منتدى التعاون الصيني العربي بشأن الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية أقيم مؤخرا في بكين تحت رعاية مشترك من لجنة الدولة للتنمية والإصلاح ونادي التمويل الإسلامي وشركة تشيشانغ للتواصل الثقافي.
على الرغم من قلة معرفة معظم الصينيين بمجال التمويل الإسلامي ، إلا ان مزيدا من المؤسسات المصرفية والمالية بدأت بالتعرف عليه تماشيا مع دخولها السوق العالمي، لاسيما سوق الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. أما بالنسبة لبعض الخبراء والمسؤولين العرب والصينيين، فقد حان الوقت لتمهيد الطريق أمام التمويل الإسلامي للمساهمة في الخطة الاقتصادية الصينية الشاملة.
فقد قال البروفيسور نبيل بيضون نائب رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية لتنمية المؤسسات والجامعات خلال حضوره منتدى التعاون الصيني العربي بشأن الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية الذي أقيم مؤخرا في بكين، قال: ان مبادرة الحزام والطريق (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21) التي طرحتها الصين أصبحت مركزا للدور المتطور الذي تلعبه الصين في الاقتصاد العالمي، حيث تعمل الصين على إعادة بناء ترابط تجارتها على طول الطريق الحرير مع آسيا وأوروبا، ومن المتوقع ان تغطي الروابط القوية مراكز المالية الإسلامية الرئيسية, الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا حيث تشكل الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية حوالي ربع الأصول البنكية الإجمالية.
وأضاف بيضون انه وبفضل توسيع الصين لتأثيرها الاقتصادي في الشرق الأوسط ، فإن التمويل الإسلامي سيحظى بمزيد من الأهمية بالنسبة إلى الشركات الصينية التي ستدخل أسواق رؤوس الأموال الإسلامية.
ونظرا لما تعلبه الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية من دور متزايد في البيئة التجارية الدولية المعاصرة, فإن كلا من استراتيجية الطريق والحزام، ومبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي لتصبح دبي العاصمة الدولية للاقتصاد الإسلامي , يمهد الطريق أمام التمويل الإسلامي للمساهمة في الخطة الاقتصادية الصينية الشاملة.
وحول ذلك قال بيضون ان دبي التي تتمتع ببنية تحتية ممتازة للتمويل الإسلامي توفر للصين بوابة للحصول على السيولة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء.
وأضاف بيضون: إن انفتاح قطاع الخدمات المصرفية الصينية على البنوك الأجنبية عام 2006 شجع عددا من البنوك على استخدام أدوات التمويل الإسلامي لتمويل مشاريع البنية التحتية، فيما تعتبر الصكوك تمويلا مناسبا للبنية التحتية بشكل جيد، نظرا لما تتمتع به من مزايا واضحة في التشارك بالمخاطر كأداة تمويل للبنية التحتية.
ونظم مركز دبي لتنمية الاقتصاد المالي وجامعة حمدان بن محمد الذكية ونادي التمويل الإسلامي وشركة تشيشانغ للتواصل الثقافي، وطومسون رويترز بشكل مشترك الاجتماع الأول بين الصين والإمارات العربية المتحدة بشأن الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية في عام 2016.
ويعتبر الاجتماع منصة للبحث الإبداعي والحوار والمناقشة بين صناع السياسة والأكاديميين والباحثين والممارسين تحت موضوع الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية وتحدياتها وقدرتها على إحداث التأثيرات المستدامة من أجل المساهمة في مبادرة الحزام والطريق.
من جانبه قال تشي هونغ تاو نائب مدير مركز التعاون الدولي التابع لمصلحة الدولة للتنمية والإصلاح بصفتها أعلى هيئة لتخطيط الاقتصاد الكلي في الصين، قال عند حديثه عن مراكز مبادرة الحزام والطريق, إن السلطات الصينية المعنية تسعى وراء تنمية الخدمات المالية الإسلامية ودفع البنوك الصينية لطرح المنتجات المالية بالرنمينبي (العملة الصينية) في منطقة الشرق الأوسط، وتحفيز أعمال التسوية في تجارة النفط بالرنمينبي بهدف رفع تعددية احتياطيات النقد الأجنبي بالنسبة إلى دول الشرق الأوسط.
وفي المعرض الصيني العربي الذي أقيم في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي بشمال غربي الصين في سبتمبر عام 2015، كان بناء نظام مالي إسلامي مشترك بين الصين والدول العربية محور المناقشات والمباحثات بين الخبراء الاقتصاديين الصينيين والعرب.
بعد انفجار الأزمة المالية في عام 2008 واجتياحها العالم وتركها لآثار مؤلمة على الاقتصاد العالمي، لفتت آلية المعاملات المصرفية الإسلامية انتباه الأوساط المالية، نظرا لكونها تشجع على الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي وقادرة على تفادي تضخم الفقاعة الاقتصادية إلى حد كبير.
وجدير بالذكر أن المعاملات المصرفية الإسلامية امتدت في السنوات الأخيرة إلى الدول غير الإسلامية في العالم وعلى رأسها بريطانيا التي أصدرت صكوكا بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني )ما يعادل 340 مليون دولار أمريكي( في يوليو 2014 وكانت أول دولة غير إسلامية تصدر منتجات مالية إسلامية في العالم، وذلك قبل إقرار جنوب افريقيا ولوكسمبورغ والصين لصكوكها الإسلامية في نفس العام الذي وصفه الخبراء الماليون بأنه "عام يمثل اختراقا" بالنسبة لتطور المعاملات المصرفية الإسلامية في تاريخها.
وفي الصين التي تعد ثاني أكبر دولة من حيث الناتج المحلي الإجمالي وتتمتع بعلاقات اقتصادية نشطة مع الدول العربية والإسلامية ، اتخذت الحكومة المركزية سلسلة من التسهيلات لدفع المعاملات المصرفية الإسلامية منذ عام 2009 وخاصة في هونغ كونغ باعتبارها إحدى أهم المراكز المالية العالمية وفي نينغشيا التي تعد منطقة تجريبية لدفع التعاون بين الصين والدول العربية وآسيا الوسطى.
وأصدرت هونغ كونغ في سبتمبر 2014 أول دفعة من الصكوك الإسلامية بقيمة مليار دولار أمريكي لمدة خمس سنوات، وهي أول دفعة من الصكوك الإسلامية التي تصدرها حكومة تحصل على تصنيف"أيه أيه أيه" بالدولار الأمريكي في العالم.
أما نينغشيا، التي خصصها مجلس الدولة الصيني كمنطقة مفتوحة تجريبية أمام 22 دولة عربية و57 دولة إسلامية ، نظرا لتقارب حضارتها وثقافتها مع العالم الإسلامي ، وتمثيل مواطني قومية هوي المسلمة لعدد كبير من سكانها، فإنها تسعى لبناء مركز مالي إسلامي صيني فيها من أجل تسهيل التعاون بين الصين والدول العربية والإسلامية.