مقالة خاصة: تقدم الدرع المضاد للغبار في سعي الصين لاستكشاف القمر
بكين 12 أكتوبر 2024 (شينخوا) بدأت الصين مرحلة الهبوط على سطح القمر في برنامجها المأهول لاستكشاف القمر، مع خطة لاستكمال هبوط مأهول على سطح القمر بحلول عام 2030. ومن بين جميع التحديات التي يواجهها العلماء والمهندسون العاملون في البرنامج، فإن الغبار القمري صغير الحجم للغاية، ولكنه قد يشكل تهديدا كبيرا لبعثات استكشاف القمر.
ومع ذلك، عثر الباحثون الصينيون على طريقة بسيطة وسريعة وواعدة لبناء درع مضاد للغبار عن طريق تصنيع سطح طارد للغبار القمري عبر النقش بالليزر نانو ثانية، وفقا لورقة بحثية نُشرت في مجلة "المواد التطبيقية والواجهات ACS".
تهديد الغبار القمري
يتكون الغبار القمري من جزيئات سيليكات صغيرة تتشكل من الصخور القمرية بعد التعرض طويل الأمد لتأثيرات النيازك الدقيقة والرياح الشمسية والإشعاع الكوني. وفي الغالب بين عشرات إلى مئات الميكرونات في الحجم، فإن هذه الجسيمات تكاد تكون غير مرئية للعين المجردة.
وعلى الرغم من صغر حجمها، تشكل هذه الجسيمات خطرا كبيرا، حيث أن درجات الحرارة المرتفعة الناتجة عن تأثيرات النيازك تجعلها مزججة وخشنة وحادة ومشحونة كهربائيا. وهذا يعني أنها تصبح قابلة للتعلق بمعدات استكشاف القمر وبدلات رواد الفضاء، ما يهدد تشغيل المعدات وصحة رواد الفضاء.
وقال وانغ شياو مؤلف الورقة وعضو فريق البحث من جامعة شيديان، إن بإمكان الغبار القمري أن يتسلل بسهولة إلى فجوات ومحامل المعدات الميكانيكية ليتراكم باستمرار هناك، ما يؤدي إلى زيادة الاحتكاك والتآكل المكثف والصعوبات الأخرى في تشغيل المعدات.
كما يمكن أن يؤدي الغبار القمري أيضا إلى فشل عمل أجزاء أخرى من المعدات القمرية، بالنظر إلى احتمال تغطيته سطح الجهاز، وخاصة الأجزاء المهمة مثل المشعات ما يمنع الإشعاع الحراري الفعال ويجعل الجهاز إما باردا جدا أو ساخنا جدا.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يلتصق الغبار القمري بالعدسات البصرية أو الألواح الشمسية، ما يتسبب في انخفاض جودة الصور ودقة جمع البيانات، فضلا عن قدرته على منع امتصاص الألواح الشمسية لأشعة الشمس، ما يؤدي إلى عدم كفاية إمدادات الطاقة.
النقش بالليزر نانو ثانية
وفي هذا السياق، أشار وانغ وي دونغ قائد فريق البحث من جامعة شيديان إلى وجود نوعين من التكنولوجيا المضادة للغبار القمري وهما: النشط والسلبي. وتعتمد تكنولوجيا الحماية النشطة من الغبار على مصادر الطاقة الخارجية. ونظرا لمحدودية موارد الطاقة القمرية وارتفاع تكلفة توليد الطاقة وتخزينها، فنادرا ما يتم استخدام هذه التكنولوجيا النشطة.
وفي المقابل، يمكن للتكنولوجيا السلبية حماية المعدات من الغبار القمري عن طريق تغيير هيكل السطح، أو اختيار المواد ذات خصائص التنظيف الذاتي، أو تطبيق طلاء مقاوم للغبار على المعدات. ولقد أصبح هذا نهجا مهما نظرا لكفاءته العالية وموثوقيته على المدى الطويل واستقلاله في مجال الطاقة.
واختار فريق وانغ الألمنيوم كمادة لهذا الغرض نظرا لأنه خفيف الوزن وعالي القوة ومقاوم للتآكل، ثم استخدم النقش بالليزر نانو ثانية لإعداد أسطح متعددة المستويات وبنية دقيقة بمعايير هيكلية مختلفة.
يعتبر النقش بالليزر نانو ثانية تكنولوجيا لمعالجة المواد التي تستخدم ليزر النبض القصير جدا مع مدة نبضة تُقاس بالنانو ثانية، حيث يساوي نانو ثانية واحدا من المليار من الثانية.
وحقق الفريق هياكل متعددة المستويات ومتناهية الصغر ونانوية من خلال ضبط المقاييس بما في ذلك كثافة طاقة الليزر وتردد النبضة ومدتها بالإضافة إلى سرعة المسح.
تأثير مضاد للغبار
وأثناء عملية استخدام مقاييس مختلفة، وجد الفريق أن سطح الألمنيوم المعالج بتباعد مسح يبلغ 80 ميكرون يحتوي على أصغر منطقة تلامس مع جزيئات الغبار، ما أدى إلى أفضل تأثير مضاد للغبار.
ووجدت الدراسة أيضا أن قوة التصاق الغبار القمري بسطح الألومنيوم المنقوش بواسطة تكنولوجيا ليزر النانو ثانية مع تباعد مسح يبلغ 80 ميكرون، هو أقل بنسبة 52 في المائة من قوة التصاق الغبار القمري بسطح الألومنيوم غير المعالج.
وفي نفس بيئة تراكم الغبار، تكون تغطية الغبار على سطح الألمنيوم المنقوش بواسطة الليزر أقل بحوالي 85 بالمائة من تلك الموجودة على سطح الألمنيوم غير المعالج. وبالإضافة إلى ذلك، يتم تنظيف الغبار المتراكم على سطح الألمنيوم المنقوش بالليزر بسهولة من خلال مزيج من التقليب والجاذبية.
وكشف وانغ شياو أن الفريق سيُجري اختبارات وتقييمات هندسية مكثفة لهذه التكنولوجيا، على أمل أن تصبح أحد الخيارات المستخدمة لحماية سطح المركبات الفضائية.
وأضاف وانغ أنه إذا ما ثبتت فعالية هذه التكنولوجيا، سيُمكن تطبيقها على أسطح المركبات القمرية ومعدات التحكم الحراري والهياكل الميكانيكية والألواح الشمسية، من أجل تحقيق التصاق منخفض للغبار القمري، ما يؤدي إلى مزيد من الراحة والسلامة لجهود الاستكشاف البشرية على القمر.