بغداد 17 يونيو 2015 (شينخوا) تحت وطأة المعارك الدائرة بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الاسلامية في مناطق واسعة بالعراق، وما تسببت فيه من صعوبات كبيرة منها اللجوء وغلاء الاسعار يستقبل العراقيون بحزن شهر رمضان.
واعلن ديوان الوقف السني، وهو مؤسسة حكومية مسؤولة عن ادارة المساجد والاملاك والمدارس السنية في بغداد والمحافظات الاخرى، ان الخميس هو اول ايام شهر رمضان المبارك.
ولم يعلن الوقف الشيعي حتى الان عن تحديد بداية الشهر الفضيل لدى المسلمين.
ويحل شهر رمضان هذا العام في وقت تشهد فيه محافظات سنية، ابرزها الانبار غرب العراق وصلاح الدين وسط البلاد عمليات عسكرية للقوات العراقية المدعومة بقوات الحشد الشعبي المؤلفة في الغالب من متطوعين شيعة لاستعادة الاراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية.
كما يخوض الجانبان معارك في محافظات عراقية اخرى منذ سيطرة التنظيم المتطرف على مناطق واسعة في شمال وغرب العراق في العاشر من يونيو 2014.
وفي عدد من محافظة نينوى اولى المحافظات العراقية التي سقطت بيد تنظيم الدولة الاسلامية، تخوض قوات البيشمركة الكردية معارك ضد داعش بدعم من طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وقد افرزت هذه المعارك صعوبات كبيرة في وجه السكان المتواجدين في مناطق العمليات العسكرية، تدفع غالبيتهم للنزوح، وتثقل كاهل من قرر البقاء بفقدانه معظم الخدمات من ماء وكهرباء وخدمات طبية.
ويتخوف العراقيون من تفاقم معاناتهم مع قدوم رمضان.
ويقول العراقي احمد ابراهيم (65 عاما) الذي يقيم مع عائلة من ثمانية افراد في مخيم الحردانية شمال مدينة الضلوعية (90 كم) شمال بغداد، لوكالة انباء ((شينخوا)) "يحل علينا شهر رمضان هذا العام ونحن بأسوأ حال".
وتابع "نقيم في خيمة لا تكاد تسعنا (..) ونعاني من نقص كبير في مختلف الخدمات، تيار كهربائي دائم الانقطاع (..) وماء شرب غير متوفر بشكل كاف، ناهيك عن الخدمات الصحية والحمامات".
واضاف ابراهيم متسائلا "صعوبة العيش في هذا المخيم لا تحتمل، فكيف الحال مع الصيام، خاصة أن درجات الحرارة ترتفع احيانا الى 50 درجة (..) والمواد الغذائية لا تتوفر؟"، لافتا الى ان "الكثير من سكان المخيم ربما لايتمكنون من الصيام في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها وخصوصا النساء وصغار السن".
وبحزن كبير يقول العراقي الاربعيني ياسر حسين الدوري، وهو مهجر من مدينة الدور (20 كم) شرق مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين شمال بغداد، ويعيش مع عائلته في مخيم بأطراف مدينة كركوك (250 كم) شمال بغداد، "ربما لانتمكن من صوم رمضان هذا العام بسبب صعوبة الظروف التي نعيش فيها".
وفي مخيم اقامته الحكومة العراقية في اطراف منطقة ابو غريب (25 كم) غرب بغداد، تقول المسنة ام صعب لـ (شينخوا) "معاناتنا كبيرة وخصوصا مع اقبال شهر رمضان (..) لاننا نجد انفسنا في هذا العام مجبرين على الافطار، فأنا اعاني من امراض الضغط والسكر واعيش في هذه الظروف القاسية فكيف لي ان اصوم؟".
وتابعت السيدة الستينية، وهي نازحة من اهالي مدينة الرمادي، مركز محافظة الانبار غرب بغداد، والدموع تنهمر من عينيها "لقد تركنا كل شئ خلفنا وجئنا للعيش في هذا المخيم الذي ينقصه كل شيء هربا من بطش تنظيم داعش والعمليات العسكرية الجارية".
وسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على الرمادي مركز محافظة الانبار في 17 مايو الماضي في ابرز تقدم له خلال الفترة الاخيرة، خاصة بعد طرده من تكريت مركز محافظة صلاح الدين وسط العراق في نهاية مارس.
وكان سقوط الرمادي بمثابة نكسة لمسعى القوات العراقية في خوض معركة ضد التنظيم المتطرف في الانبار ذات الغالبية السنية، التي يسيطر على مساحات واسعة منها.
وطالبت ام صعب الحكومة العراقية والمنظمات الانسانية الدولية بمد يد العون للنازحين في شهر رمضان لاعانتهم على الصيام.
وكما في المخيمات تتبدى معاناة العراقيين في شهر رمضان داخل الاسواق مع زيادة اسعار السلع.
ففي السوق الشعبي بمنطقة البياع جنوب غربي بغداد، صعقت اسعار السلع العراقي محمود سلوم الذي كان يتجول لشراء حاجيات رمضان.
ويقول سلوم (55 عاما) ل(شينخوا) "هناك ارتفاع واضح في الاسعار لمختلف المواد الغذائية وصلت الى ضعف سعرها السابق".
فقد ارتفع سعر العدس، الذي يستخدم كمادة اساسية لتحضير الشوربة (الحساء)، وهو طبق رئيسي على المائدة العراقية من 2000 دينار للكيلوجرام الى 3500 دينار، بحسب سلوم.
كما ارتفعت اسعار الطحين من 500 دينار للكيلو جرام الى 700 دينار، وزيت الطعام من 1500 دينار الى 2500 دينار، ولحوم الاغنام من 12000 دينار للكيلو الى 15000، والدجاج من 4000 الى 5500 والبيض من 4000 الى 6000 دينار (الدولار= 1380 دينار).
كما ارتفعت اسعار الحلويات والمرطبات.
وشكا سلوم جشع التجار، قائلا إنه "مع حلول شهر رمضان في كل عام يعمد بعض التجار الجشعين وضعاف النفوس الى رفع اسعار المواد الغذائية من دون مراعاة حاجة ذوي الدخل المحدود والفقراء من الناس، متناسين ان رمضان شهر رحمة ومغفرة وليس شهرا للجشع".
وتقول العراقية ايمان طالب (40 عاما) وهي موظفة حكومية التي جاءت الى السوق الشعبي طامعة في اسعار مناسبة لحاجياتها "فوجئت بان اسعار الكثير من المواد قد ارتفعت كثيرا عما كانت عليه قبل شهر رمضان، وكأن التجار ينتظرون حلول الشهر المبارك للتربح الزائد من خلال رفع اسعار المواد الغذائية وغيرها".
واضافت بحسرة "راتبي محدود، وفي ظل ارتفاع الاسعار الحالي لم اتمكن من تغطية كل احتياجات اسرتي".
بدوره، يلقي سائق سيارة الاجرة خالد ابراهيم (28 سنة) باللوم على الحكومة لفشلها في السيطرة على السوق وضبط الاسعار في رمضان.
ويشكو ابراهيم من قلة دخله، قائلا "عملي كسائق اجرة لايوفر لي الدخل الكافي لاعالة اسرتي وتوفير ما يحتاجونه من متطلبات في رمضان (..) خاصة ان هناك مصروفات اخرى منها دفع اجر مولدة الكهرباء، التي لا يمكن الاستغناء عنها في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، وكذلك دفع ايجار الشقة التي اقيم فيها مع عائلتي".
وفي ظل معاناة العراقيين مع قدوم شهر رمضان من المعارك والغلاء واللجوء، طمأنت قيادة عمليات بغداد، مواطنيها بشهر "سيمر بخير على جميع مناطق بغداد".
وقال قائد عمليات بغداد، اللواء الركن عبد الأمير الشمري، في مؤتمر صحفي، إنها اعدت خطة امنية محكمة لتفادي اي خروقات امنية خلال شهر رمضان.
وتابع ان "هناك توجها جادا لتفعيل دور الشرطة المحلية في حفظ الامن بالعاصمة"، موضحا انه "تم تشكيل سرية طوارئ من كل قسم شرطة ستعمل مع القطاعات الامنية الماسكة ونصب نقاط تفتيش مفاجئة".
واكد انه "لن يكون هناك حظر للتجوال او قطع للطرق خلال الليل طيلة شهر رمضان"، لافتا الى انه "تم الوضع في الحسبان بأن العصابات الإرهابية تنشط خلال شهر رمضان لذلك وضعنا خططا أمنية محكمة".
على الصعيد ذاته، اصدرت وزارة الداخلية العراقية تعليمات منعت بموجبها الافطار العلني وغلق جميع محال بيع المشروبات الكحولية.
كما هددت باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المجاهرين بالإفطار، فيما سمحت بفتح خمسة مطاعم كحد أقصى في مراكز المحافظات.