بكين 8 أغسطس 2016 (شينخوا) من المقرر أن تعقد القمة المقبلة لمجموعة العشرين في شهر سبتمبر المقبل في مدينة هانغتشو الصينية تحت عنوان "نحو اقتصاد عالمي ابتكاري ونشط ومترابط وشامل"،وستكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ قمة العشرين التي تُمنح فيها الأولوية للتنمية في إطار سياسة كلية عالمية والمرة الأولى التي تُحدد فيها خطوات لتطبيق أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
وفي حديثه حول القمة، قال خه يا فى منسق مجموعة العشرين ونائب وزير الخارجية الصيني السابق لوكالة انباء ((شينخوا)) إن "ثمة ثلاثة عراقيل تواجه مجموعة العشرين في الوقت الراهن, تتمثل أولا في مشكلة التنسيق وثانيا في مشكلة القدرة على التطبيق والتنفيذ, وأخيرا في القدرة على القيادة, وذلك على خلفية سعى المجموعة إلى تحويل نمطها وإصلاح نظام الحوكمة العالمية، وهذا أمر ليس من السهل تحقيقه لأنه يتطلب إصلاح النظام الدولي المرتبط بتوزيع المصالح الدولية وذلك يعني الإضرار بالمنافع الموجودة في أيدي الكثير من الدول".
وشرح قائلا إن "صعوبة التنسيق تتجسد أولا في ارتفاع التكاليف لأن عدد الدول المشاركة في الاجتماعات يتجاوز في الحقيقة 30 دولة وتحقيق التنسيق يتطلب استضافة أكثر من 60 اجتماعا بخلاف التنسيق الثنائي. وثانيا في تعدد الدول الأعضاء المشاركة وتنوع مصالحها، بمعنى أننا بحاجة إلى تنسيق العلاقة بين مجموعة العشرين وبين الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات. وثالثا في اتساع مجالات مجموعة العشرين، إذ يصعب تنسيق آراء مختلف الفرق العاملة في مجالات متسعة وصياغتها في مقترحات موحدة تتعلق بالسياسات".
ولفت خه إلى أن الأسباب الجذرية الكامنة وراء أوجه الخلل والنقص السالف ذكرها فيما يتعلق بالقدرة على التنسيق والتطبيق وقيادة مجموعة العشرين تمثل فيما يلي:
"أولا, وجود خلل خطير في الحوكمة الاقتصادية العالمية, وهو ما يشكل تناقضا جذريا مع الترابط الاقتصادي المتزايد بين دول العالم في ظل العولمة الاقتصادية".
"وثانيا, عدم توازن القيادة في الحوكمة العالمية, وهو ما يتمثل في سيطرة الدول الغربية, التي لعبت فيها مجموعة السبع دورا رائد, سيطرتها على إبداء الآراء وصنع القرار وكذا على مزايا مثل تحديد الموضوعات وصياغة القواعد. فحينما تشهد القوة الاقتصادية والسياسية الدولية تغييرا، تبرز مشكلة كبيرة تتمثل في كيفية توزيع القيادة في إطار الحوكمة العالمية. ومن الواضح أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للتنازل لغيرها من دول العالم عن القيادة".
"وثالثا, وجود تراكم للآثار السلبية للعولمة في ضوء اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في العالم, ما أسفر عن صعود تيار فكري مناهض للعولمة في العديد من دول العالم وخاصة في بعض القوى الرئيسية. وذلك التيار يتجسد في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي فاز فيها دونالد ترامب بترشيح الحزب الجمهوري، وهو مرشح تعكس تصريحاته الفكر المناهض للعولمة. ونفس الشئ ينطبق على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وسلسلة الأزمات التي تجتاح الاتحاد الأوروبي الآن. وعلاوة على ذلك, قد يتجسد هذا التيار الفكري في شؤون الأحزاب اليمينية واليسارية بمختلف الدول, وهو ما من شأنه تغيير البيئة السياسية ومن بعدها النظام الاجتماعي في نهاية المطاف".
وردا على سؤال حول الكيفية التي يمكن أن تقدم بها الصين حكمتها وبرامجها, انطلق خه في إجابته مما ينتظره العالم ويتطلع إليه من الصين التي دخلت قلب النظام العالمي وتعتزم استضافة القمة المرتقبة.
وقال "أولا, يتطلع العالم إلى أن تتمكن الصين من دفع مجموعة العشرين في قيادة الاقتصاد العالمي للأمام بعد تراجعه لفترة طويلة. وثانيا, أن تتكمن من تطبيق إجراءات فعلية من شأنها تحويل مجموعة العشرين إلى منصة رئيسية للحوكمة العالمية, وكذا مجموعة ذات قدرة قوية على اتخاذ القرار وتقديم المشورة. وثالثا, أن تواصل دفع مجموعة العشرين في إصلاح الحوكمة العالمية". فكما شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ قائلا "نعتزم دفع نظام الحوكمة العالمية ليصبح أكثر عدالة ومعقولية, ما يمكن من تهيئة ظروف مواتية لتنمية الصين وسلام العالم".
وذكر خه أنه بالنسبة للصين التي تستضيف القمة, يجب أن تبدأ من البرامج الفكرية القائمة لكي تلعب دورا قياديا، ومنها على سبيل المثال تحقيق القوة والتسامح والتنمية المستدامة للاقتصاد العالمي من أجل دفع تنميتها في ضوء موضوع القمة، وهذا يتطلب تنسيق سياسة الاقتصاد الكلي والسياسات المالية للاقتصادات الرئيسية. ولفت إلى "أننا بحاجة إلى الاهتمام بالعلاقة بين توظيف العمالة والتنمية ولاسيما تشغيل الشباب. فالتنمية الاقتصادية هي الجوهر وتوظيف العمالة هي المفتاح والتنمية هي الهدف الأسمى".
وفيما يتعلق بتحويل مجموعة العشرين, قال خه إنه ينبغي علينا جميعا أن ندفع وبشكل واقعي باتجاه ما يلي: أولا, انشاء هيئة الإمانة؛ وثانيا، تضييق نطاق الموضوعات؛ وثالثا، رفع كفاءة فريق أبحاث القمة وتحسين التنسيق؛ ورابعا, تعزيز جوهر القيادة، أي القيام على سبيل المثال بإنشاء آلية قيادة مركزية دائمة. وبالإضافة إلى ذلك, يجب تأسيس فريق استجابة للأزمات لعدم التأثير على أعمال مجموعة العشرين واتجاهها الرئيسي.
وأشار خه إلى ضرورة أن تدفع الصين من أجل إصلاح الحوكمة العالمية, قائلا "يمكننا أن نركز العمل في هذا الصدد في ثلاثة جوانب. أولا, تحقيق مزيد من تعميق إصلاح صندوق النقد الدولي وتوسيع نطاق تشغيل حقوق السحب الخاصة. وثانيا, إنشاء آلية استقرار أسعار السلع الأساسية التي ستؤثر أي زعزعة شديدة لها تأثيرا كبيرا على الدول المعتمدة على صادرات المواد الخام وكذلك الاقتصاد العالمي على المدى الطويل. وثالثا, تفادى تجزئة الحوكمة العالمية وتحقيق الدمج بين اتفاقيات مناطق التجارة الحرة القائمة واتفاقيات التعاون الإقليمية المختلفة.
واختتم خه حديثه قائلا إن "ثمة قضية مهمة أمام مجموعة العشرين ألا وهي تعزيز الوعي بأهمية التنمية التي رفعتها الأمم المتحدة إلى مستوى عال, في الوقت الذي تدعو فيه الصين إلى تقاسم المصالح العالمية. فإذا لم تتحقق تنمية شاملة للبلدان النامية، لن تصبح تنمية الاقتصاد العالمي مستدامة وستتحول معها الحوكمة العالمية إلى مجرد كلام فارغ. ومن ثم، لابد لنا من التركيز على قضية التنمية وبذل مزيد من الجهود لمعالجتها".