ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ خطابا في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، 21 يناير. (شينخوا/بانغ شينغ لي)
القاهرة 21 يناير 2016 (شينخوا) اعتبر محللون ومراقبون مصريون أن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الصيني شي جين بينغ في جامعة الدول العربية يوم الخميس تضمن "رؤية متكاملة ومتميزة" لعلاج الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.
ويقوم الرئيس شي حاليا بزيارة رسمية لمصر وألقى بها خطابا في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة حول تعميق التعاون بين الصين ودول المنطقة.
وقال الرئيس الصيني خلال لقائه مع أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي ان الصين تدعم العالم العربي في حل مشكلاته بنفسه.
وأعرب شي عن امله فى ان تستطيع الجامعة العربية الاستمرار في العمل كبطل يدافع عن الصداقة الصينية-العربية ويدعمها ، مؤكدا ان الصين ظلت دائما داعما قويا للقضية العادلة للدول العربية وكذا جهود التعامل مع الازمات الاقليمية بنفسها.
وحث شي الطرفين على تعزيز الثقة المتبادلة والتنسيق فى القضايا الرئيسية في المنطقة وحول العالم والتكاتف من اجل تنفيذ مبادرة "حزام وطريق" وتشجيع التعاون متبادل النفع.
ــ رؤية متكاملة لحل أزمات وصراعات المنطقة
حث الرئيس شي جين بينغ الخميس في خطابه بمقر الجامعة العربية دول الشرق الاوسط على حل خلافاتها عبر الحوار بدلا من استخدام القوة.
وأشار شي إلى ان "المشاكل لا تحل بلغة القوة"، مؤكدا على ضرورة ان تركز اطراف النزاع على دفع عملية التسوية السياسية. وأضاف "على المجتمع الدولي احترام الإرادة والدور لأصحاب الشأن والدول المجاورة والمنظمات الاقليمية بدلا من فرض حلول من الخارج".
وقال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور صبحي عسيلة إن "خطاب الرئيس الصيني عبر عن رؤية متكاملة للتعاون مع الشرق الأوسط وكذلك رؤية لحل المشكلات والصراعات التي تعاني منها دول المنطقة".
وأضاف أن "الخطاب تأكيد واضح على الخطوط العامة للسياسة الخارجية الصينية (تجاه العرب) في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية".
وتأتي جولة الرئيس الصيني في المنطقة والتي تشمل السعودية ومصر وايران ، في وقت تشهد فيه عدة دول بالمنطقة صراعات واضطرابات وعدم استقرار.
وقال الرئيس شي ان الاضطرابات التي تعم الشرق الأوسط ناجمة عن نقص التنمية، والحلول النهائية للمشكلات تعتمد على التنمية.
واكد ان الشيء الاساسي فى اختيار الطريق الصحيح هو التأكد من انه يوافق الظروف الوطنية، مضيفا انه خلال استكشاف طرق التنمية لن يتم تحقيق شيء اذا تم تقليد أعمى للاخرين.
وأوضح انه انطلاقا من الحقائق الخاصة تستطيع الدولة اختيار الطريق الصحيح، مضيفا ان سبيل التنمية يقرره فقط ابناء الشعب انفسهم على ضوء تاريخهم والتقاليد الثقافية ومستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
واعتبر الخبير صبحي عسيلة أن الرئيس الصيني قدم خلال خطابه بالجامعة العربية "حزمة متنوعة" للتعاون تشمل السياسة والثقافة والاقتصاد، مؤكدا أنه لايمكن تفعيل الجانب الاقتصادي بمعزل عن الجانبين الثقافي والسياسي.
وأشار في السياق الى أن الرئيس شي، قدم "رؤية واضحة" تضمنت مبادرات للتبادل الثقافي وتقديم منح وقروض ما من شأنه خلق جسور جديدة بين العرب والصين تستطيع توفير مناخ جيد للتفاهم والتقارب.
ولفت إلى أن الرئيس شي حاول أن ينقل للدول العربية التجربة الصينية حين أكد أن التنمية هي المفتاح لحل الأزمات، وكأنه أراد أن يقول للدول العربية "إنك إذا أردت التعامل مع كل أزماتك السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية مثل الارهاب، والفقر، والبطالة، فإن السبيل الوحيد المضمون أن تفعل وتهتم بالتنمية، وأن أي محاولة للتغلب على هذه المشاكل بدون تنمية سوف تفشل".
بدوره، أشاد الباحث بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية أحمد عليبة بخطاب الرئيس شي، كونه طرح "رؤية جديدة متميزة من خارج الصندوق الذي اعتادت عليه الدول العربية من الخطابات الغربية".
ولفت الى أن الرئيس شي طرح "مجموعة من الرسائل الاستراتيجية للهروب من الأزمات والأنفاق المظلمة بالمنطقة العربية".
وأضاف أن الرئيس الصيني أكد أن حل الأزمات يكمن في التنمية والحوار، معربا عن اعتقاده أن هذه تمثل "رؤية استراتيجية مهمة" يمكن أن توفر تكاليف إهدار الأرواح والأموال.
وأشار الى أن خطاب الرئيس الصيني يجب أن يبني "جسرا للمستقبل" للخروج من حالة الاستقطاب الموجودة على المسرح الدولي الآن.
وتابع "نحن حاليا في سياق طرف آخر يطرح ما يمكن أن نسميه بالطريق الثالث، ويؤمن بأن التنمية والعلاقات المشتركة يمكن أن تمثل أرضا رحبة للخروج من الاستقطاب الراهن".
ــ الجامعة العربية جسر للتعاون
يؤكد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور صبحي عسيلة ان زيارة الرئيس شي لجامعة الدول العربية مهمة جدا، لأنها "تمثل تأكيدا على أن ثمة رؤية لدى الجانب الصيني ورغبة في أن يتعاون مع كيان موحد اسمه الجامعة العربية، وأنها يمكن أن تكون بوابة أو مدخلا جيدا لتفعيل التعاون مع الدول العربية ليس كدول منفردة، وإنما كمؤسسة موحدة".
فيما يرى الدبلوماسي محمود علام سفير مصر الأسبق بالصين أن زيارة الرئيس شي جين بينغ للجامعة العربية "رسالة قوية" تؤكد من خلالها القيادة الصينية على أهمية العلاقات العربية- الصينية.
وقال إن "الصين شريك اقتصادي وتجاري هام للدول العربية، وهي حريصة على تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، ورفض تدخل الدول الكبرى في الشئون الداخلية لدول المنطقة، وتقديم الدعم لها وفقا لمبادئ الدبلوماسية الصينية، والخطاب الذي ألقاه الرئيس الصيني بالجامعة يعكس كل هذه المبادئ".
وأوضح ان "الدول العربية لديها قناعة من خلال تجاربها مع الدول الكبرى أن الصين من أكثر الدول التي يمكن الاعتماد عليها والثقة بالتعاون معها".
وأشار إلى أن "التجربة الصينية شاهد على أن التنمية هي المفتاح لحل الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكثير من الأزمات القائمة في الدول العربية وقعت نتيجة غياب نموذج تنمية ناجح، فالتنمية وسيلة لتعبئة الشعوب نحو مسار يحقق الفائدة للجميع ويتجاوز الخلافات".