيار الشعب. لقد أثبتت الممارسات التطبيقية أنه لا يمكن تحقيق مستقبل مشرق للتبت إلا بالتمسك بالوحدة ومعارضة الانقسام، والتمسك بالتقدم ومعارضة التراجع، والتمسك بالاستقرار ومعارضة الاضطراب. أي شخص أو أية قوى تحاول السير ضد تيار التاريخ، لن يكون مصيرها سوى أن ينبذها التاريخ والشعب.إن "الطريق الوسط"، الذي تروجه عصابة الدالاي لاما الرابع عشر، يتخذ من "استقلال التبت" هدفا سياسيا، وينحرف عن وضع الصين وأحوال التبت الواقعية، ويخالف دستور الصين ونظام الدولة الصيني. فليس أمام عصابة الدالاي لاما الرابع عشر من مخرجٍ إلا بأن تعترف بأن التبت ظلت جزءا من الصين منذ القدم، وتتخلى عن دعوة "استقلال التبت"، وتتوقف عن مزاولة الأنشطة الرامية إلى تقسيم الصين، وتفعل حقيقيا بعض الأشياء المفيدة للوطن والتبت.إن مستقبل التبت ملك لأبناء التبت كلهم، وملك للأمة الصينية كلها، وسيكون غد التبت أجمل. في المستقبل، سيشارك أبناء التبت بمختلف قومياتهم أبناء مختلف القوميات من الأسرة الكبيرة للوطن الأم، في مواصلة التقدم على طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وفي كفاح لا يعرف الكلل، من أجل بناء التبت الجديدة الاشتراكية المتسمة بالتضامن والديمقراطية والرخاء والتحضر والتناغم، وتحقيق حلم الصين بالنهضة العظيمة للأمة الصينية!
لتبقوا على اطلاع على آخر أخبار الصين تابعونا على:
@XHNews on Twitter at http://www.twitter.com/XHNews and Xinhua News Agency on Facebook at http://www.facebook.com/XinhuaNewsAgency