القاهرة 19 مايو 2016 (شينخوا) انتقد محللون سياسيون اليوم (الأربعاء)، لجوء الفلبين إلى التحكيم في قضية جزر بحر الصين الجنوبي دون موافقة بكين.
ورأوا أن أي قرار يصدر بشأن هذه القضية سيكون غير ملزم للصين التي لم توافق أصلا على هذه الخطوة، واعتبروا الأمر مجرد أداة ضغط من الفلبين بدعم أمريكي لن تجدى مع الصين، التي لن تتخلى عن حقها المشروع.
وفي هذا الصدد، قال سفير مصر الأسبق في بكين محمود علام إن "الصين في تعاملها مع النزاعات الاقليمية تلتزم مبدأ التسوية السلمية والتفاوض بين الأطراف، واعتقد أن هناك مدونة سلوك متفق عليها بين الصين ودول الآسيان تقضى بأنه يتم التعامل مع كل الخلافات بالنسبة للقضايا الإقليمية في هذا الإطار".
وأضاف علام لوكالة أنباء (شينخوا)، ان اللجوء للتحكيم يتطلب توافق الأطراف عليه للوصول لصيغة حول الجهة التي تتولى التحكيم، وهو ما لم يحدث في قضية جزر بحر الصيني الجنوبي.
وأشار إلى أن هناك آليات في منطقة جنوب شرق آسيا لحل مثل هذه الخلافات بالوسائل الدبلوماسية لتحقيق التسوية المرضية.
وعن الدعم الأمريكي للفلبين في هذه القضية، رأى علام أن الفلبين كانت في السابق مستعمرة أمريكية، وأن مثل هذا النزاع الإقليمي فرصة لأمريكا أن تدعم نفوذها في المنطقة وتقف مع طرف على حساب طرف آخر.
وأثنى على الموقف العربي الداعم للصين في هذه القضية، والذي يأتى في إطار تبادل المواقف، لاسيما أن موقف الصين بالنسبة للنزاع في الشرق الأوسط يدعو إلى التسوية السلمية وعدم الدخول في مواجهات عسكرية.
وتابع ان موقف الفلبين هو محاولة للحصول على بعض التنازلات في نواحى معينة من الصين.
وشاطره الرأي الخبير في الشؤون الصينية الدكتور ناصر عبدالعال الأستاذ بجامعة عين شمس، مؤكدا أن الصين ليست دولة معتدية، وتعرف كيف تحافظ على حقوقها، ولن تتخلى عن حقها طالما أنه مشروع.
واعتبر أن من حق الصين أن تدافع عن أراضيها، والعرب يدعموها في هذا الأمر.
وأوضح أن الدول العربية أجمعت خلال منتدى التعاون العربي - الصيني الذي عقد قبل أيام في قطر على مساندة الصين في قضية بحر الصين الجنوبي.
ورأى أن دعم أمريكا للفلبين في قضية بحر الصين الجنوبي يستهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة واستفزاز الصين التي لن تسمح لأمريكا بالتدخل في شؤونها.
واستطرد انه من ثوابت سياسة الصين الخارجية عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وبالتالي فإنها لن تسمح لأمريكا بالتدخل في شأنها الداخلي.
ولفت إلى أن أمريكا تريد أن تضع لنفسها موطئ قدم في كل بقعة من بقاع العالم، كما تفعل مع الشرق الأوسط، وتريد أن تظل شوكة في حلق الصين بوقوفها مع الفلبين وتايوان الصينية.
واستبعد أي سيناريوهات للنزاع المسلح بسبب هذه القضية، موضحا أن الصين من الدول التي تنبذ الحروب وتدعو للسلام، كما أن الثقافة الصينية تؤكد أن المشارك في الحرب دائما خاسر حتى لو ربح الحرب.
وأشار إلى أن الصين لم تبادر في تاريخها ولن تبادر بخوض أي حرب أو حتى دعمها رغم أنها دولة قوية تملك جيشا قويا للغاية.
بدوره، قال الدكتور ياسر جادالله مدير مركز الدراسات الصينية بجامعة حلوان، إن أي قرار يصدر عن طريق التحكيم بشأن قضية بحر الصين الجنوبي لن يكون ملزما للحكومة الصينية التي لم توافق على اللجوء للتحكيم.
وأضاف أن اللجوء للتحكيم في أي قضية يتطلب موافقة الطرفين لتحديد لجنة تحكيم دولية تكون قراراتها ملزمة للطرفين.
ورأى أن أي قرار مرتقب صدوره بشأن بحر الصين الجنوبي سيكون غير ملزم، لأنه تحكيم من طرف واحد.
واعتبر ان قرار الفلبين باللجوء للتحكيم نوع من أنواع الضغوط لطرح القضية بشكل دولي، على أمل أن ترضخ الصين لبعض طلباتها، لكن اعتقد أن مثل هذه الأمور لا تؤثر في الصين.
وعن التدخل الأمريكي في القضية، قال إن الصين طرف قوي وتدخل أمريكا أداة من أدوات الضغط على بكين لتحقيق مصالحها.
وواصل أن أمريكا ترى أنها تتحكم في إدارة الاقتصاد العالمي، وتريد أن تظل في ريادتها للعالم، ولن تتنازل بسهولة عن هذا الامر، وتستخدم ما تملك من أدوات للضغط على الصين التي يميل لصالحها ميزانها التجاري مع أمريكا.
واستدرك "لكن الصين لديها صبر وجلد كبيران.. ولا تنجرف لأي مشاكل من أي نوع".
واستبعد نشوب أي عمل عسكري بسبب قضية بحر الصين الجنوبي، مشيرا إلى أن الحروب تغير شكلها وطريقتها، والجميع فيها خاسر.
وختم "الأمر فقط مجرد ضغط على الصين.. أمريكا تريد أن تهز الصين، لكن الأخيرة لديها قدرة عجيبة على التحكم في أعصابها، وتدير العمل السياسي بحكمة، وتدرس أي موضوع جيدا قبل اتخاذ القرار".