لندن 23 اكتوبر 2015 (شينخوا) أجرى الرئيس الصيني الزائر شي جين بينغ أمس الخميس محادثات استمرت اكثر من اربع ساعات مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون واستمتعا بتناول السمك ورقائق البطاطس في مطعم تقليدي في احد مظاهر الدبلوماسية غير الرسمية قال عنها مراقبون إنها ستقوي الشراكة العالمية بين البلدين.

وبعد ايام من الاجتماعات الرسمية وسط لندن, شهد شي ضيافة خاصة باسلوب عائلي وليلة بريطانية في تشاكرز, منطقة ريفية هادئة استضافت العديد من الشخصيات الاجنبية البارزة منذ ان اصبح مكانا رسميا لاقامة رؤساء الوزراء في العشرينات.

وتنزه الزعيمان في المساحة الخضراء واجريا نقاشات عميقة حول الحوكمة والعلاقات الثنائية والشؤون العالمية. وإلى جانب تقديم الوجبات الخفيفة لشي في مطعم قريب, استضاف كاميرون ايضا حفل عشاء للرئيس بمقر اقامته.

وخلال المحادثات, قال شي إن زيارة الدولة التي قام بها لبريطانيا حققت نجاحا ضخما واحرزت نجاحا مثمرا وانه على ثقة تامة بان العلاقات الصينية-البريطانية ستدخل "عصرا ذهبيا".

وقال شي لكاميرون فى تشاكرز إن الصين عازمة على تعزيز التعاون المربح للجانبين مع كافة الدول لتحقيق التنمية والازدهار بشكل مشترك، وستقوي التعاون مع بريطانيا في مجالات مثل الاصلاح والابتكار وسلطة القانون ومحاربة الفساد.

واضاف شي إن خطة الصين الخمسية ال13, التي ستبدأ قريبا, تعني توفير بيئة أكثر مناسبة وسوق اوسع وفرص اعمال متنوعة للدول الاجنبية للمشاركة في التنمية الصينية.

وأشار شي إلى ان الصين, كدولة كبرى مسؤولة, مستعدة للاسهام اكثر فى السلام والتنمية العالميين.

واتفق كاميرون مع شي حول رفع العلاقات الثنائية، واصفة اياها بالقرار المربح للجانبين وحث الجانبين على تنفيذ نتائج هذه الزيارة.

وقال إن بريطانيا تدعم قيام الصين بدور اكبر في المؤسسات الدولية وكذا اقامة البنك الاسيوي لاستثمارات البنية الاساسية واصلاح صندوق النقد الدولي وتدويل العملة الصينية، وانها عازمة على المساعدة في تعزيز العلاقات بين الصين والاتحاد الاوروبي.

وكان شي أول رئيس صيني يزور تشاكرز, مكانا هاما للدبلوماسية البريطانية بالقرب من اليسبوروغ فى باكينجهام شاير.

وبالمقارنة بمقر الحكومة في 10 داونينج ستريت, سيساعد الريف في تهيئة جو اكثر هدوءا لاجراء مناقشات، حيث يمكن للزعيمين تحرير انفسهما من الاتيكيت الدبلوماسي وتبادل وجهات النظر كما لو انهم في حفلة صديق, حسبما قال شوي شيو جون، الباحث في الاكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.

واتفق مع شوي ستيفن بري، رئيس (48 جروب كلب), شبكة اعمال بريطانية مستقلة معنية بتعزيز العلاقات مع الصين.

وقال بري الذي كان من بين مجموعة الاصدقاء البريطانيين الذين التقى بهم شي فى وقت سابق اليوم "الهدف هو تمكين الزعيمين من مناقشة اية شؤون عالمية كأصدقاء وعدم محاولة دفع الاراء على بعضهما البعض. وهذا يمكنهما من العمل معا لايجاد حلول."

وقال بري لوكالة انباء ((شينخوا)) إنه يشعر بأن الصينيين والبريطانيين يستمتعان بكونهما معا.

واضاف "الامر يتعدى كونه يتعلق بالاعمال بكثير, ان امنيتي ان تطور بريطانيا علاقة خاصة مع الصين بدأت بشكل حقيقي للغاية."

اعلان مشترك

اصدرت الصين وبريطانيا اعلانا مشتركا فى وقت سابق اليوم حول بناء "شراكة استراتيجية شاملة عالمية للقرن ال21."

وفي الوثيقة, تعهد الجانبان ببذل جهود مشتركة في مجالات تتراوح من تدويل الرنمينبي واجراء محادثات تجارة حرة بين الصين والاتحاد الاوروبي الى الامن الالكتروني وتغير المناخ.

ويقول الاعلان المشترك إن زيارة الدولة التي قام بها شي لبريطانيا, الاولى التي يقوم بها رئيس صيني منذ عقد, "تفتح عصرا ذهبيا" في العلاقات الصينية-البريطانية التي تتسم بالاستمرارية والشمولية والتعاون المربح للجانبين.

وأوضح الاعلان "يعترف الجانبان بالاهمية العالمية والاستراتيجية لعلاقات اقوى بين البلدين في تعزيز السلام والاستقرار والازدهار على المستوى العالمي."

كما تعهد الجانبان بتعزيز التجارة والاستثمار على المستوى الثنائي وتقوية الثقة السياسية اعتمادا على المساواة والاحترام المتبادل.

وقال الاعلان الذي صدر بعد يوم واحد من توقيع شركات صينية وفرنسية على اتفاقية للتعاون في بناء محطة لانتاج الطاقة النووية في هينكلي بوينت جنوب غرب انجلترا، إن بريطانيا "ترحب بالمشاركة التقدمية للشركات الصينية في مشروعاتها الطاقة النووية المدنية."

ووصف كاميرون الاتفاق، الذى يشارك فيه اتحاد شركات صينية بنسبة 33.5 بالمئة من الاسهم, بانه "تاريخي" وانه سيقدم طاقة موثوقة ورخيصة لنحو 6 ملايين منزل وسيوفر أكثر من 25 الف فرصة عمل.

كما أعرب الجانبان عن اهتمامهما البالغ بالتعاون في مبادرات كل منهما الآخر، خاصة "مبادرة الحزام والطريق" الصينية وخطة البنية الاساسية الوطنية البريطانية وبرنامج "نورثن باورهاوس"، واتفقا على تعزيز مناقشة اقامة تحالف صيني-بريطاني في البنية الاساسية.

وفي الاعلان, أعرب الجانبان عن دعمهما لبورصة شانغهاي وبورصة لندن لاجراء دراسة جدوى حول ربط البورصتين، وأكدت بريطانيا مجددا على دعمها لادخال الرنمينبي في سلة حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي.

وفي الوقت ذاته, دعت الدولتان إلى البدء سريعا في اجراء دراسة جدوى مشتركة حول اتفاقية تجارة حرة بين الصين والاتحاد الاوروبي.

كما اتفقا على اجراء حوار امني رفيع المستوى وعدم اجراء او دعم السرقة المدعومة الكترونيا لحقوق الملكية الفكرية والاسرار التجارية والمعلومات التجارية السرية.

وبالاضافة لذلك, تعهدت الدولتان بزيارة التعاون متعدد الاطراف للمساعدة في حل النزاعات ومواجهة الظروف التي يزدهر فيها الارهاب والتطرف.

كيمياء شخصية

في حين يركز الاعلان على المزيد من التعاون السياسي والاقتصادي, يجلب شي معه نكهة ثقافية وعلاقة شخصية للعلاقات خلال الزيارة.

وودع شي وزوجته بنغ لي يوان الملكة اليزابيث الثانية ودوق ادنبره بقصر بكنجهام امس الخميس، واعرب عن خالص تقديره لحسن الضيافة والتحضير المدروس الذي تلقاه من العائلة الملكية والحكومة والشعب, قائلا إن زيارته منحته "انطباعا عميقا وجميلا."

وفي حدث اخر حضره امس, القى شي كلمة امام الحفل الافتتاحي للاجتماع السنوي لمعاهد كونفوشيوس في بريطانيا، وقال إن جوهر الثقافتين الصينية والبريطانية جلب رد فعل كيميائيا رائعا لطريقة شعبيهما في التفكير وكذا نمط الحياة عبر التبادلات الشعبية.

وبحضوره الاجتماع، الذى القى فيه طالب قصيدة لشي يمتدح فيها مسئول جاد فى العمل، فاز الرئيس بوضوح بمزيد من القلوب والعقول.

وقال ستيف برادلي، استاذ الاقتصاد في جامعة لانكاستر البريطانية، إنه فخور للغاية بطالبه الذى القى القصيدة.

واضاف "من الهام للغاية ان يأتي الرئيس لدعم معاهد كونفوشيوس وفصولها بانحاء بريطانيا. كما يساعد ذلك في تقوية علاقاتنا خلال السنوات الخمس المقبلة."

وقال البروفيسور لوتز مارتن، مدير معهد كونفوشيوس لندن، إنه يتفق مع شي في ان التعاون الحقيقي بين البلدين يشارك معه الشعب والقلوب.

واضاف "عبر تبادل الزيارات وتعلم اللغة والثقافة والادب, اصبحت العلاقة بين البلدين اكثر قوة، واعتقد انه على هذا الاساس فحسب, يمكننا بناء تعاون سياسي واقتصادي ناجح."

ومنذ وصوله لبريطانيا, القى شي العديد من الخطب الذي استشهد فيها بالتبادلات الودية بين البلدين في العصور التاريخية والحديثة.

واستدعى مشاركة 24 طالبا عسكريا صينيا في انزال نورماندي خلال الحرب العالمية الثانية وتلقيهم شكرا شخصيا من الزعيم البريطاني ونستون تشيرشل وكيفية مساعدة الصين في انقاذ عامل طبي عسكري بريطاني اوائل العام الحالي اصيب بالايبولا خلال تطوعه في سيراليون.

والتقى شي يوم الخميس بمجموعة من الاصدقاء البريطانيين، منهم رئيس الوزراء الاسبق جوردون براون وشكرهم الرئيس على جهودهم المضنية في جعل العلاقات الصينية-البريطانية ثابتة وتنمو بشكل اقوى، وقال انه يأمل فى ان يواصلون دعمهم لتنمية العلاقات الثنائية.

كما زار الرئيس برفقة الامير اندور، دوق يورك، انمارسات، مزود خدمات اتصالات الاقمار الصناعية العالمية مقره لندن، وأعرب عن امله في ان تتمكن الشركة من مواصلة تعزيز التعاون مع الصين.

وزارت السيدة الاولى الصينية بنغ الكلية الملكية للموسيقى في حدث اخر يهدف الى تعزيز التبادلات الشعبية بين البلدين.

وبعد تناول العشاء في تشاكرز مع كاميرون وزوجته, توجه شي وبنغ الى مانشيستر لقضاء آخر أيام زيارة الدولة هناك.