الخرطوم 23 مارس 2014 (شينخوا) وقع قادة السودان ومصر واثيوبيا اليوم (الإثنين) بالخرطوم على "اتفاق إعلان مبادئ" حول سد النهضة المثير للجدل، تعتبره الدول الثلاث بداية وأساسا لمزيد من التعاون بشأن مياه نهر النيل.
ووقع رئيسا السودان عمر البشير، ومصر عبدالفتاح السيسي، ورئيس وزراء اثيوبيا هايلي ماريام ديسالين، الوثيقة في حفل أقيم بالخرطوم وبثه التلفزيون الرسمي.
وإثر التوقيع تصافح القادة الثلاثة وتشابكت أيديهم، في إشارة رمزية على تمسكهم بالتعاون بين بلدانهم.
وقال الرئيس المصري في كلمة سبقت التوقيع اليوم، إن توقيع الوثيقة يمثل خطوة أولى تحتاج إلى اتفاقيات تفصيلية أخرى، مضيفا "نتطلع إلى أن يتحول هذا الاتفاق إلى حقائق ملموسة في أسرع وقت".
وأكد السيسي على ضرورة توفر الإرادة السياسية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، قائلا "يمكننا توقيع اتفاقيات كثيرة، ولكن يبقي الأساس في أي اتفاق هو الاستعداد لتنفيذ هذا الاتفاق".
بدوره، أكد الرئيس السوداني في كلمته على الأمر ذاته، قائلا "نحتاج للمواصلة من أجل التوصل إلى اتفاق شامل يفصل ما تم إجماله في إعلان المبادئ".
وأعرب البشير عن قناعته بأن التعاون هو السبيل الأوحد للتفاهم بين شعوب دول حوض النيل، قائلا "؟إنه بدون التعاون ستفوت الفرصة في حياة كريمة لشعوب دول حوض النيل".
من جانبه، قال رئيس الوزراء الاثيوبي، الذي كان أول من خاطب الحفل، "حققنا خطوة جديدة من خلال الاتفاق على إعلان المبادئ حول النهضة، هذا هو الأساس الذي سنبني مستقبلنا واتفاقيتنا عليه".
وتابع ديسالين "أن إثيوبيا تبدي التزامها بالتعاون القوى بين الدول الثلاث، ونحن نوقع على الوثيقة نؤكد استعدادنا والتزامنا بالمصالح المشتركة بين الدول الثلاث".
وتعهد رئيس الوزراء الاثيوبي بعدم إلحاق الضرر بمصر والسودان، قائلا "إن تشييد سد النهضة الإثيوبي لن يسبب أي ضرر لأي من مصر والسودان وتحديدا شعب مصر".
وكانت الدول الثلاث قد أعلنت في السادس من مارس الجاري عن التوصل إلى اتفاق المبادئ حول تقاسم مياه نهر النيل ومشروع سد النهضة الذي يثير قلق دولتي المصب مصر والسودان.
ووفقا لتسريبات إعلامية، يتضمن الاتفاق مبادئ حاكمة بين الدول الثلاث وضمانات تحافظ على مصالحها، وبخاصة المصالح المائية لدول المصب، وكيفية تحقيق المصالح المتبادلة والمكاسب المشتركة.
كما يمثل الاتفاق أساس التعاون الذي يمكن البناء عليه في المرحلة المقبلة، وخاصة بشأن تدعيم العلاقات الثنائية وبناء الثقة بين مصر وأثيوبيا.
ويشمل الاتفاق حزمة من المبادئ الأساسية التي تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية لدول حوض النيل وخاصة مصر، وهي مبادئ التعاون وبناء الثقة المتبادلة، وتبادل المعلومات والبيانات، والتنمية والتكامل الاقتصادي.
كما يشمل التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، والاستخدام المنصف والعادل للمياه، فضلا عن مبدأ أمان سد النهضة، واحترام السيادة ووحدة أراضي الدولة، والحل السلمي للنزاعات.
وينص أيضا على التأكيد على احترام أثيوبيا لنتائج الدراسات المزمع إتمامها، وتعهد الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوي في ضوء نتائج الدراسات، فضلا عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.
ويتضمن الاتفاق مبدأ الحل السلمي للنزاعات حول سد النهضة من خلال وضع آلية لتسوية أي نزاعات مستقبلية بين مصر وأثيوبيا، وهو ما كانت ترفضه أديس أبابا من قبل، ومن ضمنها التشاور والتفاوض والوساطة والتوفيق، وكلها أدوات نص عليها القانون الدولي لتسوية أي خلافات قد تطرأ حول تفسير أو تطبيق بعض نصوص الاتفاق.
وتتخوف مصر من أن يؤثر بناء سد النهضة الأثيوبي على حصتها من مياه نهر النيل، مصدرها الأساسي للمياه، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وذلك منذ إعلان أديس أبابا عن تحويل مجرى النيل الأزرق، وهو واحد من الرافدين الرئيسيين لنهر النيل، في خطوة تحضيرية لبناء السد في مايو 2013.
في المقابل، تقول أثيوبيا إن سد النهضة لن يؤثر على حصة مصر، وتؤكد أن من شأنه أن يحدث نقلة في ثرواتها ولاسيما في مجال الكهرباء.
ويقع السد في منطقة بني شانغول، وهي منطقة شديدة الانحدار على مقربة من الحدود السودانية، وتبعد نحو 900 كيلو متر شمالي غرب أديس أبابا.
وبحسب تقارير، اكتمل حتى الآن نحو 30 في المائة من مشروع بناء السد.
وتبلغ تكلفة بناء السد، الذي سيبلغ ارتفاعه 170 مترا، ليصبح بذلك أكبر سد للطاقة الكهرومائية في قارة أفريقيا، نحو 4.7 مليار دولار تمول أغلبه الحكومة الإثيوبية.