لندن 21 أكتوبر2015 (شينخوا) اتفقت الصين وبريطانيا يوم الأربعاء على الارتقاء بعلاقاتهما إلى مستوى "شراكة إستراتيجية شاملة عالمية" في القرن الحادي والعشرين.

وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ الزائر خلال مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عقب محادثاتهما إن الدولتين ستفتتحان عصرا ذهبيا لعلاقات مستديمة وشاملة ومتكافئة الكسب بين الصين وبريطانيا وستبنيان معا مستقبلا أكثر إشراقا للعلاقات الثنائية.

وأضاف شي أن الصين وبريطانيا دولتان كبيرتان تتمتعان بنفوذ قوي والآن تقف شراكتهما عند نقطة بداية جديدة، داعيا البلدين إلى اغتنام الفرص لتعزيز علاقتاهما.

وتوصل الزعيمان إلى توافق هام حول القضايا الثنائية فضلا عن القضايا الإقليمية والدولية الساخنة، حسبما أفاد بيان صدر عقب محادثات شي - كاميرون في 10 داونينغ ستريت.

وقال شي خلال الاجتماع إن هذا هو الوقت المناسب لكي يقوم الجانبان بتعميق علاقاتهما الثنائية والتعاون المتبادل المنفعة بينما تعانق "شراكتهما الإستراتيجية الشاملة" عقدها الثاني.

وتعهدت بريطانيا بأن تكون أفضل صديق للصين في الغرب والشريك الأكثر انفتاحا على ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وثبت هذا العزم يوم الأربعاء عندما وقعت شركة صينية اتفاقية هامة للاستثمار في مشروع "هينكلى بوينت" البريطاني للطاقة النووية.

وشدد شي على أن الصين تقدر موقف بريطانيا ومستعدة لبذل جهود مشتركة لضمان بقاء العلاقات الثنائية دائمة ومستقرة على مستوى أعلى.

وأضاف الرئيس أنه يتعين على البلدين احترام سيادة الآخر واستقلاله وسلامة أراضيه وكذا طريق التنمية ويعاملا بعضهما البعض بعقلية منفتحة وشاملة.

وقال شي إنه طالما تمسك الجانبان بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والشمولية والتعلم المتبادل، يمكن أن تتطور الشراكة الصينية-البريطانية بطريقة دائمة ومستقرة وصحية.

وأكد شي أن الصين ستشجع شركاتها على الاستثمار في شمال انجلترا، وترحب بقرار بريطانيا بأن تصبح أول دولة غربية تنال صفة عضو مؤسس محتمل في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، مضيفا أن الصين تسعى أيضا إلى الحصول على دعم بريطانيا للانضمام إلى البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية.

وأتت زيارة الدولة التي يقوم بها شي، وهي الأولى لرئيس صيني منذ عقد من الزمان، ثمارها الغنية حيث تم التوصل إلى سلسلة من الاتفاقيات التي تغطي العديد من المشروعات الكبرى.

وقال كاميرون خلال محادثاته مع شي إن بريطانيا مستعدة لتوسيع التعاون مع الصين في المالية والطاقة والصناعة الإبداعية وسياسة التأشيرة.

وأضاف رئيس الوزراء أن بريطانيا ترحب بالاستثمارات الصينية وتدعم الصين في التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي.

وذكر البيان أن الجانبين اتفقا على الحفاظ على تبادلات رفيعة المستوى وتعزيز التواصل والتعاون في قضايا مثل أجندة 2030 للتنمية المستدامة ، والحوكمة الاقتصادية والمالية الدولية، وتغير المناخ، وحفظ السلام.

كما تعهدا بتعزيز التعاون في مجالات تتدرج من التجارة والمالية والبنية التحتية حتى الصناعة الراقية والطاقة الجديدة وحماية البيئة وتكنولوجيا المستحضرات الدوائية الحيوية وسوق رأس المال وتوسيع التبادلات الشعبية.

وتعهدت الدولتان أيضا بالحفاظ على تواصل وتعاون داخل إطار الأمم المتحدة، وفقا للبيان.

-- اتفاقات وثقة

لقد توطدت العلاقات الصينية- البريطانية خلال زيارة الدولة التي يقوم بها شي حيث تم توقيع عدد كبير من الاتفاقات التجارية.

وذكر كاميرون أن إجمالي قيمة الاتفاقات بلغت 40 مليار جنيه تقريبا (حوالي 62 مليار دولار أمريكي) بما في ذلك مشروع هينكلي بوينت للطاقة النووية الذي تصل تكلفته إلى عدة مليارات من الدولارات.

وفي أول استثمار صيني كبير لها في صناعة نووية غربية، ستمتلك الشركة العامة الصينية للطاقة النووية حصة نسبتها 33.5 في المائة في هذا المشروع.

كما تضمنت الاتفاقات اتفاق تقوم بمقتضاه شركة النفط البريطانية (بريتيش بتروليوم) ببيع غاز طبيعي مسال تصل قيمته إلى 10 مليارات دولار إلى شركة هواديان الصينية لمدة عقدين من الزمان.

كما توصل الجانبان إلى اتفاق حول عمليات السرقة الإلكترونية التجارية.

وذكر كاميرون في المؤتمر الصحفي أن "علاقاتنا تتجاوز التجارة والاستثمار"، واصفا الصين وبريطانيا بأنهما "قوتان عالميتان" لديهما مصالح مشتركة في عالم مستقر وحديث.

وباعتبارهما عضوتين دائمتين في مجلس الأمن الدولي، يتعين على البلدين تعميق التعاون على الصعيد الدولي، هكذا قال كاميرون.

واتفق شي مع تصريحات كاميرون، قائلا إن الصين وبريطانيا دولتان كبيرتان ذاتا نفوذ قوى وتقف شراكتهما الآن عند نقطة بداية جديدة.

وقال رامون باتشيكو باردو، كبير المحاضرين في العلاقات الدولية بكلية كينجز لندن، إنه حان الوقت للارتقاء بالعلاقات الصينية البريطانية إلى مستوى جديد.

وقال باردو إن الروابط الاقتصادية لا تزال تستحوذ على العلاقات البريطانية-الصينية، ولكن القضايا التي تتدرج من تغير المناخ وحتى إعادة الإعمار ما بعد الصراع صارت الآن أيضا جزءا من العلاقات.

ولدى إشارته إلى أن المفاهيم البريطانية تجاه الصين تحسنت خلال السنوات القليلة الماضية، ذكر أنه رغم شكوك البعض إزاء السياسة الخارجية والاقتصادية الصينية، إلا أن السواد الأعظم من بريطانيا يعترف بأن الصين أصبحت تمثل أكثر من شريك تعاوني

واشاد البروفيسور وانغ يي وي من جامعة رنمين الصينية بـ"الشراكة الإستراتيجية الشاملة العالمية" المعلنة حديثا.

وأضاف أن "بريطانيا ضربت مثالا لسائر أنحاء العالم بأن الانفتاح والتعاون والتناغم والشمولية هي المخرج. وتبشر بنمط جديد من العولمة".

وذكر سيمون بيفان، الشريك في ورئيس مجموعة الصين للخدمات البريطانية، لـ((شينخوا)) أن النقطة الأكثر إثارة للأعجاب في زيارة شي هي رسالة الثقة القوية بين البلدين.

وأكد أن "النقطة الأولى هي الثقة. يمكنكم التعاون مع بعضكم البعض عندما تثقون في بعضكم البعض"، مضيفا "إنها رسالة قوية للغاية".