بكين 5 يناير 2016 (شينخوا) أغنت الصين والدول العربية سجل العلاقات الثنائية بمزيد من الانجازات على مختلف الأصعدة في العام 2016 بمعزل عن العلاقات بين بعض الدول التي تتوتر من حين لآخر ما أثر سلبا على الاستقرار العالمي.
ففي مطلع العام 2016، أصدرت الحكومة الصينية وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية حرصا منها على توضيح المبادئ الإرشادية التي تلتزم بها لتطوير العلاقات الصينية العربية ورسم خطط المستقبل المشرف للتعاون الصيني العربي في شتى المجالات.
وتعد الوثيقة أول وثيقة رسمية توضح السياسات الصينية تجاه الدول العربية ما يدل على أن الصين تأخذ العلاقات مع الدول العربية على محمل الجد بشكل كبير. وحصد التعاون والتبادل الثنائيان نتائج مرموقة في العام 2016 خاصة بعد إصدار هذه الوثيقة. وفيما يلي أبرز تلك النتائج:
المجال السياسي:
شهد التبادل السياسي رفيع المستوى بين الصين والدول العربية تعززا جديدا لاسيما قيام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة دولة للسعودية ومصر على التوالي في يناير وذلك في زيارته الخارجية الأولى عام 2016 ما فتح صفحة جديدة للعلاقات الصينية العربية وأضفى قوة دافعة على تحقيق الازدهار والاستقرار المستدام في الشرق الأوسط.
وأثناء زيارة الرئيس شي، ارتقت العلاقات بين الصين والسعودية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة. ووقع البلدان مجموعة من اتفاقيات التعاون.
أما في زيارته لمصر، فقد ألقى الرئيس شي خطابا في جامعة الدول العربية طرح فيه اقتراحات واجراءات صينية لإحلال السلام ودفع التنمية في الشرق الأوسط.
من جانبهم اهتم القادة العرب بتبادل الزيارات مع الصين حيث قام الملك المغربي محمد السادس بزيارة دولة للصين في مايو 2016. وخلال الزيارة، أعلن البلدان عن إقامة الشراكة الاستراتيجية بينهما وتوصلا الى سلسلة من اتفاقيات التعاون. وبذلك أقامت الصين الشراكة الإستراتيجية الشاملة مع 3 دول عربية ألا وهي الجزائر ومصر والسعودية فضلا عن إقامة الشراكة الإستراتيجية مع 6 دول عربية تضم الإمارات وقطر والسودان والأردن والعراق والمغرب.
وفي اغسطس الماضي، قام الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودى بزيارة للصين ثم ترأس وفدا سعوديا لحضور قمة مجموعة العشرين المنعقدة في مدينة هانغتشو الصينية.
ثم قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارة للصين لحضور فعاليات مجموعة العشرين في هانغتشو. والجدير بالذكر أن الرئيس السيسي أجرى ثلاث زيارات للصين منذ تقلده مقاليد السلطة ما يعكس اهتمامه بالعلاقات المصرية الصينية.
وعلى جانب آخر، اختتم الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون الصيني العربي أعماله في دولة قطر في شهر مايو الماضي بإصدار بيان الدوحة الذي تؤكد فيه الدول العربية على تأييدها للصين بشأن بحر الصين الجنوبي.
وفيما يخص الأزمة السورية، واصلت الصين تعزيز الوساطة بين الأطراف المعنية حيث قامت وفود لكل من الحكومة والمعارضة السوريتين بزيارة للصين في الفترة ما بين نهاية 2015 ومستهل 2016 تلبية للدعوة الصينية. وفي ديسمبر الماضي، قام المبعوث الصيني الخاص لشؤون سوريا شيه شياو يان بزيارة للدولة في إطار الجهود الصينية الهادفة الى ايجاد حل سلمي للأزمة.
المجال الاقتصادي والتجاري والمالي:
يبدو أن أبرز انجازات التعاون الاقتصادي الصيني العربي تمثلت في منطقة التجارة الحرة حيث أعلنت الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في مطلع 2016 عن استئناف مفاوضاتهما بشأن إقامة منطقة التجارة الحرة. وفي العام السابق، أجرى الجانبان محادثات معززة حيث انتهت الجولة التاسعة من تلك المفاوضات في ديسمبر الفائت في السعودية. واليوم أصبحت الصين ودول الخليج العربية على مقربة من إبرام اتفاقية تجارة حرة.
وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، حقق التعاون الصيني العربي تقدما ملحوظا. فخلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، وقعت الصين ومصر مذكرة تفاهم بشأن التطبيق المشترك للمبادرة إضافة لمجموعة من اتفاقيات التعاون الأخرى التي تغطي مجالات مثل الكهرباء والفضاء والبنية التحتية والتجارة والطاقة والمالية. وقالت وسائل الإعلام المصرية إن قيمة الاتفاقيات بلغت 15 مليار دولار.
وتعهد البلدان بمضاعفة الجهود لتنمية منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية-المصرية في السويس. وتماشيا مع انطلاق المرحلة الثانية من بناءالمنطقة، من المتوقع أن يجلب المشروع إلى مصر أكثر من 100 شركة منا سيخلق أكثر من 10 آلاف فرصة عمل لمصر.
الى ذلك، تتعاون الصين والدول العربية في اتخاذ إجراءات لتحقيق التكامل في مجال الطاقة الإنتاجية،حيث تضم هذه الإجراءات تخصيص قروض خاصة لدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط بقيمة 15 مليار دولار تستخدم في مشاريع تعاونية مع دول المنطقة في مجالات الطاقة الإنتاجية والبنية التحتية، مع تقديم قروض تجارية قيمتها 10 مليارات دولار لدول الشرق الأوسط بغية دعم التعاون في الطاقة الإنتاجية.
كما تضم تلك الاجراءات تقديم قروض تفضيلية بقيمة 10 مليارات دولار؛ وإنشاء صندوقين مع كل من الإمارات وقطر للاستثمار المشترك تبلغ قيمتهما الإجمالية 20 مليار دولار وذلك بهدف الاستثمار بشكل رئيسي في قطاعات الطاقة التقليدية والبنية التحتية والتصنيع المتقدم في الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بالمالية، شهد العام السابق تقدما كبيرا حيث حقق اليوان الصيني الصرف المباشر مع كل من الريال السعودي والدرهم الإماراتي منذ سبتمبر الفائت ما يطلق العنان لتيسير الاستثمار والتجارة بين الصين والدول العربية.
وعلى صعيد متصل، دخل بنك الاستثمار للبنية التحتية الآسيوية حيز التشغيل رسميا في يناير 2016. ولا ريب أن التعاون المالي الصيني العربي سيتعمق في إطار هذا البنك حيث صارت عدة دول عربية من بين الدول الأعضاء المؤسسة للبنك بما فيها مصر والأردن والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات.
المجال الثقافي والاجتماعي:
سجل العام 2016 حصادا وافرا بشأن التبادل الثقافي بين الجانبين الصيني العربي حيث انطلقت فعاليات العام الثقافي الصيني المصري والعام الثقافي الصيني القطري. وبمناسبة هذه المآدب الثقافية، تم إقامة مجموعة من الأنشطة الثقافية في الدول الثلاث مثل المعارض والتمثيلات الفنية.
وتجدر الإشارة الى أن القناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية ( سي جي تي أن ) حصلت على عضوية الانتساب لاتحاد إذاعات الدول العربية رسميا في ديسمبر الماضي ما يعزز مستوى التعاون الإعلامي الصيني العربي. كما أطلق الجانب الصيني خطة الشراكة التكنولوجية والعلمية الصينية العربية التي سيتم إنشاء في إطارها 10 مختبرات مشتركة في مجالات الزراعة الحديثة والمعلومات والاتصالات والصحة والديموغرافية وغيرها بما يدفع تنمية القضايا الاجتماعية للجانب العربي.