بقلم هاشم وانغ
بكين أول أبريل 2015 (شينخوا) دخلت عملية "عاصفة الحزم" التي تنفذها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية يومها السابع حيث تواصل طائرات التحالف شن مزيد من الغارات على مواقع عسكرية يسيطر عليها الحوثيون في العاصمة اليمنية صنعاء.
ومنذ عام 2011 الذي استيقظت فيه منطقة الشرق الأوسط على وقع اضطرابات، انزلقت ليبيا في أتون حرب أهلية وصارت الأحوال في مصر وتونس متوترة وهشة، وفي الوقت ذاته تشهد الخريطة السياسية للعراق وسوريا تحولا وتغيرا يؤثر تأثيرا لا يستهان به على الأوضاع في دول مجاورة مثل لبنان والأردن. وفي خضم هذه الأحداث، اندلعت الأزمة اليمنية وتفاقمت وباتت في غاية الخطورة على الإقليم برمته.
وحتى هذه اللحظة، يصعب رؤية ضوء في نهاية النفق بالنسبة لأزمة وصفت بأنها شديدة التعقيد، إذ أنها تشكل مزيجا ساما من عوامل عدة تتألف من صراعات بين قوى إقليمية وخلافات طائفية وقبلية ومصالح سياسية واقتصادية لمختلف البلدان ..إلخ. وما من شك في أن اليمن نفسه بلد صغير ذو تأثير محدود، بيد أن أخطر شيء يكمن في سلسلة من التأثيرات السلبية التي ستفرزها الأزمة اليمنية في حال استمرارها.
ويدور في أذهان الكثيرين تساؤلا يقول: هل ستفتح الأزمة اليمنية صندوق "باندورا" في الشرق الأوسط؟
إن اليمن في الأصل مجتمع قبلي حيث تمثل القبيلة هناك الركيزة الأساسية في التركيبة الاجتماعية للبلاد، فضلا عن طبيعته الجغرافية الجبلية وتخلف مستوى تنميته الاقتصادية ، ومن ثم صارت الأوضاع في هذا البلد معقدة للغاية، وقد يؤدي استمرار العملية العسكرية بقيادة السعودية إلى تزايد حدة التناقضات وتعمق الصراعات الطائفية والقبلية لدرجة أن هذه الأزمة قد تعبر حدود الدولة لتصبح قضية إقليمية، الأمر الذي يعد بمثابة اختبار لمدى قوة أعصاب المنطقة والبلدان العربية. وعندئذ، سيصبح اليمن عرضة للانقسام.
وما تردد عن وجود خلافات بين السعودية وإيران بشأن الأزمة اليمنية الجارية يدفع إلى التخمين بأن هذه الأزمة قد تؤثر على العلاقات بين إيران وأطراف معنية أخرى والعالم العربي، لدرجة أنها قد تترك أثرها على المفاوضات النووية الإيرانية التي دخلت الآن مرحلتها النهائية.
ومع استمرار الأزمة في اليمن، ربما تجد واشنطن نفسها أيضا أمام معضلة كبيرة أخرى في المنطقة وذلك في حال تدهور الأوضاع وتشعب الأزمة لتمتد إلى دول الجوار، وهو ما لا تريد الولايات المتحدة رؤيته في ضوء عدم رغبتها في فقدان السيطرة على الوضع.
وقد يتيح تزايد تعمق الأزمة اليمنية فرصة سانحة لنمو نشاط جماعات إرهابية وعلى رأسها تنظيمي القاعدة وداعش. وكانت جنوب اليمن يعتبر تربة خصبة لظهور الجماعات الإرهابية والمتطرفة. في السابق، كانت قوات جماعة الحوثي تقاتل دوما تنظيم القاعدة، لكنها الآن منهمكة في مواجهة العملية العسكرية للتحالف العربي، وبالتالي قد تنتهز الجماعات الإرهابية هذه الفرصة لتكثيف نشاطها.
وفي اليمن، ستولد الأزمة حالة من الفوضى تعتبر هي أساس ظهور الإرهاب، وستظل هذه الفوضى باقية حتى بعد وقت طويل من انتهاء العملية العسكرية. وبالإضافة إلى ذلك، سحبت الولايات المتحدة أفرادها العسكريين المتمركزين في قاعدة العند الجوية بجنوب اليمن والتي تعد مركز القيادة الخاص بشن غارات جوية بطائرات أمريكية بدون طيار ضد الجماعات الإرهابية في جنوب البلاد. كما أفادت تقارير بأن بعض مسلحي تنظيم داعش دخلوا اليمن قادمين من العراق وسوريا في ضوء بعض المعارك الفاشلة التي خاضها تنظيمهم في هذين البلدين.
أما الجانب الآخر للأزمة اليمنية يكمن فيما ستجلبه من تأثير سلبي على أسعار النفط والتجارة البحرية نظرا للموقع الجغرافي الهام للبلاد، إذ يقع اليمن متاخما للمملكة العربية السعودية, وهي أكبر دولة لصادرات النفط الخام، حيث يسيطر اليمن على مضيق باب المندب الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن ويعد الطريق الهام الذي تسلكه ناقلات النفط القادمة من الخليج العربي شرقا والمتجهة ناحية الغرب. ومن ثم سيكون للأوضاع اليمنية انعكاساتها على المستثمرين في سوق النفط.
وفي الواقع، مثلما هو الحال في ليبيا وسوريا اللتين لا يساعد اللجوء إلى الوسائل العسكرية على حل أزمتيهما بل يزيدها تعقيدا، لن تحل العملية العسكرية بقيادة السعودية الأزمة اليمنية تماما، ومن ثم فإن السبيل الوحيد هو أن تعكف الأطراف المعنية على حل خلافاتها عبر الحوار السياسي بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واتفاقية السلام والشراكة الوطنية من أجل استعادة الاستقرار الداخلي والنظام بأسرع ما يمكن.