بكين 29 ديسمبر 2015 (شينخوا) في الوقت الذي اتفقت فيه اليابان وكوريا الجنوبية على تسوية قضية "نساء المتعة" التي طال أمدها بين الجانبين، يلزم على طوكيو إبداء مصداقية أكبر واتخاذ إجراءات أكثر لحل هذه المسألة التاريخية الحساسة على نحو أفضل.
فقد قدمت اليابان يوم الاثنين اعتذارا ومبلغا قدره مليار ين (حوالي 8.3 مليون دولار أمريكي) لكوريات أرغمن على العمل كعبدات جنس إبان فترة الحرب العالمية الثانية.
وبالنسبة للجارتين المتجاورتين، شكل هذا الاتفاق نقطة تحول في العلاقات الثنائية التي عانت لسنوات من مسعى رئيس الوزراء الياباني إلى تحريف التاريخ والذي برز من خلال محاولات إنكار الأعمال الوحشية التي ارتكبتها اليابان في زمن الحرب وتضمنت إرغام آسيويات في الأراضي التي احتلت على أن يصبحن عبدات جنس.
وبالنسبة لمنطقة شرق آسيا برمتها، يمثل هذا تقدما ملحوظا بالنسبة لأعضائها في تسوية القضايا التاريخية، وسوف يساعد تحسين العلاقات بين الاقتصادات الإقليمية الكبري على ترسيخ الأساس لتحقيق الاستقرار والتنمية في آسيا.
بيد أنه قبل بدء "عهد جديد" مع سول، لابد من تذكير طوكيو بأن الكوريات الجنوبيات لم يسقطن وحدهن ضحية أعمالها الشائنة وأن إبرام اتفاق منفرد مع دولة واحدة فقط لن يعالج قضية "نساء المتعة" ككل.
ويقدر المؤرخون بأن حوالي 200 ألف من "نساء المتعة" أرغمن على الخدمة في بيوت الدعارة العسكرية اليابانية خلال زمن الحرب. وفيما عدا النساء اللواتي جئن من شبه الجزيرة الكورية، جاء العديد من تلك النساء التعيسات من الصين وبلدان أخرى في جنوب شرق آسيا.
وفي الشهر الماضي، توفيت تشانغ شيان تو، وهي آخر سيدة صينية من "نساء المتعة" كانت على قيد الحياة والتي رفعت قضية بشأن الجرائم التي ارتكبها الجيش الياباني في زمن الحرب، توفيت عن عمر يناهز 89 عاما دون أن تحصل على اعتذار أو تعويض من اليابان.
وإذا كانت اليابان حقا صادقة في ندمها واعتذاراتها فيما يتعلق بقضية "نساء المتعة"، لقدمت اعتذارا وتعويضات للضحايا بغض النظر عن جنسياتهن بدلا من أن تتركهن يرحلن عن الحياة الواحدة تلو الأخرى دون تسوية مظالمهن.
ومن المؤسف أيضا أن التسوية التي توصلت إليها اليابان مع كوريا الجنوبية بشأن هذه القضية المثيرة للجدل تعد خيارا سياسيا اتخذ تحت ضغوط من الولايات المتحدة أكثر من كونه قرارا نابعا من ضمير استيقظ.
ومع أخذ ما تسميه بإستراتيجية "إعادة التوازن تجاه منطقة آسيا- الباسيفيك" والمشهد الأمني في شرق آسيا في الاعتبار، واصلت واشنطن ضغوطها على طوكيو وسول، وهما اثنتان من حلفائها العسكريين الرئيسيين في آسيا، للتوصل إلى مصالحه بشأن خلافاتهما فيما حثت إدارة آبي على تقديم تنازلات بشأن القضايا التاريخية على وجه الخصوص.
وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة (نيكي)) أن 57% من المستطلعة آراؤهم قالوا إن اليابان ليست بحاجة إلى تقديم تنازلات فيما يتعلق "بنساء المتعة"، وهي أكبر بكثير من نسبة الـ24% الذين أيدوا تقديم تنازلات. وتعكس هذه النتائج الميل اليميني لدى الرأي العام، وهو حاجز سيحول على الأرجح دون توصل اليابان وجيرانها إلى مصالحة تاريخية.
وللتحرك في نفس الاتجاه مع دول الجوار بشأن القضايا التاريخية بما فيها قضية "نساء المتعة"، يلزم على اليابان التحلي بمزيد من المصداقية لمواجهة التاريخ بأمانة، والتأمل في أعمال العدوان الذي ارتكبتها في الماضي، والتعامل مع القضايا ذات الصلة بطريقة مسؤولة.