كانبيرا 22 ديسمبر 2015 (شينخوا) مع دخول اتفاقيتي التجارة الحرة اللتين أبرمتا مؤخرا بين الصين وجمهورية كوريا وبين الصين واستراليا حيز التنفيذ يوم الأحد، بدأت تتضح ملامح إستراتيجية تجارة حرة كبيرة للصين، تهدف إلى العمل تدريجيا على إنشاء شبكة تجارة حرة عالمية والدفع من أجل إجراء إصلاحات محلية أعمق.

وبموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وجمهورية كوريا واتفاقية التجارة الحرة بين الصين واستراليا، ستقوم الصين تدريجيا بإلغاء التعريفات الجمركية المفروضة على 91 % من السلع الكورية الجنوبية و97% من المنتجات الاسترالية. وعقب فترة سماح، ستقوم كوريا الجنوبية بإلغاء التعريفات الجمركية المفروضة على 92% من المنتجات الصينية فيما ستصل استراليا في النهاية بالتعريفات المفروضة على جميع السلع الصينية إلى الصفر.

ومن بين جميع اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها الصين مع الدول الأخرى، تضم الاتفاقية المبرمة مع كوريا الجنوبية الحجم التجاري الأكبر، فيما تصل الاتفاقية المبرمة مع استراليا بعوائق التجارة والاستثمار إلى الحد الأدني.

وتتفق اتفاقيتا التجارة الحرة هاتين مع الخطوط العامة المتعلقة بتسريع تنفيذ إستراتيجية التجارة الحرة للصين التي نشرها مجلس الدولة في وقت سابق من الأسبوع الماضي.

واستنادا إلى اتفاقيات التجارة الحرة الـ14 التي تم التوصل إليها مع 22 دولة ومنطقة، تعقد الدولة العزم على تسريع مفاوضات التجارة الحرة مع المزيد من الدول وإقامة المزيد من مناطق التجارة الحرة رفيعة المستوى.

وستصبح اتفاقيات التجارة الحرة منصة هامة لكى تترجم الصين إمكاناتها الاقتصادية إلى مصدر نمو للدول الأجنبية. ويتوقع القادة الصينيون أن تستورد البلاد سلعا تقدر قيمتها بعشرة تريليونات دولار أمريكي وتستثمر 500 مليار دولار أمريكي في الخارج خلال السنوات الخمس المقبلة.

وتشجع هذه الخطوط العامة تحديدا على انفتاح قطاع الخدمات في الصين بما في ذلك التمويل والتعليم والثقافة والرعاية الصحية، وتخفف من قواعد الحصول على الاستثمارات في مجالات رعاية الأطفال والمسنين، والتصميم المعماري، والمحاسبة وتدقيق الحسابات، واللوجستيات، والتجارة الإلكترونية.

كما تطبق الخطوط العامة هذه آليات دعم من أجل بناء اتفاقيات التجارة الحرة. وسيجرى تحسين نظام التقييم من طرف ثالث من أجل صنع القرار والتحكم في المخاطر فيما سيتم تحديث القوانين المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية.

ويكمن الأمر الأكثر أهمية في أن هذه الخطوط العامة تحدد الهدف قصير المدى والأهداف المتوسطة والطويلة المدى لإستراتيجية التجارة الحرة الصينية وخطوات تنفيذها.

وتوضح الخطوط العامة أن الهدف قصير المدى لإستراتيجية اتفاقيات التجارة الحرة التي تتبعها الصين يكمن في دفع المفاوضات مع الدول المجاورة وتحرير التجارة مع مناطق التجارة الحرة القائمة. وتريد الصين من خلال فعل ذلك رفع نسبة التجارة مع شركائها في اتفاقيات تجارة حرة في التجارة الخارجية الكلية لترتقي إلى تجارتها مع الدول الأكثر تقدما.

وعلى المدى الطويل، تهدف الصين إلى توسيع الشبكة لتغطي جميع الدول والمناطق المجاورة، والدول الواقعة داخل شبكة (الحزام والطريق)، ومعظم الاقتصادات الناشئة، والدول النامية الكبيرة، والمجموعات الاقتصادية الإقليمية الكبرى، وأجزاء من العالم المتقدم.

ووصفت مسؤول بوزارة التجارة إستراتجية التسريع هذه بأنها "خيار ضرورى" للصين للتكيف مع الاتجاهات الاقتصادية العالمية وتعميق الإصلاحات وإنشاء شبكة اقتصادية أكثر انفتاحا.

وقد انخرطت الصين في مفاوضات الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية، وهي مفاوضات رئيسية بشأن اتفاقيات التجارة الحرة في آسيا. وفي نوفمبر 2014، صادق أعضاء منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا الباسيفيك (الأبيك) على خارطة طريق من أجل دفع عملية منطقة التجارة الحرة لمنطقة آسيا الباسيفيك خلال اجتماع عقد في بكين.

وترى الصين أن اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لا تتعارض بالضرورة مع اتفاقيات التجارة متعددة الأطراف. فالثمار التي تطرحها ستتيح أسسا لتسريع المحادثات حول إبرام اتفاقية تجارة حرة أعرض.

ورغم جهودها لبناء المزيد من اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والإقليمية، فإن الصين تعد دوما داعمة لآلية التجارة متعددة الأطراف وتدفع بكل قوتها جولة الدوحة من مفاوضات منظمة التجارة العالمية.

وبفضل الصين وبعض الأعضاء الأخرين ، توصل الاجتماع الوزاري العاشر لمنظمة التجارة العالمية في نيروبي إلى اتفاق رئيسي حول العمل تدريجيا على إلغاء الدعم الذي تحظى به صادرات المنتجات الزراعية.

كما تنظر الصين بصدر رحب إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ،وهي اتفاقية تجارية تضم 12 دولة وتقودها الولايات المتحدة. وكما يقول وزير التجارة الصيني قاو هو تشنغ، فإن الصين منفتحة على أي آلية تجارية طالما أنها تتبع قواعد منظمة التجارة العالمية وتعود بالفائدة على التكامل الاقتصادي لمنطقة آسيا الباسيفيك.