الصفحة الأولى > أخبار رئيسية اليوم

تحقيق: الحرائق تلتهم مزارع وبساتين السوريين بريف حمص وتؤجج اوجاعهم

06:27:18 28-07-2015 | Arabic. News. Cn

دمشق 27 يوليو 2015 (شينخوا) في قرية جب البستان بريف حمص الغربي وسط سوريا، وقف السوري ابو عدنان غسان عودي، مثل عشرات الفلاحين يتأمل بحسرة ووجع ارضه واشجاره التي اتت عليها النيران لتلتهم تعب العام وتؤجج اوجاعهم.

ابو عدنان الذي عمل جاهدا مع اهالي قريته لاخماد النار المشتعلة لتدارك ما حدث، لم يقو على الامر امام قوة النار والريح التي زادت اشتعال النيران لتأكل كل ما تجده في طريقها من اشجار مثمرة.

ويقول ابو عدنان، وهو يشاهد تحول ارضه بين عشية وضحاها من اللون الاخضر الداكن الى الاسود المتفحم، لوكالة انباء ((شينخوا)) اليوم (الاثنين)"لم يبق لنا شيء، كله احترق".

وتابع "ان النيران التهمت اكثر من 2400 دونم من مساحة الارض المزروعة بالاشجار (الدونم يساوي 1000 متر مربع) في قرية جب البستان"، وهي اكثر قرية تضررت من جراء الحرائق التي وقعت خلال اليومين الماضيين.

ولم يبق من الارض سوى 20 دونما على شكل جزر توزعت هنا وهناك نجت من الحرائق، حسب ابو عدنان.

واندلعت حرائق في حوالي 35 قرية في ريف حمص الغربي بسبب موجة الحرارة الشديدة التي ضربت منطقة الشرق الاوسط، ومنها سوريا، حيث وصلت درجة الحرارة الى حوالي 50 درجة مئوية.

وحمص كانت من بين اربع محافظات سورية، تمكنت فرق الاطفاء بالتعاون مع الدفاع المدني والاهالي من اطفاء 51 حريقا نشبت بها، حسب ما قالت وكالة الانباء السورية (سانا) في 25 من الشهر الجاري.

ونشبت هذه الحرائق في محافظات حمص وحماة وسط سوريا وطرطوس واللاذقية الساحليتين.

وعزا مسؤولون الحرائق الى ارتفاع درجات الحرارة او لقيام مقاتلي المعارضة الحرائق بشكل متعمد ومقصود بهدف التخريب عبر اطلاق قذائف حارقة، بجانب اهمال المزارعين وحرق مخلفات المحاصيل الزراعية وبقايا تقليم الاشجار.

وبثت على صفحات موالية للحكومة السورية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، صور للحرائق وهي تلتهم الاشجار والمحاصيل الزراعية.

وكان اخطر حريقين من هذه الحرائق قد شبا بريف حمص الغربي في بلدات مرمريتا وشين وعدد من القرى المجاورة لهما، هي الصويري والخويخة والزعفرانة وكفرا نتيجة وصول الحرائق لأماكن مجاورة للمناطق السكنية والتهام النيران للآلاف من اشجار الزيتون والتين والعنب والتفاح.

ويقول ابو عدنان "إن خسارته المادية تقدر بمليوني ليرة (الدولار يساوي 283 ليرة)، وهو ما يعادل الانتاج الذي كان سيحصل عليه من الاشجار التي احترقت، والتي تقدر بألف شجرة زيتون".

ودعا الرجل الحكومة السورية الى النظر بعين العطف لحال الفلاحين في تلك القرية والقرى الاخرى التي تضررت من جراء الحريق وتعويضهم بالمال ومساعدتهم لاحقا في تأمين الغراس والمعدات الزراعية لاقتلاع الاشجار المحروقة ووضع اخرى عوضا عنها.

وكحال ابو عدنان، لاحظ مراسل (شينخوا) خلال زيارته للمناطق التي اندلعت فيها الحرائق بريف حمص، عشرات الفلاحين والمواطنين وهم يتفقدون اراضيهم ليقدروا حجم الخسائر التي تكبدوها.

وشاهد المراسل مساحات شاسعة من الاراضي المتفحمة بسبب الحرائق التي نشبت قبل يومين في قرية جب البستان، ولا يزال الدخان يتصاعد منها.

ويقول ابو سامر (52 عاما)، وهو شقيق ابو عدنان ل(شينخوا) إن "النار وصلت الى منزله، وقد حولت بعض الجدران الخارجية الى اللون الاسود".

وتابع ان "معظم الاهالي في القرية قدموا شهداء في الحرب الدائرة منذ اكثر من اربع سنوات في البلاد، مشيرا الى ان بستانه الذي احترق من عمر ابنه الذي استشهد قبل اشهر".

واوضح ان معظم الاهالي في القرية "اصبحوا مهجرين لانهم خسروا ارضهم وانتاجهم لعدة سنوات قادمة".

ورغم الخسارة والصدمة التي تعرضت لها القرية الا ان هناك اصرارا على اعادة غرس الارض من جديد باشجار مثمرة، حسب ابو سامر.

وقال "سنحرث الارض رغم كل التحديات والصعوبات لانها بالنهاية هي ارضنا وهويتنا، ولا يمكن ان نتركها هكذا قطعة سوداء متفحمة"، مشيرا الى انه قام بسقي بعض الغراس وهي محترقة علها تعيش من جديد، قائلا "إذا شاهدت ابنك يحترق هل تتركه، الارض كذلك غالية علينا وسنزرعها من جديد".

ويعمل كافة سكان قرية جب البستان الذين يبلغ عددهم ما بين اربع وخمس الاف نسمة في الزراعة التي تشكل الدخل الرئيسي لهم.

ويقطن القرية غالبية من الطائفة العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الاسد.

ولم يمنع ذلك بعضا من اهالي القرية من القاء اللوم على الحكومة واتهامها بالتقصير.

ويقول الشاب احمد (35 عاما)، وهو موظف حكومي كان يركب على دراجة نارية خلف اخيه الذي جاء لتوه من ارضه بعد ان تفقدها، "النار اكلت كل شيء، وخسارتي كبيرة 2700 شجرة زيتون احترقت بالكامل، هذا غير الاشجار المثمرة الاخرى من عنب وتين".

وتابع والغضب والحزن يكسوان وجهه "تعب 50 سنة ضاع برمشة عين، وعدنا إلى نقطة الصفر".

واضاف "ان السنة اللهب وصلت الى اكثر من سبعة امتار، ما جعلها تهاجم العديد من البيوت".

وانتقد الشاب السوري تقصير الحكومة في التعامل مع الحريق الذي نشب وعدم قدرتها في السيطرة عليه، مطالبا بضرورة تعويض الفلاحين الذين حرقت بساتينهم بالكامل، مشيرا الى ان إعادة الزراعة من جديد ستأخذ وقتا طويلا ما سيشكل عبئا ماليا اضافيا عليهم.

من جانبه، قال احمد عودي (55 عاما)، وهو امين الفرقة الحزبية (المسؤول في حزب البعث الحاكم في سوريا) بالقرية إن ما حدث هو "كارثة حقيقية، (..) في هذا العام لا يوجد موسم بسبب الحرائق التي التهمت الاراضي والاشجار".

واوضح ان الراتب الشهري الذي يحصل عليه من الدولة ويقدر بـ 22 الف ليرة سورية لا يكفي، مشيرا الى ان انتاج الارض كان يساهم في تأمين دخل جيد لنا، اما هذه العام فسيكون الامر "مأساوي".

ولم يخف بعض الاهالي اعتقادهم في ان تكون الحرائق التي اندلعت في قرى ريف حمص الغربي "عملا ارهابيا مفتعلا".

لكن ثمة من يرى ايضا ان ما ساعد في انتشار النار اكثر فاكثر في الاراضي التي احترقت انها "كانت مملوءة بالاعشاب اليابسة" لعدم قدرة الفلاحين على حرث ارضهم بسبب ارتفاع سعر لتر المازوت الذي وصل الى اكثر من 250 ليرة سورية وارتفاع اجور العمال.

وبالرغم من قتامة المشهد في قرى ريف حمص الغربي الذي التهمت الحرائق معظم اشجاره المثمرة، لكن لا يزال هناك اصرار لدى الكثير من الفلاحين المؤمنين بمقولة أن "الارض هي العرض"، مؤكدين انهم "لن يستسلموا للواقع المؤلم وسيعدون الكرة من جديد وان كانت التكلفة باهظة وتحتاج لسنوات كي تنتج لهم الثمر".

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
   الأخبار المتعلقة
لبنان يعلن استعداده لتسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم بالتعاون مع دمشق
تحقيق اخبارى: الفرحة السابقة لعيد الفطر تثير مشاعر حزينة بالنسبة لكثير من السوريين
تحقيق إخباري: تأمين المياه أصبح عبئا إضافيا على السوريين
14.8 مليون دولار منحة كندية سويدية لتلبية الخدمات الطارئة للاجئين السوريين بالاردن
مسؤول أممي: 50 في المائة من مجموع اللاجئين والنازحين السوريين هم من الأطفال
010020070790000000000000011101451344527041