بقلم إيمان جيانغ
بكين 8 أبريل 2015 (شينخوا) خلال الفترة من 29 مارس إلى 6 أبريل، قامت الحكومة الصينية بإجلاء أكثر من 600 مواطن صيني من اليمن الذي مزقته الحرب وذلك على أربع دفعات، كما ساعدت في إجلاء ما مجموعه 279 من الرعايا الأجانب من 15 دولة من اليمن بأمان.
تبرهن عملية الإجلاء هذه مرة أخرى على عزم الحكومة الصينية على حماية أمن مواطنيها في الخارج. أما عمليتها الخاصة بالمساعدة في إجلاء الرعايا الأجانب ، فتدل على تحملها للمسؤولية كدولة كبرى وتبرز روحها الأممية. وخلال هذه العمليات، عملت الإدارات الصينية بسرعة وكفاءة واتسمت بالوحدة والتنظيم الدقيق، الأمر الذي قوبل بثناء من الجميع داخل البلاد وخارجها.
ومع استخدام سفن حربية صينية لأول مرة في مهام إجلاء، وصف الأسطول البحري الصيني المشارك في العملية بـ"سفينة نوح" في ضوء مساعدته في إجلاء رعايا صينيين وأجانب في وقت الخطر.
-- دعم قوي وراء الرعايا الصينيين خارج الوطن
منذ يناير الماضي، تدهور الوضع الأمني في اليمن بشكل حاد حيث زادت حدة الاشتباكات بين القوات المسلحة التابعة للرئيس اليمني وجماعة الحوثيين المسلحة. وبدأت عملية "عاصفة الحزم" في اليمن والتي يشنها تحالف عربي تقوده السعودية ضد الحوثيين في الـ26 من مارس الماضي.
ومع انتشار نيران الحرب، بات أمن الرعايا الصينيين المقيمين باليمن في خطر. وتعرض مقر شركة نانتونغ الثالثة للإنشاء والتعمير التي تتولى مسؤولية إنشاء مشروع المكتبة الوطنية اليمنية في العاصمة صنعاء لأكثر من 30 هجوما جراء القصف خلال يوم واحد.
إن الحكومة الصينية تولي اهتماما كبيرا بحياة مواطنيها وسلامتهم واتخذت قرار الإجلاء بكل حزم. وسرعان ما وضعت السفارة الصينية لدى اليمن خطة إجلاء وجمعت معظم المواطنين الصينيين المنتشرين فى أكثر من 10 مناطق باليمن في مدينتي صنعاء وعدن الرئيسيين وتم إجلاؤهم من ميناء عدن والحديدة في نهاية الأمر بأمان.
ولدى حديثه عن عملية التحضير لجهود الإجلاء في عدن، قال السفير الصيني لدى اليمن تيان تشي إنها واجهت صعوبات جمة نظرا للتبادل المكثف لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة، مضيفا أن السفارة الصينية قررت على الفور بعد وقف وجيز لإطلاق النار بدء عملية الإجلاء يوم 29 مارس.
ومن أجل تأمين هذه العملية، نظمت السفارة فريقا طليعيا ليقوم مسبقا بفتح طريق من صنعاء إلى ميناء الحديدة وتسهيل عملية عبور تسع نقاط تفتيش أقيمت على الطريق.
ولحماية القافلة من أية هجمات قد تقع على الطريق، التقى الملحق العسكري بالسفارة الصينية لدى اليمن ليو يونغ شيوان على مدى بضعة أيام متتالية قبل إنطلاق القافلة التقى مسؤولي الجيش اليمني ووزارة الداخلية، طالبا منهم نشر قوات لحماية الرعايا الصينيين.
وفور تلقيه أوامر من القيادة، أسرع أسطول الحراسة التابع للبحرية الصينية في خليج عدن والمياه الصومالية بالتوجه إلى اليمن ووقف على أهبة الاستعداد للتعامل مع حالات الطوارئ. وقال ليو يونغ شيوان إنه في الظروف العادية، تتطلب هذه العملية شهرا كاملا ، ولكنها لم تستغرق هذه المرة سوى أربعة أيام فقط.
وقال السفير تيان تشي"إن عملية الإجلاء تمثل ارتقاء شاملا بالقوة الوطنية وتعكس فكرة الحكم القائم على الشعب أولا"، مضيفا أنها تدل أيضا على حسم الحكومة الصينية وكفاءتها. ووصول كل شخص في عملية الإجلاء هذه بأمن وسلام يعد نتيجة للوحدة والتعاون بين جميع الإدارات المعنية وكذا ممارسة مهمة لدبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية.
فلا يمكن للمرء أن يدرك قيمة الأمان إلا بخوض تجربة شخصية قاسية أو حرب شرسة. ورغم الخوف الذي تبثه الغارات المفاجئة في القلوب، إلا أن الجميع وسط نيران الحرب كان على قناعة تامة بأن الوطن سيمد يده إليهم بكل تأكيد.
-- الصين تتحمل مسؤوليتها كدولة كبرى
وبينما انهمكت الحكومة الصينية في إجلاء مواطنيها من الأزمة، حاولت أيضا مد يد العون لمواطنين من بلدان أخرى تقطعت بهم السبل في اليمن وصارت حياتهم مهددة وسط نيران الحرب، لتصبح تلك هي المرة الأولى التي تشارك فيها سفن حربية صينية في عملية إنقاذ إنسانية دولية تتعلق بإجلاء رعايا أجانب.
في يوم 2 أبريل بناء على طلب من10 بلدان، عادت الفرقاطة "لينيي" إلى ميناء عدن لإجلاء 225 من مواطني تلك البلدان وهم 176 باكستانيا، و29 أثيوبيا، وخمسة سنغافوريين، وأربعة بولنديين، وثلاث إيطاليين، وثلاثة ألمان، وبريطانيين اثنين، وكندي، وآيرلندي، ويمني.
وصلوا جميعا إلى جيبوتي بأمان. وقد ساعدت سفن حربية صينية أيضا في إجلاء ثمانية مواطنين من رومانيا والهند ومصر فيما كانت تقوم بإجلاء رعايا صينيين في أواخر الشهر الماضي.
وقال السفير تيان إنه كان يتلقى يوميا ما يتراوح بين100و200 من الاتصالات الهاتفية التي تطلب فيها الكثير من الحكومات الأجنبية من الحكومة الصينية مساعدتها في إجلاء رعاياها ، حتى أن بعض الأمريكيين طلبوا منى المساعدة، مضيفا أن مساعدة الصين للدول الأخرى في إجلاء رعاياها يدل على ما تتمتع به من روح أممية وإنسانية دولية.
"الصين منحتني حياة جديدة"، هكذا قالت السيدة الباكستانية فردوس بكل امتنان بينما كانت تترجل عن فرقاطة صاروخية صينية نقلتها هي وأطفالها الثلاثة إلى سواحل جيبوتي بعد فرارها من اليمن.
أما المواطن السريلانكي أوساكا بيريرا فقال إن "الغارات الجوية في اليمن روعتنا حقا جميعا"، مضيفا أنه طلب المساعدة من دولة أخرى كانت تخطط لإجلاء رعاياها ، "لكنها تجاهلتنا ببساطة ولم تظهر أدنى اهتمام بأرواحنا".
وتابع بقوله "لكن الأمر كان مختلف تمام الاختلاف مع الصينيين. فبعدما تلقوا طلبنا، اتصل الدبلوماسيون الصينيون على الفور بنا وعاملونا بنفس معاملة المواطنين الصينيين".
وتلقت الصين أيضا الثناء من عدة دول. فقد قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية "نعبر عن شكرنا للمساعدة التي قدمتها الحكومة الصينية". وقال وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف "نشكر الصين على المساعدة، فما فعلته مؤثر حقا"، وأصدرت وزارة الخارجية البولندية تقريرا للتعبير عن شكرها للصين التي ساعدت في إجلاء أربعة بولنديين.
ومن ناحية أخرى، ذكر رئيس لجنة الدفاع بمجلس الشيوخ الباكستاني مشاهد حسين أن مساعدة الصين في إجلاء الرعايا الباكستانيين العاقلين باليمن يثبت مرة أخرى صحة القول المأثور القائل بأن "الصديق الحق هو الصديق وقت الضيق".
وأثنى المجتمع الدولي على مد البحرية الصينية ليد العون في وقت الأزمة واعتبر ذلك إبرازا لصورتها كدولة كبرى مسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين.
واتفق الجميع على أن عملية الإجلاء هذه حملت صفة "الأول" في ثلاثة أشياء وهي: أول مرة تستخدم فيها سفن حربية في عملية إجلاء من موانئ أجنبية، وأول مرة تساعد فيها الصين في إجلاء رعايا أجانب، وأول مرة تعلق فيها مهام الحراسة في خليج عدن.