نيويورك 17 ديسمبر 2015 (شينخوا) طوال عام 2015 شاهد العالم باهتمام كبير تطور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة حيث أعرب العديدون عن اعتقادهم بأن أي تفاعل بين أكبر اقتصادين في العالم له تأثير على جميع القضايا الرئيسية في العالم.
وفيما يلي بعض الكلمات الرئيسية التي تعكس القضايا الأكثر نقاشا والأحداث الأبرز فيما يتعلق بالعلاقات بين الصين والولايات المتحدة على مدار العام المنصرم تخيرتها وكالة أنباء (شينخوا) من عشرات الآلاف من التقارير الإعلامية ذات الصلة والحوارات على الانترنت.
زيارة دولة:
بعد قرابة ثلاثة أعوام من توليه السلطة قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة الدولة الأولى للولايات المتحدة فى نهاية سبتمبر الماضي التى وصفها الجانبان بأنها "معلم بارز" في العلاقات بين البلدين.
واتسمت زيارة شي ذات جدول الأعمال المزدحم التى استمرت أربعة أيام بمراسم استقبال مهيبة بإطلاق 21 طلقة مدفع للترحيب به وعشاء رسمى في البيت الأبيض واجتماعات مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية وخطب سياسية هامة وتفاعلات مباشرة مع زعماء سياسيين بارزين ومدراء تنفيذيين وأشخاص عاديين. وأعلنت 49 نتيجة ملموسة بعد المحادثات الرئاسية التي قال أوباما إنها كانت "مثمرة للغاية".
ورأى معظم الخبراء في الصين والولايات المتحدة أن زيارة شي واجتماعه مع أوباما تجاوزت التوقعات في استقرار العلاقات الثنائية عن طريق الإدارة البناءة للخلافات والتعاون العملي في القضايا ذات الأولوية.
التغير المناخي:
أعقب الاتفاقية الهامة في العام الماضي التي الزمت البلدين بتخفيضات كبيرة فى الانبعاثات ,إصدار بيان رئاسي أثناء زيارة شي حدد الأهداف الطموحة لدفع التوصل لاتفاقية مناخ عالمية في قمة باريس المدعومة من الأمم المتحدة.
وأشاد مسؤولون أمريكيون بالاتفاقية ووصفوها "بالخطوة الهامة للقيادتين الصينية والأمريكية للتعامل مع التغير المناخي " و"البادرة شديدة الأهمية" لاتفاقية مناخ عالمية ناجحة. وقال المسؤول عن ملف المناخ في الأمم المتحدة إن الصين "اخذت زمام المبادرة دون منازع" في جهود المناخ العالمية.
ومع التوصل لاتفاقية مناخية هامة في باريس الأسبوع الماضي قال خبراء إن بكين وواشطن ستواصلان القيام بدور هام في تطبيقها وفي الحرب العالمية طويلة المدى ضد الاحترار العالمي.
ارتفاع الاستثمارات:
أظهرت الأرقام الأمريكية أن الصين أصبحت أكبر دولة مستثمرة في الولايات المتحدة وأن النصيب الأكبر لاستثمارات العقارات وخدمات الضيافة والتكنولوجيا. ومن المتوقع أن تتجاوز الاستثمارات الصينية الخارجية المباشرة في الولايات المتحدة عشرة مليارات دولار أمريكي خلال عام 2015 للعام الثالث على التوالي.
في الوقت نفسه لا زالت الاستثمارات الأمريكية في الصين مستقرة حيث تعهدت السلطات الصينية بالالتزام بسياسة الإنفتاح والتعامل بشكل جاد مع مخاوف المستثمرين المتعلقة بدخول السوق والمنافسة النزيهة والحماية القانونية.
وتعمل الصين والولايات المتحدة أيضا على التوصل لاتفاقية استثمار متبادل رفيع المستوى قالت الحكومتان إنه سيكون لها "الأولوية الاقتصادية القصوى".
طلبات كبيرة:
ذكر تقرير لمجلس الأعمال الأمريكي الصيني أن الصادرات الأمريكية إلى الصين ارتفعت بنسبة 198% على مدار العقد الماضي بمتوسط نمو سنوي بنسبة 13 بالمئة وأن الصين ضمن أهم ثلاثة مقاصد للتصدير في 39 ولاية من بين الولايات الأمريكية الخمسين.
وكانت شركة بوينج هي الرابح الأكبر لعام 2015 حيث تلقت طلبا صينيا ضخما لشراء 300 طائرة بقيمة إجمالية 38 مليار دولار أمريكي.
ومع نمو التجارة المتبادلة إلى 591 مليار دولار أمريكي في عام 2014 من 2 مليار دولار في عام 1979 ,أشار خبراء اقتصاد بارزون من بينهم الحائز على جائزة نوبل جوزيف استيجليتز إلى أن المصالح الاقتصادية للصين والولايات المتحدة متداخلة ومعقدة وأن نمو الصين متكامل مع نمو الولايات المتحدة.
تبادلات شعبية:
أظهرت أحدث الإحصاءات أن أكثر من 274 ألف طالب من الصين درسوا في مدارس أمريكية خلال العام الدراسي 2013-2014 بنسبة 31 بالمئة من جميع الطلاب الدوليين المسجلين في المدارس وساهموا بنحو 22 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي.
في الوقت نفسه ستمول الحكومة الصينية 50 ألف طالب صيني وأمريكي للدراسة في البلدين خلال الأعوام الثلاثة المقبلة وسينفذ الجانب الأمريكي مبادرة لتعليم مليون طفل أمريكي اللغة الصينية الفصحى في المدارس بحلول عام 2020.
وشهد عام 2015 تدفق السائحين الصينيين أصحاب معدلات الإنفاق المرتفعة إلى الولايات المتحدة. وفي العام السابق أصبحت الصين أكبر سادس مصدر للسياحة المتجهة إلى الولايات المتحدة وانفق السائحون الصينيون المولعون بالتسوق 23.8 مليار دولار أمريكي.
بحر الصين الجنوبي:
أعربت الولايات المتحدة مرارا عن مخاوف متعلقة بما أسمته "حرية الملاحة" بسبب أنشطة استصلاح الأراضى التي تقوم بها الصين في بعض الجزر والشعاب في بحر الصين الجنوبي. وقامت بإرسال سفن حربية للقيام بدوريات في نطاق 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلو مترا) من الجزر والشعاب الصينية في نهاية أكتوبر على الرغم من معارضة الصين القوية وإدانتها لذلك.
وذكرت الصين بوضوح أنه "ليست لديها نية لتسليح" تلك الجزر والشعاب وأن الهدف الرئيسي من أنشطة البناء بها هو "سد الاحتياجات المدنية المتنوعة". وشددت أيضا على أن "حرية الملاحة والطيران" في المنطقة "لم ولن تكون أبدا مشكلة فى المستقبل ".
وفي حين يرى بعض المتشائمين قضية بحر الصين الجنوبي مصدرا للتوتر الذي يمكن أن يقود الصين والولايات المتحدة على "مسار تصادم", يرى كثيرون آخرون ومن بينهم الخبير الاستراتيجي المعروف هنري كسينجر أن زعماء البلدين لديهم من الذكاء والحصافة ما يكفل التعامل مع جميع تلك الخلافات وإيجاد طريقة لإصلاحها.
الأمن الإلكتروني:
في مناسبات عدة أشارت إدارات بالحكومة الأمريكية مثل وزارة الدفاع ومكتب التحقيقات الفيدرالى إلى هجمات قرصنة الكترونية "تحت إشراف الصين" أدت لتسرب معلومات حكومية وسرقة أسرار تجارية خاصة بشركات أمريكية. لكن لم يتم إعلان أي أدلة مقنعة في معظم تلك القضايا.
ونفت الصين التي هي نفسها ضحية للجرائم الالكترونية جميع الاتهامات والادعاءات الأمريكية ودعت مرارا للتعاون الدولي وتنسيق جهود حماية الأمن الالكتروني.
وفي اختراقة رئيسية في هذا المجال عقد البلدان في مطلع الشهر الجاري في واشنطن أول حوار وزاري حول الأمن الالكتروني كمتابعة لاتفاقية ثنائية لمكافحة القرصنة الالكترونية وقعها الجانبان في سبتمبر. وسيتم أيضا إنشاء خط ساخن للجهود المشتركة في مكافحة الجرائم الالكترونية.
إصلاحات الحوكمة العالمية:
على الرغم من أن البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية اجتذب 57 دولة للتوقيع كأعضاء مؤسسين فضلت الولايات المتحدة البقاء خارج المؤسسة التي اقترحتها الصين والتي أعرب العديدون عن اعتقادهم أنها "إضافة ضرورية" للمقرضين الدوليين وصناديق التنمية.
وعندما نجحت إدارة أوباما إلى حد كبير في توقيع اتفاقية تجارة الشراكة عبر المحيط الهادئ التي وصفت بأنها أكبر اتفاقية في العالم على مدار عقدين, ظلت الصين بمنأى عن ذلك ,ما أثار العديد من الشكوك حول مدى عملية ومستقبل النظام التجاري الجديد الذي تدعمه الولايات المتحدة.
وقال محللون إنه بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008 كان العالم في حاجة لإصلاحات في الحوكمة وهو ما لم يكن ممكنا بدون توافق وتعاون بين الصين والولايات المتحدة. وفي هذا الشأن يمكن اعتبار القرار المتخذ فى نهاية نوفمبر من صندوق النقد الدولي الذي تملك الولايات المتحدة صوتا قويا فيه, بإضافة اليوان الصيني لسلة عملات الاحتياطي بادرة إيجابية.
مكافحة الفساد والإرهاب:
أصبحت الحملة الصينية الضخمة لمكافحة الفساد عالمية بإصدار قائمة عالمية ب 100 شخص مطلوبين وطلقاء,وطالبت الصين بمساعدة أمريكية حيث يعتقد أن قرابة 40 هاربا موجودون داخل الولايات المتحدة.
وفي حين خلقت الخلافات في النظام القانوني بالبلدين وعدم وجود اتفاقية لترحيل المجرمين صعوبات عملية, أوضحت الولايات المتحدة أنها تنادي بحوكمة جيدة في الصين وتدعم التعاون الدولي لمكافحة الفساد. واحتجزت السلطات بعض المدرجين في قائمة المطلوبين بسبب الأنشطة غير القانونية في الولايات المتحدة حيث تم ترحيل واحد على الأقل إلى الصين.
ونبهت هجمات باريس الإرهابية وتفجير طائرة الركاب الروسية فوق سيناء بمصر وعمليات القتل الوحشية للرهائن من جانب تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابية ,العالم الى التهديد المتنامي للإرهاب. وفي حين تدفع الولايات المتحدة لإنشاء تحالف عالمي ضد تنظيم الدولة الإسلامية تصف الصين الإرهاب "بالعدو العام للبشرية" وتعهدت "بقمع ومكافحة جرائم الإرهاب التي تتحدى أساس الحضارة الإنسانية بكل تصميم".
الثقة:
في ملاحظته على العلاقات الصينية الأمريكية في وقت سابق العام الحالي ,أشار هنري كسينجر إلى أنه "تاريخيا يؤدى التحدى من جانب القوى الصاعدة الى زيادة التوتر بينها وبين القوى القائمة بالفعل" لكن الصين والولايات المتحدة يمكنهما إيجاد نموذج جديد "قائم على شراكة الدول المتنازعة من أجل بناء عالم سلمي".
واقترح خبراء العلاقات الدولية في البلدين أنه من أجل تحقيق ذلك تحتاج البلدان لمواصلة بناء الثقة وفهم نوايا بعضهما البعض بدقة والإقرار بشكل كامل أن بينهما مصالح مشتركة هامة كي يتعاونا في العديد من القضايا على الرغم من بعض الخلافات.
ولم يشهد العام المنصرم زيارة تاريخية للرئيس شي فقط وإنما سلسلة من المنصات والآليات التى تتيح للبلدين التعاون وإجراء تبادلات ومناقشات تفصيلية مثل الحوار الاستراتيجي والاقتصادي في واشطن واللجنة المشتركة للتجارة والتبادل التجاري في قوانغتشو.
وحتى برغم الجدل الإعلامي حول ما يطلق عليه "نزاع بحر الصين الجنوبي" قامت سفن البحرية الصينية بزيارات ودية لفلوريدا وهاواي في حين رست مدمرة أمريكية في شانغهاي للقيام بزيارة ودية.