يوم 4 مارس، هويدا حسني تقطع لحم الجمل في دكانها في القاهرة (شينخوا/ تشاو دينغ تشه)
القاهرة 8 مارس 2016 (شينخوا) تناضل المرأة المصرية من أجل التغلب على الأحوال المعيشية الصعبة، حتى أنها اقتحمت كافة المهن التي كانت قاصرة على الرجال فقط، رغم المعوقات الإجتماعية.
"ورثتها أبا عن جد حتى أصبحت مهنتي التي لا استطيع الاستغناء عنها"، هكذا تحدثت هويدا حسني لوكالة أنباء (شينخوا) عن عملها في الجزارة.
وقالت هويدا (52 عاما)، إنها تخصصت في بيع لحوم الجمال فقط، وإنها بدأت العمل في هذه المهنة منذ أن كان عمرها عشر سنوات.
وأضافت في لهجة يملأها الفخر، والابتسامة تعلو وجهها، أنها تشتهر في منطقة البساتين (بالقاهرة) التي تقيم بها بأنها " إمبراطورة اللحم الجملي".
ورغم أن والدها كان يساعده ابناه في محل الجزارة، إلا أنه كان يعتبر هويدا وهى ابنته الكبرى ذراعه اليمين في المحل.
ورفضت هويدا أن تتزوج جزارا في بادئ الأمر، وفضلت الزواج من شخص يعمل "مبلط قشاني"، إلا أنها مع مرور الوقت علمت زوجها الجزارة وأصبح يعمل معها.
وتابعت هويدا " حاول زوجي كثيرا أن يثنيني عن العمل.. لكني أردت العمل لمساعدته " في تحمل تكاليف الحياة.
وأضافت إنها قالت لزوجها " القفة أم ودنين يشلها اثنين"، وهو مثل شعبي متداول في مصر يشير إلى ضرورة المشاركة في تحمل أعباء الحياة.
وهويدا أم لأربعة أبناء، هم ولدان وبنتان، كما أنها جدة لتسعة أحفاد.
ويعمل معها في محل الجزارة ابناها الأكبر محمد، وأحمد (20 عاما)، وابنتها شيماء (32 عاما)، التي اضطرت بعد الزواج إلى ترك العمل بناء على طلب زوجها.
وأكملت هويدا " كانت أمنيتي أن ترث إحدى بناتي المهنة لكن ذلك لم يتحقق، وإن شاء الله سأجعل إحدى حفيداتي ترثها".
وترى هويدا أن عملها في مهنة ذكورية "ليس عيبا" طالما أنها تستطيع أن تعمل، مضيفة " أقف في المحل وكأني بمئة رجل".
وأوضحت أن زبائنها من النساء يحببنها لأنها امرأة مثلهن، كما أن زبائنها الرجال يحبون طريقتها في تقطيع اللحوم.
ولا تواجه هويدا أي تحديات سوى من أبناء مهنتها وإخوتها الذين يعملون في الجزارة، مشيرة إلى أنهم كثيرا ما يبلغون ضدها مفتشي التموين، الذين يجدون اللحوم التي تبيعها سليمة.
وتبيع هويدا كيلو اللحم الجملي مفروم بـ 40 جنيها، واللحم المشفي بـ55 جنيها، وهو أرخص كثيرا من اللحم البقري الذي يصل سعر الكيلو منه إلى 80 جنيها (الدولار الأمريكي الواحد يعادل نحو 7.83 جنيه).
ورأت أن " بيع اللحوم الجملي والضاني والبتلو والبقري في محل واحد لا ينفع، لأنه يمكن أن يشكك الزبون ويجعله يعتقد أني أعطته مثلا لحم جملي بدلا من لحم بقري".
وترغب هويدا في توسيع نشاطها، مشيرة إلى أنها افتتحت أخيرا محلا آخر للجزارة بالشراكة مع امرأة أرادت أن تقيم مشروعا تقتات منه هى أبناؤها بعد وفاة زوجها.
ولم تحصل هويدا على أي شهادة دراسية، حيث تركت المدرسة وهى في الصف الثاني الابتدائي، بسبب مشاكل بين والدتها ووالدها الذي تزوج بامرأة أخرى، لكنها تعرف القراءة والكتابة قليلا.
أما سهام مغازي فاستهلت حديثها لوكالة أنباء (شينخوا)، قائلة " تقريبا أنا السَبّاكة الوحيدة في مصر".
وقال سهام (63 عاما)، التي تقطن في منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة، " بدأت هذه المهنة بعد الانفصال عن زوجي منذ حوالي عشر سنوات.. حيث أصبحت أنا وأولادي الثلاثة بدون دخل".
وأضافت سهام، وهي حاليا جدة لـ11 حفيدا، " كان لازم أكون أنا رجل البيت (أي اتولى الإنفاق عليه)، فبحثت عن مهنة، لأن عمري في هذا التوقيت تجاوز ان أكون موظفة" في مؤسسات الحكومة.
وتابعت " ذهبت لمشروع أغاخان لتنمية أبناء الدرب الأحمر.. هو مشروع تدريبى لتعليم كل المهن.. وعندما حاولت الانضمام له كان هناك دورة لتعليم السباكة للرجال.. فطلبت دخولها".
لكن المسئولون عن المشروع رفضوا طلب سهام لأنها امرأة، فكان ردها عليهم " أنا طوال عمري أعمل.. والسباكة ليست صعبة ".
غير أنهم قالوا لها إن السباكة تقتضى دخول منازل الآخرين، فردت " أنا في السابق اشتغلت مكوجى وكوافيره وفتحت مطعما وكنت أجهز وجبات لكبار السن وأدخل منازلهم، لكن لم اتمكن من هذه المهن وأريد أن اتعلم مهنة جديدة".
وبالفعل التحقت سهام بدورة تعلم السباكة، وكانت عبارة عن برنامج تدريبي" قوي جدا" لمدة عام ونصف العام، يتم تدريسه في مدرسة مبارك - كول للتعليم الفني.
وتخرجت سهام من هذه الدورة "صنايعى" بحسب تعبيرها، أي تجيد المهنة، التي أوضحت أن عمرها وقتئذ كان 59 عاما.
وأضافت " كنت أكبر المتدربين سنا، بل أكبرمن مدير المدرسة نفسه، وكله كان فاقد في الأمل، وكانوا يقولون ما الذي أدخلها الدورة، فهي امرأة وكبيرة في السن".
وكانت المفاجأة بأن حصدت سهام المركز الأول في الدورة، وحصلت على شهادة معتمدة من خمس جهات محلية وأجنبية.
ولم تستطع سهام عقب التخرج من الدورة أن تمارس السباكة إلا من خلال أصدقائها، حيث كانت تقوم بتصليح الأدوات الصحية الخاصة بمنازلهن، ثم التحقت لاحقا للعمل بأحد محلات بيع الأدوات الصحية.
وتابعت سهام " أتذكر أول مرة أرسلني صاحب المحل لتصليح سباكة أحد المنازل، حيث دخلت صاحبة المنزل وبناتها في ضحك هسيتري عندما علموا أني سباكة، لكنها في النهاية سمحت لي بإنجاز العمل وقالت على الأقل أنت امرأة مثلنا".
لكن سهام لم تسلم من غيرة أبناء المهنة الواحدة، حيث دبر زملاؤها في نفس المحل "إسفين"، واشتكوا لزوجة صاحب المحل، بأن زوجها يفضل امرأة عليهم، ويجعلها تخرج لتنفيذ أعمال أكثر منهم.
وهنا أصرت زوجة صاحب المحل على أن تغادر سهام المحل، وكان لها ما أرادت.
ومكثت سهام في المنزل أسبوعا دون عمل، لكنها تغلبت على الأمر بمساعدة آخرين.
وأكملت " الستات هي من تطلبنى للعمل حاليا.. الحمدلله عملت فلوس وفتحت محل لبيع الأدوات الصحية، بينما تجعل سباكا شابا يعمل معها في المحل يتولى تنفيذ الأعمال في المنازل".
وتأخذ سهام ألف جنيه فقط، مقابل تركيب الأدوات الصحية في الشقة الواحدة، وترى أنه مبلغ "جيد جدا".
" إنها مثل الصلاة بالنسبة لي.. لكن بسببها أواجه مشاكل في كل مكان، في البيت، ومع أصدقائي، وفي صالة الألعاب الرياضية"، هكذا لخصت خلود محمود عملها كمدربة ألعاب قوى بدنية.
وقالت خلود (27 عاما)، التي درست في مجال "نظم ومعلومات وإدارة"، " منذ صغري كنت اتدرب كاراتيه، وكونغ فو، ورفع أثقال، وسباحة، وتنس، لكن رغبت أن أدخل مجال الاحتراف في لعبة ما".
وأضافت " لم أجد مدرب جيد يكمل معي الطريق، فاكتفيت أن اتمرن على تدريبات اللياقة البدنية في صالة الألعاب الرياضية، وشعرت أني أريد رفع حجم أثقال أكبر إلى أن تعودت على ذلك".
وتحلم خلود بدخول بطولة ألعاب قوى بدنية خارج مصر وتحقيق مركز متقدم بها، وتقول " استعد لهذا منذ عامين".
وترى أن الاستمرار في هذا المجال يتطلب " مجهودا كبيرا، وأسسا غير موجودة في مصر، لأنه لا يوجد في مصر مسابقات أو بطولات قوى بدنية معتمدة رسميا".
وعن عدم دخولها بطولات كمال الأجسام في مصر، قالت إن ارتداء الحجاب يمنعني من المشاركة، والبديل هو دخول مسابقات القوى البدنية".
وأشارت إلى أنها تواجه مشاكل بسبب عملها في هذا المجال " في كل مكان"، حيث ينظر لها الشباب الذي يتدرب في نفس صالة الألعاب الرياضية، ويوجهون بعض التعليقات مثل أنها ترفع أثقال أكبر منا، وأن ذراعها أكبر من ذراعنا.
وعن التغيرات التي طرأت عليها بعد دخولها هذا المجال، قالت إن " جسمي تغير، وبدأت عضلاتي تزيد، وتحولت من بنت نحيفة إلى بنت بعضلات.. وهذا أدخلي في مشاكل مع أهلي، الذين قالوا لي أنت تضيعي نفسك، وتقضى على أنوثتك".
ورغم ذلك، أوضحت خلود أن الكثير من الشباب يتقدم للزواج منها، ويتمنى أن تقول " أنا موافقة أبدأ معه حياة".
وواصلت إن " الرياضة بالنسبة لي مثل الصلاة كلاهما أساسي بشكل يومي، وبالنسبة لمن يتزوجني لابد أن يكون رياضي مثلي، لكي نشجع بعض، ولا يقول لي لا تذهبي للتمرين".
وقالت إن " أى بنت تتمنى تكوين أسرة وإنجاب أطفال لكن هذا يتوقف على وجود الزوج المناسب".
وأكدت أن سوف تستمر في هذا المجال" رغم أنه مكلف جدا"، حيث تدبر بمفردها كافة مصاريف التدريبات والدورات التدريبية، خاصة أن أهلها يرفضون الإنفاق عليها في ظل تمسكها بهذا المجال، الذي تعمل به منذ خمس سنوات.