تحقيق إخباري: نازحة من حلب تروي قصة خروجها المروع بعد سقوط المدينة في أيدي المسلحين
دمشق 4 ديسمبر 2024 (شينخوا) عندما اقتربت أصداء إطلاق النار من حيها في حلب بشمال سوريا، أدركت لمى عزيز البالغة من العمر(32 عاما) أنها مضطرة إلى اتخاذ خيار قد يكون مستحيلا، إما البقاء في المدينة التي شكلت موطنها طوال حياتها، أو الفرار إلى المجهول من أجل سلامة أسرتها والمحافظة على حياتها.
وروت عزيز بحسرة لحظات خروجها المفاجئ من حلب قائلة "لم أكن أعرف كيف أصف الأمر. كان الأمر أشبه بالحلم، كنا نغادر منازلنا ونسأل جيراننا عما يحدث. في لحظات، تغير كل شيء".
وفي نفس اليوم الذي دخل فيه مقاتلو هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا)، وهي جماعة مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة، حلب، انضمت عزيز إلى آلاف آخرين في نزوح يائس من ثاني أكبر مدينة في سوريا.
كان سقوط حلب في أيدي هيئة تحرير الشام يوم الجمعة الماضي. وفي البداية، اعتقدت عزيز وجيرانها أن القتال كان بعيدا، محصورا في ضواحي بريف حلب، وقالت لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كنا نعتقد أن الاشتباكات كانت بعيدة، ولكن بعد ذلك رأينا أنها تقترب، وتصل إلى الطريق الرئيسي الذي اعتدنا السفر عليه إلى دمشق".
ومع انتشار الشائعات بأن المسلحين تسللوا إلى المدينة، سيطر الخوف وعدم اليقين على السكان، وذكرت عزيز "بدأنا نشعر بأننا في خطر، حتى في ذلك الوقت، قررنا البقاء في منازلنا. ولكن بحلول يوم الجمعة، بدأنا نفهم شدة الخطر".
وفي مواجهة احتمال العيش تحت سيطرة المسلحين، اتخذت عزيز القرار المؤلم بالمغادرة، وقالت "أنت تترك منزلك، وذكرياتك، وحيك، حقا إنه قرار صعب، ولكن في نفس الوقت عليك أن تذهب إلى مكان آمن".
كان الهروب محفوفا بالتحديات، وبسبب نقص الوقود والموارد الكافية، غادر العديد من الأشخاص وهم لا يحملون سوى الملابس التي يرتدونها.
امتدت الرحلة التي كان من المفترض أن تستغرق بضع ساعات إلى 12 ساعة شاقة بسبب العدد الهائل من الأشخاص الفارين، "كانت جميع السيارات تتحرك؛ إذا توقفت واحدة، توقفنا جميعا"، كما روت عزيز.
وتابعت تقول "كان الناس يركضون، ويغادرون بدون متعلقات، مثل الحلم أو الكابوس".
على الرغم من الفوضى، كان التفكير في أحبائها الذين لم يتمكنوا من الفرار يثقل كاهلها، قائلة "ظللت أفكر، هل سأعود؟ هل سأرى جيراني مرة أخرى وعائلتي التي لم تتمكن من المغادرة؟ إنه شعور صعب للغاية أن تكون بدون منزلك، بدون أي شيء".
مع فرار عزيز وآخرين، تدهور الوضع في حلب بسرعة. انهارت الخدمات الأساسية، وتحولت البنية التحتية إلى أنقاض. وظل آلاف النازحين من بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين عالقين في منطقة السفيرة في جنوب حلب، يواجهون درجات حرارة متجمدة دون مأوى مناسب.
وأفادت محطة ((شام إف إم)) المقربة من الحكومة السورية يوم الثلاثاء بأن نحو 2000 شخص حوصروا دون أن يجدوا ممرات آمنة تمكنهم من الهروب من المناطق التي يسيطر عليها المسلحون، وتعرضت مستشفيات رئيسية، بما في ذلك زاهي أزرق والرازي وابن رشد، لأضرار بالغة أو أصبحت غير صالحة للعمل بسبب نقص المعدات ونقص الطاقم الطبي.
وقال مصدر لـ((شام إف إم)) إن "الطاقم الطبي يبذل قصارى جهده للاستجابة لحالات الطوارئ على الرغم من نقص المعدات". وظل العشرات من المدنيين المصابين عالقين، غير قادرين على الوصول إلى طرق الإخلاء الآمنة.
وأبلغ السكان عن اقتحامات لمنازلهم من قبل مجموعات مسلحة مجهولة الهوية نهبت أشياء ثمينة بحجة التفتيش. وحثت منظمات المجتمع المدني الناس على تأمين منازلهم وتجنب التفاعل مع الفصائل المسلحة. كما أصاب انقطاع الاتصالات وإغلاق الخدمات المالية الحياة بالشلل في المدينة على نحو أكبر.
ودعت عزيز المنظمات الدولية إلى التدخل، قائلة "آمل أن تكون هناك منظمات دولية حقيقية قادرة على المساعدة". وأضافت "افتحوا ممرات آمنة، ووفروا حافلات للمدنيين المحاصرين، هناك أطفال ونساء وكبار السن - أشخاص يحتاجون إلى الخروج... دعوهم يأتون الآن ويساعدون المدنيين الذين لم يتمكنوا من المغادرة".
وتواجه الشابة السورية عزيز، وهي الآن في منطقة أكثر أمانا بدمشق، مهمة شاقة تتمثل في معرفة ما يجب القيام به بعد ذلك. وباعتبارها موظفة حكومية، قالت إنها تستطيع التقدم بطلب للحصول على وظيفة في دمشق حتى يستقر الوضع في حلب.
ومع اقتراب فصل الشتاء، تسابق الوكالات الإنسانية الزمن لمعالجة نقص الغذاء والإمدادات الطبية والضروريات الأساسية في حلب والمناطق المحيطة بها. وقد وفرت الجهود المبذولة لاستعادة المياه والكهرباء بشكل متقطع وتوزيع الخبز بعض الراحة، لكن الوضع العام لا يزال مزريا.
وصرح المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن يوم الثلاثاء بأن "الوضع في حلب يتطلب تدخلا عاجلا من الأمم المتحدة لتجنب كارثة إنسانية".