مقالة خاصة: صناعة السيارات في الصين تقود التحول الأخضر نحو مستقبل مستدام
بكين 23 نوفمبر 2024 (شينخوا) شهدت شركة صناعة السيارات الصينية "بي واي دي" خروج مركبة الطاقة الجديدة رقم 10 ملايين من خط الإنتاج بمصنعها في مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين يوم الاثنين الماضي. ويعكس هذا الإنجاز الزخم الإيجابي والمرونة بقطاع سيارات الطاقة الجديدة في الصين وسط الجهود العالمية نحو التحول الأخضر.
يقول المطلعون على الصناعة إن إنجاز "بي واي دي" يسلط الضوء على كل من النمو السريع لقطاع مركبات الطاقة الجديدة في الصين والجهود الاستباقية للبلاد لتعزيز التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون، لا سيما في الوقت الذي كشفت فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي النقاب عن تعريفات إضافية على المركبات الكهربائية الصينية.
وحققت الشركة هذا الإنجاز بعد تسارع ملحوظ في الإنتاج، حيث استغرقت ما يقرب من 15 عاما - من ديسمبر 2008 إلى أغسطس 2023 - لتصنيع أول 5 ملايين مركبة تعمل بالطاقة الجديدة، مقابل 15 شهرا فقط لإنتاج 5 ملايين إضافية.
وأكد رئيس مجلس إدارة الشركة وانغ تشوان فو على التزام الشركة القوي بالتكنولوجيا كمحرك رئيسي لنجاحها. وقال إن الشركة تخطط لاستثمار 100 مليار يوان (13.9 مليار دولار أمريكي) لتعزيز دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات السيارات، بهدف تحقيق ترقية شاملة في ذكاء المركبات.
وتعتبر شركة "بي واي دي" نموذجا لصناعة السيارات الصينية التي تركز على التحول الأخضر. ففي الأسبوع الماضي، تجاوز الإنتاج السنوي لمركبات الطاقة الجديدة في الصين حاجز الـ10 ملايين وحدة للمرة الأولى.
وقال يانغ تشو سونغ، مساعد الباحث في معهد دراسة الأحوال الوطنية بجامعة تسينغهوا إن وصول شركة "بي واي دي" لإنتاج مركبة الطاقة الجديدة رقم 10 ملايين، الى جانب تجاوز إنتاج الصين الإجمالي من مركبات الطاقة الجديدة حاجز الـ10 ملايين، يعكسان حيوية قطاع مركبات الطاقة الجديدة في البلاد والجهود الحكومية الفعالة لتعزيز التنمية الخضراء وخفض الكربون.
وقال باي مينغ، الباحث في الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي التابعة لوزارة التجارة، إن تركيز الصين القوي على تطوير مركبات الطاقة الجديدة مدفوع في المقام الأول بارتفاع الطلب المحلي، مع تسجيل غالبية المبيعات في السوق المحلية.
وكشفت البيانات الصادرة من الجمعية الصينية لمصنعي السيارات أنه خلال الأشهر الـ10 الأولى من هذا العام، بلغت المبيعات المحلية لمركبات الطاقة الجديدة 8.692 مليون وحدة، أي أكثر من ثمانية أضعاف حجم الصادرات خلال نفس الفترة. وبلغت المبيعات أكثر من 9 ملايين وحدة في عام 2023.
وفي يوليو 2024، تجاوزت حصة مركبات الطاقة الجديدة في السوق المحلية تلك التي تعمل بالوقود لأول مرة، حيث بلغت مبيعات التجزئة على مستوى البلاد 878 ألف وحدة وتمثل 51.1 في المائة من السوق الصينية.
وتنفي هذه الأرقام الاتهامات الموجهة للصين بوجود فائض إنتاجي في قطاع مركبات الطاقة الجديدة في البلاد، وتؤكد بدلا من ذلك على ديناميكية القطاع وقدرته على النمو.
ويرى تشو فا تاو، الأمين العام لجمعية صناعة مركبات الطاقة الجديدة في مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين، أن هذا النجاح يعود إلى الطلب القوي في السوق المحلية، وسلسلة التوريد الشاملة لمركبات الطاقة الجديدة والاختراقات الكبيرة في التقنيات الأساسية، والتي مكنت شركات صناعة السيارات من تلبية احتياجات المستهلكين بشكل أفضل.
ومع ذلك، أشار تشو إلى أن الصناعة لا تزال بحاجة إلى تحسينات طويلة الأجل، مثل الحاجة إلى تعزيز الابتكار التكنولوجي والبحث والتطوير عبر سلسلة القيمة في القطاع بأكمله، ومعالجة التحديات في تكنولوجيا البطاريات الصلبة.
ومع تصاعد الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ، تلعب مركبات الطاقة الجديدة دورا حاسما في خفض انبعاثات الكربون في قطاع النقل. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أنه يجب أن تصل المبيعات العالمية للمركبات الجديدة إلى 45 مليون وحدة بحلول عام 2030 لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، أي ما يعادل 4.5 ضعف مبيعات عام 2022.
فيما يتعلق بقرار الاتحاد الأوروبي الأخير بفرض رسوم تعويضية نهائية لمدة خمس سنوات على السيارات الكهربائية الصينية، يرى الخبراء أن هذه الخطوة تنتهك القوانين الدولية وقواعد منظمة التجارة العالمية، ويمكن أن تعيق في النهاية نمو صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي وتعرقل جهوده لتحقيق أهدافه البيئية.
وقال باي مينغ إن الانفتاح والتعاون أمران أساسيان لدفع الابتكار والنمو في قطاع مركبات الطاقة الجديدة، مؤكدا أن تعزيز التعاون مع الصين في قطاع مركبات الطاقة الجديدة يمكن أن يحقق فوائد مشتركة، ويعزز المعروض من المنتجات عالية الجودة لدفع الجهود العالمية في التنمية الخضراء.