مقالة خاصة: لاجئون سوريون يعودون من لبنان في ظل ظروف صعبة
دير بعلبة، سوريا 25 نوفمبر 2024 (شينخوا) أجبر التصعيد العسكري المتواصل منذ أسابيع بين إسرائيل وحزب الله، مئات الآلاف من اللاجئين السوريين على النزوح من لبنان باتجاه وطنهم الأم، ليجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة.
فبعد سنوات من الاستقرار في لبنان، يعود هؤلاء إلى منازلهم شبه المدمرة، والتي تركوها بسبب الحرب التي نشبت في سوريا في مارس 2011.
ومن بين العائدين محمد الخليف، وهو مواطن سوري فر إلى لبنان في عام 2012 مع عائلته، وخاض مؤخرا رحلة شاقة للعودة إلى مسقط رأسه في حي دير بعلبة، إحدى نقاط اشتعال الصراع في السنوات الأولى من الحرب في سوريا بمحافظة حمص وسط البلاد.
وقال الخليف، المتزوج ولديه ستة أطفال (أربعة أبناء وبنتان ولدوا بين عامي 2009 و2024)، إنه أسس ما يشبه الحياة الطبيعية في لبنان من خلال وظائف عديدة بمساعدة من الأمم المتحدة.
وأضاف الخليف لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كنا نعيش، وكانت الحياة صعبة، لكننا تمكنا من ذلك".
لكن اندلاع الصراع بين إسرائيل وحزب الله حطم هذا الاستقرار الهش، وخوفا على سلامة عائلته، شعر الخليف أنه ليس لديه خيار سوى العودة إلى سوريا في ظل "ظروف صعبة".
ووصف الخليف الوضع بأنه "مأساوي وصعب"، وقال "لقد نزحنا من هنا أثناء الحرب وذهبنا إلى لبنان، كانت الحياة صعبة، وأضافت الحرب هناك صعوبات جديدة، إنه نزوح بعد نزوح".
وتابع "عدنا إلى منزلنا الذي تركناه في عام 2012 ووجدناه فارغا، بلا نوافذ أو أبواب، ولا مياه أو خدمات، نحاول الآن إصلاحه، لكن الأمر صعب بدون مساعدة".
وكانت رحلة العودة إلى الوطن مرهقة وخطيرة، حيث القصف الإسرائيلي بالقرب من الحدود "لكننا وصلنا أخيرا إلى الحدود السورية وشعرنا بالأمان"، يقول الخليف.
واستدرك الرجل قائلا "في سوريا الآن، نحن آمنون.. لا خوف من الحرب ولا مشاكل، لكنني قلق بشأن أطفالي وزوجتي، أخشى ألا أتمكن من توفير حياة جيدة لهم، مع الطعام والشراب".
لكن الخليف مع ذلك بدا مصمما على إعادة البناء وعدم العودة إلى لبنان، قائلا "سأبقى في بلدي وأعيد بناء حياتي".
وبينما يتنقل الخليف وآلاف العائدين في حيهم المدمر، تنتشر مشاهد الدمار في كل مكان وتقف المباني السكنية بلا نوافذ وواجهاتها مشوهة بسبب سنوات من الحرب الدامية.
وللتغلب على هذه الأوضاع، اضطرت العائلات العائدة إلى وضع أكياس من النايلون السميك وقماش على النوافذ، في محاولة لحماية أنفسهم من الشتاء الزاحف، وظهرت تلك الأغطية المؤقتة ترفرف وسط الرياح.
ويروي زكريا سليمان علوش (47 عاما) قصة مماثلة عن النزوح والعودة، حيث فرّ علوش إلى لبنان في عام 2013 مع عائلته هربا من الصراع في سوريا، وعمل في الزراعة وتولى وظائف شاقة متعددة لإعالة أطفاله الخمسة، والذين تتراوح أعمارهم بين 11 و22 عاما.
وأجبر التصعيد الأخير في لبنان عائلة علوش على العودة إلى منزلها المدمر في دير بعلبة.
وقال "كان شعور بالحزن يرافقنا عندما غادرنا منازلنا إلى لبنان".
ويتذكر علوش "تركنا منزلنا وحيّنا ومنطقتنا، فقط لنجد الوضع نفسه - الحرب والقتل والنزوح - وعدنا من جديد من حيث خرجنا".
وعند عودتها، وجدت الأسرة منزلها متضررا بشدة، وقال علوش "عندما عدنا، وجدنا جميع منازلنا مدمرة، كل شيء مختلف.. اختفت المعالم المألوفة التي اعتدنا عليها، لم يبق شيء.. شعور مؤلم حقا".
وأكد علوش على الحاجة الملحة للمساعدة، قائلا "تحتاج منازلنا إلى إصلاحات شاملة.. أبواب ونوافذ وتدفئة.. نحن بحاجة إلى طعام ومساعدات وترميم كامل لمنازلنا".
ومع ذلك، قال علوش "لدينا أمل أن يعود وطننا، وأن تكون مدينتنا وبيوتنا كما كانت أو أفضل، بجهود أهل الخير".
وبينما أصبح لبنان وطنهما الثاني خلال سنوات المنفى، لا يخطط علوش والخليف للعودة.
وقال علوش إن "لبنان لشعب لبنان، وسوريا لشعب سوريا".
وامتدت رحلة العودة إلى سوريا، التي تستغرق عادة ثلاث ساعات، إلى 12 ساعة بسبب القصف العنيف بالقرب من المناطق الحدودية، ويواجه العائدون الآن مهمة شاقة تتمثل في إعادة بناء حياتهم من الصفر.
ووفقا لإحصاءات رسمية، عادت نحو 2200 عائلة سورية إلى حمص منذ بداية التصعيد الإسرائيلي في لبنان في سبتمبر الماضي.
وحث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون أمس (الأحد) المجتمع الدولي على زيادة التمويل لسوريا، حيث عاد أكثر من 400 ألف لاجئ سوري من لبنان، مما وضع عبئا كبيرا على موارد البلاد.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 23 سبتمبر الماضي هجوما على لبنان أَطلق عليه اسم "سهام الشمال"، في حين يشن حزب الله في المقابل هجمات صاروخية على قواعد ومواقع إسرائيلية في تصعيد خطير للقصف المتبادل بينهما منذ الثامن من أكتوبر 2023 على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة.
وفي خضم هذا التصعيد، اضطر الآلاف في لبنان إلى النزوح بعيدا عن المناطق المستهدفة.