بقلم هاشم وانغ
بكين 5 أبريل 2015 (شينخوا) رحبت الصين بانضمام مصر إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية قبل يوم واحد من انتهاء الموعد المحدد للانضمام للبنك كعضو مؤسس، وبهذا يبلغ عدد دول الشرق الأوسط التي طلبت الانضمام إليه ست دول وهي مصر والسعودية والأردن والكويت وعمان وقطر.
إن الرغبة التي أبدتها دول المنطقة في الانضمام للبنك المذكور، الذي سيبلغ رأسماله في المرحلة الأولى خمسين مليار دولار وسيكون مقره بكين، تكشف بوضوح حرص هذه الدول على العمل يداً بيد مع الصين لدفع تنفيذ مبادرة "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21"، التي تعرف اختصارا بـ"الحزام والطريق" وتهدف إلى تحقيق تعاون اقتصادي مفتوح وشامل ومتوازن يعود بالفائدة على الجميع.
وفي هذا السياق، قال وو سي كه المبعوث الخاص الصيني السابق لمنطقة الشرق الأوسط إن بعض دول المنطقة لديها شعور بالألفة تجاه "طريق الحرير"، وهو ما انعكس من خلال تعبيرها عن الترحيب به وطرحها لخطط محددة يمكن من خلالها مشاركة الصين في تفعيل هذه المبادرة الطموحة.
صرح بذلك الدبلوماسي المخضرم وو سي كه خلال ندوة أكاديمية عقدت مؤخرا، قائلا إنه التمس خلال جولته في الشرق الأوسط التي استمرت من14 إلى 21 مارس المنصرم اهتماما ملحوظا بالمبادرة الصينية التي تهدف إلى تعزيز الترابط الإقليمي ومعانقة مستقبل أكثر إشراقا معا.
تقوم مبادرة "الحزام والطريق" على حزام أرضي يمتد من الصين عبر آسيا الوسطى وروسيا إلى أوروبا وطريق حرير بحري يمر عبر مضيق ملقا إلى الهند والشرق الأوسط وشرق أفريقيا.
وأضاف المبعوث الصيني السابق أن "مدينة الحرير" التي تعتزم الكويت بناءها تعد بمثابة خطة إستراتيجية طموحة سيستثمر خلالها هذا البلد الخليجي زهاء 130 مليار دولار أمريكي لإقامة مدينة جديدة في المنطقة الساحلية شمالي الكويت حيث من المقرر أن يكتمل بناؤها بحلول عام 2035 لتغدو محورا إستراتيجيا هاما لطريق الحرير الجديد الذي سيربط الصين بأوروبا.
وأكد وو سي كه أنه قد بحث كيفية مواصلة التنسيق والتعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق" مع الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان وأمين عام وزارة الخارجية العمانية أثناء زيارته للسلطنة.
وقال إن الجانب العماني ركز على طرح خطتين، الأولى تكمن في تشييد منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة التابعة لولاية الدقم بمحافظة الوسطى،إذ تتمتع هذه المنطقة التي تعد مركز الساحل الجنوبي الشرقي لعمان وتمتد شواطئها على بحر العرب، بمميزات فريدة عدة من بينها موقعها الجغرافي الإستراتيجي كمحطة رئيسية على خط ملاحي طويل يربط شرق آسيا وجنوبها وأفريقيا الوسطى وأوروبا، علاوة على ذلك كونها أكثر أمنا مقارنة بمضيق هرمز.
ولفت وو سي كه إلى أن منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة، التي لا يتجاوز عدد سكانها 5 آلاف نسمة، تحول هذه المنطقة إلى مركزا محوريا مهما للتجارة والصناعة والاستثمار حيث تنقسم الأنشطة فيها إلى ثمانية قطاعات وهي الميناء، والصناعة ، والنقل والإمداد، والثروة السمكية، والتجارة، والترفيه، والسياحة، والتعليم، ومن ثم تود عمان من الصين مشاركتها في هذه الخطة الطموحة.
وأضاف أن الخطة الثانية تكمن في بناء حديقة تشنغ خه التذكارية في ميناء صلالة، حيث وصل البحار الصيني المسلم تشنغ خه إلى هذا المكان ثلاث مرات خلال رحلاته العديدة التي زار فيها بلدان تقع على سواحل المحيط الهندي وجنوب آسيا وأفريقيا. وستشمل هذه الحديقة إقامة نصب تشنغ خه التذكاري، ومنطقة للترفيه الثقافي، ومطاعم صينية. ولا يهدف بناء هذه الحديقة إلى إحياء ذكرى تشنغ خه فحسب، وإنما أيضا إلى جذب السائحين الصينيين والأجانب.
وأشار وو سي كه عند حديثه عن مبادرة "الحزام والطريق" إلى أن قطر تنفذ "مشروع ميناء الدوحة الجديد" وتأخذ مشروع الربط الموحد بين الدول الست لمجلس التعاون الخليجي من خلال السكك الحديدية في اعتبارها ، وفي هذا الإطار يأمل الجانب القطري في مشاركة الشركات الصينية بصورة فاعلة في هذين المشروعين .
وأعرب المبعوث الصيني السابق عن اعتقاده بأنه بدءا من "مدينة الحرير" في الكويت و"منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة" في عمان وحتى "ميناء الدوحة الجديد" في قطر، يظهر بجلاء طموح بعض دول منطقة الشرق الأوسط في وضع خطط مستقبلية لتنمية اقتصاداتها استنادا إلى مبادرة "الحزام والطريق" التي أكد أنها ليست "عزفا منفردا" للصين وحدها، وإنما "سيمفونية" تعزفها الصين والدول العربية وحتى العالم معا.
وقال وو سي كه إنه يتعين على الصين اغتنام هذه الفرصة لتعزيز التعاون مع هذه البلدان العربية، ويشمل ذلك التعاون مع الإمارات العربية المتحدة ومصر ودول عربية أخرى تطل على البحر الأبيض المتوسط، بما يعمل على تحقيق "الترابط والتعاون القائم على الكسب المتكافئ" مع دول الإقليم، وتضييق فجوة التنمية بين المناطق، ودفع تهدئة القضايا الساخنة في الشرق الأوسط، وتسريع عملية التكامل الإقليمي.