روما 18 مارس 2015 (شينخوا) حذت أكبر اقتصادات في منطقة اليورو- إيطاليا وفرنسا وألمانيا- حذو بريطانيا في رفض المخاوف الأمريكية وستصبح أعضاء مؤسسين في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
ويقول الخبراء إن التنمية تعد نجاحا دبلوماسيا وماليا للصين ودافعا يقف وراء هذه المؤسسة المالية الجديدة، وتكشف مدى استعداد أوروبا للنظر شرقا من أجل الصفقات التجارية.
جاء هذا النبأ وسط ضغوط متزايدة على الولايات المتحدة لرفع سيطرتها على صندوق النقد الدولي، ويتزامن مع مخاوف صينية وأوروبية بشأن سيطرة أمريكا على التجارة في منطقة الباسيفيك.
ورحبت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية مينا أندريفا بالتعاون الأوروبي الجديد مع بكين.
وأشارت إلى أن "الاستثمار من الباطن في البنية التحتية يشكل تحديا عالميا"، مضيفة أنه "في آسيا، كما هو الحال في أوروبا، ثمة احتياجات كبيرة للاستثمار. فالاستثمار المتزايد في البنية التحتية بآسيا يلقى ترحيبا ويعد أيضا بمثابة فرصة تجارية لشركات الاتحاد الأوروبي".
جاءت تصريحاتها بعدما حث وزير الخزانة الأمريكي جاك ليو على توخى الحذر بشأن الحصول على عضوية البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وقال "أيا من كان سينضم إلى البنك فعليه أولا التأكد من أنه يلتزم بمعايير صارمة"، مضيفا "ولابد لأعضائه من حماية العمال والبيئة. ولا ينبغي أن يكون هناك فساد".
ولكن بيانا مشتركا صدر عن وزراء خارجية ومالية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا قال إنهم سيعملون لضمان إتباع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية "لأفضل المعايير والممارسات من حيث الحوكمة، والضمانات، والديون، وسياسات المشتريات".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن البنك الجديد سيتسم "بالانفتاح والشمولية والشفافية والمسؤولية".
كان البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية قد أطلق في بكين العام الماضي لتحفيز الاستثمار في قطاعات النقل والطاقة والاتصالات بآسيا. وذكرت الصين في وقت سابق من العام الجاري أن إجمالي 26 دولة قد أدرجت كأعضاء مؤسسين في البنك، وأغلبهم من آسيا والشرق الأوسط. وتحمل مشاركة الاقتصادات الأوروبية الأربع الكبرى أهمية خاصة.
ورحب نقاد ماليون أوروبيون بهذا النبأ. فقد قال الأستاذ ستيفانو غاتي، الخبير المصرفي بمعهد بوكوني للأعمال في ميلانو، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن وضع الصين كقوة اقتصادية ناشئة هو الدافع وراء الرغبة الأوروبية في المشاركة في هذا المشروع.
وأوضح قائلا "أظن أن هذا المشروع المشترك الجديد يكشف ببساطة رغبة الدول الأوروبية في الاستثمار في اقتصاد ناشئ ضخم"، مضيفا "لا أرى شيئا مريبا أو أي تدخل سياسي".
ومع ذلك، ما زال ينظر بعض المسؤولين الأمريكيين الكبار للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية كمؤامرة صينية للحد من تأثير بلادهم في النظام المصرفي العالمي. وتسعى الولايات المتحدة لإقناع حلفائها الإقليميين مثل استراليا وكوريا الجنوبية واليابان بالصد عن هذا البنك. ولكن رئيس الوزراء الاسترالي توني أبوت قال في نهاية الأسبوع إنه سيتخذ قرارا نهائيا حول ما إذا كانت بلاده ستنظم للبنك أم لا في نهاية الأسبوع .
وفي الوقت الذي من غير المرجح أن تنضم فيه اليابان إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، صرح الرئيس الياباني لبنك التنمية الآسيوي تاكيهيكو ناكاو بأن المؤسستين تجريان مناقشات وقد تعملان معا.
وعلي غير العادة، انتقدت الولايات المتحدة بريطانيا، أقرب حلفائها، لأكونها أصبحت عضوا مؤسسا بالبنك. ولكن الحكومة البريطانية لم تبال إلى حد كبير بعدم الارتياح الأمريكي، إذ قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "هناك أوقات نتخذ فيها نهجا مختلفا".
وأشاد وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن بمشاركة بلاده، قائلا إن الانضمام للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في مرحلة التأسيس سيخلق "فرصة منقطعة النظير لبريطانيا وآسيا للاستثمار والنمو معا".
وذكر مسؤول آخر بالحكومة البريطانية، لم يكشف عن هويته، أن المشاركة طويلة الأجل لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي باتت موضع شك، ولهذا من المنطقي تدعيم العلاقات التجارية مع الصين والأسواق الآسيوية.
ومن ناحية أخرى، صعدت إدارة أوباما من ضغوطها على الكونغرس الأمريكي للمصادقة على إصلاحات ستسمح لقوى ناشئة مثل الصين بأن يكون لها رأى في إدارة صندوق النقد الدولي
ولفت ليو إلى أنه بسبب التأخر في تنفيذ الإصلاحات ، تسعى قوى الأسواق الناشئة إلى إقامة مؤسسات مالية موازية متعددة الأطراف خاصة بها.
ونتيجة لذلك، أعلنت دول بريكس بنكها الخاص للتنمية في عام 2014، والآن تطلق الصين البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، على حد قوه.
كما انتقدت صحيفة الأعمال الإيطالية الكبرى ((ال سول24 أور)) "الموقف المتناقض" للولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن رد فعل الولايات المتحدة "كان سيئا تجاه مشاركة عدد من الدول الأوروبية بما فيها إيطاليا في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. ولكن إذا ما عملت الولايات المتحدة على إصابة النظام الدولي الذي تقوده بالشلل، فليس من المفاجئ أن تحاول دول أوروبية بناء جسرها الخاص مع بكين للنمو والتنمية".