(الصورة الأرشيفية)
بكين 4 نوفمبر 2017 (شينخوانت) إن فن الورق المقصوص أو فن قص الورق إلى أشكال مختلفة جميلة، يرجع تاريخه إلى أسرة شانغ الملكية التي استمرت سلطتها منذ القرن الـ١٦ قبل الميلاد إلى القرن الـ١١ قبل الميلاد، حيث أنه في خمسينات القرن الماضي، اكتشفت رقيقة ذهبية منحوتة بشكل الفينيق في مقاطعة خنان يرجع تاريخها إلى أسرة شانغ، وتتشابه في صناعتها مع فن الورق المقصوص. وفي عصر تشون تشيو( الربيع والخريف) والممالك المتحاربة أصبح هذا النوع من الحرف اليدوية المنحوتة منتشرا، حيث كانت مصنوعة من الحرير والجلد وأوراق الأشجار وغيرها من المواد بسبب عدم وجود الورق. ويعتبر هذا الشكل من الأشكال الفنية أصل الورق المقصوص. ووفقا للسجلات التاريخية، يرجع تاريخ أقدم أعمال الورق المقصوص المكتشفة إلى السلالة الشمالية. ويتميز الورق المقصوص بتعدد الوظائف، فعلى سبيل المثال، كانت تقوم النساء بتزيين تسريحات شعرهن برقائق الذهب المقصوصة أو الحرير الملون في يوم بداية الربيع وذلك في أسرة سوي وأسرة تانغ الامبراطوريتين.
وفي أسرة سونغ الامبراطورية، فبدأ الناس يستخدمون هذا الفن في صناعة الأعمال الفنية الأخرى، مثل زخارف الأواني الخزفية وخيال الظل. حتى أسرتي مينغ وتشينغ الامبراطوريتين، وصل فن الورق المقصوص ذروته، حيث كان يتخلل كل جوانب الحياة، ولم تعد وظائفه تقتصر على ما ذكر فقط، بل تتوسع إلى تزيين المنازل. ومع أن الصين شهدت تغيرات وتطورات كبيرة خلال القرنين الـ٢٠ والـ٢١، إلا أن فن الورق المقصوص ما زال يتمتع بشعبية في حياة الصينيين.
وفي العموم، يرتبط تقليد الورق المقصوص بنوعين من المناسبات الهامة في حياة الاشخاص والمهرجانات الشعبية.
ومما لا شك فيه أن المناسبات المهمة في حياة الأشخاص هي أيام الميلاد والزفاف وغيرها. كاليوم الثالث من ولادة الطفل يعلق أهله راية حمراء فوق باب منزلهم ملصوق عليها ورق مقصوص بشكل كلمة "فو" والتي تعني نعمة باللغة الصينية، وفي بعض الأماكن بمقاطعة شانشى شمالي الصين، يلصق أهل المولود الورق المقصوص على باب منزلهم، إذا كانت صبية، يلصق زوجا من زهر البرقوق، وإذا كان صبيا، يلصق زوجا من القرع الأحمر. اما مناسبة الزفاف الصيني فإن لصق الورق المقصوص مألوف جدا للجميع، وذلك من أجل التعبير عن التمنيات الجميلة للمتزوجين، مثل سعادة الحياة وازدهار الأسرة. ويختلف التعبير عن التمنيات بأشكال مختلفة مقصوصة، فعلى سبيل المثال، الورق المقصوص بشكل الطفل يرمز إلى صحة الأجيال القادمة للمتزوجين، أما الورق المقصوص بشكل بطة الماندرين فيرمز إلى حياة سعيدة للمتزوجين.
ويعتبر عيد ميلاد المسنين في الأسرة من الأيام المهمة التي يولي الجميع اهتماما بالغا لها. ودائما ما تكون الهدايا من الأقارب والأصدقاء ملصوقة بورق مقصوص أحمر، ما يعبر عن أجمل التمنيات للمسنين، مثل طول العمر وسعادة الحياة وازدهار الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك، يستخدم الناس الورق المقصوص بصور لمباركة وتزيين المنازل، مثل الغزلان وطائر الرافعة وإله طول العمر.
ويعتقد الناس في الثقافة والتقاليد الصينية أن الموتى يعيشون في عالم آخر. لذلك، يحرق الأحياء أشياء مختلفة مصنوعة من الورق للموتى آملين في تسهيل معيشهم في عالم آخر. وذلك نوع آخر من الورق المقصوص.
أما في المهرجانات، فيقوم الناس بالتعبير عن التمنيات وطرد الأشباح والكائنات الشريرة وتكريم الموتى بالورق المقصوص في عيد الربيع ومهرجان الفوانيس وعيد تشينغمينغ ( عيد الموتى ) ومهرجان قوارب التنين وعيد الحب الصيني ومهرجان الشبح الجائع وإلخ.
ومن التقاليد الصينية أن يقوم الناس بقص الورق ولصقه على النوافذ في عيد الربيع، وتسمى "أزهار النوافذ". وفي مهرجان قوارب التنين، يقوم الناس بطرد الكائنات الشريرة بالاضافة إلى تنظيم سباق قوارب التنين وتناول زلابية الأرز. فيقص الناس الورق على أشكال نمر وأرنب وقرع لأنهم يعتقدون أن الورق المقصوص بهذه الأشكال يطرد الأشباح ويبعد الكائنات الشريرة. ومن عادة الصينيين أن يلصقوا الورق المقصوص على شكل الأرنب على الخزانات اما أشكال النمر والقرع فعلى الأبواب.
وفي عيد تشينغمينغ وعيد تشونغيوان لإحياء ذكرى الموتى، يقوم الناس بحرق النقود الورقية المزيفة لأنهم يعتقدون أن أهلهم الموتى في الآخرة سيحصلون عليها وسيعيشون حياة رغيدة. ويرى بعض الناس أن النقود الورقية المزيفة للموتى أقدم شكل للورق المقصوص. ويمثل فن الورق المقصوص لؤلؤة متألقة في بحر الثقافة الصينية المتميزة، وجزءا فريدا لا يتجزأ من عملية ترسيخ الثقة الذاتية ثقافيا للأمة الصينية ودفع ازدهار الثقافة القومية، وجميع الصينيين يتحملون مسؤولية نشره وتعريف الآخرين به.