الصورة الأرشيفية: أنشطة ذكرى تفجيري هيروشيما ونجازاكي
بكين 9 اغسطس 2015 (شينخوا) لابد أن تكون مراسم ذكرى تفجيري هيروشيما ونجازاكي فرصة لليابان، ليس فقط لتأبين ضحايا القنبلتين الذريتين وانما أيضا للتأمل في تاريخ العسكرية اليابانية.
بدأت اليابان منذ الخميس الماضي سلسلة من الأحداث المتميزة للاحتفال بالذكرى السبعين لإلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما ونجازاكي، الهجومين النوويين الوحيدين في التاريخ البشري.
حضر مراسم إحياء تلك الذكرى يوم الخميس عمدة مدينة هيروشيما ورئيس الوزراء شينزو آبي، وألقى كلاهما كلمة أمام حشد من 55 ألف شخص تقريبا من بينهم الناجين من الهجوم وأحفادهم وناشطي سلام وممثلين لنحو 100 دولة ومنطقة.
كما حضر آبي أيضا مراسم إحياء الذكرى السنوية في نجازاكي اليوم (الأحد) برفقة السفيرة الأمريكية لدى اليابان كارولين كينيدي.
ولا يمكن إنكار أن الهجومين النوويين على هيروشيما ونجازاكي منذ 70 عاما كان مأساة للبشرية جمعاء. ومن المثير للأسى والشفقة مقتل مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء بسبب انفجار القنبلتين الذريتين أو نتيجة تأثيرهما المتبقي خلال الشهور والأعوام اللاحقة.
لكن نظرا لما صرح به أو فعله رئيس الوزراء الحالي منذ توليه السلطة، هناك سياق خفي خلف الأحداث المقامة لإحياء الذكرى السنوية لهيروشيما ونجازاكي وهذا السياق يحتاج لاهتمام خاص.
وفي حين يواصل آبي التنصل من مسؤوليات اليابان عن ماضيها العسكري، يحاول إعادة نشر صورة بلده كضحية للحرب العالمية الثانية وتمجيد مجرمي الحرب الذين خُلدت ذكراهم بضريح ياسوكوني الشهير.
ويستحق الضحايا المدنيين الذين قضوا نحبهم في تفجيري هيروشيما ونجازاكي عام 1945 التعاطف الكامل، ولابد من الأخذ في الاعتبار بأن هؤلاء الضحايا لم يكونوا بأي حال من الأحوال الضحايا الوحيدين للحرب التي بدأتها اليابان.
لقد تعرض ملايين الأبرياء لمذبحة دون أدى رحمة وتعرضت القرى والمدن للنهب وغزا الجيش الياباني الصين ودول آسيوية أخرى فقط لإرضاء طموحاته العسكرية.
وإلى جانب تأبين الضحايا اليابانيين للتفجيرين خلال مراسم التأبين لابد أن تدين السلطات والشعب اليابانيين مرتكبي جرائم الحرب وأن يدققوا جيدا في الايدولوجيات المجنونة التي أدت لحدوث كل تلك المآسي.
إن جنون العسكر اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية هو أحد الأسباب الرئيسية لتحول المدينتين إلى أثر بعد عين. وحتى في مواجهة خطأ معين رفض العسكر اليابانيين إعلان بوتسدام عام 1945 لأن في أعينهم حياة المدنيين لا قيمة لها عندما تقارن بطموحاتهم.
إن مأساة هيروشيما ونجازاكي جنبا إلى جنب مع الجرائم الجبانة التي ارتكبها الجيش الياباني في دول أخرى تعد أمثلة مريعة لجنون الطموح العسكري الذي يكلف الجميع ثمنا باهظا.
وفي حقيقة الأمر لا تعرض العسكرية اليابانية جيران اليابان واستقرار المنطقة للخطر فقط وانما تعد أيضا تهديدا وجرس إنذار للمواطنين اليابانيين.
ونتيجة لذلك من المقلق جدا على وجه التحديد رؤية الميل لإحياء الماضي العسكري من جانب حكومة آبي والسعي لتمرير قوانين أمنية جديدة واتخاذ موقف غامض تجاه الماضي العسكري لليابان ومحاولات مستترة للتنصل من جرائم الحرب.
ومن الواضح أن العديد من أبناء الشعب الياباني لا يشجعون الاتجاه الذي يتجه له آبي وحكومته اليمينة.
وعندما ألقى آبي كلمته يوم الخميس في هيروشيما تصاعدت صيحات المحتجين من بين الحضور ومن حول الحديقة.
وهتف المحتجون بهتافات منها "تراجعوا عن قوانين الحرب" ورفعوا لافتات احتجاجية. وفي نجازاكي حدثت احتجاجات مماثلة عندما ألقى آبي كلمة أمام الحضور.
لقد حان الوقت كي يدرك آبي وحكومته أن أفضل سبيل لإحياء ذكرى من قضوا نحبهم في تفجيري القنبلتين الذريتين هو النظر للماضي العسكري بجدية لأن من لا يتعلم من التاريخ سيكرر أخطاءه حتما.