مكسيكو سيتي 10 يوليو 2016 (شينخوا) على الولايات المتحدة البقاء بعيدا عن قضية بحر الصين الجنوبي وتجنب تكرار تاريخ تدخلها العسكري وتلاعبها السياسي في الكاريبي خلال القرن الماضي.
وستعلن محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي حكمها في قضية التحكيم التي رفعتها الفلبين من جانب واحد على الصين للفصل في نزاعات بحر الصين الجنوبي .
ولنلق نظرة على الدراما الواقعة ، سنجد أنه ليس من العسير أن نرى أن الولايات المتحدة قامت بدور هام في تعكير المياه التي كانت تنعم بالسلام يوما ما منذ تبنيها استراتيجية "محور لآسيا".
وليست تلك هى المرة الأولى التي تقوم بها أمريكا بذلك، فالولايات المتحدة التي تعتبر امريكا اللاتينية فناءها الخلفي، لم تتوقف ابدا عن إرباك الأوضاع في الكاريبي.
وكانت كوبا أكبر ضحاياها. فقد احتلت الولايات المتحدة البلاد خلال الحربة الأمريكية الاسبانية في عام 1898 وأجبرتها على التوقيع على عقد إيجار لأجل غير مسمى لخليج جوانتانامو الذي أصبح فيما بعد أول قاعدة عسكرية أمريكية بالخارج ولم يعد لكوبا أبدا.
وفيما بعد، أرسلت الولايات المتحدة قواتها إلى كوبا ثلاث مرات بعد تأسيس الجمهورية في عام 1902 وتبنت سياسة عدائية تجاه البلاد منذ انتصار الثورة الكوبية في عام 1959.
وبعد فشلها في إسقاط النظام الكوبي في ابريل 1961 بعد إرسالها أكثر من 1500 من المرتزقة، بدأت الولايات المتحدة فرض حصار اقتصادي ومالي وحظر تجاري على كوبا وهو ما لم يرفع تماما إلى اليوم.
في عام 1903، حرضت الولايات المتحدة على استقلال بنما عن كولومبيا وأجبرت الحكومة الجديدة على التوقيع على معاهدة ظالمة لبناء قناة بنما.
وبعد أكثر من نصف قرن على ذلك، وسعيا للسيطرة على القناة، أرسلت حكومة جورج اتش دبليو بوش جيشا قوامه 26 ألف جندى إلى بنما في 20 ديسمبر 1989 بدعوى "حماية الأمريكيين هناك من عدم الاستقرار السياسي". وهو السبب نفسه الذي استخدمته الولايات المتحدة لتبرير احتلالها لهايتي من 1915 إلى 1934.
وفي أغسطس 1926، غزا مشاة البحرية الأمريكية نيكاراجوا لدعم الحكومة المحافظة الموالية للأمريكيين عندما مزقت حرب أهلية الدولة الواقعة فى أمريكا الوسطى . وفي ابريل 1965، عندما اندلعت حرب أهلية في جمهورية الدومنيكان وأطاحت بالحكومة التي نصبتها الولايات المتحدة، ارسلت الولايات المتحدة نحو 40 ألف جندى "لاستعادة النظام" في البلاد.
كما حدثت نفس المأساة في جرينادا وهى واحدة من صغريات دول الكاريبي. ففي اكتوبر 1983، أرسلت حكومة ريجان 5 آلاف من مشاة البحرية الى جرينادا لإسقاط نظامها الشيوعي. وفي أقل من أسبوع، تمت الإطاحة بالحكومة.
وخلال القرن العشرين، أرسلت الولايات المتحدة سفنها الحربية دون توقف لمياه الكاريبي في محاولة لتأكيد سيطرتها على المنطقة.
وتسبب تدخلها في عرقلة مسار التنمية المستقلة لدول الكاريبي وأدى لاضطراب استمر وقتا طويلا فضلا عن الركود الاجتماعي في بعض الدول.
ومن الواضح أن كل العمليات العسكرية والتدخل السياسي والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة لم تكن إلا لهدف واحد هو الدفاع عن مصالحها في المنطقة إن لم يكن أكثر من ذلك.
وكما قال الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ريجان إن "منطقة الكاريبي شريان استراتيجي وتجاري حيوي للولايات المتحدة".
ومنذ بدأت تتمتع بصعود سريع في مكانتها السياسية في نهاية القرن التاسع عشر، أخذت الولايات المتحدة توقع الخلاف بين دول الكاريبي لتتمكن من فرض سيطرتها على المنطقة بكاملها.
والآن تستخدم نفس الاستراتيجية في منطقة آسيا- الباسيفيك وبخاصة بحر الصين الجنوبي.
ومنذ تغير الاستراتيجية الأمريكية في 2009 تجاه آسيا- الباسيفيك، تصاعدت حدة التوترات والنزاعات بين دول بحر الصين الجنوبي بشكل دراماتيكي.
وتدهور الوضع مؤخرا بسبب سلسلة من الإجراءات الاستفزازية التي قامت بها البحرية الأمريكية تحت ستار "حرية الملاحة".
فالسفن الحربية والطائرات الحربية الأمريكية تقوم بدوريات على نحو خطير بالقرب من الأراضي الصينية ما دفع بعض الدول للتجرؤ عليها، رغم ان المنطقة تبعد آلاف الاميال عن أرض الولايات المتحدة.
ويبدو انه من المعتاد في الولايات المتحدة إصدار الأوامر فى كل مكان . إلا أن بحر الصين الجنوبي ليس الكاريبي ولا يمكن للسيطرة الأمريكية العمل هناك.
وليس ذلك بسبب مطالب الصين المشروعة بالسيادة على الجزر الواقعة ببحر الصين الجنوبي وإنما لأن الصين تدعم دائما السلام والرخاء في المنطقة.
وفيما يتعلق بالنزاعات الجارية في بحر الصين الجنوبي، تقترح الصين منهج "المسار الثنائي" ما يعني التعامل بشكل سلمي وملائم مع النزاعات عبر المحادثات المباشرة بين الأطراف المعنية والحفاظ بشكل مشترك على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي مع الدول الاعضاء في رابطة دول جنوب شرق اسيا.
وقد عم السلام والرخاء بحر الصين الجنوبي في اغلب القرون الماضية وسيسود في المستقبل اذا لم تتدخل قوى خارجية.
ولذلك، على الولايات المتحدة التوقف عن التعامل مع بحر الصين الجنوبي باعتباره الكاريبي القادم والتوقف عن عادتها التدخل في شؤون الدول الأخرى.