بكين 13 فبراير 2018 (شينخوانت) مع حلول موسم السفر بمناسبة عيد الربيع الصيني التقليدي، دائما ما يمكن سماع الحديث بين الصينيين، خاصة أولئك المغتربين الذين يعملون أو يدرسون في المدن الأخرى البعيدة عن مسقط رأسهم، حول شراء تذكرة قطار أو طائرة للعودة إلى المنزل خلال عيد الربيع. " هل تنجح في شراء تذكرة قطار؟ " إذا كانت الإجابة هي " نعم "، فيمكن رؤية الفرح والتطلع على وجه المتحدث، وإذا كانت الإجابة هي" لا " فعلى العكس تماما، يمكن رؤية الأسف والحزن على وجه المتحدث.

ظهرت عبارة " موسم السفر عند عيد الربيع " لأول مرة في عام 1980 على صحيفة الشعب اليومية الصينية في ظل تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح وقيام السلطات بتخفيق القيود على المسافرين، حيث بدأ المواطنون يتوجهون أكثر فأكثر إلى المدن الأخرى للعمل أو الدراسة. وبعد مغادرة مساقط رؤوسهم طوال السنة، يتطلع المغتربون بشغف ولهفة إلى لم شمل العائلة في عيد الربيع، الذي يعد أهم عيد بالنسبة إلى الصينيين على مدار السنة مهما كانت مسافة العودة إلى المنازل قصيرة أو طويلة، مما جعل الفترة التي تستمر لمدة نحو أربعين يوما وتبدأ قبل حلول عيد الربيع بـ15 يوما تقريبا وتنتهي بعد عيد الربيع بـ25 تقريبا، ذروة موسم السفر بمناسبة عيد الربيع.

وكان يستقبل الموقع الإلكتروني لشركة السكك الحديدية الصينية ارتفاعا عاليا في عدد الزوار هذه السنة في اليوم الـ15 من يناير، حيث أن الناس استعدوا لشراء تذاكر عشية رأس السنة الصينية الجديدة وبحثوا عن معلومات بيعها على الموقع. وشهد الموقع ذروة الزيارة الأخرى في اليوم الـ17 بعد بدء رسميا بيع تذاكر عشية رأس السنة الصينية الجديدة.

ووفقا لما ورد من الموقع، سجل عدد الزيارات له في اليوم الـ17 رقما قياسيا ليصل إلى أكثر من 100 مليار زيارة و بلغ عدد التذاكر التي تم بيعها في نفس اليوم أكثر من 10 ملايين، بما فيها لا يقل عن 200 ألف تذكرة لعشية رأس السنة الصينية، التي توافق اليوم الـ15 من فبراير هذه السنة. أظهرت الأرقام الصادرة من شركة كتريب، وهي الشركة الرائدة في مجال خدمات السفر، أنه من المتوقع أن يتم القيام بثلاثة مليارات رحلة خلال فترة عيد الربيع هذه السنة ومن المحتمل أن تصل عدد الرحلات الجوية الى 65 مليون رحلة بزيادة 10 فى المائة عن العام الماضى وفقا لما ذكرته لجنة الدولة للتنمية والاصلاح الصينية.

يمكن القول إن تذكرة العودة إلى المنازل في عيد الربيع قد أصبحت سلعة أكثر ثمنا في هذه الأيام، ويمكن اعتبار موسم السفر بمناسبة عيد الربيع الصيني هو التنقل الأضخم للصينيين طوال السنة. لكن ماذا يكمن وراء هذا التنقل الكبير، ربما هو شوق الغربة في قلوب المغتربين.

كان الشاعر التايواني الشهير يوي قوانغ تشونغ أبدع قصيدة مشهورة وعنوانها "شوق الغربة " وقال في القصيدة : عندما كنت طفلا، كان شوق الغربة هو طابعا بريديا صغيرا، أنا في هذا الجانب، أمي في ذلك الجانب. لما كبرت، شوق الغربة هو تذكرة سفينة ضيقة، أنا في هذا الجانب، عروسي في ذلك الجانب ..."

كان الشاعر يريد التعبير عن شوق الغربة بين الأقرباء بعد انقطاع التواصل بين جانبي مضيق تايوان، لكن هذه القصيدة أصبحت مشهورة وشعبية بين الصينيية، خاصة أولئك الذين يغادرون مساقط رؤوسهم ويشتاقون إليها. وباعتبار قضاء عيد الربيع مع أفراد الأسرة جزء هاما من ثقافة الأمة الصينية يتم توارثها من جيل إلى جيل، تحظي العودة إلى المنازل في هذا العيد بأهمية ثقافية وعاطفية بالنسبة إلى جميع الصينيين، فأصبح تسابق المواطنين على شراء التذكرة أمرا غير مستغرب.